العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة > كتب ووثائق منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-04-18, 07:29 AM   رقم المشاركة : 391
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road


قال
فصل: فى بيان أن المنفعة والمضرة لا تكون إلا من الله وحده
وجماع هذا أَنك إِذا كنت غير عالم بمصلحتك ولا قادر عليها ولا مريد لها كما ينبغى فغيرك أَولى أَن لا يكون عالماً بمصلحتك ولا قادراً عليها ولا مريداً لها، والله سبحانه هو يعلم ولا تعلم ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله لا لمعوضة ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا لتكثر بك ولا لتعززَّ بك ولا يخاف الفقر ولا تنقص خزائنه على سعة الإِنفاق، ولا يحبس فضله عنك لحاجة منه إِليك واستغناه بحيث إِذا أَخرجه أَثر ذلك فى غناه، وهو يحب الجود والبذل والعطاءَ والإِحسان أَعظم مما تحب أَنت الأَخذ والانتفاع بما سأَلته، فإِذا حبسه عنك فاعلم أَن هناك أمرين لا ثالث لهما: أَحدهما أن تكون أنت الواقف فى طريق مصالحك وأنت المعوِّق لوصول فضله إِليك وأَنت حجر فى طريق نفسك، وهذا هواستجلبت نعم الله بغير طاعته، ولا استديمت بغير شكره، ولا عوقت وامتنعت بغير معصيته، وكذلك إِذا أَنعم عليك ثم سلبك النعمة فإِنه لم يسلبها لبخل منه ولا استئثار بها عليك وإِنما أَنت المسبب فى سلبها عنك، فإِن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأَنفسهم: {ذَلِكَ بِأَنّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىَ قَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 53] ، فما أُزيلت نعم الله بغير معصيته:
إِذا كُنْتَ فِى نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ... فَإِنَّ المعاصِى تُزِيلُ النِّعَم
فآقتك من نفسك، وبلاؤك من نفسك، وأَنت فى الحقيقة الذى بالغت فى عداوتك، وبلغت من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدو منك، كما قيل:
مَا يَبْلُغُ الأَعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ ... مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسهِ الأَغلب على الخليقة، فإِن الله سبحانه فيما قضى قضى به أَن ما عنده لا ينال إِلا بطاعته، وأَنه ما
ومن العجب أَن هذا شأْنك مع نفسك وأَنت تشكو المحسن البريء عن الشكاية، وتتهم أَقداره وتعانيها وتلومها، فقد ضيعت فرصتك وفرطت فى حظك، وعجز رأَيك عن معرفة أَسباب سعادتك وإِرادتها، ثم قعدت تعاتب القدر بلسان الحال والقال، فأَنت المعنى بقول القائل:
وعاجز الرأَى مضياع لفرصته ... حتى إِذا فات أَمر عاتب القدرا
ولو شعرت برأْيك، وعلمت من أَين دهيت ومن أَين أُصبت، لأَمكنك تدارك ذلك، ولكن قد فسدت الفطرة وانتكس القلب وأَطفأ الهوى مصابيح العلم والإِيمان منه فأَعرضت عمن هو أَصل بلائك ومصيبتك منه وأقبلت تشكو من كل إِحسان دقيق أَو جليل وصل إِليك فمنه فإِذا شكوته إِلى خلقه كنت كما قال بعض العارفين- وقد رأَى رجلاً يشكو إِلى آخر ما أَصابه ونزل به- فقال: يا هذا تشكو من يرحمك، إِلى من لا يرحمك.وإِذا أَتَتْكَ مصيبة فاصبر لها ... صبر الكريم فإِنه بك أَرحم
وإِذا شكوت إِلى ابن آدم إِنما ... تشكو الرحيم إِلى الذى لا يرحم
وإِذا علم العبد حقيقة الأَمر، وعرف من أَين أُتى ومن أَى الطرق أُغير على سرحه ومن أَى ثغرة سرق متاعه وسلب استحى من نفسه- إِن لم يستح من الله- أَن يشكو أَحداً من خلقه أَو يتظلمهم أَو يرى مصيبته وآفته من غيره، قال تعالى {وَمَآ أَصَابَكُمْ مّن مّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30] ، وقال: {أَوَ لَمّا أَصَابَتْكُمْ مّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنّىَ هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165] ، وقال: {مّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نّفْسِكَ} [النساء: 79] .
فإِن أَصررت على اتهام القدر وقلت: فالسبب الذى أُصبتُ منه وأُتيت منه ودهيت منه قد سبق به القدر والحكم وكان فى الكتاب مسطوراً، فلا بد منه على الرغم منى، وكيف لى أَن أَنفك منه وقد أُودع الكتاب الأَول قبل بدءِ الخليقة والكتاب الثانى قبل خروجى إِلى هذا العلم وأنا فى ظلمات الأحشاء حين أمر الملك بكتب الرزق

نكمل






من مواضيعي في المنتدى
»» خطورة التسرع فى تكفير المسلم وضوابط التكفير وبعض مكائد الشيطان بحث هام
»» الرد على أهل البدع فرض كفاية ومن الجهاد للعلماء ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين
»» ما لا يسع طالب العلم جهله ( لفضيلة الشيخ _شيخ الفقهاء د. أحمد حطيبة)
»» ِحديث تجلى الله تعالى للمؤمنين فى عرصات القيامة
»» أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
 
قديم 30-04-18, 07:30 AM   رقم المشاركة : 392
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road


قال
والأَجل والسعادة والشقاوة فلو [جريت] إِلى سعادتى ما جريت حتى بقى بينى وبينها شبر لغلب على الكتاب فأَدركتنى الشقاوة، فما حيلة من قلبه بيد غيره يقلبه كيف يشاءُ ويصرفه كيف أَراد، إِن شاء أَن يقيمه أقامه، وإِن شاءَ أَن يزيغه أَزاغه، وهو الذى يحول بين عوارى المرءِ وقلبه، وهو الذى يثبت قلب العبد إِذا شاءَ ويزلزله إِذا شاءَ، فالقلب مربوب مقهور تحت سلطانه لا يتحرك إِلا بإِذنه ومشيئته، قال أَعلم الخلق بربه صلوات وسلامه عليه: "ما من قلب إِلا وهو بين إِصبعين من أَصابع الرحمن، إِن شاءَ أَن يقيمه أَقامه، وإِن شاءَ أَن يزيغه أَزاغه"، ثم قال: "اللَّهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك"، وكان أَكثر يمينه: "لا ومقلب القلوب" وقال بعض السَلَف: "مثل القلب مثل الريشة فى أَرض فلاة تقلبها الرياح ظهراً لبطن"، فما حيلة قلب هو بيد مقلبه ومصرفه، [وقل] له مشيئة بدون مشيئته، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللهُ رَبّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] ، وروى عن عبد العزيز ابن أبى حازم عن أَبيه عن سهل بن سعد قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عَزَّ وجَلَّ: {أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} [محمد: 24] ، وغلام جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بلى والله يا رسول الله، إِن عليها لأَقفالها، ولا يفتحها إِلا الذى أَقفلها. فلما ولَى عمر بن الخطاب طلبه ليستعمله وقال: "لم يقل ذلك إِلا من عقل"، قال طاوس: أدركت ثلاثمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر. وقال أَيوب السختيانى: أَدركت الناس وما كلامهم إِلا: إِن قضى، إِن قدر. وقال عطاءُ عن ابن عباس فى قوله تعالى:
{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} [الجاثية: 29] ، قال: كتب الله أَعمال بنى آدم وما هم عاملون إِلى يوم القيامة. قال: والملائكة تستنسخ ما يعمل بنو آدم يوماً بيوم فذلك قوله: {إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية 29] وفى الآية قول آخر: إِن استنساخ الملائكة هو كتابتهم لما يعمل بنو آدم بعد أَن يعملوه وقد يقال وهو الأَظهر: إِن الآية تعم الأَمرين، فيأْمر الله ملائكته فتستنسخ من أُم الكتاب أَعمال بنى آدم ثم يكتبونها عليهم إِذا عملوها فلا تزيد على ما نسخوه من أُم الكتاب ذرة ولا تنقصها، وقال على بن أَبى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] ،خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق الخير والشر، فخير الخير السعادة وشر الشر الشقاوة.
وفى صحيح مسلم عن أَبى الأسود الدؤلى قال: قال لى عمران بن حصين: أَرأَيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون، أَشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق، أَو فيما يستقبلون ممن أَتاهم به نبيهم وثبتت به الحجة؟ قال: قلت: لا، بل فيما قضى عليهم ومضى قال: أَفيكون ذلك ظلماً؟ قال: ففزعت فزعاً شديداً، وقلت: إِنه ليس شيء إِلا خلقه وملكه: {وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] ، فقال: سددك الله إِنما سَألتك لأُحرز عقلك. إن رجلاً من مزينة- أَو جهينة- أَتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أَرأَيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه، أشيء قضى عليهم ومضى، أو فيما يستقبلون مما أَتاهم به نبيهم؟ قال: فيما قضى عليهم ومضى. فقال الرجل: ففيم العمل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان خلقه الله لإِحدى المنزلتين فسيستعمله لها"، وتصديق ذلك فى كتاب الله عَزَّ وجَلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَألْهَمَهَا فُجُ ورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7- 8] ، وقال مجاهد فى قوله تعالى: {إِنَنِّى أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون} [البقرة: 30] ، قال: علم إِبليس المعصية وخلقه لها. وقال تعالى: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} [الأعراف: 30] ، قال ابن عباس: إِن الله سبحانه بدأَ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً ثم قال: {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِن} [التغابن: 2] ، ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأَ خلقهم مؤمن وكافر. وقال سعيد بن جبير: عن ابن عباس فى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] ، قال: يحول بين المؤمن والكفر ومعاصى الله، ويجول بين الكافر والإِيمان وطاعة الله. وقال ابن عباس ومالك وجماعة من السَلَف فى قوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118- 119] ، قالوا: خلق أَهل الرحمة للرحمة، وأَهل الاختلاف للاختلاف. وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة: 253 {وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا كُلّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة:13] ، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} [يونس: 99] ، {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَي} [الأنعام: 35] ، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] ، وقال تعالى:...قال
وذكر البخارى أيضاً عن ابن عباس فى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] قال: سبقت لهم السعادة.
وفى سنن أبى داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأُبَى بن كعب، وزيد بن ثابت: "أَن الله لو عذب أَهل سماواته وأَهل أَرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته لهم خيراً لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهباً فى سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقْدَر، وتعلم أَن ما أَصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأَك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلتَ النار"
وقاله زيد بن ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم.






من مواضيعي في المنتدى
»» فضل العشر الأواخر وليلة القدر
»» قال أستاذ اللاهوت أردت أن أقهر القرآن فقهرنى القرآن / قصة عجية مؤثرة
»» الإمام العلم :: الأعجوبة :: الجبل :: البحر الذاخر ::
»» أكلوا القطط والعلف والشجر والحشيش ( أترككم مع رسالة هانى)
»» ممنوع دخول الأخوات يا شيعية اسمعى لهذا واحكمى
 
قديم 02-05-18, 06:43 AM   رقم المشاركة : 393
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road






قال فى طريق الهجرتين
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والصبر على أعداء الله سبحانه فاللذة بذلك أمر آخر لا يناله الوصف ولا يدركه من ليس له نصيب منه وكل من كان به أقوم كان نصيبه من الالتذاذ به أعظم ومن غلظ فهمه وكثف طبعه عن إدراك هذا فليتأمل إقدام القوم على قتل آبائهم وأبنائهم وأحبابهم ومفارقة أوطانهم وبذل نحورهم لأعدائهم
ومحبتهم للقتل وإيثارهم له على البقاء وإيثار لوم اللائمين وذم المخالفين على مدحهم وتعظيمهم ووقوع هذا من البشر بدون أمر يذوقه قلبه من حلاوته ولذته وسروره ونعيمه ممتنع والواقع شاهد ذلك بل ما قام بقلوبهم من اللذة والسرور والنعيم أعظم مما يقوم بقلب العاشق الذي يتحمل ما يتحمله في موافقة رضى معشوقه فهو يلتذ به ويتنعم به لما يعلم من سرور معشوقه به
فيا منكرا هذا تأخر فإنه ... حرام على الخفاش أن يبصر الشمسا
فمن كان مراده وحبه الله وحياته في معرفته ومحبته في التوجه إليه وذكره وطمأنينته به وسكونه إليه وحده عرف هذا وأقر به
الأصل الثاني كمال النعيم في الدار الآخرة أيضا به سبحانه برؤيته وسماع كلامه وقربه ورضوانه لا كما يزعم من يزعم أنه لا لذة في الآخرة إلا بالمخلوق من المأكول والمشروب والملبس والمنكوح بل اللذة والنعيم التام في حظهم من الخالق تعالى أعظم مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال وفي دعاء النبي الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان والحاكم في صحيحيهما أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة وفتنة مضلة
ولهذا قال تعالى في حق الكفار (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم )فعذاب الحجاب من أعظم أنواع العذاب الذي يعذب به أعداءه ولذة النظر إلى وجه الله الكريم أعظم أنواع اللذات التي ينعم بها أولياؤه ولا تقوم حظوظهم من سائر المخلوقات مقام حظهم من رؤيته وسماع كلامه والدنو منه وقربه
وهذان الأصلان ثابتان بالكتاب والسنة وعليهما أهل العلم والإيمان ويتكلم فيهما مشايخ الطرق العارفون وعليهما أهل السنة والجماعة وهما من فطرة الله التي فطر الناس عليها ويحتجون على من ينكرهما بالنصوص والآثار تارة وبالذوق والوجد تارة وبالفطرة تارة وبالقياس والأمثال تارة وقد ذكرنا مجموع هذه الطرق في كتابنا الكبير في المحبة الذي سميناه المورد الصافي والظل الضافي في المحبة وأقسامها وأنواعها وأحكامها وبيان تعلقها بالإله الحق دون ما سواه وذكرنا من ذلك ما يزيد على مائة وجه ومما يوضح ذلك ويزيده تقريرا أن المخلوق ليس عنده للعبد نفع ولا ضر ولا منع ولا عطاء بل ربه سبحانه الذي خلقه ورزقه وبصره وهداه وأسبغ عليه نعمه وتحبب إليه بها مع غناه عنه ومع تبغض العبد إليه بالمعاصي مع فقره إليه فإذا مسه الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإذا أصابه بنعمة فلا راد لها ولا مانع كما قال تعالى (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم) (و ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك

لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) فالعبد لا ينفع ولا يضر ولا يعطي ولا يمنع إلا بإذن الله فالأمر كله لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وهو مقلب القلوب ومصرفها كيف يشاء المتفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع والخفض والرفع ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) وهذا الوجه أعظم لعموم الناس من الوجه الأول ولهذا خوطبوا به في القرآن أكثر من الأول لكن من تدبر طريقة القرآن تبين له أن الله سبحانه يدعو عباده بهذا إلى الوجه الأول فهذا الوجه يقتضي التوكل على الله والاستعانة به والدعاء له ومسألته دون ما سواه ويقتضي أيضا محبته وعبادته لإحسانه إلى عبده وإسباغ نعمه عليه فإذا عبده وأحبه وتوكل عليه من هذا الوجه دخل في الوجه الأول وهكذا من نزل به بلاء عظيم وفاقة شديدة أو خوف مقلق فجعل يدعو الله ويضرع إليه حتى فتح له من لذيذ مناجاته له باب الإيمان والإنابة إليه وما هو أحب إليه من تلك الحاجة التي قصدها أولا لكنه لم يكن يعرف ذلك أولا حتى يطلبه ويشتاق إليه فعرفه إياه بما اقدمه له من الأسباب التي أوصلته إليه والقرآن مملوء من ذكر حاجة العبيد إلى الله دون ما سواه ومن ذكر نعمائه عليهم ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذات وليس عند المخلوق شيء من هذا فهذا الوجه يحقق التوكل على الله والشكر له ومحبته على إحسانه ومما يوضح ذلك ويقويه أن في تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه إذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته المعينة له على عبودية الله ومحبته وتفريغ قلبه له فإنه إن نال من الطعام والشراب فوق حاجاته ضره أو أهلكه وكذلك من النكاح واللباس وإن أحب شيئا بحيث يخالله فلا بد أن يسأمه أو يفارقه فالضرر حاصل له إن وجد أو فقد فإن فقد تعذب بالفراق وتألم وإن وجد فإنه
يحصل له من الألم أكثر مما يحصل له من اللذة وهذا أمر معلوم بالاعتبار والاستقراء أن كل من أحب شيئا دون الله لغير الله فإن مضرته أكثر من منفعته وعذابه أعظم من نعيمه ويزيد ذلك إيضاحا أن اعتماده على المخلوق وتوكله عليه يوجب له الضرر من جهته فإنه يخذل من تلك الجهة وهذا أيضا معلوم بالاعتبار والاستقراء أنه ما علق العبد رجاءه وتوكله بغير الله إلا خاب من تلك الجهة ولا استنصر بغيره إلا خذل قال تعالى واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا وقال واتخذوا من دون الله الهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون
وقال عن إمام الحنفاء أنه قال للمشركين (إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا )ولما كان غاية صلاح العبد في عبادة الله وحده واستعانته وحده كان في عبادة غيره والاستعانة بغيره غاية مضرته ومما يوضح الأمر في ذلك ويبينه أن الله سبحانه غني حميد كريم رحيم فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر لا لجلب منفعة إليه سبحانه ولا لدفع مضرة بل رحمة وإحسانا وجودا محضا فإنه رحيم لذاته محسن لذاته جواد لذاته كريم لذاته كما أنه غني لذاته قادر لذاته حي لذاته فإحسانه وجوده وبره ورحمته من لوازم ذاته لا يكون إلا كذلك كما أن قدرته وغناه من لوازم ذاته فلا يكون إلا كذلك وأما العباد فلا يتصور أن يحسنوا إلا لحظوظهم فأكثر ما عندهم للعبد أن يحبوه ويعظموه ليجلبوا
له منفعة ويدفعوا عنه مضرة وذلك من تيسير الله وإذنه لهم به فهو في الحقيقة ولي هذه النعمة ومسديها ومجريها على أيديهم ومع بهذا فإنهم لا يفعلون ذلك إلا لحظوظهم من العبد فإنهم إذا أحبوه طلبوا أن ينالوا غرضهم من محبته سواء أحبوه لجماله الباطن أو الظاهر فإذا أحبوا الأنبياء والأولياء فطلبوا لقاءهم فهم يحبون التمتع برؤيتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وكذلك من أحب إنسانا لشجاعته أو رياسته أو جماله أو كرمه فهو يحب أن ينال حظه من تلك المحبة ولولا التذاذه بها لما أحب ذلك وإن جلبوا له منفعة أو دفعوا عنه مضرة كمرض وعدو ولو بالدعاء فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل لله فأجناد الملوك وعبيد المماليك وأجراء المستأجر وأعوان الرئيس كلهم إنما يسعون في نيل أغراضهم به لا يعرج أكثرهم على قصد منفعة المخدوم إلا أن يكون قد علم وهذب من جهة أخرى فيدخل ذلك في الجهة الدينية أو يكون فيه طبع عدل وإحسان من باب المكافأة والرحمة وإلا فالمقصود بالقصد الأول هو منفعة نفسه وهذا من حكمة الله التي أقام بها مصالح خلقه إذ قسم بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا
(ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا)






من مواضيعي في المنتدى
»» أسباب معينة على ترك المعصية والإصرار عليها للإمام ابن القيم
»» د. سيد الشحات يأتى بأدلة من كتب الشيعة تحرم دعاء غير الله وتحرم بناء المساجد على القب
»» شيهة واهية جداً
»» لنا عدة أسئلة خاصة بثورة إيران
»» إخوانكم فى سوريا فى أمس الحاجة لدعائكم... بدأت معركة الحسم
 
قديم 04-08-18, 07:40 PM   رقم المشاركة : 396
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road


قال الإمام العلامة ابن القيم:
أن ذكر الله - عز و جل - يذهب عن القلب مخاوفه كلها وله تأثير عجيب في حصول الأمن , فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله - عز و جل - إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه , حتى كأن المخاوف التي يجدها أمان له , والغافل خائف مع أمنه حتى كأن ما هو فيه من الأمن كله مخاوف , ومن له أدنى حس قد جرب هذا وهذا والله المستعان ."


قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
《 في القلب خلة و فاقة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر الله عز و جل ، فإذا صار الذكر شعار القلب ، بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة ، و اللسان تبع له ، فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ، و يفني الفاقة ، فيكون صاحبه غنيا بلا مال ، عزيزا بلا عشيرة ، مهيبا بلا سلطان 》 من كتاب : الوابل الصيب .






من مواضيعي في المنتدى
»» قال الحسن الفتن إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كل جاهل شرح
»» الغيبة ونفاد الرصيد .....
»» ::السلسلة المرئية لدخول نصارى مصر في الإسلام أفواجًا :: متجدد
»» النفير والمناصرة فى الملحمة الكبرى
»» أكلوا القطط والعلف والشجر والحشيش ( أترككم مع رسالة هانى)
 
قديم 04-08-18, 07:43 PM   رقم المشاركة : 397
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road


قال
وكم ترى من رجل متورّع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول!






من مواضيعي في المنتدى
»» الصبر على البلاء
»» الإمام العلم :: الأعجوبة :: الجبل :: البحر الذاخر ::
»» لنا عدة أسئلة خاصة بثورة إيران
»» هول يتعرض له أهل الزبدانى الأن
»» اضحك ظهرا لبطن على نفسك يا شيعى على هذا الموقف
 
قديم 08-11-18, 01:17 AM   رقم المشاركة : 400
مسلم 70
عضو ماسي






مسلم 70 غير متصل

مسلم 70 is on a distinguished road




قال الإمام فى طريق الهجرتين
قاعدة: السائر إلى الله تعالى والدار الآخرة، بل كل سائر إلى مقصد، لا يتم سيره ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين: قوة علمية، وقوة عملية، فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق، ومواضع السلوك فيقصدها سائراً فيها، ويجتنب أسباب الهلاك ومواضع العطب وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصل. فقوته العلمية كنور عظيم بيده يمشى به فى ليلة عظيمة مظلمة شديدة الظلمة، فهو يبصر بذلك النور ما يقع الماشى فى الظلمة فى مثله من الوهاد والمتالف ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره، ويبصر بذلك النور أيضاً أعلام الطريق وأدلتها المنصوبة عليها فلا يضل عنها، فيكشف له النور عن الأمرين: أعلام الطريق، ومعطبها.
وبالقوة العملية يسير حقيقة، بل السير هو حقيقة القوة العملية، فإن السير هو عمل المسافر. وكذلك السائر إلى ربه إذا أبصر الطريق وأعلامها وأبصر المعاثر والوهاد والطرق الناكبة عنها فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقى عليه الشطر الآخر وهو أن يضع عصاه على عاتقه ويشمر مسافراً فى الطريق قاطعاً منازلها منزلة بعد منزلة، فكلما قطع مرحلة استعد لقطع الأُخرى واستشعر القرب من المنزل فهانت عليه مشقة السفر، وكلما سكنت نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحيل وعدها قرب التلاقى وبرد العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطاً وفرحاً وهمة، فهو يقول: يا نفس أَبشرى فقد قرب المنزل ودنا التلاقى فلا تنقطعى فى الطريق دون الوصل فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرت وواصلت السير وصلت حميدة مسرورة جذلة، وتلقتك الأحبة بأَنواع التحف والكرامات، وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعة، فإن الدنيا كلها لساعة من ساعات الآخرة، وعمرك درجة من درج تلك الساعة، فالله الله لا تنقطعى فى المفازة، فهو والله الهلاك والعطب لو كنت تعلمين فإِن استصعبت عليه فليذكرها ما أَمامها من أحبابها، وما لديهم من الإِكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاءِ، فإن رجعت فإلى أعدائها رجوعها، وإن تقدمت فإلى أحبابها مصيرها، وإن وقفت فى طريقها أدركها أعداؤها، فإنهم وراءها فى

الطلب.
ولا بد لها من قسم من هذه الأقسام الثلاثة فلتختر أَيها شاءَت. وليجعل حديث الأحبة وشأنهم حاديها وسائقها، ونور معرفتهم وإرشادهم هاديها ودليلها، وصدق ودادهم وحبهم غذاءها وشرابها ودواءَها ولا يوحشه انفراده فى طريق سفره ولا يغتر بكثرة المنقطعين فأَلم انقطاعه وبعاده واصل إليه دونهم، وحظه من القرب والكرامة مختص به دونهم فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم؟ وليعلم أن هذه الوحشة لا تدوم بل هى من عوارض الطريق فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج إليه الملتقون يهنئونه بالسلامة والوصول إليهم، فيا قرة عينه إذ ذاك ويا فرحته إذ يقول: {يَا لَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُكْرَمِين} [يس: 26- 27] ، ولا يستوحش مما يجده من كثافة الطبع وذوب النفس وبطءِ سيرها، فكلما أدمن على السير وواظب عليه غدواً ورواحاً وسحراً قرب من الدار وتلطفت تلك الكثافة وذابت تلك الخبائث والأدران، فظهرت عليه همة المسافرين وسيماهم، فتبدلت وحشته أُنساً وكثافته لطافة ودرنه طهارة.
الوجد والعادة، يرى أحدهم أَعمى عن مطلوبه لا يدرى من يعبد ولا بماذا يعبده، فتارة يعبده بذوقه ووجده، وتارة يعبده بعادة قومه وأصحابه من لبس معين أو كشف رأْس أو حلق لحية ونحوها، وتارة يعبده بالأوضاع التى وضعها بعض المتحذلقين وليس له أصل فى الدين، وتارة يعبده بما تحبه نفسه وتهواه كائناً ما كان.
وهنا طرق ومتاهات لا يحصيها إلا رب العباد، فهؤلاء كلهم عمى عن ربهم وعن شريعته ودينه لا يعرفون شريعته ودينه الذى بعث به رسله وأنزل به كتبه ولا يقبل من أحد ديناً سواه، كما أنهم لا يعرفون صفات ربهم التى تعرف بها إلى عباده على ألسنة رسله ودعاهم إلى معرفته ومحبته من طريقها، فلا معرفة له بالرب ولا عبادة له.
ومن كانت له هاتان القوتان استقام له سيره إلى الله تعالى ورجى له النفوذ وقوى على رد القواطع والموانع بحول الله وقوته، فإِن القواطع كثيرة شأْنها شديد لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد،






من مواضيعي في المنتدى
»» كورونا والذنوب
»» لو أنصف أى شيعى ولم تتدنس فطرته وقرأ هذه الفتاوى لترك التشيع (ممنوع للنساء)
»» من أبهر ما كتب شيخ الإسلام ابن القيم
»» سورة الإنسان لقارىء حزين جداً يطير بقلبك للسماء لا تتردد
»» حول حديث الشؤم فى الدار والمرأة والفرس
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "