العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الخاصة > منتدى مقالات الشيخ سليمان بن صالح الخراشي رحمه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-03-16, 03:39 AM   رقم المشاركة : 1
سليمان الخراشي
حفظه الله







سليمان الخراشي غير متصل

سليمان الخراشي is on a distinguished road


هؤلاء الثلاثة خالفوا مشايخهم لما حادوا عن الحق ( ابن العربي - علي القاري -ابن عُمير )

بسم الله الرحمن الرحيم


كثيرٌ منّا ، لاسيما طلبة العلم ، يُرددون هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) عند الحديث عن التجرد للحق ، وتقديمه على القريب والحبيب ، ولكن الأقوال تحتاج إلى أفعالٍ تُصدقها ، فكم من فكرةٍ صائبة يتغنى بها المرء طويلاً ، ولكنه يعجز عن امتثالها واقعًا ؛ ومنها التجرد للحق ، فقليلٌ مَن يُصدّق فعلُه قولَه .

أخرج الترمذي في سننه ( 3714 ) قول علي في عمر - رضي الله عنهما - : ( رحم الله عمر ، يقول الحق وإن كان مرًا .. تركه الحق وماله صديق ) ، وهكذا هم أهل التجرد للحق ، يقولونه ولو كان على أقرب قريبٍ ، وأحب حبيب ، إذا ما حاد عنه .

ولازالت كلمة ابن القيم في أبي إسماعيل الهروي - رحمها الله - : ( شيخ الإسلام حبيبنا، ولكنَّ الحق أحب إلينا منه ) نبراسًا لطلبة العلم المتجردين في تعاملهم مع الشيوخ ، يحفظون مكانتهم ، ولا يُتابعون زلتهم ، بل يردونها ، ويُنكرونها ، غير هيابين .

وقد أحببت أن أذكر ثلاثة نماذج لعلماء أجلاء تجردوا ، وقاموا في وجه شيوخهم لما رأوهم حادو ؛ كي يكونوا من ضمن القدوات في هذه المسألة :

أولهم : أبو بكر ابن العربي - رحمه الله - ، فإنه لما رأى من شيخه أبي حامد الغزالي انصرافًا إلى التصوف الغالي ، وإغراقًا فيه ، لم يحتمل هذا منه ، فقال عنه :

( قد كان أبو حامد تاجًا في هامة الليالي ، وعقدًا في لبة المعالي، حتى أوغل في التصوف، وأكثر معهم التصرف، فخرج على الحقيقة، وحاد في أكثر أحواله عن الطريقة، وجاء بألفاظٍ لا تطاق، ومعانٍ ليس لها مع الشريعة انتظام ولا اتساق، فكان علماء بغداد يقولون: لقد أصابت الإسلام فيه عين، فإذا ذكروه جعلوه في حيز العدم ، وقرعوا عليه السن من ندم، وقاموا من التأسف عليه على قدم، فإذا لقيته رأيت رجلًا قد علا في نفسه، ابن وقته ، لا يبالي بغده ولا أمسه، فواحسرتى عليه ! أي شخصٍ أفسد من ذاته ؟ وأي علمٍ خلط وخلّط فيه مفرداته ، ماذا أُلأم من المحامد ، وكم حايد عند وحامد ) ( 1 ) .

وقال أيضًا : ( يعلم الله ، وتشهد كتبي ومسائلي وكلامي مع الفرق ، بأني جد بصيرٌ بأغراض القوم ومقاصدهم، فإن مُعلمي كان فحلًا من فحولهم، وعظيمًا من عظمائهم، وتالله إني كنت محتشمًا له ، غيرَ راضٍ عنه، وقد رددت عليه في ما أمكن ، واحتشمت جانبه فيما تيسر، وقد كنت أقبل على هذا المنكر ، وأتتبع الرد على هذا المعترض من جميع جوانبه ) ( 2 ) .


وثانيهم : الشيخ علي القاري - رحمه الله - ، فإنه لم يحتمل مواقف شيخه ابن حجر الهيتمي ، وعداوته الشنيعة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، ومبالغته في الافتراء عليهما ، وإساءته الظن بهما ، فتعقبه في إحدى المسائل التي شنّع فيها عليهما .

قال - رحمه الله - متحدثًا عن سبب إرسال النبي صلى الله عليه وسلم عمامته بين كتفيه :

( وفي " المواهب " : قال ابن القيم في " الهدي النبوي " : وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يذكر في سبب الذؤابة شيئًا بديعًا ؛ وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اتخذها صبيحة المنام الذي رآه بالمدينة، لما رأى رب العزة، فقال: " يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، فوضع يده بين كتفيّ ..الحديث "، وهو في الترمذي ، وسأل عنه البخاري؟ فقال: صحيح .
قال: فمن تلك الحال أرخى الذؤابة بين كتفيه. قال: وهذا من العلم الذي تُنكره ألسنة الجهال وقلوبهم. قال: ولم أر هذه الفائدة في شأن الذؤابة لغيره " انتهى ..
وعبارة " الهدي " : " وذكر ابن تيمية: أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى ربه واضعًا يده بين كتفيه، أكرم ذلك الموضع بالعذبة " انتهى
لكن قال العراقي - بعد أن ذكره - : " لم نجد لذلك أصلًا " انتهى، وقد اعترف ابن القيم أيضًا بذلك، كما تقدم .
ولكن ابن حجر شنع عليه تشنيعًا بليغًا فظيعًا في " شرح الشمائل للترمذي "، حيث قال – بعد كلام العراقي- :
" بل هذا من قبيح رأيهما وضلالهما، وهو مبني على ما ذهبا إليه، وأطالا في الاستدلال له، والحط على أهل السنة في نفيهم له؛ وهو إثبات الجهة والجسمية لله - تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا كبيرًا-. ولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما تُصمُّ عنه الآذان، ويقضى عليه بالزور والكذب والضلال والبُهتان، قبحهما الله وقبَّح من قال بقولهما. والإمام أحمد، وأجلاء علماء مذهبه مبرؤون عن هذه الوصمة القبيحة، كيف وهي كفرٌ عند كثيرين ؟ " .
قلتُ – علي القاري - : صانهما الله من هذه الصِّمَة القبيحة ، والسِّمة الفضيحة، ومن طالع " شرح منازل السَّائرين " تبيَّن له أنهُما من أكابر أهل السُّنة والجماعة.
ومما ذكره ابنُ القيم في الشَّرح المذكور؛ ما نَصُّهُ: " وهذا الكلامُ من شيخ الإسلام – يعني: الشيخ عبد الله الأنصاري صاحب المنازل - يبين مرتبته من السنة ومقداره من العلم، وأنه بريء مما رماه به أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل على عادتهم في رمي أهل الحديث والسنة بذلك، كرمي الرافضة لهم بأنهم نواصب، والمعتزلة بأنهم نوابت حشوية
وذلك ميراث أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمي أصحابه بأنهم صُباة، وقد ابتدعوا دينًا محدثًا، وهذا ميراثٌ لأهل الحديث والسنة من نبيهم، بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة .
وقدس الله روح الشافعي، حيث يقول - وقد نُسب إلي الرفض - :
إن كان رفضًا حُب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي
ورضي الله عن شيخنا أبي عبد الله ابن تيمية، حيث يقول :
إن كان نصبًا حب صحب محمد *** فليشهد الثقلان أني ناصبي
وعفا الله عن الثالث، حيث يقول :
فإن كان تجسيمًا ثبوت صفاته *** وتنزيهها عن كل تأويل مفتر
فإني بحمد الله ربي مجسم ** هلموا شهودًا واملأوا كلّ محضر
ومما ذكره في الشرح المذكور، مما يدل على حسن عقيدته، وزين طويته؛ ما نصه: " إن حف حرمة نصوص الأسماء والصفات بإجراء أخبارها على ظواهرها، وهو اعتقاد مفهومها المتبادر إلى العامة، ولا نعني بالعامة الجهال، بل عامة الأمة، كما قال مالك- رحمه الله- وقد سئل عن قوله : { الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى } ، كيف استوى؟ فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
ففرّق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة، وبين الكيف الذي لا يعقله البشر.
وهذا الجواب من مالك - رضي الله عنه- شافٍ ، عام في جميع مسائل الصفات ؛ من السمع، والبصر، والعلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرحمة، والضحك؛ فمعانيها كلها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة..
إذ تعقّل الكيف فرع العلم بكيفية الذات وكُنهها، فإذا كان ذلك غير معلوم للبشر ، فكيف يُعقل لهم كيفية الصفات؟
والعصمة النافعة في هذا الباب؛ أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يُثبت له الأسماء والصفات، ويُنفى عنه مشابهة المخلوقات؛ فيكون إثباتك منزَّهًا عن التشبيه، ونفيك منزَّهًا عن التعطيل.
فمن نفى حقيقة الاستواء فهو مُعطل، ومن شبهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو مُمثل، ومن قال: هو استواءٌ ليس كمثله شيءٌ، فهو الموحد المُنزه " . انتهى كلامه ، وتبين مرامه، وظهر أن معتقده هو معتقد جمهور السلف، وأكثر الخلف من أهل السنة والجماعة..
وحيث انتفى عنه وعن شيخه التجسيم ، فالمعنى البديع الذي ذكره له وجه وجيه عند أرباب الذوق السليم، سواء كانت الرؤية من باب الرؤيا المنامية ، أو من التجليات الصورية )
( 3 ) .


وثالثهم : الشيخ محمد بن عمير الناصري - رحمه الله - ( 4 ) ، فإنه لما رأى من شيخه وابن قبيلته عثمان بن منصور ( 5 ) ميلاً إلى دعاة الضَلال من أعداء الدعوة ؛ كداود بن جرجيس ، داعية القبورية( 6 ) ، إلى أن وصل به الحال إلى أن ينظم قصيدةً في مدحه ، وفي ذم دعاة التوحيد !!

يقول في مطلعها :
خليلاي هلاّ تنظراني لحاجة ** أقيما فواقـــًا من نهارٍ كما البدر

فساءت قصيدته تلميذه ابنَ عمير ، فقال معارضًا قصيدته :

ولما بدا من سوحكم طالعُ الشر ** سجدتُ شكورًا للذي ثاب بالنصر
لنقض قريضٍ من بغيضٍ مُذبذَبٍ ** جهولٍ يرى المعروف في غاية النُكر
فقم في مراضي الله واكتب معاديًا ** من الفيئة الأخباث ناصرَة الشر
وجرّد سيوف الحق في كل مَعركٍ ** لنَصر كتاب الله والسُنن الغُر
وكيف وأنتم كالرماح تهزكم ** مدائحُ لم تشمط بالمعائب والهُجر
أرى ابنَ منصورٍ يعيب إمامنا ** ويمدح جرجيسًا بتعظيم ذوي القبر
أتمدح داودَ الشقي سفاهة ** وتهجو دعاة الحق ظُلمًا بلا عُذر
كذبتَ ورب البيت ما قال مُنصف ** مقالتك العوباء في السر والجهر
خسرتَ خسران الذي ضل سعيه ** فما أنت إلا معتدٍ قد باء بالخُسر
تُبدّع ياالمغرور كل مُفضّلٍ ** من السادة الأخيار والفيئة الكُبر
ومن قد غدا للدين ركنًا مُشيداً ** يذب عن التوحيد بالحُجج البُتر
لقد شهد الأحبار من كلِ مذهبٍ ** بفضل إمام الدين فما لك لا تدري؟



فرحم الله هؤلاء العلماء الثلاثة ، ووفقنا للتجرد للحق وحده ..


الهوامش :

( 1 ) القاضي أبو بكر ابن العربي وجهوده في خدمة الفقه المالكي ، د / أحمد علوي ( ص 213 ).

( 2 ) المرجع السابق . وانظر نقد ابن العربي لغلاة الصوفية في المرجع السابق ( ص 211 – 218 ) ، و في " مع القاضي أبي بكر ابن العربي " ؛ لسعيد أعراب ( ص 154 ) . وقال الدكتور محمد السليماني عنه في مقدمة تحقيقه لكتابه " قانون التأويل " ( ص 19 ) : ( أسهم إسهامًا فعالاً في نقد آراء غلاة الصوفية والباطنية .. ) .

( 3 ) المقالة العذبة في العمامة والعذَبَة ( ص 87 – 93 ) .

( 4 ) طالع عنه : مقدمة كتاب ابن منصور " فتح الحميد " ؛ تحقيق الدكتور سعود العريفي ( 1 / 58 ) . وقد أهداني قصيدته السابقة : الشيخ المؤرخ المُفيد : عبدالله بن بسام البسيمي - وفقه الله - .

( 5 ) طالع عنه وعن تذبذبه الذي حكاه تلميذه عنه : مقدمة كتابه " الرد الدامغ " بتحقيقي ، وهو موجود في موقع " صيد الفوائد " على شبكة الأنترنت .

( 6 ) رد عليه علماء الدعوة السلفية بردودٍ كثيرةٍ مشهورة ، موجود أكثرها على شبكة الأنترنت .





مصدر المقال
http://www.al-muthaqaf.net/index/art...on=show&id=278



مخطوطة قصيدة ابن عمير - رحمه الله -







  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:03 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "