العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة > كتب ووثائق منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-06-03, 09:19 PM   رقم المشاركة : 21
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


18- - سعيدٌ وسعدٌ وابن عوفٍ وطلحةُ --- وعامـرُ فهـرٍ والزبيـرُ الممـدَّح

هذا تفسير وبيان الرهط بذكر أسمائهم , وهؤلاء الستة مع الأربعة الخلفاء هم العشرة المبشرون بالجنة كما بشرهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت الصحيح . فهم الرهط الذين لا ريب في دخولهم الجنة , ولا ريب أنهم على نجب الفردوس في جنة الخلد يسرحون , وقد ورد في بشارتهم بالجنة أحاديث , منها مارواه الترمذي عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أبوبكر في الجنة , وعمر في الجنة , وعثمان في الجنة , وعلي في الجنة , وطلحة في الجنة , والزبير في الجنة , وعبدالرحمن بن عوف في الجنة , وسعد في الجنة , وسعيد في الجنة , وأبوعبيدة بن الجراح في الجنة )(1) وفي الترمذي وابن ماجه عن سعيد بن زيد مثله (2) .

قال الناظم :

للمصطفـى خيـر صحـب أنـهـم *** في جنة الخـلد نصـا زادهم شـرفا

هم طلحة وابن عوف والزبير*** مع أبي عبيدة والسعدان والخلفاء


( سعيد ) هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل , ابن عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما تعالى , ( وسعد ) هو ابن أبي وقاص ( وابن عوف ) هو عبدالرحمن , ( وطلحة ) هو ابن عبيد الله , ( وعامر فهر) هو أبوعبيدة عامر بن الجراح الفهري القرشي , ( والزبير ) هو ابن العوام ( الممدح ) أي : الذي له المدائح الكثيرة , والمدائح الكثيرة لهؤلاء جميعاً ومن أعظم هذا المدح تبشيرهم بالجنة , وينظر في مناقب هؤلاء على الخصوص كتاب ( الرياض النضرة في مناقب العشرة ) للمحب الطبري .

وإلى اللقاء في شرح البيت التاسع عشر

ــــــــــــــــــــ

(1) الترمذي برقم3474 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 50
(2) الترمذي برقم 3748 وابن ماجه برقم 133







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» حوار مع شيخ الإسلام ابن تيمية إعانة المحتاج من كتاب المنهاج
»» هدية العيد : الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
»» محاضرة محققة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
»» الأحباش جماعة دينية أم سياسية ؟
»» التعقيبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن
 
قديم 06-08-03, 01:43 AM   رقم المشاركة : 22
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


19- وقل خيرض قولٍ في الصحابة كلِّهم --- ولا تك طعَّاناً تعيـبُ وتجـرحُ

ولما ذكر الناظم هؤلاء تكلم عن الصحابة عموماً فقال ( وقل خير قول في الصحابة كلهم ) أي لا يكن قولك الخير وكلامك الحسن خاصا بهؤلاء الذين ذكروا بل قل في الصحابة جميعهم , فكلهم عدول أهل فضل ونُبل .

والصحابي : هو الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك , فكل من كان بهذه الصفة فهو من الصحابة وقل خير قول , ولما ذكر الله في سورة الحشر المهاجرين والأنصار قال ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )( الحشر10)

فذكر الله لمن جاء بعدهم صفتين هما : سلامة الصدر وسلامة اللسان .

وهكذا يجب أن يكون صاحب السنة تجاه الصحابة فلا يحمل عليهم في قلبه غلاًّ ويكون سليم اللسان فلا يقدح فيهم ولا يخوض فيما شجر بينهم بل يقول عنهم ما يزيد حبهم في القلوب . والناظم رحمه الله أشار إلى تحقيق هاتين الصفتين بقوله ( وقل خير قول ) وقد مر معنا أن القول إذ أطلق يشمل قول القلب وقول اللسان , ويكون المعنى قل فيهم خير قول بقلبك بأن يكون سليماً من الغل والحقد ولا يحمل تجاههم إلا الخير , وبلسانك بأن يكون سليماً من الطعن والقدح ولا تتكلم عنهم إلا بخير .

( ولا تك طعاناً تعيب وتجرح ) لما أمر ورغب صاحب السنة في أن يقول في الصحابة خير قول , حذره من أن يقع في الطعن والتجريح لأي أحد منهم ( طعانا ) أي كثير الطعن , والمقصود النهي عن الطعن في الصحابة , وليس المقصود النهي عن المبالغة في الطعن , فقد يأتي على وزن ] فعال [ ما لا يُراد به المبالغة كقوله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) (فصلت46) . أي : ليس بذي ظلم . وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش والبذيء )(1) أي ليس بذي طعن وليس بذي لعن , هذا مع عموم المسلمين , فكيف بالأمر مع الصحابة المعَدلين .

( تجرح ) الجرح هو الكَلمُ , فالخوض فيما شجر بين الصحابة والنيل منهم ليس دأب أهل السنة من منهجهم , بل هو شأن أهل الأهواء وسبيل أهل الضلال .

والناظم هنا يقرر عدالة الصحابة ومكانتهم , الذين شرفهم الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وسماع الوحي منه غظًّا طريًّا , فهم عدول ثقات , وهم حملة الدين ونقلته للأمة , يقول ابن مسعود رضي الله عليه ( من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً , وأعمقها تكلفاً , وأقومها هدياً , وأحسنها حالاً , اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم , وإقامة دينه , فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) .

ومن هنا يُعلم أن أي طعن في الصحابة فإنما هو طعن في الدين , لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول , لأن الصحابة هم الذين نقلوا الدين , ولذا ما من حديث نرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا والواسطة بيننا وبينه أحد الصحابة , فالطعن فيهم طعن في الدين , ولذا يقول أبوزرعة الرازي رحمه الله ( إذا رأيتم الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق , لأن الدين حق , والقرآن حق , وإنما نقل لنا ذلك الصحابة فهؤلاء أرادوا الجرح في شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة وهم بالجرح أولى وهو زنادقة ) .

فتكفير الصحابة وتكذيبهم دسيسة من دسائس اليهود وليس المقصود به الطعن في الصحابة ذاتهم , وإنما المقصود الحيلولة بين الناس وبين الدين , فعندما يروج الروافض أن أبا هريرة رضي الله عنه كذاب أو غيرَه من الصحابة فإن مَنْ انطلت عليه هذه الدعاية ينصرف عن الدين ولا يثق به ولا يطمئن لعدم ثقته بمن نقله , وأي ثقة تبقى في دين يُرمى حملته بالكذب ويُتهمون بالكفر , وبهذا يُعرف مراد القوم .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سب الصحابة أشد التحذير وأمر بالإمساك عن القدح فيهم أو الطعن .

ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُد أحدهم ولا نصيفه )(2) .

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ( إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا )(3) . والمراد : إذا ذكروا بغير الجميل .

فالصحابة رضي الله عنهم لا يُذكرون إلا بالخير والجميل والإحسان مع الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان , خلاف ما يفعله ذوو القلوب المنكوسة والعقول والمعكوسة من خوضٍ في الصحابة أو بعضهم طعناً وتنقصاً وسبًّا وتجريحاً . ففعلوا نقيض ما أمروا به , واقترفوا ضد ما دُعوا إليه .

روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة بن الزبير ( يا ابن أخي أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم )(4) . نعوذ بالله من الزيغ والبهتان , ونسأله سبحانه ألا يجعل في قلوبنا غِلا لأحد من أهل الإيمان , وأن يغفر للصحابة الأبرار العدول الأخيار ولكل من اتبعه بالخير والإحسان .

ثم إن الناظم لمل بين مكانة الصحابة وحث على قول الخير فيهم وحذر من الطعن فيهم قال مبيناً الدليل على ما ذكر .

وإلى اللقاء في البيت العشرون

ــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في المسند برقم 3839 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 320
(2) البخاري برقم 3673 , ومسلم برقم 2541
(3) أخرجه الطبراني في الكبير برقم 1448 , وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم34
(4) مسلم برقم 3022







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» الأحباش جماعة دينية أم سياسية ؟
»» جدول محاضرات واحة القصباء / محاضرات كيف تتلذ برمضان للخزار بدبي
»» الأشاعرة لا يعدون من أهل السنة لأنهم لم يثبوا الصفات
»» حكم نسخة أقراص الليزر كلام نفيس للشيخ العثيمين رحمه الله
»» حمّل رسالة (الصعقة الغضبية )على حزب الله وليد الفرقة الرافضية
 
قديم 07-08-03, 12:40 PM   رقم المشاركة : 23
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


20- فقد نطقَ الوحيُ المبينث بفضلِهم--- وفي الفتح آيٌ للصَّحابةِ تمدحُ

ما سبق هو تقرير لمعتقد أهل السنة والجماعة في الصحابة , وهذا البيت فيه دليل ذلك المعتقد , ولذا فإن المنظومة على اختصارها ذُكِرت فيها المباحث بأدلتها وقوله ( فقد نطق ... ) منن قوله تعالى ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )(الجاثية29)

( الوحي ) هو القرآن الكريم كلام الله , الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .

( المبين ) الواضح البين الذي لا لبس فيه ولا غموض , والمبين للشرائع والأحكام , والموضح لطريق الحق والهدى من الباطل والضلال .

( بفضلهم ) الجار والمجرور متعلق بالفعل نطق , والقرآن مليء بالأدلة التي تبين فضل الصحابة ومن ذلك ما أشار إليه الناظم رحمه الله بقوله :

( وفي الفتح آي للصحابة تمدح ) وفي نسخة ( وفي الصحابة تمدح ) يشير إلى أن الوحي مليء بالأدلة الدالة على فضل الصحابة , وينبه في الوقت نفسه على كثرة الآيات في سورة الفتح التي تمدح الصحابة وتبين فضائلهم , وعند تأمل هذه السورة نجد مواضع كثيرة فيها مشتملة على مدح الصحابة : ففي أول السورة ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )(الفتح4)

ثم بعدها بآيات ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )(الفتح10)

ثم ذكر حال المخالفين من الأعراب , ثم قال ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا )(الفتح18)

ثم بعدها بآيات قال ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )(الفتح26)

ثم ختم السورة بقوله ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )(29)

فكل هذه الآيات في فضل الصحابة , بل الآية الأخيرة فيهال ذكر فضل الصحابة في القرآن , وبيان فضلهم في التوراة والإنجيل , بذكر مثلهم في التوراة وهو أنهم ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )

ومثلهم في الإنجيل وهو أنهم ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ... )

وهذه الآية احتج بها بعض السلف منهم الإمام مالك على كفر الروافض , لأن الله يقول ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )

وبهذا أنهى الناظم الكلام في الصحابة , حيث بين مكانتهم وفضلهم , وحذر من الطعن فيهم والجرح لهم , وقرر بإيجاز عقيدة أهل السنة والجماعة فيهم – رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين .


وإلى اللقاء في البيت الحادي والعشرون







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» إذا دعا المسلم فهل يبدأ بالدعاء لنفسه أم لغيره ؟
»» فتوى العلامة المحدث أحمد شاكر التعاون مع المعتدين بأي نوع من أنواع
»» دروس ومحاظرات العلامة المحقق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله في الشارقة
»» السواد القادم
»» أفيدونا في هذه المسألة بارك الله فيكم
 
قديم 08-08-03, 02:59 AM   رقم المشاركة : 24
السعدي 2
( مؤسس شبكة الدفاع عن السنة )







السعدي 2 غير متصل

السعدي 2 is on a distinguished road


وفقك الله أخي الحبيب وزدك الله حرصاً .


أخوك المحب السعدي 2 ...







التوقيع :
قال سماحة الشيخ مفتي الديار السعودية محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله الشيعة لايجوز تولية قاض منهم ولو فيهم

وقال رحمه الله : أما الرافضة فأفتينا الإمام أن يلزموا بالبيعه على الإسلام ، ويمنعوا من إظهار شعائر دينهم الباطل .
من مواضيعي في المنتدى
»» بيان هام .. من الشيخ د.عبدالعزيز الجليل في .. حسن نصر الله وشيعته
»» شاهد المنشور الذي يوزعه الرافضة في معرض الكتاب بالبحرين
»» من يصدق في ارض الحرمين تمنع فتيات الإسلام من لبس الحجاب ولاحول ولا قوة الا بالله
»» حكم زكاة الفطر وعلى من تجب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
»» لنواصل الاحتساب على منتخب البنات خطوات نحو انكار هذا المنكر
 
قديم 08-08-03, 03:42 AM   رقم المشاركة : 25
الموحد 2








الموحد 2 غير متصل

الموحد 2 is on a distinguished road


الاخ الفاضل / أبو خطاب العوضي .

بارك الله فيك ، وجزاك الله خيراً .







 
قديم 09-08-03, 09:48 PM   رقم المشاركة : 26
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


وفقكما الله لكل خير وجعلكما ممن يذودون عن حمى الإسلام

أخوكما : العوضي







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» موقف الإمام الذهبي رحمه الله من الدولة العبيدية
»» حديث الصورة رواية ودراية
»» إذا دعا المسلم فهل يبدأ بالدعاء لنفسه أم لغيره ؟
»» حكم تسمية بعض الفنادق بقصر عباد الرحمن
»» بيان العلامة عبد الرحمن البراك بخصوص الجيل الثالث
 
قديم 09-08-03, 10:10 PM   رقم المشاركة : 27
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


21- وبالقدرِ المقدورِ أيقِن فإنَّـه --- دعامـةُ عقـدِ الدِّيـن ، والدِّيـنُ أفيـحُ

هذا البيت في إثبات الركن السادس من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقضاء بالقدر , كما جاء في حديث جبريل المشهور , قال أخبرني عن الإيمان . قال ( أنْ تؤمن بالله , وملائكته , وكتبه , ورسله , واليوم الآخر , والقدر خيره وشره ) . وهذا جزء من حديث طويل خرجه مسلم عن ابن عمر عن أبيه عمر رضي الله عنهما , والحديث له قصة كما في مسلم , فإن ابن عمر رضي الله عنه جاءه رجلان فقالا له : إن قِبلنا قومٌ يقرؤون القرآن , ويقولون إن الأمر أُنُفٌ ولا قدر . فقال ابن عمر ( إّذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برء مني , والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قُبل منه حتى يؤمن بالقدر , فإني سمعت أبي يقول : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث (1) .

فالإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان , وأصل من أصول الدين , وعمود من أعمدته , وإنْ انهدم فلا يبقى إيمان ولا دين , فالدين له فروع كثيرة ولكنه يقوم على ستة أصول لا ينفك بعضها عن بعض منها الإيمان بالقدر , وبزوال شيء منها ينهدم الدين ولا يبقى . ولذا جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ( القدر نظام التوحيد فمن وحد الله وكذب بالقدر فقد نقض تكذيبُه توحيده ) أي أنه إذا لم يكن إيمان بالقدر فليس هناك توحيد . والكفر بالقدر كفر بالله كما قال الإمام أحمد رحمه الله ( القدر قدرة الله ) .

وقد جاء في القرآن نصوص كثيرة واضحة الدلالة ليس فيها أدنى إشكال في أن الأمور كلها بقدر , قال تعالى ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )(القمر49)

وقال تعالى ( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا )(الأحزاب38)

وقال تعالى ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )(التكوير29)

وقال تعالى ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى )(الأعلى3,2)

وقال تعالى ( .. ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى )(طه40)

فكل شئ بقدر الأعيان والصفات , فأعيان المخلوقات وكذلك ما يقوم بها من صفات كالحركات والسكنات والكلام والسكوت كلها بقدر , وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند البخاري في خلق أفعال العباد(2)( كل شئ بقدر حتى وضعك يدك على خدك )

ولا تسقط ورقة من شجرة إلا بقدر , حتى العجز والكيس بقدر قدره الله وقضاه كما قال صلى الله عليه وسلم ( كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس ) رواه مسلم(3) . من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .

فكل شئ بقدر ولا يمكن أن يكون في الكون شئ لم يرده الله ولم يخلقه إذ الملك ملكه والخلق خلقه , والإيمان بالقدر بأن يؤمن العبد بأن الله سبق في علمه وجود الكائنات وما يعلمه العباد من خير وشر , وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ , وأن وجود أي شيء من ذلك إنما يكون بمشيئته , وأنه سبحانه الخالق لكل شيء .

وعليه فالإيمان بالقدر لا يكون إلا بالإتيان بمراتب القدر , وهي أربع مراتب :

1) الإيمان بعلم الله الأزلي : وأنه أحاط بكل شئ علماً , وأنه علم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ )(الأنفال23)

يقول تعالى ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ )(سبأ2,1)

وقال تعالى ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ )(لقمان16)

2) الإيمان بالكتابة : وأن كل شيء كتب ودون في اللوح المحفوظ . قال الله تعالى ( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ )(القمر53,52)

وقال تعالى ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )(الحديد22)

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء ) رواه مسلم(4) .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب فجرى بتلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ) رواه أحمد والترمذي(5) .

3) الإيمان بالمشيئة : وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يمن . قال الله تعالى ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )(التكوير29)

وقال تعالى ( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ )(البقرة من الآية255)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنهما ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك , ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك , رُفعت الأقلام وجَفت الصحف )(6)

وللشافعي أربعة أبيات يقول عنها ابن عبدالبر إنها من أثبت ما نسب إليه , ومن أحسن ما قيل في القدر نظماً :

[ALIGN=JUSTIFY]ما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقتَ العباد على ما علمتَ *** وفي العلم يجرى الفتى والمسن
على ذا مننتَ وهذا خذلتَ *** وهذا أعنتَ وذا لم تُعِن
فمنهم شقي ومنهم سعيد *** ومنهم قبيح ومنهم حسن[/ALIGN]


4) الإيمان بالإيجاد والخلق : وأن الموجد الخالق للأشياء كلها هو الله تعالى كما قال تعالى ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )(الفاتحة1) .

وقال تعالى ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ )(الزمر62)

وقال تعالى ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )(الصافات96)

فهذه مراتب القدر , وليس هناك مخلوق إلا ويمر بهذه المراتب , وهذه المراتب لا إيمان بالقدر إلا بالإيمان بها , وكل مرتبة منها عليها عشرات الأدلة من الكتاب والسنة , وجمعها أحدهم في بيت واحد فقال :

[color=deeppink][ALIGN=JUSTIFY]علمٌ كتابهُ مولانا مشيئتُه *** وخلقُه وهو إيجادٌ وتكوينٌ[/ALIGN][/cololr]

[ALIGN=CENTER]وإن شاء الله غداً تتمت البيت الحادي والعشرون [/ALIGN]

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مسلم برقم 1
(2) برقم 96 مرفوعا
(3) مسلم برقم 2655
(4) مسلم برقم 2653
(5) أحمد في المسند برقم23083 والترمذي برقم2155 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2017
(6) أخرجه الترمذي برقم25106 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم7959







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» صيام الأحبة
»» ما حكم ما يسمى بالبطاقة الذهبية والبطاقة الفضية
»» أيهما أفضل قراءة القرآن أم استماعه عبر الأشرطة المسجلة
»» من فتاوى الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية
»» حكم قراءة البسملة
 
قديم 13-08-03, 07:02 PM   رقم المشاركة : 28
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


ثم إنه قد نشأ في الأمة فرقتان ضلتا في هذا الباب . فرقة كان ضلالها بنفي القدر , وأخرى بالغلو في إثباته , وكلاهما على طرفي نقيض , وكلا طرفي قصد الأمور ذميم , وخير الأمور الوسط .

وغلاة منكري القدر كانوا ينكرون القدر بمراتبه الأربعة , وهؤلاء ذكر غير واحد من أله العلم أنهم انقرضوا , ثم صار أمر خَلَفِهم إلى إثبات العلم والكتابة وإنكار المشيئة والإيجاد , فيقولون ( إن الله علم فعل الإنسان وكتبه ولكنه لم يشأه ولم يوجده وإنما خلقه الإنسان )

وكان أحمد رحمه الله يقول ( ناظروا القدرية بالعلم فإن جحدوه كفروا وإن أقروا به خصموا ) وهؤلاء يسمون القدرية النفاة , وهم المعتزلة وهو الذين ورد فيهم أنهم مجوس هذه الأمة , لقولهم بخالقين , كالمجوس الذين قالوا بإثبات خالقين النور والظلمة , والمعتزلة أثبتوا خالقين : الله وهو خالق الأعيان , والإنسان وهو خالق أفعاله .

ويقابل هؤلاء القدرية المجبرة وهو الجبرية الجهمية , وهؤلاء غلوا في إثبات القدر , قالوا أفعال العباد بقدرة الله ولا قدرة ولا مشيئة للعبد فيها بل هو كالورقة في مهب الريح مجبور على فعل نفسه , والفاعل الحقيقي هو الله والإنسان ليس له مشيئة بل هو مثل الورقة في مهب الريح , ومن هنا سموا جبرية , وهؤلاء لا يطبقون مذهبهم في كل شئ بل يطبقونه في حالات دون حالات , وهذا تناقض , والتناقض دليل فساد المذهب , وهذه عادة أهل البدع الوقوع في التناقض . فإنه لو زنى الجبري وترك الصلاة وارتكب الموبقات فاعترض عليه أحد قال أنا مجبور كالورقة في مهب الريح .

بينما هو نفسه لو جاء شخص وضربه أو اعتدى على ماله أو حق من حقوقه وقال أنا كالورقة في مهب الريح لم يقبل منه الجبري ذلك , وهذا هو التناقض , فهو في الأمور التي يحبها يقول أنا مجبور , وإذا فُعل به ما يكره ترك مذهبه . ومن هنا يعلم أن مذهب أهل البدع ليس عن عقيدة وإنما هو عن أهواء وشهوات . ولذا قال بعض أهل العلم لأحدهم ( أنت عند الطاعة قدري , وعند المعصية جبري ) , لأنه إذا فعل الطاعة : أنا الفاعل لها بمشيئتي ولا قدرة لله عليها , وإذا فعل المعاصي قال : أنا مجبور ولا مشيئة لي . وهذا يبين أنهم أهل أهواء ومتبعون لحظوظ النفس .

ويُرد على الفرقتين بقوله تعالى ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )(التكوير29,28) . ففي قوله ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ ... ) رد على الجبرية , وفي قوله ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) رد على القدرية .

( وبالقدر المقدور أيقن ) أي آمن بالقدر المقدور , أي الصادر عن الربِّ سبحانه مقدراً محكماً , وقد عرفنا أنه لا إيمان بالقدر إلا بالإيمان بمراتبه الأربعة .

وقوله ( أَيْقِن ) اليقين ضد الشك والمراد أي لا يكن في قلبك أي شك في ذلك , فاليقين انتفاء الشك , وهو تمام العلم وكماله فإذا وجد شك أو تردد أو ظن ذهب اليقين . ولا يكفي العلم فقط بل لابد من اليقين .

( فإنه دِعامة عقد الدين ) ( الدعامة ) : بكسر الدال : عماد البيت وأساس البناء , و ( العِقْد ) بكسر العين القلادة , فالدين عبارة عن عِقد ينتظم أموراً كثيرةً , وله شعب متنوعة وأجزاء متعددة وأعمال وفيرة وله أعمدة ودعائم يقوم عليها بناؤه , والإيمان بالقدر هو أحد هذه الأعمدة والدعائم التي يقوم عليها هذا البناء , وهذا يؤكد أن زوال هذا الركن يؤدي إلى زوال الدين والإيمان , وانفراط هذا العقد المبارك .

( والدين ) أل هنا للعهد وهو إما ذهني أو ذكري , وهو هنا ذهني أي الدين المعهود وهو دين الإسلام ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ... )(آل عمران19) وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده ( ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... )(المائدة3) , ولا يقبل الله من أحدٍ دين سواه ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )(آل عمران85)

( أفيح ) أي واسع , فيه أعمال كثيرة , وطاعات عديدة , وعبادات متنوعة وأحكام جليلة , ولكنه يقوم على أعمدة راسخة وأسس متينة , ومن تلك الأعمدة الإيمان بالقدر .

وينبغي أن يعلم أنه لا يتنافى مع الإيمان بالقدر فعل الأسباب بل إن من تمام الإيمان بالقدر فعل الأسباب , ويوضحه حديث علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال له بعض الصحابة : فيما العمل ؟ أفي أمر مستأنف أم في قدر وقضي ؟ ( بل فيما قدر وقضى ) قالوا ففيما العمل ؟ قال ( اعملوا فكل مسير لما خلق له , فمن كان من أهل السعادة يسره الله لعمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة يسره لعمل أهل الشقاوة )(7) .

وهذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم فيها برد اليقين والشفاء . ولذا لما قال لهم ذلك كان منهم أمران : آمنوا بالقدر , وتنافسوا في فعل الأعمال واجتهدوا في الإتيان بالطاعات . وقوله صلى الله عليه وسلم ( اعملوا ) لا يُوجه لمن لا مشيئة له , بل هو موجه لمن لا مشيئة يختار بها ما يريد , وهذا يدل على أن الإنسان عنده مشيئة بها يختار ما يريد وهذا متقرر عند كل الناس في أمر الدنيا . وقوله صلى الله عليه وسلم ( فكل مسير لما خلق له ) أي : أن مشيئة العبد التي يعمل بها تحت مشيئة الله فالعبد له مشيئة بها يختار ويريد وليس مجبراً كالورقة في مهب الريح . فإذا كان الأمر كذلك فإن علينا أن نحرص على ما ينفعنا ونستعين بالله ونطلب منه العون والتوفيق كمال قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبوهريرة ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله )(8) .

وإلى اللقاء في البيت الثاني والعشرون

ــــــــ

(7) أخرجه البخاري برقم4948 ومسلم برقم2647
(8) أخرجه مسلم برقم2664







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» توضيع عن فرقة الشيعة للشيخ ابن باز رحمه الله
»» رجلان جنى عليهما أصحابهما جعفر الصادق وأحمد بن حنبل !!
»» قطف الجني الداني شرح مقدمة رسال ابن أبي زيد القيرواني
»» لأخوانا في الإمارات أو من يستطيع المساعدة
»» من فتاوى الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء
 
قديم 14-08-03, 04:24 PM   رقم المشاركة : 29
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


22- ولا تُنكِرَنْ جهلاً نكيراً ومُنكراً --- ولا الحوْضَ والِميزانَ انـك تُنصـحُ

هذه الأبيات يتحدث فيها الناظم عن الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة ، وقد مر في الأبيات السابقة بعض هذه الأركان وهذه الأركان الستة مترابطة لا ينفك بعضها عن بعض والإيمان ببعضها يوجب الإيمان ببعضها الآخر والكفر ببعضها كفر بباقيها.

وقد جمع بين هذه الأركان في نصوص كثيرة من القران قال الله تعالى :

( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )(البقرة177)

وقال تعالى ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )(البقرة285)

وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا )(النساء136)

فالإيمان باليوم الأخر أصل من أصول الدين ، ومن لا يؤمن باليوم الآخر لا يؤمن بالله. والناظم يتحدث هنا عن هذا الركن العظيم . ولأن المنظومة مختصرة لا مجال فيها للبسط والإطناب فانه أشار إلى بعض الأمور الكائنة في اليوم الأخر منبهاً بذلك الأمور الأخرى التي لم يتمكن من ذكرها مراعاة الاختصار . وقد ذكر في هذه الأبيات الأربعة جملة من أمور يوم القيامة فذكر منكرا و نكيرا ، والحوض، والميزان، و إخراج عصاه الموحدين من النار والشفاعة ، وعذاب القبر.

والإيمان باليوم الآخر ضابطه : الإيمان بكل ما اخبر الله به وما أخبر به رسوله صلى الله علية وسلم مما يكون بعد الموت . وهذا من اجمع ما يكون في تعريف الإيمان باليوم الآخر ،
لشموله لكل ما يكون بداية من دخول القبر إلى افتراق الناس إلى فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير.

ويدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بأشراط الساعة لأنها أمارات وعلامات على دنوها وقرب مجيئها . قال تعالى ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ )(محمد18)

وفي حديث جبريل قال ( أخبرني عن الساعة , قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل , قال أخبرني عن أماراتها , قال : أن تلد الأمة ربتها , وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان )(1) . فالساعة لها علامات كبرى عند قرب قيامها , وعلامات صغرى تكون قبل ذلك .

فالإيمان بهذه العلامات من الإيمان باليوم الآخر .

ثم الإيمان بالقبر وفتنته وعذابه ونعيمه , وأن الناس يفتتنون في القبور . قال صلى الله عليه وسلم ( عذاب القبر حق )(2) وقد كان يتعوذ منه دبر كلا صلاة

( ولا تنكرن ) ( لا ) ناهية , و ( تنكرن ) من الإنكار وهو الجحد وعدم الإثبات

( جهلاً ) مفعول لأجله , أي تنكر وجودهما لأجل جهلك وبسبب قلة علمك .

( نكيراً ومنكراً ) هذان ملكان من ملائكة الله زرق العيون سود الوجوه كما في الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( الحديث )(3)

وسبب هذه التسمية لأنهما يأتيان على صورة منكرة لم يعهدها الإنسان وليس فيها أنسٌ للناظرين , ويُسميان الفتانان , لأنهما يفتنان الناس في قبورهم . فالإيمان بالمنكر والنكير من الإيمان باليوم الآخر . وقد سأل رجل الإمام أحمد : هل نقول المنكر والنكير أو الملكين ؟ قال ( المنكر والنكير هكذا هو ) .

فالحديث صح في ذكر هذين الاسمين فيجب الإيمان بهذين الاسمين والمعتزلة الذين يحكمون عقولهم في الشرع يردون هذا ولا يؤمنون به ويقولون ( لا يصح أن يقال عن بعض ملائكة الله أنه منكر ونكير ) فأنكروا هذا بالعقل وهذا من غلبة الجهل وقلة العلم من هؤلاء بالشرع ولذا قال الناظم ( جهلا ) أي لا ينكرن يا صاحب السنة بسبب الجهل هذا الأمر .

وهذه إشارة منه إلى أنه لا ينكر منكر ونكير إلا جاهل , أما العالم بالكتاب والسنة فإنه يؤمن به .

والمعتزلة وإن كانوا أهل كلام فإنهم ليسوا أهل علم . ولذا قال أبويوسف ( العلم بالكلام جهل والجهل بالكلام علم ) . فالعلم قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . فالمتكلم وإن كان صاحب فصاحة وبيان ومنطق وجدل فإنه جاهل لا علم له .

ثم إن هذين الملكين يأتيان العبد في قبره ويجلسانه ويسألانه من ربك وما دينك ومن نبيك . ولذا من الأمور المهمة نشر هذه الأصول الثلاثة بين الناس وتعليمهم إياها لأنها أول ما يسأل عنها الإنسان في قبره . ولذا كان من نصيحة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله للأمة تأليفه لرسالته الجليلة الأًول الثلاثة وأدلتها . وعلى ضوء جواب الإنسان على هذه الأسئلة وتثبيت الله له من عدم تثبيته يكون الناس على قسمين قسم يعذبون في قبورهم وقسم ينعمون . وعذاب القبر حق , قال الله في حق آل فرعون ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )(غافر46) . فهم الآن يعذبون في القبر يومياً إلى قيام الساعة وهذا حال كل كافر بالله , أما أهل التوحيد ممن هم عصاة وأهل كبائر ليس تعذيبهم في القبر كتعذيب الكافر وإنما يعذبون على قدر كبائرهم . وأما المؤمن فإنه مُنعم في قبره .

ولا يوجز إنكار عذاب القبر ونعيمه بالعقل والمنطق والتجارب , خاصة تجارب الملاحدة حيث قالوا ( حفرنا القبور فلم نجد جنة ولا نارا ولم نر عذاباً ولا نعيماً ) وليكن فإن الله تعالى يقول في صفة المتقين ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )(البقرة2-3) أي : يؤمنون بكل ما غاب عنهم مِما أخرتهم به .

وغدا إن شاء الله مع تكملة شرح البيت

ـــــــــــــــــــــــ

(1) مسلم برقم 1
(2) أخرجه البخاري برقم1372 , ومسلم برقم584
(3) الترمذي برقم 1071 , وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم1071







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» أريد رابط الموضوع الذي به ترجمة ( الشيخ ابراهيم بن سليمان الجبهان )
»» اسلوب الشيعة للسيطرة على الكويت
»» أريد مواضيع عن عمر بن حفيظ
»» هدية العيد : الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
»» حكم التأويل في الصفات
 
قديم 18-08-03, 08:26 PM   رقم المشاركة : 30
أبوخطاب العوضي
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبوخطاب العوضي







أبوخطاب العوضي غير متصل

أبوخطاب العوضي is on a distinguished road


ثم إن الناظم قد بدأ كلامه عن الإيمان باليوم الآخر بالكلام عن الملكين منكر ونكير إشارة إلى أن القبر وما فيه هو أول منازل الآخرة وأن من مات قامت قيامته , والمؤمن يؤمن بهذا وبكل ما يكون بعده , فنؤمن بالنفح بالصور وهو قرن يُنفخ فيه والموكول به إسرافيل . والنفخات الثلاث نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام , وبعض العلماء جعلها نفختين , والصحيح أنها ثلاث , وكلها ذكرت في القرآن ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ )(النمل87)

( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ )(الزمر68)

فينفخ في الصور النفخة الأولى فيفزع الناس ثم ينفخ فيه فيصعقون ثم ينفخ فيقومون لرب العالمين وفي الحديث أن بينهما أربعين . ولا يُدرى أربعين ماذا ؟ وجاء في وصف قيامهم بأنهم ( يقومون حفاة عراة غرلا )(4)

وكذلك الإيمان الحشر أي حشر الناس في عرصات يوم القيامة لله , ويحشرون كلهم من أولهم إلى آخرهم يجمعون على صعيد واحد ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا )(الكهف47)

وكذلك الإيمان بدنو الشمس من الخلائق وتفاوت الناس في العرق ومن يظلهم الله في ظله ومن لا يظلهم .

وكذلك الإيمان بالدواوين ومجيء الرب لفصل القضاء والإيمان بالصراط وكل ما جاء في الكتاب والسنة .

وفي ذكر الناظم للمنكر والنكير وتحذيره من إنكار وجودهما وإنكار ما يقومان به من مهام بأمر الله عز وجل وهما ملكان من الملائكة إشارةٌ إلى وجوب الإيمان بالملائكة عموماً وبأسمائهم ووظائفهم وأوصافهم وأعدادهم الواردة في الكتاب والسنة إجمالاً فيما أجمل وتفصيلاً فيما فُصل , بل الإيمان بهم ركن من أركان الإيمان وأصل من أصوله العظام .

( ولا الحوض والميزان إنك تنصح ) أي ولا تنكرن جهلاً الحوض المورد والذي أعده الله لنبيه ولأمته . وجاء وصف هذا الحوض في السنة أن ( طول شهر وعرضه شهر , وماءه أحلى من العسل , وأطيب من ريح المسك , وعدد كيزانه عدد نجوم السماء , من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً )(5)

وأحاديث الحوض متواترة كما ذكر ذلك السيوطي وغيره وذكر أنه مروي عن خمسين صحابيا . وجاء في الحديث ( لكل نبي حوض )(6) . وفي بعض الأحاديث ذكر صلى الله عليه وسلم ( أن بعض الناس يذاد عن هذا الحوض فيقول النبي أصحابي أصحابي فيقال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك )(7) وهو محمول على من ارتد عن الإسلام ومات مرتدًّا , ومن العجب أن يحمل الروافض هذا الحديث على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنهم ومن على شاكلتهم هم المعنيون بهذا الحديث , لأن الصحابة لم يغيروا ولم يحدثوا بعده كما قال تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )(الأحزاب23) .

وأما الذين بدلوا وحرفوا هم الروافض حتى إنهم حرفوا القرآن وزادوا فيه وأنقصوا . فهم رموا الصحابة بما هم أهله . والشاهد أن الإيمان بالحوض المورود واجب ولا ينكره إلا جاهل بالحديث .

( والميزان ) ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالميزان الذي ينصب يوم القيامة ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )(الأنبياء47) . فتوزن الأعمال والدواوين والأشخاص . وهو ميزان حقيقي له كفتان يوضع على كفه الحسنات ويوضع على كفة السيئات . ومن ذلك حديث البطاقة . والشاهد فيه ذكر الكفتين وهو قوله ( فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة ) وجاء في بعض الآثار ( له لسان وكِفتان ) وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما , ذكره أبوالشيخ من طريق الكلبي , ويروي أيضاً عن الحسن , ولم يأت ذكر اللسان في حديث مرفوع . وأحاديث الميزان متواترة , والقرآن مليء بالآيات عن الميزان , وهي موازين تزن بمثاقيل الذر ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(الزلزلة 7-8) . ويدخل تحت الإيمان بالدواوين وأخذ الكتاب باليمين أو بالشمال من وراء الظهر , وما يتبع ذلك من نعيم أو عذاب , ومن انقسام إلى فرقتين فريق في الجنة وفريق في السعير .

وإن شاء الله غدا البيت الثالث والعشرون
ـــــــــــ

(4) أخرجه مسلم برقم2859
(5) أخرجه البخاري 6579 , ومسلم 2292
(6) أخرجه الترمذي برقم2443 , وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم1589
(7) أخرجه البخاري برقم 6582 , ومسلم 2304







التوقيع :
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه " رسالة إلى أهل الثغر" ص 303 [ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق بنشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ، وأن نظن بهم أحسن الظن ، وأحسن المذاهب .. ]
من مواضيعي في المنتدى
»» شرح تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين للشيخ المقدم
»» حكم ملصقات أنا أحب الصحابة
»» ما حكم الاحتفال بالذكرى المئوية أو الأربعينية لوفاة عالم من العلماء ؟
»» اخبار اسلام ام المؤمنين وورقة بن نوفل رضي الله عنهما
»» حمل كتاب من سب معاوية فأومه هاوية
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "