العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > الرد على شبهات الرافضة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-03-07, 04:05 PM   رقم المشاركة : 1
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


ملف مواضيع تدوين و كتابة السنة النبوية ورد الشبهات وحجية السنة

ملف مواضيع تدوين وكتابة السنة النبوية ورد الشبهات

--------------------------------------------------------------------------------

تدوين السنة النبوية
...........................


استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة في تدوين ما ينزل من القرآن ، واتخذ لذلك كتاباً من الصحابة ، فكان القرآن يكتب كله بين
يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرِّقاع والأضلاع والحجارة والسعف ( أغصان النخيل ) ، وكانت الآية من القرآن تنزل على
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأمر كاتب الوحي بكتابتها في موضع كذا من سورة كذا ، واستمر الأمر على هذه الحال حتى وفاة النبي
- صلى الله عليه وسلم - فلم يقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا والقرآن محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف واحد .
أما السنة فلم يكن شأنها كذلك حيث إنها لم تدون جميعها تدوينًا رسميًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما دُون القرآن ، ولم يأمر
النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك .
وقد ذكر العلماء أسباباً عديدة لعدم تدوين السنة في العهد النبوي : منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا
وعشرين سنة ، فكان تدوين كل كلماته وأقواله وأفعاله وكتابتها فيه من العسر والمشقة الشيء الكثير ، لما يحتاجه ذلك من تفرغ كثير من
الصحابة لهذا العمل الجليل ، ونحن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة بل كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ،
وكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على كتابة القرآن دون غيره من السنة حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا يُنْقص منه حرف .
ومن الأسباب أيضاً الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن بغيره من الحديث ، وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم
يكتمل فيها نزول الوحي ، وكان القرآن ينزل فيها مفرقاً حسب الوقائع والأحداث ، إضافة إلى أن العرب كانوا أمة أمية ، وكانوا يعتمدون
على الذاكرة فيما يودون حفظه واستظهاره ، ولذلك عُرفوا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ ، وكان نزول القرآن مفرقاً على آيات وسور صغيرة
أدعى للتفرغ لحفظه واستذكاره والاحتفاظ به في صدورهم ، أما السنة فكانت كثيرة الوقائع متشعبة النواحي شاملة لأعمال الرسول وأقواله منذ
بدء الرسالة إلى أن توفاه الله عز وجل ، فلو دونت كما دون القرآن ، للزم أن ينكبَّ الصحابة على حفظ السنة مع حفظ القرآن ، وفيه من
الحرج والمشقة ما فيه ، فكان لا بد من توفرهم - في تلك الفترة - على كتاب الله حفظاً ودراسة وتفهما .
كل ذلك وغيره - مما توسع العلماء في بيانه - كان من أسرار عدم تدوين السنة في العهد النبوي ، وبهذا نفهم سر النهي عن كتابتها في
الحديث الوارد في صحيح مسلمعن أبي سعيد الخدري عندما قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن
فليمحه ) .
وهذا لا يعني أبداً أن السنة لم يكتب منها شيء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد وردت آثار صحيحة تدل على أنه قد وقع كتابة
شيء من السنة في العصر النبوي ، ولكن هذا التدوين والكتابة كان بصفة خاصة ، ولم يكن عاماً بحيث تتداول هذه الكتب بين الناس ، فقد
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في فتح مكة أن يكتبوا لأبي شاة ، وكتب - صلى الله عليه وسلم - كتباً إلى الملوك والأمراء
يدعوهم فيها إلى الإسلام ، كما ثبت أن بعض الصحابة كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاصالتي كان يسميها بالصادقة ، وكانت عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية
وفكاك الأسير ، كما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية
والديات ، إلى غير ذلك من القضايا المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام .
إذاً فقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدون السنة تدويناً كاملاً كما دون القرآن .
ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، فلم يدونوا الحديث في الصحف كراهة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن ، وأحجموا عن
كتابة السنة وتدوينها مدة خلافتهم ، حتى إن عمر رضي الله عنه فكر في أول الأمر في جمع السنة فاستفتى أصحاب النبي - صلى الله عليه
وسلم - في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفقعمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : " إني كنت أريد أن أكتب
السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني- والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً " ، وكان هذا
الرأي من عمر متناسباً مع حالة الناس في ذلك الوقت ، فإن عهدهم بالقرآن لا يزال حديثاً ، وخصوصاً من دخل في الإسلام من أهل الآفاق ،
ولو أن السنة دونت ووزعت على الأمصار وتناولها الناس بالحفظ والدراسة لزاحمت القرآن ، ولم يؤمن أن تلتبس به على كثير منهم ، ولم
يكن في هذا الرأي تضييع للأحاديث فقد كان الناس لا يزالون بخير ، ولا تزال ملكاتهم قوية وحوافظهم قادرة على حفظ السنن وأدائها أداءً
أميناً ، وقد تتابع الخلفاء على سنة عمر رضي الله عنه ، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن أو أمروا الناس بذلك .
وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل ، حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيزفأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت
ذلك ، بعد حفظ الأمة لكتاب ربها ، وأمنها عليه أن يشتبه بغيره من السنن .

===========================

تأخر التدوين هل فتح مجالاً للوضع ؟!
..........................................


من الشبه التي يثيرها كثير من المستشرقين وأذنابهم للطعن في السنة والتشكيك فيها وفي حجيتها ، أن تأخر تدوين الحديث الذي بدأ في المائة
الثانية للهجرة قد أعطى فرصة للمسلمين ليزيدوا فيه وينقصوا ، ويضعوا بذلك أحاديث تخدم أغراضهم ، وقد ردد عدد من المستشرقين هذه
الشبهة منهم جولد زيهر ، وشبرنجر ، ودوزي ، فقد عقد " جولد زيهر " فصلاً خاصاً حول تدوين الحديث في كتابه " دراسات إسلامية "
وشكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ورأى " شبرنجر " في كتابه " الحديث عند العرب " أن
الشروع في التدوين وقع في القرن الهجري الثاني ، وأن السنة انتقلت بطريق المشافهة فقط ، أما " دوزي " فهو ينكر نسبة هذه " التركة
المجهولة " - بزعمه - من الأحاديث إلى الرسول .
وقد أراد المستشرقون من وراء هذه المزاعم إضعاف الثقة باستظهار السنة وحفظها في الصدور ، والتشكيك في صحة الحديث واتهامه
بالاختلاق والوضع على ألسنة المدونين ، وأنهم لم يجمعوا من الأحاديث إلا ما يوافق أهواءهم .
والمتتبع لتاريخ السنة ودواوينها ، يجزم بأنه لم يخل عصر من عصور المسلمين من كتابة الحديث وتقييده ، بدءاً بعصر النبي صلى الله عليه
وسلم فما بعده ، بل إن الروايات بالأسانيد الثابتة التي تدل على كتابة الحديث في عصره - صلى الله عليه وسلم - تبلغ درجة التواتر .
فقد أذن - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه بالكتابة ، وأمر بعضهم بها ، ومن ذلك أن رجلاً من أهل اليمن قال في فتح مكة : اكتب
لي يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( اكتبوا لأبي شاة ) كما عند أبي داود .
وأخرج البخاري من حديث وهب بن منبهعن أخيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : " ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر
حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " ، وكان عبد الله بن عمرو قد استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- في أن يكتب بيده ما سمعه منه فأذن له ، يقول عبد الله: " كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه
فنهتني قريش ، وقالوا : أتكتب كل شيء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتابة ،
فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بأصبعه إلى فيه _ أي فمه - فقال : ( اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا
حق ) رواه أبوداود .
وروى البخاري عن أبي ججيفة قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب ؟ قال : لا إلا ما في كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم ، أو ما في هذه
الصحيفة ، قال : قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : " العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر " .
وكتب - صلى الله عليه وسلم - للملوك والعظماء كتباً يدعوهم فيها إلى الإسلام ، وكتب أيضاً إلى أمرائه وعماله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة
ومقادير الزكاة والجزية والديات .
ولا يعكر على هذا الأحاديث التي تدل على النهي عن الكتابة كحديث أبي سعيد الذي رواه الإمام مسلم وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم - :
( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ، فإن هذا النهي كان في أول الأمر حين خيف اشتغال الصحابة عن القرآن واختلاط
غيره به ، ولتوجيه جهود الصحابة الذين كانوا يحسنون الكتابة إلى كتاب الله ، وقد " استقر الإجماع بعد ذلك وانعقد - كما يقول الحافظ ابن
حجر - على جواز كتابة العلم بل على استحبابه بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم " .
فقام جماعة من الصحابة بكتابة ما سمعوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضهم كتب ذلك في صحف خاصة كالصحيفة الصادقة
لعبد الله بن عمرو بن العاص ، وكصحيفة جابربن عبد اللهوغير ذلك ، وقد ذكر الدكتور محمد عجاج الخطيب - في كتابه " السنة قبل
التدوين " - جملة كبيرة مما كتبه الصحابة رضي الله عنهم في صدر الإسلام ، ومما كتبه التابعون رحمهم الله كصحيفة همام بن منبه ، حتى
كثرت الكتابة وانتشرت .
أضف إلى ذلك ما كان يتمتع به الصحابة رضي الله عنهم من قوة الحافظة وصفاء الذهن ، فلم يكونوا بحاجة إلى تدوين الحديث بفضل ما
وهبهم الله من هذه الصفات ، فحفظوا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حفظهم لكتاب الله ، وأدوه أداءً أميناً لمن بعدهم وكانت
صدورهم أوعية للحديث استغنوا بها عن استيداعه القراطيس ، ومع ذلك فقد وجد من يكتب ، وبذلك تضامنت الذاكرة والأقلام جنباً إلى جنب
في حفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما التدوين الذي حصل في أوائل القرن الثاني على يد عمر بن عبد العزيز فهي مرحلة متقدمة من مراحل التدوين ، وهو تدوين السنة
تدويناً رسميا ً من قبل الدولة ، بحيث تكون مرجعاً يعتمد عليه الناس ويتداولونه فيما بينهم ، وكان أول من استجاب له الإمام الزهري ، فهذا
التدوين الرسمي العام لا ينافي أن السنة كانت تكتب قبل ذلك ، ولا ينافي ما كتبه الصحابة وقيده التابعون من قبل ، إذ إن تقييد الحديث لم
ينقطع بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن أودع في المصنفات المختلفة .
وبذلك يتضح أن الحديث كان محط أنظار المسلمين ومحل عنايتهم ورعايتهم في مختلف العهود منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
فكان في كل عهوده محفوظاً في الصدور ، ومكتوباً في السطور ، وقد تناقله المسلمون بكل حرص وأمانة جيلا بعد جيل بالمشافهة والكتابة
حتى أودع المصنفات والكتب والمسانيد ، وبذل علماء الإسلام غاية الجهد في خدمته ، فميزوا صحيحه من ضعيفه ، وأودعوا ذلك كتباً ظلت
موضع قبول الأمة وإجماعها إلى يوم الناس هذا كالصحيحين وغيرهما ، فظهر بذلك كذب هؤلاء المستشرقين وتهافت ادعاءاتهم وافتراءاتهم ،
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

=========================

التدوين وأثره في صحة الحديث
..........................................


هناك شبهة ادعاها بعض غلاة المستشرقين من قديم ، وأقام بناءها على وهم فاسد ، وخلاصة هذه الشبهة : أن الحديث بقي مائتي سنة غير
مكتوب ، ثم بعد هذه المدة الطويلة قرر المحدثون جمع الحديث ، وصاروا يأخذون عمن سمعوا الأحاديث ، فصار هؤلاء يقول الواحد منهم :
سمعت فلاناً يقول سمعت فلاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبما أن الفتنة أدت إلى ظهور الانقسامات والفرق السياسية ، فقد قامت بعض
الفرق بوضع أحاديث مزورة حتى تثبت أنها على الحق ، وقد قام علماء السنة بدراسة أقسام الحديث ونوعوه إلى أقسام كثيرة جداً ، وعلى هذا
يصعب الحكم بأن هذا الحديث صحيح ، أو هذا الحديث موضوع .
ويمكن إيجاز الرد هذه الشبهة من وجوه :
1- أن تدوين الحديث قد بدأ منذ العهد الأول في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشمل قسماً كبيراً من الحديث ، وما يجده المطالع للكتب
المؤلفة في رواة الحديث من نصوص تاريخية مبثوثة في تراجم هؤلاء الرواة ، تثبت كتابتهم للحديث بصورة واسعة جداً ، تدل على انتشار
التدوين وكثرته البالغة .
2 - أن تصنيف الحديث على الأبواب في المصنفات والجوامع مرحلة متطورة متقدمة جداً في كتابة الحديث ، وقد تم ذلك قبل سنة 200
للهجرة بكثير ، فتم في أوائل القرن الثاني ، بين سنة 120 ـ 130 هـ ، بدليل الواقع الذي بين لنا ذلك ، فهناك جملة من هذه الكتب مات
مصنفوها في منتصف المائة الثانية ، مثل جامع معمر بن راشد(154) ، وجامع سفيان الثوري(161) ، وهشام بن حسان(148) ، وابن
جريج (150) ، وغيرها كثير .
3 - أن علماء الحديث وضعوا شروطاً لقبول الحديث ، تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط ، حتى يُؤدَّى كما سُمِع من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فهناك شروط اشترطوها في الراوي تضمن فيه غاية الصدق والعدالة والأمانة ،مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسئولية ،
كما أنها تضمن فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معاً ، مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه ، ويتضح ذلك من
الشروط التي اشترطها المحدثون للصحيح والحسن والتي تكفل ثقة الرواة ، ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد ، وسلامته من القوادح
الظاهرة والخفية ، ودقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط والقواعد في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد دليل على صحته ، من غير أن
ينتظروا قيام دليل مضاد له .
4 - أن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا ، بل وضعوا شروطاً في الرواية المكتوبة لم يتنبه لها أولئك المتطفلون ، فقد اشترط المحدثون في
الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح ، ولذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راوٍ إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه ، ونجد
عليها إثبات السماعات ، وخط المؤلف أو الشيخ المسمَع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها ، فكان منهج المحدثين بذلك
أقوى وأحكم وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات والمستندات المكتوبة .
5 - أن البحث عن الإسناد لم ينتظر مائتي سنة كما وقع في كلام الزاعم ، بل فتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة
سنة 35 هجرية لصيانة الحديث من الدس ، وضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد ، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق
بحثاً عنها واختباراً لرواة الحديث ، حتى اعتبرت الرحلة شرطاً أساسياً لتكوين المحدث .
6 - أن المحدثين لم يغفلوا عما اقترفه الوضاعون وأهل البدع والمذاهب السياسية من الاختلاق في الحديث ، بل بادروا لمحاربة ذلك باتباع
الوسائل العلمية الكافلة لصيانة السنة ، فوضعوا القيود والضوابط لرواية المبتدع وبيان أسباب الوضع وعلامات الحديث الموضوع .
7 - أن هذا التنوع الكثير للحديث ليس بسبب أحواله من حيث القبول أو الرد فقط ، بل إنه يتناول إضافة إلى ذلك أبحاث رواته وأسانيده
ومتونه ، وهو دليل على عمق نظر المحدثين ودقة بحثهم ، فإن مما يستدل به على دقة العلم وإحكام أهله له تقاسيمه وتنويعاته ، بل لا يُعد
علماً ما ليس فيه تقسيم أقسام وتنويع أنواع ؟!!.
8 - أن علماء الحديث قد أفردوا لكل نوع من الحديث وعلومه كتباً تجمع أفراد هذا النوع من أحاديث أو أسانيد أو رجال ، فلا يصلح بعد هذا
أن يقول قائل : كيف نعرف هذا الحديث أنه صحيح من بين تلك الأنواع ؟ ونحن نقول له : كذلك وقع التنوع في كل علم وكل فن ، فلو قال
إنسان : كيف نحكم على هذا المرض بأنه كذا وأنواع الأمراض تعد بالمئات ؟ ، وكيف نبين هذا المركب الكيمائي من بين المركبات التي تعد
بالآلاف ؟ لأحلناه على الخبراء المتخصصين ليأخذ منهم الجواب الشافي والحل المقنع ، فكما يرجع في الطب إلى الأطباء ، وفي الهندسة إلى
المهندسين ، وفي الكيمياء إلى علمائها ، والصيدلة إلى أصحابها .... فكذلك يُرْجَع في الحديث إلى علمائه المتخصصين في هذا العلم لأخذ
البيان الجلي المدعم بالأدلة القاطعة عن كل حديث نريده ونود معرفة حاله .
فظهر بذلك تهافت هذه الشبهة وبعدها عن الموضوعية والمنهجية .
منهج النقد في علوم الحديث د . نورالدين عتر بتصرف

========================

تأخر التدوين هل فتح مجالاً للوضع ؟!
..............................................

من الشبه التي يثيرها كثير من المستشرقين وأذنابهم للطعن في السنة والتشكيك فيها وفي حجيتها ، أن تأخر تدوين الحديث الذي بدأ في المائة
الثانية للهجرة قد أعطى فرصة للمسلمين ليزيدوا فيه وينقصوا ، ويضعوا بذلك أحاديث تخدم أغراضهم ، وقد ردد عدد من المستشرقين هذه
الشبهة منهم جولد زيهر ، وشبرنجر ، ودوزي ، فقد عقد " جولد زيهر " فصلاً خاصاً حول تدوين الحديث في كتابه " دراسات إسلامية "
وشكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ورأى " شبرنجر " في كتابه " الحديث عند العرب " أن
الشروع في التدوين وقع في القرن الهجري الثاني ، وأن السنة انتقلت بطريق المشافهة فقط ، أما " دوزي " فهو ينكر نسبة هذه " التركة
المجهولة " - بزعمه - من الأحاديث إلى الرسول .
وقد أراد المستشرقون من وراء هذه المزاعم إضعاف الثقة باستظهار السنة وحفظها في الصدور ، والتشكيك في صحة الحديث واتهامه
بالاختلاق والوضع على ألسنة المدونين ، وأنهم لم يجمعوا من الأحاديث إلا ما يوافق أهواءهم .
والمتتبع لتاريخ السنة ودواوينها ، يجزم بأنه لم يخل عصر من عصور المسلمين من كتابة الحديث وتقييده ، بدءاً بعصر النبي صلى الله عليه
وسلم فما بعده ، بل إن الروايات بالأسانيد الثابتة التي تدل على كتابة الحديث في عصره - صلى الله عليه وسلم - تبلغ درجة التواتر .
فقد أذن - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه بالكتابة ، وأمر بعضهم بها ، ومن ذلك أن رجلاً من أهل اليمن قال في فتح مكة : اكتب
لي يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( اكتبوا لأبي شاة ) كما عند أبي داود .
وأخرج البخاري من حديث وهب بن منبهعن أخيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : " ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر
حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " ، وكان عبد الله بن عمرو قد استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- في أن يكتب بيده ما سمعه منه فأذن له ، يقول عبد الله: " كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه
فنهتني قريش ، وقالوا : أتكتب كل شيء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتابة ،
فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بأصبعه إلى فيه _ أي فمه - فقال : ( اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا
حق ) رواه أبوداود .
وروى البخاري عن أبي ججيفة قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب ؟ قال : لا إلا ما في كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم ، أو ما في هذه
الصحيفة ، قال : قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : " العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر " .
وكتب - صلى الله عليه وسلم - للملوك والعظماء كتباً يدعوهم فيها إلى الإسلام ، وكتب أيضاً إلى أمرائه وعماله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة
ومقادير الزكاة والجزية والديات .
ولا يعكر على هذا الأحاديث التي تدل على النهي عن الكتابة كحديث أبي سعيد الذي رواه الإمام مسلم وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم - :
( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ، فإن هذا النهي كان في أول الأمر حين خيف اشتغال الصحابة عن القرآن واختلاط
غيره به ، ولتوجيه جهود الصحابة الذين كانوا يحسنون الكتابة إلى كتاب الله ، وقد " استقر الإجماع بعد ذلك وانعقد - كما يقول الحافظ ابن
حجر - على جواز كتابة العلم بل على استحبابه بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم " .
فقام جماعة من الصحابة بكتابة ما سمعوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضهم كتب ذلك في صحف خاصة كالصحيفة الصادقة
لعبد الله بن عمرو بن العاص ، وكصحيفة جابربن عبد اللهوغير ذلك ، وقد ذكر الدكتور محمد عجاج الخطيب - في كتابه " السنة قبل
التدوين " - جملة كبيرة مما كتبه الصحابة رضي الله عنهم في صدر الإسلام ، ومما كتبه التابعون رحمهم الله كصحيفة همام بن منبه ، حتى
كثرت الكتابة وانتشرت .
أضف إلى ذلك ما كان يتمتع به الصحابة رضي الله عنهم من قوة الحافظة وصفاء الذهن ، فلم يكونوا بحاجة إلى تدوين الحديث بفضل ما
وهبهم الله من هذه الصفات ، فحفظوا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حفظهم لكتاب الله ، وأدوه أداءً أميناً لمن بعدهم وكانت
صدورهم أوعية للحديث استغنوا بها عن استيداعه القراطيس ، ومع ذلك فقد وجد من يكتب ، وبذلك تضامنت الذاكرة والأقلام جنباً إلى جنب
في حفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما التدوين الذي حصل في أوائل القرن الثاني على يد عمر بن عبد العزيز فهي مرحلة متقدمة من مراحل التدوين ، وهو تدوين السنة
تدويناً رسميا ً من قبل الدولة ، بحيث تكون مرجعاً يعتمد عليه الناس ويتداولونه فيما بينهم ، وكان أول من استجاب له الإمام الزهري ، فهذا
التدوين الرسمي العام لا ينافي أن السنة كانت تكتب قبل ذلك ، ولا ينافي ما كتبه الصحابة وقيده التابعون من قبل ، إذ إن تقييد الحديث لم
ينقطع بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن أودع في المصنفات المختلفة .
وبذلك يتضح أن الحديث كان محط أنظار المسلمين ومحل عنايتهم ورعايتهم في مختلف العهود منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
فكان في كل عهوده محفوظاً في الصدور ، ومكتوباً في السطور ، وقد تناقله المسلمون بكل حرص وأمانة جيلا بعد جيل بالمشافهة والكتابة
حتى أودع المصنفات والكتب والمسانيد ، وبذل علماء الإسلام غاية الجهد في خدمته ، فميزوا صحيحه من ضعيفه ، وأودعوا ذلك كتباً ظلت
موضع قبول الأمة وإجماعها إلى يوم الناس هذا كالصحيحين وغيرهما ، فظهر بذلك كذب هؤلاء المستشرقين وتهافت ادعاءاتهم وافتراءاتهم ،
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

==================

ردود تاريخية وحديثية على جولدزيهر
......................................

الحمد لله والصلاة والسلام على آله وصحبه ومن ولاه، وبعد فقد رد العلماء على المستشرق اليهودي جولدزيهر في كتاباته التي ذم فيها
الأمويين بناء على نقولات زائفة وأقوال مغرضة، رمى أصحابها إلى تمزيق الأمة وطعن رجالاتها ولعن بعضها ، ونشر الكلام الذي لا
مصلحة لأحد فيه إلا للعدو من اليهود والنصارى والفرق الضالة، وقد نقل علماؤنا الثقات حقائق ثابتة ترد على تلك الافتراءات الباطلة.
ورد في طبقات ابن سعد - رحمه الله - ما يدل على نسك عبد الملك بن مروان وعلمه وعبادته وتقواه قبل خلافته، حتى إنه كان يلقب
بحمامة المسجد، ولما سئل الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أرأيت إذا تفانى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن
نسأل ؟ فأجابهم: سلوا هذا الفتى . مشيرًا إلى عبد الملك بن مروان .
وأما بعد خلافته فقد كان حريصًا على إرشاد العلماء وطلاب العلم إلى تتبع السنن والآثار .
ولما جاء الناس لمبايعته بالخلافة كان يتلو كتاب الله عز وجل على مصباح ضئيل، زهدًا وتقللاً وبعدًا عن رغد الحياة ولذائذها .
وقل مثل هذا في الوليد بن عبد الملك ، فقد أنشئت في عصره أكثر المساجد المعروفة اليوم . وهذا الكلام لا يعني أنهم كانوا خلفاء راشدين -
كلا - ولكن كانت لهم أخطاء وتجاوزات، وكانت لهم حسنات وإيجابيات، ثم إن التاريخ يذكر بكثير من الإعجاب فتوحات الأمويين، حتى إن
رقعة الإسلام لم تزد كثيرًا في العصر العباسي عمَّا كانت عليه في العصر الأموي، والفضل في ذلك كله لله سبحانه وتعالى ثم للأمويين خلفاء
وقادة، فقد كان أبناء خلفائهم على رأس الجيوش الفاتحة لإعلاء كلمة الله عز وجل ونشر دينه ورفع الظلم عن العباد .
إن كلام المستشرقين عن وضع الحديث من قبل العلماء والحكام الأمويين لا أساس له من الصحة ، وإذا تجرأ بعض المغفلين وبعض الخاطئين
من الفرق الضالة على وضع بعض الأحاديث لنصر أفكارهم أو الطعن في مخالفيهم، فإن ذلك في نطاق ضيق جدًا، وقد تصدى لهم علماء
الإسلام وكشفوا تلك المحاولات وأخضعوا كل الأحاديث للفحص الدقيق ومعرفة الرواة كلهم، فلم يثبت إلا الصحيح، وعرف الموضوع من
المسند المرفوع، والصحيح من الضعيف .
لقد كان هناك عداء بين الخلفاء وزعماء الطوائف المنشقة عن جماعة المسلمين كالخوارج، والرافضة، والمعتزلة، والزنادقة .
لكن هذه الطوائف لم تنهض لجمع الحديث ونقده وتدوينه وفق منهج أهل السنة، إنما الذين فعلوا ذلك هم العلماء والحفاظ والأئمة الأتقياء أمثال
فقهاء المدينة السبعة: سعيد بن المسيب، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هاشم المخزومي، وعبيد ا لله بن عبد الله بن عتبة بن
مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق،و خارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، ونافع بن شهاب الزهري،
وعطاء بن أبي رباح، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعلقمة بن الأسود، والحسن البصري وغيرهم رضي الله عنهم .
وهؤلاء العلماء لم يصطدموا مع الأمويين في معارك ونزاعات إلا ما كان من سعيد بن المسيب - رحمه الله - وجفائه لعبد الملك بن مروان
بسبب طلب عبد الملك البيعة لابنه الوليد ثم لسليمان من بعده، فأبى سعيد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في وقت واحد ،
فهذا سبب الجفاء، ولا نعلم خلافًا بين سعيد بن المسيب وخلفاء بني أمية قبل هذه الحادثة .
- كما وقع بين الحجاج بن يوسف الثقفي وبعض العلماء شيء من ذلك سببه اشتداد الحجاج في مقاومة خصوم بني أمية مما أوقعه ذلك في
كثير من الظلم والعدوان.
- ومما يزيد في تهافت دعوى هذا المستشرق اتخاذه عداء ابن المسيب لعبد الملك ذريعة لرمي علماء المدينة كلهم بالكذب ووضع الحديث،
في الوقت الذي لا يذكر شيئًا عن سعيد في مسألة الوضع المزعومة، وكان من اللازم في قياس المستشرق أن يكون ابن المسيب على رأس
قائمة الوضاعين، لكنه لم يذكر ذلك؛ لأنه لا يملك دليلاً عليه .
- لقد جهل هؤلاء المستشرقون أو تجاهلوا صفات علماء الإسلام وأخلاقهم وخصائصهم من الترفع عن الكذب، والتحلي بالصدق والأمانة
والاستقامة.
- لقد ادعى المستشرق جولدزيهر أن الحكام الأمويين وضعوا الأحاديث كما وضعها خصومهم، ولم يستطع هذا المستشرق ولا غيره أن
يذكروا حديثًا واحدًا مما وضعه الحكام الأمويين .
- لكن جولدزيهر كشف عن جهله وقصور علمه في حقائق الإسلام وعلومه، حين زعم أن اختلاف الحديث وتعارض بعضه فيما يبدو أحيانًا
دليل على حصول الوضع في الحديث .
وهذا جهل فظيع قد ينطلي على من ليس له باع في علم الحديث، لكن العلماء ذكروا أسباب الاختلاف والتعارض الشكلي والظاهري بين بعض
الأحاديث، ومنها:
1- أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم الفعل على وجهين إشارة إلى الجواز، فيروي صحابي ما شاهده في الحالة الأولى، ويروي الثاني ما
شاهده في الحالة الثانية كأحاديث صلاة الوتر أنها سبع ركعات أو تسع أو إحدى عشرة .
2- اختلاف الصحابة في حكاية حال شاهدوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: اختلافهم في حجته صلى الله عليه وسلم هل كان فيها
قارنًا أو مفردًا أو متمتعًا؟ والحالات الثلاث جائزة ومشروعة مأخوذة من النصوص الشرعية .
3- اختلاف الصحابة في فهم المراد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يفهم الوجوب وذاك يفهم الاستحباب.
4- أن يسمع الصحابي حكمًا جديدًا ناسخًا لحكم سابق ولا يكون الصحابي الآخر قد سمع ذلك الحكم الجديد، فيظل يروي الحكم الأول على ما
سمع .
وغير ذلك من الأسباب العلمية والدينية والواقعية التي ظن المستشرقون أنها ذريعة لافتراءاتهم .
والخلاصة: أنه يجب على كل مسلم، بل وكل عاقل أن لا يقبل الاتهامات والافتراءات الموجهة إلى الإسلام أو غيره إلا بعد أن يدرس ويبحث
في الدين أو الأمر المفترى عليه، فالمستشرقون يتظاهرون بالبحث والإنصاف والموضوعية، وهم بعيدون ذلك، إنما تسوقهم الأهواء والأحقاد
والخيالات الفاسدة . والواقع الذي عاشوه ورأوه في كنائسهم وعلمائهم ودينهم المحرف المرفوض







 
قديم 07-03-07, 04:06 PM   رقم المشاركة : 2
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم

تدوين السنة النبوية مر بمرحلتين هامتين فلا يلتبس عليك الامر ايها الكريم

اولا : مرحلة النهي عن الكتابة

ثانيا : مرحلة نسخ النهي والسماح بها

كانت هذه المرحلة في بداية الأمر ؛ حيث نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث خشية الخلط بين السنة والقرآن ، ولأمور واعتبارات أخرى ، وعمدة هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ، وهو أصح ما ورد في هذا الباب .

........
نسخ النهي والسماح بالكتابة :
وهذه المرحلة جاءت بعد أن استقرت الدعوة ، وارتفعت المحاذير المتوقعة من كتابة السنة في أول الأمر ، فعند ذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة ، وقد ذكر أهل العلم أحاديث الإباحة وجواز الكتابة ، وبَوَّب الإمام البخاري باباً في صحيحه قال : "باب كتابة العلم " وذكر أحاديث عدة تدل على جواز الكتابة .
وروى الإمام أحمدوأبو داودعن عبد الله ابن عمروقال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش عن ذلك ، وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصعبه إلى فيه ( أي فمه ) فقال : ( اكتب .. فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ) .


..............

بين النهي والإباحة :

وقد نظر أهل العلم في أحاديث النهي عن الكتابة وأحاديث الإباحة وجمعوا بين الأحاديث من عدة أوجه :
الوجه الأول :
ذهب الأغلب إلى أن النهي كان في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن ، فلما أُمِن الالتباس ، سمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بتدوين الحديث وكتابته ، فكانت أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث المنع .
وممن ذهب إلى هذا الإمامان الجليلان النووي وابن حجرعليهما رحمة الله ، وطائفة كبيرة من أهل العلم .

الوجه الثاني :

وذهب قوم إلى أن النهي إنما كان عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة ؛ لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية ، فربما كتبوه معها ، فنُهوا عن ذلك لخوف الاشتباه .

الوجه الثالث :
أن النهي كان في حق من يوثق بحفظه مخافة أن يتَّكل على الكتابة ، وأما الإذن فهو في حق من لا يوثق بحفظه .
والخلاصة أن أوْلى الأقوال ، هو القول بالنسخ ، حيث كان النهي في بداية الأمر ثم نسخ بعد ذلك ، لزوال المحذور من الكتابة ، ويؤيد هذا عموم الألفاظ ، وأنها متأخرة في الزمن ، وهو قول أكثر أهل العلم .
ومن هنا يتبين بطلان قول من قال : إن السنة لم تدون في عصر الرسالة ، والحق أنها دونت لكن ليس بالصورة التي تمت فيما بعد في عصور التدوين ، غير أن من المجمع عليه أنها كانت محفوظة في الصدور ، وفي بعض الصحائف والسطور في عصر الصحابة ، وتلقاها عنهم التابعون ، ثم بدأ التدوين في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيزرضي الله

وعلى ذلك :

فقد ذكر العلماء أسباباً عديدة لعدم تدوين السنة كاملة في العهد النبوي : منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا وعشرين سنة ، فكان تدوين كل كلماته وأقواله وأفعاله وكتابتها فيه من العسر والمشقة الشيء الكثير ، لما يحتاجه ذلك من تفرغ كثير من الصحابة لهذا العمل الجليل ، ونحن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة بل كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ، وكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على كتابة القرآن دون غيره من السنة حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا يُنْقص منه حرف .
ومن الأسباب أيضاً الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن بغيره من الحديث ، وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم يكتمل فيها نزول الوحي ، وكان القرآن ينزل فيها مفرقاً حسب الوقائع والأحداث ، إضافة إلى أن العرب كانوا أمة أمية ، وكانوا يعتمدون على الذاكرة فيما يودون حفظه واستظهاره ، ولذلك عُرفوا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ ، وكان نزول القرآن مفرقاً على آيات وسور صغيرة أدعى للتفرغ لحفظه واستذكاره والاحتفاظ به في صدورهم ، أما السنة فكانت كثيرة الوقائع متشعبة النواحي شاملة لأعمال الرسول وأقواله منذ بدء الرسالة إلى أن توفاه الله عز وجل ، فلو دونت كما دون القرآن ، للزم أن ينكبَّ الصحابة على حفظ السنة مع حفظ القرآن ، وفيه من الحرج والمشقة ما فيه ، فكان لا بد من توفرهم - في تلك الفترة - على كتاب الله حفظاً ودراسة وتفهما

وهذا لا يعني أبداً أن السنة لم يكتب منها شيء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد وردت آثار صحيحة تدل على أنه قد وقع كتابة شيء من السنة في العصر النبوي ، ولكن هذا التدوين والكتابة كان بصفة خاصة ، ولم يكن عاماً بحيث تتداول هذه الكتب بين الناس ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في فتح مكة أن يكتبوا لأبي شاة ، وكتب - صلى الله عليه وسلم - كتباً إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام ، كما ثبت أن بعض الصحابة كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بالصادقة ، وكانت عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية وفكاك الأسير ، كما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية والديات ، إلى غير ذلك من القضايا المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام .
إذاً فقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدون السنة تدويناً كاملاً كما دون القرآن .
ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، فلم يدونوا الحديث في الصحف كراهة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن ، وأحجموا عن كتابة السنة وتدوينها مدة خلافتهم ، حتى إن عمر رضي الله عنه فكر في أول الأمر في جمع السنة فاستفتى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفقعمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : " إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني- والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً " ، وكان هذا الرأي من عمر متناسباً مع حالة الناس في ذلك الوقت ، فإن عهدهم بالقرآن لا يزال حديثاً ، وخصوصاً من دخل في الإسلام من أهل الآفاق ، ولو أن السنة دونت ووزعت على الأمصار وتناولها الناس بالحفظ والدراسة لزاحمت القرآن ، ولم يؤمن أن تلتبس به على كثير منهم ، ولم يكن في هذا الرأي تضييع للأحاديث فقد كان الناس لا يزالون بخير ، ولا تزال ملكاتهم قوية وحوافظهم قادرة على حفظ السنن وأدائها أداءً أميناً ، وقد تتابع الخلفاء على سنة عمر رضي الله عنه ، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن أو أمروا الناس بذلك .
وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل ، حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيزفأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت ذلك ، بعد حفظ الأمة لكتاب ربها ، وأمنها عليه أن يشتبه بغيره من السنن .







 
قديم 07-03-07, 04:07 PM   رقم المشاركة : 3
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


شبهة تأخر كتابة السنة النبوية
مقدمة

بعدما فشل المستشرقون وأذنابهم فى الطعن فى المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامى ألا وهو القرآن الكريم ، اتجهوا للتشكيك فى المصدر الثانى من مصادر التشريع ألا وهو السنة.
فنجد كثير منهم يروجون من حين لآخر لمسألة تأخر كتابة السنة النبوية ، ويتبعهم فى هذا بعض المسلمين الذين تربوا على أيديهم وتلقوا العلم فى جامعاتهم ، ونستطيع أن نصفهم بكل صدق بالطابور الخامس للمستشرقين ، وأخذ هؤلاء يرددون نفس دعاوى أساتذتهم ويلوكونها بألسنتهم من حين لآخر.
كما وجد فى هذه الشبهة جماعة اللاقرآنيين منكرى السنة مرتعاً خصيباً لهم يرتكزون عليه لتصحيح الباطل الذى ذهبوا إليه ، ويدّعون – جميعاً - أن السنة النبوية لم تكتب إلا بعد مائتى عام.
وهذا الأمر يحمل فى طياته الكثير والكثير من الأخطاء والمغالطات التاريخية التى لا يغفل عن بيانها عاقل.
وهذا ما سوف أوضحه بعد إن شاء الله.
====
توضيح المفاهيم
بداية يجب أن نفرق بين مفهومين:
الأول هو : كتابة السنة.
الثانى هو : جمع السنة.
فعندما نقول أن بداية جمع السنة كان فى عصر فلان أو بأمر من فلان أو عام كذا. فلا يعنى هذا أنها لم تكن مكتوبة عند بعض الصحابة أو رواة الحديث.
بل إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بُدئ فى كتابته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى حياته.
كما يجب أن نؤكد على أن العبرة فى هذه المسألة هى بالحفظ سواء أكان هذا الحفظ حفظ فى الصدر أم حفظ فى كتاب.
ونسوق فى هذا ما قاله الخليل ابن أحمد الفراهيدى :
ليس العلم ما حواه القمطر ................. ما العلم إلا ما حواه الصدر
وسأحاول أن أبين لأخوانى مراحل جمع السنة النبوية المطهرة. حسبما يسر الله لى.
====
المرحلة الأولى لجمع السنة
مرحلة الكتابة الخاصة في عهد النبي.
(انتهت عند وفاة النبى صلى الله عليه وسلم عام 11 هجرية).

وفى هذه المرحلة كان الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة ، وكانوا يتداولونه حفظاً له ورواية. وكان القليل منهم يكتب. ولكن كان المعول الحقيقى على عملية الحفظ فى الصدر.
وقد بلغ اعتناء الصحابة بحب السنة والتعرف على كل ما يقوله أو يفعله النبى صلى الله عليه وسلم ، أن عدداً كبيراً منهم كان يلازمه ملازمة مباشرة. كأبى بكر وعمر وعبد الله بن مسعود والذى عرف بصاحب نعل رسول الله.
بل كان الصحابة يكثرون من قولهم : (ذهب رسول الله ومعه أبو بكر وعمر) ... (رجع رسول الله ومعه أبو بكر وعمر).
وهذا من طول ملازمتهما إياه.
وكان من شدة حبهم وتعلقهم بالنبى أن لازموه ملازمة شبه كاملة. فأخبرهم أن لأولادهم عليهم حق. فأمرهم أن يعملوا يوماً ويلازمونه يوم.
وللموازنة بين الأمرين : حب ملازمة النبى صلى الله عليه وسلم ، والإنفاق على العيال. فقد كانوا يتناوبون مصاحبته.
فقد أخرج البخارى فى صحيحه (89) ومواضع أخرى : عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك.
وجدير بالذكر فى هذا المقام بيان أن أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم – ومن جاء بعدهم كانوا يعتمدون على قوة ذاكرتهم فى الحفظ.
وكان هذا معلوم لدى العرب حتى من قبل ظهور الإسلام. فقد كانت أمة العرب ، أمة ذات قريحة متوقدة نشطة يحفظون القصائد الشعرية التى تتكون من عشرات بل مئات الأبيات من أول مرة يسمعونها فيها.
وعندما جاء الإسلام ، انصب اهتمام الصحابة على كتابة الوحى القرآنى بمجرد نزوله ، كما اتخذ النبى صلى عليه وسلم عدداً كبيراً لكتابة الوحى عرفوا باسم (كُتّاب الوحى) وبلغ عدد هؤلاء أربعين كاتباً.
كما لم يغفل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أهمية السنة ، فانكب عدد كبير على كتابة ما يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهر هؤلاء جميعاً سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه وعن أبيه.
=====
صحف كتبت فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم
ولم تعدم هذه الفترة من وجود الصحف التى كتب فيها الصحابة رضوان الله عليهم أحاديث مباشرة عن رسول الله وبدون واسطة.
من تلك الصحف:
1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص .
2- الصحيفة الصحيحة برواية همام بن منبه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- صحيفة سمرة بن جندب .
4- صحيفة سعدة بن عبادة الأنصاري .
5- صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري .

فصحيفة سمرة بن جندب (الذى توفى عام 60هـ)، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: "في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير".
ومن أشهر الصحف المكتوبة في العصر النبوي (الصحيفة الصادقة) التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتملت على ألف حديث، كما يقول ابن الأثير، ومحتواها محفوظ في مسند أحمد بن حنبل ، حتى ليصح أن نصفها بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهده صلوات الله عليه، وهذه الوثيقة كانت نتيجة محتومة لفتوى النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو وإرشاده الحكيم له؛ فقد جاء عبد الله يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الكتابة قائلا: أكتب كل ما أسمع؟ قال: "نعم"، قال: في الرضا والغضب؟ قال: "نعم؛ فإني لا أقول في ذلك إلا حقا".
وقد أتيح لمجاهد بن جبر (103هـ) أن يرى هذه الصحيفة عند صاحبها عبد الله بن عمرو ، وكان عبد الله بن عمرو - لشدة حرصه على هذه الصحيفة - لا يسمح لأعزّ الناس عليه بتناولها، ورؤية مجاهد لها لم تكن إلا عرضا؛ فإنه قال: "أتيت عبد الله بن عمرو؛ فتناولت صحيفة تحت مفرشه فمنعني، قلت: ما كنت تمنعني شيئا! قال: هذه الصحيفة الصادقة، فيها ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه أحد، إذا سلمت هذه وكتاب الله والوهط فلا أبالي علام كانت عليه الدنيا! والوهط أرض كان يزرعها".
ولقد شاعت في عصر الصحابة صحيفة خطيرة الشأن أمر النبي عليه السلام نفسه بكتابتها في السنة الأولى للهجرة، فكانت أشبه (بدستور) للدولة الفتية الناشئة آنذاك في المدينة، وهي الصحيفة التي دون فيها كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق المهاجرين والأنصار واليهود، ولفظ الكتابة صريح في مطلعها: "هذا كتاب محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس".
====
صحف السنة النبوية ...... أين هى؟
وهذه الصحف لم يصل إلينا منها شئ الآن. وأقصد بهذا الورق الأصلى الذى كتبت عليه.
أما محتواها فقد صلنا فعلاً ، وقد أدت هذه الصحف دوراً كبيراً فى وصول السنة إلينا.
فما كتب فيها ، تناوله التابعون من الصحابة ، وحفظوه فى صدورهم ، وسجلوه فى صحائفهم ، ثم أبلغوه لمن جاء بعدهم ، حتى أصبحت تشكل جزءاً كبيراً من كتب السنة التى جاءت بعد.
فهى إذن الحلقة الأولى من سلسلة توصيل السنة إلينا.
فصحيفة عبد الله بن عمرو على سبيل المثال موجودة فى مسند الإمام أحمد ، ولكنها موجودة عن طريق الإسناد من الإمام أحمد إلى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى صلى الله عليه وسلم.
ولا يظن أحد أن هذا دليل على أن كل ما هو موجود من أحاديث فى المسند ينتهى إسنادها إلى عبد الله بن عمرو ، يعتبر صحيحاً على وجه الإطلاق.
لا ، لماذا لأن العبرة كما قلنا فى نقل السنة كانت بالحفظ والرواية ، وقد وقع فيها بعض الخلط أو التقصير ، نتيجة ضعف حفظ بعض الرواة أو عدم ضبطهم أو وقوع التصحيف ، وهذه كلها أمور ومسائل موجودة فى علم المصطلح ويقوم بعلاجها ونقد الصحيح من الضعيف وبيان أوجه وسبب القصور فيها.
====
صحيفة همام بن منبه

ومن أشهر ما كتب فى القرن الأول الصحيفة الصحيحة لهمام بن مُنَبِّه الصنعانى المتوفى :131 هـ والتى رواها عن أبى هريرة وقد وصلتنا هذه الصحيفة كاملة كما رواها ودونها وقد طبعت عدة طبعات منها طبعة بتحقيق الدكتور رفعت فوزى طبعة مكتبة الخانجى 1406 ويزيد من توثيق هذه الصحيفة أن الإمام أحمد قد نقلها بتمامها فى مسنده كما نقل الإمام البخارى عددا كثيرا من أحاديثها فى صحيحه وتضم صحيفة همام مائة وثمانية وثلاثين حديثا ولهذه الصحيفة أهمية تاريخية لأنها حجة قاطعة على أن الحديث النبوى قد دون فى عصر مبكر وتصحح القول بأن الحديث لم يدون إلا فى أوائل القرن الهجرى الثانى وذلك أن هماما لقى أبا هريرة قبل وفاته وقد توفى أبو هريرة 59 هـ فمعنى ذلك أن الوثيقة دونت فى منتصف القرن الهجرى الأول.


صحيفة أبى الزبير عن جابر

ويبرز من جيل التابعين عدد آخر من العلماء الذين اهتموا بالحديث واحتفظوا بأجزاء وصحف كانوا يروونها منهم (أبو الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدى 126هـ والذى كتب بعض أحاديث الصحابى الجليل جابر بن عبد الله الأنصارى.
وقد وصلت إلينا من آثاره أحاديث أبى الزبير عن غير جابر جمعها أبو الشيخ عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهانى المتوفى : 369 هـ وقد طبع بتحقيق بدر بن عبد الله البدر طبعة مكتبة الرشد بالرياض 1417 هـ
وأيوب بن أبى تميمة السختيانى المتوفى : 131 وقد وصل إلينا بعض حديثه جمعه إسماعيل بن إسحاق القاضى البصرى 282هـ وهو مخطوط فى المكتبة الظاهرية مجموع 4/2 ويقع فى خمس عشرة ورقة وغير هؤلاء كثير.
===
المرحلة الثالثة من تدوين السنة النبوية
مرحلة النضج
مرحلة تدوين السنة على هيئة كتب مصنفة ومرتبة.
كل كتاب يخدم هدف معين وله مقصد صُنف من أجله.
(بدأت حوالى عام 100 هجرية وما تلاها).

وكان هذا بناء على أمر من عمر بن عبد العزيز.
ففي صحيح البخاري: "وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه؛ فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء).
وكان هذا عام 101هـ.
وروى عبد الرزاق عن ابن وهب، سمعت مالكا يقول: "كان عمر بن عبد العزيز يكتب إلى الأمصار يعلمهم السنن والفقه، ويكتب إلى المدينة يسألهم عما مضى، وأن يعملوا بما عندهم، ويكتب إلى أبي بكر بن حزم أن يجمع السنن، ويكتب بها إليه، فتوفي عمر بن عبد العزيز وقد كتب ابن حزم كتبا قبل أن يبعث بها إلينا..." اهـ
وكان أول من استجاب له في حياته وحقق له غايته عالم الحجاز والشام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني الذي دون له في ذلك كتابا، فغدا عمر يبعث إلى كل أرض دفترا من دفاتره، وحق للزهري أن يفخر بعلمه قائلا: "لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني" .
ويجب أن نتذكر هنا أن التدوين المقصود به هو الجمع فى كتب مستقلة ، وأن يكون الجمع من أجل التصنيف ذاته.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن جماعة من الصحابة والتابعين كرهوا كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما أخذوا حفظا , لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه .
قلت : والكراهة لا تدل على عدم وجود الصحف والكتب ولكنهم كانوا يستحبون التحديث حفظاً.
فقد كثرت التصانيف فى ذلك الوقت خاصة فى عصر أتباع التابعين.
يقول ابن حجر: "فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح (توفي 160 هـ)، وسعيد بن أبي عروبة (156هـ) وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة؛ فدونوا الأحكام.
فصنف الإمام مالك "الموطأ" وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ومن بعدهم (توفي 179 هـ).
وصنف ابن جريح بمكة (توفي ببغداد 150هـ)، والأوزاعي بالشام (156هـ)، وسفيان الثوري بالكوفة (توفي 161 هـ)، وأبو سلمة بالبصرة (نوفي 176هـ)، ومعمر بن راشد باليمن (المتوفى 153هـ)، وجرير بن عبد الحميد بالري (توفي 188هـ)، وعبد الله بن المبارك بخراسان (المتوفى 181هـ).
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث الني صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين.
فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا (توفي 213هـ)، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا (توفي 212هـ)، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا.
ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء.
ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا، كأبي بكر بن أبي شيبة.
ولما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والحسن، والكثير منها يشمله التضعيف؛ فحرك همته لجمع الحديث الصحيح، وقوى همته لذلك ما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح".
ومما تقدم يتبين لنا أن علماء التدوين قد طوفوا الدنيا كلها، وانتشروا في البلدان والأمصار وأحاطوا بها يجمعون ويكتبون في حركة نشطة دائبة يواصلون الليل بالنهار؛ ليسجلوا أجلّ وأخلد سجل عرفته البشرية على الإطلاق، على امتداد تاريخها الطويل، فبعد كتاب الله جندوا أنفسهم وأقلامهم ليدونوا مصدر شريعتهم، ومنبع عزهم الدائم.
====
شبهات حول مسألة جمع السنة
الشبهة الأولى : شبهة النهى عن كتابة السنة

أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (3004) قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكتبوا عني غير القرآن , ومن كتب عني غير القرآن فليمحه )
وفى مسند أحمد (10701) : "لا تكتبوا عنى شيئاً سوى القرآن ، ومن كتب عنى شيئاً سوى القرآن فليمحه"
وقد استدل بعض المتشككين استناداً إلى ظاهر هذا على أن النبى صلى الله عليه وسلم قد نهى عن كتابة السنة.
ونسوا أو تناسوا الأحاديث الصحيحة الكثيرة التى تبين بما لا يدع مجالاً لشك أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر وأقر كتابة الحديث النبوى على عهده.

والرد على هذه الشبهة من وجهين:
أولاً : أن الصحابة كانوا يكتبون بعض تفاسير النبى صلى الله عليه وسلم فى نفس الورقة التى يكتب فيها القرآن. وأحياناً بشكل متداخل.
ولاشك أن هذا قد يؤدى إلى حدوث بعض الأخطاء واشتباه للقارئ وإدخال فى كلام الله ما ليس منه. فكانت التوجيهات النبوية بفصل هذا عن ذاك ، فمن كتب شيئاً من حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى ورقة مكتوب فيها قرآن فليمحها.

تناقض واضح

ثانياً : إن فى الاستدلال بهذا الحديث على عدم كتابة السنة خطأ كبير بل وتناقض أيضاً.
لماذا؟
لأن متن الحديث يفيد الأمر بعدم كتابة الحديث. أو ليس هذا نفسه حديثاً ، فلماذا كتب؟ ولماذا يتمسك به الطاعنون والمتشككون كدليل على عدم كتابة الحديث أو ليس هذا هو أيضاً حديث نبوى نقل إلينا كما نقلت آلاف الأحاديث الأخرى ، فلماذا يستدلون بهذا الحديث ويدعون ما عداه.
والإجابة : طبعاً لأنه فى ظاهره ، وعند سوء فهمه ، يساند بدعتهم. وهكذا أهل الأهواء والباطل دوماً ، يقفزون فوق الأدلة ويلوون أعناق النصوص وينتقون منها فقط ما يؤيد ويساند بدعتهم.
===
أدلة الأمر النبوى بكتابة السنة فى حياته

هناك أحاديث نبوية كثيرة تثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن السنة النبوية كتبت على عهد النبى صلى الله عليه وسلم.

التصريح لعبد الله بن عمرو بالكتابة

1- روى الإمام أحمد فى مسنده (6474 ، 6763) وأبو داود فى سننه (3646) والدارمى فى سننه (484) عن عبد الله بن عمرو قال كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال : "اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق".
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم : (اكتب).



مجلس كتابة صريح
عند النبى صلى الله عليه وسلم

2- أخرج الإمام احمد فى مسنده (6607) والدارمى (486) عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولا يعني قسطنطينية.

والشاهد هنا قول ابن عمرو : (نحن حول رسول الله نكتب).



الدليل الثالث :
الأمر بالكتابة لأبى شاة

3- وأخرج البخارى فى صحيحه (112 ، 2434 ، 6880) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين فإنها لا تحل لأحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لا تحل لأحد بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقيد فقال العباس إلا الإذخر فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه قلت للأوزاعي ما قوله اكتبوا لي يا رسول الله قال هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والشاهد قول النبى صلى الله عليه وسلم (اكتبوا لأبي شاه).


الدليل الرابع:
كتاب على رضى الله عنه

4- وأخرج البخارى (111 ، 1870 ، 3047 ، 3172 ، 3180 ، 6755 ، 6903 ، 6915 ، 7300) ومسلم (1370) عن على رضى الله عنه
عندما سألوه : هل ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولآل بيته شيئاً مكتوباً سوى القرآن؟
قال : ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم : "المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وقال ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل قال أبو عبد الله عدل فداء.
والشاهد قوله : (وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم).


الدليل الخامس : كتاب الصدقة

5- أخرج الترمذى فى سننه (621) ، وأبو داود (1568) ، وابن ماجة (1798 ، 1805) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قبض وعمر حتى قبض وكان فيه في خمس من الإبل شاة ..... الحديث

والشاهد قوله : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة).


الدليل السادس : صحيفة عمرو بن العاص

6- أخرج الترمذى (3529) عن أبي راشد الحبراني قال أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له حدثنا مما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فنظرت فإذا فيها إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال يا أبا بكر قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم.

والشاهد قوله : (فألقى إلي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ).


الدليل السابع :
كتابه صلى الله عليه وسلم لقبيلة جهينة

7- أخرج الترمذى (1729 ) وأبو داود (4127 ، 4128) والنسائى (4249 ، 4250 ، 4251) وهذا لفظه ، وابن ماجة (3613) عن عبد الله بن عكيم قال كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب.

والشاهد قوله : (كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم).


الدليل الثامن :
كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن

8- أخرج النسائى فى سننه (4846 ، 4853 ، 4854 ، 4855 ، 4856 ، 4857) عن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول ..... الحديث.

والشاهد قوله : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا).


الدليل التاسع : صحيفة عائشة

9- أخرج ابن ماجة فى سننه (1944) عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.

والحديث يبين أن الصحيفة كانت منذ عهد النبى أى قبل وفاته.


الدليل العاشر : حديث جابر بن عبد الله


10- أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (1507) عن جابر بن عبد الله قال : كتب النبي صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله ثم كتب أنه لا يحل لمسلم أن يتوالى مولى رجل مسلم بغير إذنه ثم أخبرت أنه لعن في صحيفته من فعل ذلك.

والشاهد : قوله : (كتب النبي صلى الله عليه وسلم).
===
والشاهد العام من كل هذه الأحاديث الصحاح هو :

1- يقينية مسألة كتابة السنة فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم.
2- تواتر الأدلة حول هذه المسألة.
3- تعدد مرات الكتابة حسب مقتضى كل موقف.
4- قد تكون الكتابة تصريح لصحابى بعينه أو لأهل بلد بعينهم أو للجميع.
ويكفينا هنا ما رواه الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه عن مسألة التعريف برجال الإسناد حيث قال : (حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح حدثنا إسمعيل بن زكرياء عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم).
ومحمد بن سيرين الذى ذكر هذا الكلام توفى فى 110هـ وهو يخبر عمن سبقه يعنى عن أناس عاشوا فى القرن السابق أى فى القرن الأول الهجرى







 
قديم 07-03-07, 04:08 PM   رقم المشاركة : 4
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


فائدة: الفرق بين الكتابة و التدوين:

الكتابة هي أن يكتب الإنسان ما يريد كتابته في أوراق متفرقة دون ضمٍ بين دفتَيّ كتاب، وهذا ما يسمى بالكتابة المطلقة. أما التدوين فهو جمع ما يراد كتابته مرتباً بين غلافين في كتاب واحد.
من هنا كان خلط المستشرقين بين الكتابة والتدوين، لجهلهم باللغة العربية - إن حسنَّا الظن بهم- فقالوا إنَّ الحديث لم يُكتَب إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض عصر الصحابة والحقيقة أنَّ الحديث كُتِبَ ولكنه لم يُدَوَّن أي لم يُجمَع بين دفتي كتاب. ولقد كان عند سيدنا علي رضي الله عنه صحيفة تسمى " الصحيفة الصادقة " ولكنها ليست صحيفة واحدة فقد كان مكتوب فيها مجموعة أحاديث متفرقة، وكثيرون آخرون من الصحابة كانوا يكتبون أيضاً.



تدوين الحديث

هل تعرف الفرق بين الكتابة والتدوين؟

وهل تعرف أن كتابة الحديث الشريف كانت موجودة من أيام النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه وإنما التدوين بمعنى التصنيف هو الذي بدأ متأخرا
ولمعلوميتك فقد نشر موسى آل علي كتابا للجلالي يدحض فيه كثيرا من مفترياتكم التي لفقتموها من كلام المستشرق اليهودي مرجليوث وجولد تسيهر وأذنابها من العلمانيين
ثم تعال وقل لي متى بدأ تدوينكم للمرويات
وهل قرأت كتاب كسر الصنم الذي نسف فيه مؤلفه أحاديث الكافي حديثا حديثا؟
وهل قرأت كتاب البرهان في الرد على ما وصف به ابي هريرة من البهتان؟
مرحلة الكتابة الفردية
في بادئ الأمر كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يكتبون عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن، امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).‏
وقد نُهوا عن كتابة الحديث لكيلا يختلط القرآن بالسنة، وهم حديثو عهد بالقرآن وأسلوبه، ولم يذع القرآن، ولم ينتشر على ألسنتهم بعد. ولكن لما شاع القرآن بين المسلمين، وأصبحوا يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، سمح لهم بكتابة الحديث، بل أمر به بعضهم في بعض المناسبات.‏
روى البخاري ومسلم وغيرهما أن أبا شاه اليمني التمس من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئا مما سمعه من خطبته عام فتح مكة، فقال صلى الله عليه وسلم: (اكتبوا لأبي شاه).‏
وقد كتب بعض الصحابة الحديث، وثبت امتلاك عدد منهم لصحف خاصة، دونوا فيها أحاديثه صلى الله عليه وسلم.‏
روى البخاري عن أبي هريرة أنه قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب).‏
وكان لعبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة يسميها الصادقة، وذكر مسلم في صحيحه كتابا في قضاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه.‏
وقد كانت كتابة الحديث في عصر الصحابة رضوان الله عليهم كتابة فردية لم تأخذ الصفة الرسمية العامة.‏
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرحت فكرة جمع السنة من قبل الدولة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستشار الصحابة في ذلك، ولبث يستخير الله في ذلك شهرا، ثم عدل عن ذلك خشية اشتباه السنة بالقرآن، في زمن لم ينته فيه الصحابة من جمع القرآن وتحريره في مصحف واحد.‏
وهكذا تناقل الصحابة الحديث شفاها مع بعض الكتابات الفردية المتفرقة، واستمر الأمر على ذلك إلى أوائل عصر التابعين.‏
مرحلة التدوين الرسمي
لما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز سنة تسع وتسعين هجرية، أمر بجمع الحديث وتدوينه، قال البخاري: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم [ت:120هـ]: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء. وأبو بكر بن حزم كان نائب عمـر بن عبد العزيز في الإمارة والقضاء على المدينة، وتوفي عمر بن عبد العزيز قبل أن يبعث إليه ما كتبه. ‏
وأول من استجاب لهذا الطلب الرسمي عالم الحجاز والشام، محمد بن مسلم بن شهاب الزهري [ت:124هـ]، ثم شاع التدوين في الطبقة التي بعده.‏
وممن جمع الحديث في الأمصار، ابن جريج في مكة. وابن إسحاق في المدينة [ت:150هـ]، والربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، [ت:167هـ]، وسفيان الثوري [ت:161هـ] في الكوفة. والأوزاعي [ت:157هـ] في الشام. وهشام ومعمر باليمن. وكان هؤلاء في عصر واحد ولا يدرى أيهم أسبق في التصنيف.‏
وميزة التدوين في هذا العصر أن الحديث كان ممزوجا غالبا بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين كما في موطأ الإمام مالك.‏
ثم عني العلماء بعد عصر التابعين بإفراد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتجريدها من الفتاوى وأقوال الصحابة والتابعين.‏
ويعد القرن الثالث الهجري العصر الذهبي لتدوين السنة، حيث وقف عدد من العلماء حياتهم وجهودهم على طلب السنة والرحلة من أجلها، ومن هؤلاء الإمام البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود، والنسائي، وأحمد بن حنبل وغيرهم.‏
‏(الحديث النبوي، للدكتور محمد لطفي الصباغ)‏
تثبت السلف في أمر الحديث
يلاحظ الباحث المتفحص أن الأسس والأركان الرئيسة لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز والسنة النبوية، فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} (الحجرات:6). وجاء في السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (نضَّرَ الله امرءًا سمع مِـنـا شيئًا فبَلَّغَه كما سمعه، فربَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع) (رواه الترمذي)، وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار) (رواه البخاري ومسلم).‏
فقد دلت هذه النصوص الشرعية ونحوها على مبدأ التثبت في الأخبار، وعلى أهمية الدقة والضبط في تلقي الأحاديث وحفظها، وفي روايتها ونقلها للآخرين.‏
وامتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد كان للصحابة رضوان الله عليهم عناية شديدة في تلقي الحديث وتحمله، وفي أدائه ونقله إلى من لم يبلغه. وكان لهذا التثبت مظاهر متعددة، منها:‏
التثبت في رواية الحديث
نظراً لشدة تدقيق الصحابة وتثبتهم في رواية الحديث، أقلوا من الرواية، وأنكروا على من أكثر منها، إذ الإكثار مظنة الخطأ، والخطأ في الحديث عظيم الخطر. روى البخاري عن عبد الله بن الزبير أنه قال: قلت للزبير -أبيه- إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان، فقال: أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: (من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار). وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعمّد عليّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار). وهكذا ينبغي أن يكون المسلم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدقق ويتحرى، ويعتني في نقله لأحاديثه وأخباره، كما كان السلف رضي الله عنهم يفعلون.‏
التثبت في سماع الأخبار وقبولها
روى مسلم في مقدمة صحيحه عن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس! ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.‏
ذكر البخاري في صحيحه في كتاب العلم، أن جابر بن عبد الله رحل مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في طلب حديث واحد.‏
الاهتمام بالإسناد
جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين: قال: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم). والفتنة المشار إليها في هذا الأثر هي فتنة مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.‏
علم الجرح والتعديل
تعريفه: هو علم يبحث في جرح الرواة وتعديلهم، ومن يقبل حديثه ومن يرد.‏
الجرح: وصف الراوي بما يقتضي رد حديث وعدم قبول روايته.‏
التعديل: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته والاحتجاج بحديثه.‏
أهميته: علم الجرح والتعديل هو الميزان الدقيق لقبول الحديث من محدثه أو رده، ولولاه لأدخل الزنادقة وأهل الضلال من الأهواء على الحديث ما ليس منه.‏
ثمرته: صيانة الشريعة، وتمييز صحيح الحديث وضعيفه.‏
متى تقبل رواية الراوي؟‏
تقبل رواية الراوي بشرطين: أن يكون عدلا في دينه، ضابطا فيما يرويه.‏
العدالة: أن يكون الراوي مسلما، بالغا، عاقلا، سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة.‏
الضبط: أن يكون متيقظا حافظا، غير مخالف للثقات، ولا فاحش الغلط، ولا مغفلا، ولا كثير الأوهام. والضبط نوعان:‏
ضبط صدر: وهو أن يحفظ ما سمعه من الحديث، بحيث يمكنه استحضاره متى شاء.‏
ضبط كتاب: وهو أن يصون كتابه بعد ما قرأه وصححه، إلى أن يروى منه.‏
المراجع :‏
لمحات في أصول الحديث، د. محمد أديب الصالح.‏
تيسير مصطلح الحديث، د. محمود الطحـــان.







 
قديم 07-03-07, 04:09 PM   رقم المشاركة : 5
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


محب العثيمين
--------------------------------------------------------------------------------

الرد المنتقى عن عدم تدوين أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فتعتبر علوم الحديث النبوي الشريف من العلوم الإسلامية الهامة، يؤكد ذلك نصوص القرآن ونصوص السنة وإجماع الأمة، وأن جميع المسلمين ينظرون إلى الحديث النبوي الشريف نظرة توقير وتبجيل، باعتبار أنه المصدر الثاني للتشريع، بعد القرآن الكريم.

ويتفق جميع المشتغلين بعلوم الحديث النبوي على تعريف الحديث بأنه:
"أقوال النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخِلقية، والخُلقية"
والمراد من "أقواله": كل ما نُسِب إليه (صلى الله عليه وسلم) أنه تلفظ به، مهما كان موضوع هذا التلفظ؛ في العقائد أو الأحكام أو الآداب العامة، أو في صفات الجنة أو النار، أو غير ذلك. مثل قول الصحابي: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها".
والمراد من "أفعاله" : مـا نٌسِب إليه (صلى الله عليه وسلم) أنه فعله أو عمله، مثل وصف الصحابي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأنه "كان إذا صلّى فرّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه".
والمراد من "تقريراته" (ومفردها تقرير): أن يقول الصحابي قولاً أو يفعل فعلاً أمام النبي (صلى الله عليه وسلم)، أو في غيبته ويُخبر به، فيسكت عن ذلك القول أو الفعل، ولايعترض عليهما، فيعتبر هذا السكوتُ موافقةً منه على ذلك الفعل أو القول، لأن المعروف عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يُقِرّ أحدًا على قولٍ أو فعلٍ لم يرضَ عنه. ومن أمثلة تقريراته لأقوال الصحابة؛ إقراره أشعارَ حسّان بن ثابت (رضي الله عنه) التي كان يهجو بها مشركي قريش، وإقرارُه تعليم أبي بكر الصديق حسانًا أنساب قريش لينظمها له شعرأً. ومن تقريراته لأفعال الصحابة؛ إقرارُه عائشة على اللعب بالبنات (وقد كانت تصنع هذه الألعاب من الخرق وقطع القماش على صورة بنات)، ومنها إقرارُه أكل الضب على مائدته.
والمراد من "صفاته الخَلقية": هيئته (صلى الله عليه وسلم) التي خلق عليها، مثل لون بشرته، ونعومة ملمسه، ومقدار طوله (صلى الله عليه وسلم).
والمراد من "صفاته الخُلُقِيَّة": ما كان فيـه مـن الأخلاق الكريمة، والسجايا الحميدة -وكل أخلاقه من هذا القبيل- مثل شدّة حيائه، وكثرة تواضعه، وعطفه على الفقراء والأرامل واليتامى، وشجاعته وكرمه.
كتابة الحديث بين النهي والإباحة:
ولا يخالف أحد من المؤرخين وأهل العلم في أن السنة لم تدون في دواوين خاصة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا حتى في عهد الصحابة وكبار التابعين ، وإنما بدأ هذا التدوين بمعناه الصحيح في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، الذي أمر بجمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلف بذلك أهل العلم والثقة والإتقان كالإمام الزُّهْري وغيره .
وأما في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تدوين الصحابة رضوان الله عليهم للسنة وكتابتهم، مر بمرحلتين مهمتين :
- مرحلة النهي عن الكتابة .
- مرحلة نسخ النهي والسماح بها .
أولاً : مرحلة النهي عن الكتابة :
كانت هذه المرحلة في بداية الأمر ؛ حيث نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث خشية الخلط بين السنة والقرآن ، ولأمور واعتبارات أخرى ، وعمدة هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ، وهو أصح ما ورد في هذا الباب .
وعن أبي سعيد قال : " جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة فأبى " ، وفي رواية عنه قال : " استأذنَّا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا "
ثانياً : نسخ النهي والسماح بالكتابة :
وهذه المرحلة جاءت بعد أن استقرت الدعوة ، وارتفعت المحاذير المتوقعة من كتابة السنة في أول الأمر ، فعند ذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة ، وقد ذكر أهل العلم أحاديث الإباحة وجواز الكتابة ، وبَوَّب الإمام البخاري بابا في صحيحه قال : "باب كتابة العلم " وذكر أحاديث عدة تدل على جواز الكتابة .
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله ابن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش عن ذلك ، وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصعبه إلى فيه ( أي فمه ) فقال : ( اكتب .. فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ) .
ومما يدل على إباحة الكتابة أيضاً أن بعض الصحابة كانت لهم صحائف كتبوا فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعوه أو بعضه ، فكان لعبد الله ابن عمرو صحيفة تسمى ( الصادقة ) ، رواها عنه حفيده عمرو بن شُعَيب ، وكان لجابر بن عبد الله الأنصاري صحيفة ، وكذلك أنس بن مالك كانت له صحيفة وكان يبرزها إذا اجتمع الناس .
بين النهي والإباحة :
وقد نظر أهل العلم في أحاديث النهي عن الكتابة وأحاديث الإباحة وجمعوا بين الأحاديث من عدة أوجه :
الوجه الأول :
ذهب الأغلب إلى أن النهي كان في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن ، فلما أُمِن الالتباس ، سمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بتدوين الحديث وكتابته ، فكانت أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث المنع .
وممن ذهب إلى هذا الإمامان الجليلان النووي وابن حجر عليهما رحمة الله ، وطائفة كبيرة من أهل العلم .
الوجه الثاني :
وذهب قوم إلى أن النهي إنما كان عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة ؛ لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية ، فربما كتبوه معها ، فنُهوا عن ذلك لخوف الاشتباه .
الوجه الثالث :
أن النهي كان في حق من يوثق بحفظه مخافة أن يتَّكل على الكتابة ، وأما الإذن فهو في حق من لا يوثق بحفظه .
والخلاصة أن أوْلى الأقوال ، هو القول بالنسخ ، حيث كان النهي في بداية الأمر ثم نسخ بعد ذلك ، لزوال المحذور من الكتابة ، ويؤيد هذا عموم الألفاظ ، وأنها متأخرة في الزمن ، وهو قول أكثر أهل العلم .
ومن هنا يتبين بطلان قول من قال : إن السنة لم تدون في عصر الرسالة ، والحق أنها دونت لكن ليس بالصورة التي تمت فيما بعد في عصور التدوين ، غير أن من المجمع عليه أنها كانت محفوظة في الصدور ، وفي بعض الصحائف والسطور في عصر الصحابة ، وتلقاها عنهم التابعون ، ثم بدأ التدوين في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله
معنى التدوين:
فيقصد به جمع الأحاديث في ديوان واحد وهو غير الكتابة لأن الكتابة مجهود فردي حيث يقوم الراوي بكتابة مسموعاته في كتاب لنفسه.
وأول من عزم على تدوين الحديث عبدالعزيز بن مروان وكان أميراً على مصر إلا أنه مات قبل أن ينفذ عزمه فشرع في هذا العمل ولده الخليفة عمر بن عبدالعزيز (توفي سنة101هـ) وكان الدافع لهذا التدوين أمران:
1- صيانة الحديث بعد أن اتسعت رواياته من أن يختلط الصحيح منه بالموضوع، ويروى عن ابن شهاب الزهري أنه قال: "لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها ولا نعرفها ما كتبت حديثاً ولا أذنت في الكتابة"
2- الخوف على الحديث من الضياع بموت علمائه ورواته، وعندما أمر عمر بن عبدالعزيز بالتدوين كتب إلى أهل المدينة يقول " انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبوه، فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله".
وكان على رأس المحدثين الذين ندبهم عمر بن عبدالعزيز لهذه المهمة أبو بكر بن محمد بن حزم ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وكان في كتاب عمر إلى أبي بكر بن محمد بن حزم: " انظروا ما كان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فأكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وَلْتُفشوا العلم ولتجلسوا حتى يُعَلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً "، وقد أمر عمر أبا بكر بن محمد بن حزم أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبدالرحمن والقاسم بن محمد فكتب له - وقد نشأت عمرة في حجر عائشة رضي الله عنه وكانت من أثبت الناس في حديث عائشة وأما القاسم بن محمد فهو ابن أخي عائشة وكان عالم زمانه زمن فقهاء المدينة السبعة (توفي سنة 103هـ)
تم بحمد من الله وفضل.
جمعه العبد الفقير الراجي عفو ربه، "أبو محمد" محب العثيمين
---------------------------------------------------------------------------------------
المراجع:
1-شبكة سحاب الإسلامية
2-الشبكة الإسلامية
3-شبكة طريق القرآن







 
قديم 07-03-07, 04:09 PM   رقم المشاركة : 6
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


السؤال
هل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة؟ ولو كان ذلك فكيف تمت كتابتها مع نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ ويرجى ذكر حديث المنع أو الجواز. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد تكفَّل بحفظ السنة النبوية من النسيان والضياع، فقال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9]، والذكر هنا القرآن والسنة كما قال علماء التفسير، فقيض الله تعالى للحديث النبوي رجالاً سهروا الليالي ووجهوا للحديث العناية التامة حفظاً وإتقاناً وفهماً وتبليغاً للأمة، فتناقلها الخلف عن السلف غضة طرية، كما تكلم بها النبي – صلى الله عليه وسلم-، وقد كان حفظ السنة بطريقتين:
الأولى: بكتابة شيء منها، وقد ورد هذا في أحاديث متعددة منها ما أمر به – صلى الله عليه وسلم- ومنها ما أقر أصحابه على كتابه وتدوينه ومن ذلك:
(1) حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة قام وخطب في الناس، فقام رجل فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: اكتبوا له، رواه البخاري ومسلم وغيرهما، أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح(112)، ومسلم في الحج باب تحريم مكة ح(1355).
(2) قول أبي هريرة – رضي الله عنه-: "ما من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" رواه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح(113).
(3) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- فأومأ بإصبعه إلى فيه، وقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق" أخرجه أبو داود ح(3646)، وابن أبي شيبة(9/49-50)، والدارمي(1/125)، وأحمد(2/162) والحاكم(1/105-106)، وإسناده صحيح.
(4) وقد ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه كتب كتباً متعددة إلى أمرائه على الأقاليم ببعض الأحكام الشرعية وهي من السنة قطعاً، كما إن في بعضها تفصيلاً طويلاً كما في كتاب عمرو بن حزم وهو كتاب مشهور، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة لا يسع المجال لذكرها.

وأما حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- الذي رواه مسلم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه...الحديث" أخرجه مسلم في الزهد والرقائق،باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ح(93)، وهذا هو أصح حديث في النهي عن كتابة الحديث، وهناك أحاديث أخرى لكنها ضعيفة لا تصح ولا تثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم-.
وحديث أبي سعيد –رضي الله عنه- هذا وإن كان رواه مسلم فقد رجَّح عدد من أئمة الحديث كالإمام البخاري وغيره أن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- وأن الصحيح فيه أنه من قول أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، وعلى هذا فلا حجة فيه؛ لأن قول الصحابي ليس بحجَّة كقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم خصوصاً إذا خالف قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- وقد عارض قول أبي سعيد هذا الأحاديث التي قدمنا ذكرها وهي صحيحة لا مطعن فيها. والنهي الوارد في حديث أبي سعيد لو صح مرفوعاً إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-، فقد بين العلماء المراد منه والجواب عليه، فمما قالوا في ذلك:
أن هذا النهي عن كتابة الحديث إنما كان في أول الإسلام؛ مخافة أن يختلط الحديث بالقرآن، فلما كثر عدد حفاظ القرآن، وميزوا القرآن من غيره نسخ هذا النهي، وأمروا بالكتابة.
وقال بعض العلماء: يمكن أن يكون النهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لأنهم كانوا يسمعون تفسير الآيات فربما كتبوه معه، فنهوا عن ذلك خوف الاشتباه، ويؤيد هذا أنه قال – صلى الله عليه وسلم-: "لا تكتبوا شيئاً غير القرآن"، ولم يقل لا تكتبوا حديثي فقط.
ومع هذا فقد ثبت لدينا أن عبدالله بن عمرو بن العاص كان يكتب الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- بأمره عليه الصلاة والسلام وتوجيهه، ولما توقَّف عن الكتابة أعاد عليه الأمر مرة أخرى.
ومع وجود بعض الأحاديث مكتوباً فإن الأعم الأغلب من السنة لم يكن مدوناً في الصحف والسطور، وإنما كان محفوظاً في الصدور وهذه هي الطريقة الثانية في حفظ السنة وهي الاعتماد على الحفظ، فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يدعو أصحابه إلى حفظ الحديث ووعيه في الصدور، ففي صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال لوفد عبد القيس لما حدثهم بحديث: "احفظوه وأخبروه من ورائكم" أخرجه البخاري ح(87).
بل إنه عليه الصلاة والسلام دعا لمن حفظ حديثه وبلَّغه إلى غيره، فعن زيد بن ثابت وابن مسعود وغيرهما – رضي الله عنهم- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره . الحديث" حديث زيد بن ثابت أخرجه أبو داود ح(3660)، والترمذي ح(2656) وابن ماجة ح(230)وح(233)، وحديث ابن مسعود أخرجه الترمذي ح(2657)، و(2658)، وغيره.
ومن ثم كان الصحابة – رضي الله عنهم- حريصين غاية الحرص على سماع حديث رسول – صلى الله عليه وسلم- وحفظه وتبليغه، وذلك لفرط محبتهم للرسول – صلى الله عليه وسلم- بل كان حبه يعلو حبهم للأهل والأبناء والأموال، وكانوا – رضي الله عنهم- يعتمدون على ملكة الحفظ والاستظهار، وقد وهبهم الله تعالى قوة في الحفظ وسيلاناً في الأذهان وصفاء في القريحة، مما جعلهم أكثر من غيرهم في هذا، كما أنهم لم تكن متوفرة لديهم بشكل عام أدوات الكتابة، كما إن عامتهم لم يكونوا يعرفون الكتابة أصلاً، وهذا الأمر كان في العرب عموماً أعني قوة الحفظ وعدم الكتابة، ولهذا يسمى العرب الأميون، كما قال تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم..." [الجمعة: 2]، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب..."أخرجه البخاري(1913)، ومسلم ح(1080)، وأبو داود ح(2319)، والنسائي ح(2140).
فكل هذه العوامل الدينية والفطرية والاجتماعية والنفسية ساعدت على حفظ الصحابة – رضي الله عنهم- للأحاديث النبوية أتم الحفظ، واستظهارها أقوى استظهار.
ثم إن الطريقة الأولى في حفظ السنة سادت وانتشرت شيئاً فشيئاً، فكان ابتداؤها في عهد الصحابة –رضي الله عنهم- كما قدمنا، حتى إن بعض الصحابة –رضي الله عنهم- كان لهم صحائف وكتب جمعوا فيها أهم الأحاديث مثل: الصحيفة الصادقة التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- والتي فيها أكثر من ألف حديث، وكذلك كان لأبي هريرة – رضي الله عنه- صحيفة جمع فيها بعض حديثه، وكذلك جابر بن عبد الله وسمرة بن جندب وغيرهم، كما كانت لهم صحائف فيها بعض حديثهم.
ولما جاء عهد التابعين اهتم علماء الحديث بكتابة السنة أكثر، فكان كل عالم يكتب ما وصله من الحديث ويدونه خشية النسيان أو الضياع، حتى جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله – (ت101)، فأصدر أمراً إلى علماء الأمصار يأمرهم فيه بجمع الأحاديث، ثم بعد هذا تطور تدوين الحديث وكتابته، حتى إن العلماء جمعوه على أبواب العلم، ومن هذه الكتب على سبيل المثال موطأ الإمام مالك المولود عام 93 للهجرة، والذي جمع فيه مالك – رحمه الله- ما صح عنده من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وجمع غيره من العلماء في باقي بلدان المسلمين، كمكة والكوفة والبصرة وبغداد ودمشق وغيرها.
وما زال تدوين الحديث في اتساع حتى صار الحفظ لوحده على نطاق ضيق جداً، وأصبحت العناية بضبط الكتب وحفظها من الضياع أو التلاعب، وكانوا يهتمون بذلك حتى إن أحدهم لا يعير كتابه لأحد إلا لمن يثق فيه ثقة تامة، وكان العلماء يقرئون تلاميذهم كتبهم ثم يسجلون عليها سماعاتهم بعد التثبت من ضبط التلميذ لما كتبه من الحديث، وأنه لا يوجد فيه تصحيف أو خطأ، وبقيت هذه الكتب إلى يومنا هذا شاهدة على عناية أمة الإسلام بالسنة النبوية وبتراث النبوة، فالحمد لله أولا وآخراً على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وصلى الله على نبينا محمد وسلَّم تسليماً.







 
قديم 07-03-07, 04:11 PM   رقم المشاركة : 7
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


شبهات حول حجية السنة 1
...................................

ظهرت في حِقَب من التاريخ الإسلامي فرق وطوائف أنكرت السنة والاحتجاج بها ، فمنهم من أنكرها صراحة ودعا إلى نبذها بالكلية سواءً
أكانت متواترة أم آحادية زعماً منهم أنه لا حاجة إليها ، وأن في القرآن غنية عنها ، ومنهم رأى الحجية في نوع منها دون غيره .
وكان أول من تعرض لهذه المذاهب وردَّ على أصحابها ودحض شبهاتهم الإمام الشافعي رحمه الله حيث عقد فصلاً خاصاً في كتاب " الأم "
ذكر فيه مناظرة بينه وبين بعض من يرون ردَّ الأخبار كلِّها ، كما عقد في كتاب " الرسالة "فصلاً طويلاً في حجية خبر الآحاد .
وكادت تلك الطوائف التي أنكرت السنة جملة أن تنقرض ، حتى نبتت نابتة جديدة - في عصرنا الحاضر - غذَّاها الاستعمار بنفسه وأيدها
مادياً ومعنوياً ، في محاولة منه للقضاء على الإسلام وهدم أصوله وأركانه .
وكان أحد هؤلاء الذين دعوا إلى ترك الحديث والاعتماد على القرآن فقط : الدكتور توفيق صدقي الذي كتب مقالين في مجلة المنار بعنوان "
الإسلام هو القرآن وحده " .
وتبع ذلك ظهور جماعة في شبه القارَّة الهندية دعت إلى الأخذ بالقرآن فقط ، وأنكرت أن يكون للأحاديث أي قيمة تشريعية ، وهم الذين
عرفوا بـ " بالقرآنيين " أو " جماعة أهل القرآن " ، مردِّدين نفس الحجج والشبه التي استند إليها توفيق صدقي .
ومن ذلك ما فهموه من قوله تعالى { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } (الأنعام 38) ، وقوله سبحانه : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ }
(النحل 89).
فقالوا : إن هذه الآيات وأمثالها تدل على أن الكتاب قد حوى كل شيء من أمور الدين ، وكلَّ حُكم من أحكامه ، وأنه بيَّن ذلك وفصَّله بحيث
لا يحتاج إلى شيء آخر ، وإلا كان الكتاب مفرِّطاً فيه ، ولما كان تبياناً لكل شيء ، فيلزم الخُلْف في خبره سبحانه وتعالى .
وجواباً على هذه الشبهة يقال : ليس المراد من الكتاب في قوله تعالى: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } (الأنعام 38) القرآن ، وإنما المراد
به اللوح المحفوظ ، فإنه هو الذي حوى كل شيء ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها ، جليلها ودقيقها ، ماضيها
وحاضرها ومستقبلها ، على التفصيل التام ، بدلالة سياق الآية نفسها حيث ذكر الله عز وجل هذه الجملة عقب قوله سبحانه : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } (الأنعام 38) أي مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها ، كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم
كل ذلك مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ لا يخفى على الله منه شيء .
وعلى التسليم بأن المراد بالكتاب في هذا الآية القرآن ، كما هو في الآية الثانية وهي قوله سبحانه : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ }
(النحل 89) فالمعنى أنه لم يفرِّط في شيء من أمور الدِّين وأحكامه ، وأنه بيَّنها جميعاً بياناً وافياً .
ولكن هذا البيان إما أن يكون بطريق النص مثل بيان أصول الدين وعقائده وقواعد الأحكام العامة ، فبيَّن الله في كتابه وجوب الصلاة والزكاة
والصوم والحج ، وحِلِّ البيع والنكاح ، وحرمة الرِّبا والفواحش ، وحِلِّ أكل الطيبات وحُرْمة أكل الخبائث على جهة الإجمال والعموم ، وتَرَك
بيان التفاصيل والجزئيات لرسوله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا لما قيل لمُطَرِّف بن عبد الله بن الشِخِّير : " لا تحدثونا إلا بالقرآن قال : والله ما نبغي بالقرآن بدلاً ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن .
وروي عن عمران بن حصين أنه قال لرجل يحمل تلك الشبهة : إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ، ثم
عدد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ، ثم قال أتجد هذا في كتاب الله مفسَّرا ، إن كتاب الله أبهم هذا وإن السنة تفسر ذلك " .
وإما أن يكون بيان القرآن بطريق الإحالة على دليل من الأدلة الأخرى التي اعتبرها الشارع في كتابه أدلة وحُجَجاً على خلقه .
فكل حكم بينته السنَّة أو الإجماع أو القياس أو غير ذلك من الأدلة المعتبرة ، فالقرآن مبَيِّن له حقيقة ، لأنه أرشد إليه وأوجب العمل به ،
وبهذا المعنى تكون جميع أحكام الشريعة راجعة إلى القرآن .
فنحن عندما نتمسك بالسنة ونعمل بما جاء فيها إنما نعمل في الحقيقة بكتاب الله تعالى ، ولهذا لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : "
لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله " بلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت
إليه وقالت : إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت ، فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هو في كتاب الله
، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، أما قرأتِ { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ( الحشر 7) ؟! قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه .
وحُكِي أن الشافعي رحمه الله كان جالساً في المسجد الحرام فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم فيه من كتاب الله تعالى ، فقال رجل : ما
تقول في المُحْرِم إذا قتل الزُّنْبُور ؟ فقال لا شيء عليه ؟ فقال : أين هذا في كتاب الله ؟ فقال : قال الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } (
الحشر 7) ، ثم ذكر إسناداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) رواه الترمذي
وغيره ، ثم ذكر إسناداً إلى عمر رضي الله عنه أنه قال " للمُحْرِم قتل الزُّنْبُور " فأجابه من كتاب الله .
قال الإمام الخطابي رحمه الله " أخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانَه الكتابُ ، إلا أن البيان على ضربين : بيان جَلِيّ
تناوله الذكر نصاً ، وبيان خفِيّ اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً ، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم - وهو معنى قوله سبحانه : { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (النحل44) ، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى
وجهي البيان " أهـ .
وبذلك يتبين ضلال هؤلاء وسوء فهمهم وتهافت شبهاتهم ، وأنه لا منافاة بين حجية السنة وبين كون القرآن تبياناً لكل شيء ، والحمد لله أولاً
وآخراً .
===================
شبهات حول حجية السنة 2
تقدمت الإشارة - في الجزء الأول من هذا الموضوع - إلى بعض الشبه التي استند إليها منكروا حجية السنة في العصر الحديث ، حيث
استدلوا ببعض الآيات التي أساءوا فهمها وتأوَّلوها على غير وجهها ، محرفين فيها الكلم عن مواضعه .
وإضافة إلى ما استدلوا به من آيات ، فقد تمسكوا أيضاً بجملة أخبارٍ منسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تؤيد - بحسب زعمهم - ما
ذهبوا إليه من عدم الاحتجاج بالسنة ، ووجوب عرض ما جاء فيها على كتاب الله .
ومن هذه الأخبار ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا اليهود فحدّثوه فخطب الناس فقال : ( إن الحديث سيفشو عنِّي ، فما أتاكم يوافق
القرآن فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي ) ، فقالوا : إذا أثبتت السنة حكماً جديداً فإنها تكون غير موافقة للقرآن ، وإن لم تثبت
حكماً جديداً فإنها تكون لمجرد التأكيد فالحجة إذاً في القرآن وحده .
ومن هذه الأخبار التي استدلوا بها ما روِي أنه - صلى الله عليه وسلم- قال : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ، قلته أم لم أقله
فصدّقوا به ، فإني أقول ما يُعرَف ولا يُنكَر ، وإذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدِّقوا به ، فإني لا أقول ما يُنكَر ولا يُعرَف )
، فقالوا هذا يفيد وجوب عرض الحديث المنسوب إليه - صلى الله عليه وسلم - على المستحسن المعروف عند الناس من الكتاب أو العقل ،
فلا تكون السنة حجَّة حينئذ .
ومن تلك الأخبار أيضاً ما رُوِي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ، ولا أحرِّم إلا ما حرَّم الله في
كتابه ) ، وفي رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ، فإني لا أحلُّ لهم إلا ما أحلَّ الله ولا أحرَّم عليهم إلا ما حرَّم الله ) .
هذه هي خلاصة الشبه التي أوردوها ، وهي شبه ضعيفة متهافتة لا تثبت أمام البحث والنظر الصحيح ، وتدل على مبلغ جهلهم وسوء فهمهم
.
وجواباً على ما أوردوه من أحاديث يقال :
أما الحديث الأول : ( إن الحديث سيفشو عني .... ) فإن أحاديث العرض على كتاب الله ، كلها ضعيفة لا يصح التمسك بشيء منها كما ذكر
أهل العلم ، فمنها ما هو منقطع ، ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول ، ومنها ما جمع بين الأمرين ، وقد بَيَّن ذلك ابن حزم ، و
البيهقي ، و السيوطي ، وقال الشافعي في الرسالة : " ما روَى هذا أحدٌ يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وإنما هي رواية منقطعة عن
رجل مجهول ونحن لا نقبل هذه الرواية في شيء " ، بل نقل ابن عبد البر في جامعه عن عبد الرحمن بن مهدي قوله : " الزنادقة والخوارج
وضعوا هذا الحديث " ، ثم قال : " وهذه الألفاظ لا تصح عنه - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه " .
بل إن الحديث نفسه يعود على نفسه بالبطلان ، فلو عرضناه على كتاب الله لوجدناه مخالفاً له ، فلا يوجد في كتاب الله أن حديث رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - لا يقبل منه إلا ما وافق الكتاب ، بل إننا نجد في القرآن إطلاق التأسي به - صلى الله عليه وسلم - ، والأمر بطاعته
، والتحذير من مخالفة أمره على كل حال ، فرجع الحديث على نفسه بالبطلان .
ومما يدل على بطلانه كذلك معارضته الصريحة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري
مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) رواه أبو داود .
وعلى التسليم بصحة الخبر فليس المراد منه أن ما يصدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم نوعان : منه ما يوافق الكتاب فهذا يُعمل به ،
ومنه ما يخالفه فهذا يُردُّ ، بل لا يمكن أن يقول بذلك مسلم ، لأن في ذلك اتهاماً للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه يمكن أن يصدر عنه ما
يخالف القرآن ، وكيف لمؤمن أن يقول ذلك وقد ائتمنه الله على وحيه ودينه وقال له : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي } (يونس
15) .
فالرسول عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، ولا يمكن أن يوجد خبر صحيح ثابت عنه مخالفٌ لما في القرآن
.
فيكون معنى الحديث إذاً : " إذا رُوِي لكم حديث فاشتبه عليكم هل هو من قولي أو لا فاعرضوه على كتاب الله ، فإن خالفه فردُّوه فإنه ليس
من قولي " ، وهذا هو نفسه الذي يقوله أهل العلم عندما يتكلمون على علامات الوضع في الحديث ، فإنهم يذكرون من تلك العلامات أن يكون
الحديث مخالفاً لمحكمات الكتاب ، ولذلك قال " فما أتاكم يوافق القرآن : فهو عنِّي ، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عنِّي".
وعندما نقول : إن السنة الصحيحة لابدَّ وأن تكون موافقة للقرآن غير مخالفة له ، فلا يلزم أن تكون هذه الموافقة موافقة تفصيلية في كل
شيء ، فقد تكون الموافقة على جهة الإجمال ، فحين تبين السنة حكماً أجمله القرآن ، أو توضِّح مُشْكِلاً ، أو تخصص عامَّاً ، أو تقييد مطلقاً ،
أو غير ذلك من أوجه البيان ، فهذا البيان في الحقيقة موافق لما في القرآن ، غير مخالف له .
بل حتى الأحكام الجديدة التي أثبتتها السنة ودلَّت عليها استقلالاً ، هي أيضاً أحكام لا تخالف القرآن ، لأن القرآن سكت عنها على جهة
التفصيل ، وإن كان قد أشار إليها وتعرض لها على جهة الإجمال حين قال : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ( الحشر 7)
.
وأما الحديث الثاني : ( إذا حُدِّثتم عنِّي حديثاً تعرفونه ولا تنكرونه ....) ، فرواياته ضعيفة منقطعة كما قال البيهقي و ابن حزم وغيرهما ،
فضلاً عما فيه من تجويز الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - وذلك في عبارة : ( ما أتاكم من خبر فهو عنِّي قلته أم لم أقله ) ، وحاشا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمح بالكذب عليه وهو الذي تواتر عنه قوله : ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار )
أخرجاه في الصحيحين .
وقد رُوي هذا الحديث من طرق مقبولة ليس فيها لفظ ( قلته أم لم أقله ) منها رواية صحيحة أخرجها الإمام أحمد : ( إذا سمعتم الحديث عني
تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم
وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه ) .
والمراد منه أن من أدلَّة صحة الحديث وثبوته أن يكون وفق ما جاءت به الشريعة من المحاسن ، وأن يكون قريباً من العقول السليمة والفطر
المستقيمة ، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على عدم صحته ، وهذا هو الذي يقوله علماء الحديث عند الكلام على العلامات التي يعرف بها
الوضع وليس هذا مجال بسطها .
نعم قد تقصر عقولنا عن إدارك الحكمة والعلَّة ، فلا يكون ذلك سبباً في إبطال صحة الحديث وحجيته ، فمتى ما ثبت الحديث عن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - وجب علينا قبوله وحسن الظن به ، والعمل بمقتضاه ، واتهام عقولنا ، قال ابن عبد البر : كان أبو إسحاق إبراهيم
بن سيار يقول : " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من فم القربة ، فكنت أقول : إن لهذا الحديث لشأناً ، وما في
الشرب من فم القربة حتى يجيء فيه هذا النهي ؟ فلما قيل لي : إن رجلاً شرب من فم القربة فوكعته حية فمات ، وإن الحيات والأفاعي
تدخل أفواه القرب علمت أن كل شيء لا أعلم تأويله من الحديث أن له مذهباً وإن جهلته ".
وأما الحديث الثالث : ( إني لا أحلُّ إلا ما أحلَّ الله في كتابه ....) ، فهو حديث منقطع في كلتا روايتيه كما قال الشافعي و البيهقي و ابن حزم
.
وعلى فرض صحته فليس فيه أيُّ دلالة على عدم حجية السنة بل المراد بقوله : ( في كتابه ) ما أوحى الله إليه - كما قال البيهقي - فإن ما
أوحى الله إلى رسوله نوعان : أحدهما وحي يتلى ، والآخر وحي لا يتلى ، ففسَّرَ الكتاب هنا بما هو أعم من القرآن .
وقد ورد في السنة استعمال الكتاب في هذا المعنى في الحديث الذي رواه الإمام البخاري حيث قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي الزاني
بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغنم ردٌّ ، وعلى ابنك جلد مائة
وتغريب عام ، اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فغدا إليها فاعترفت فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرُجِمت ،
فجعل - صلى الله عليه وسلم -حكم الرجم والتغريب في كتاب الله ، مما يدُلُّ على أن المراد عموم ما أوحي إليه .
وحتى لو سلمنا أن المراد بالكتاب القرآن ، فإن ما أحلَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حرمه ولم ينص عليه القرآن صراحة ، فهو
حلال أوحرام في القرآن لقول الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ( الحشر 7) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -
: ( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا
فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله ) رواه الترمذي وغيره .
وأما رواية : ( لا يمسكنَّ الناس عليَّ بشيء ...) ، فقد قال فيها الشافعي إنها من رواية طاووس وهو حديث منقطع .
وعلى افتراض ثبوتها فليس معناها تحريم التمسك بشيء مما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أو الاحتجاج به .
وإنما المراد أنه -صلى الله عليه وسلم - في موضع القدوة والأسوة ، وأن الله عز وجل قد خصَّه بأشياء دون سائر الناس فأبيح له ما لم يبح
لغيره ، وحُرِّم عليه ما لم يُحرَّم على غيره ، فكان المعنى : لا يتمسكن الناس بشيء من الأشياء التي خصني الله بها ، وجعل حكمي فيها
مخالفاً لحكمهم ، ولا يقس أحدٌ نفسه عليَّ في شيء من ذلك ، فإن الحاكم في ذلك كله هو الله تعالى ، فهو الذي سوى بيني وبينهم في بعض
الأحكام ، وفرَّق بيني وبينهم في بعضها الآخر .
وبهذا يتبين أن الأحاديث التي استند إليها أصحاب هذه الشبهة منها ما لم يثبت عند أهل العلم ، ومنها ما ثبت ولكن ليس فيه دليل على
دعواهم ، فلم يبق لهؤلاء المبتدعة - الذين نابذوا السنة ، وتأولوا القرآن على غير وجهه - من حجة إلا اتباع الهوى ، وصدق الله إذ يقول :
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (القصص 50)
، نعوذ بالله من اتباع الهوى ، ومن الزيغ بعد الهدى







 
قديم 07-03-07, 04:16 PM   رقم المشاركة : 8
ناصر123
عضو ماسي





ناصر123 غير متصل

ناصر123 is on a distinguished road


رداً على من يسمون القرآنيين منكري السنة القرآن يثبت وجود السنة


http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=61724







 
قديم 05-05-07, 07:11 PM   رقم المشاركة : 9
بارق
عضو ماسي





بارق غير متصل

بارق is on a distinguished road


لقد أعترف علماء الرافضة بتثبت أئمة السنة في رواية الحديث وجاء في كتاب " السرائر "




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبيدة
لقد أعترف علماء الرافضة بتثبت أئمة السنة في رواية الحديث وجاء في كتاب " السرائر "
وهوواحد من كتبهم المعتبرة
وقال عنه صاحب البحار ( كتاب الأسرار لا يخفى الوثوق عليه وعلى مؤلفه على اصحاب السرائر "ووصف مؤلف السرائر ب ـ الإمامة العلامة حبر العلماء والفقهاء وفخر الملة والحق والدين شيخ الفقهاء رئيس المذهب الفاضل الكامل عين الأعيان ونادرة الزمان" منتهى المقال ص26 البحار ج1 \ص163 )
جاء في هذا الكتاب حديثم التالي عن بعض اصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله _ يعنون جعفر الصادق _ وفيه قال أي راوي الحديث يسأل أبا عبد الله :"هؤلاء _ يعني بهم أئمة اهل السنة _يأتون بالحديث مستوياً كما يسمعونه وإنا ربما قدمنا وأخرنا وزدنا ونقصنا "(السرائر ص163)







 
قديم 12-05-07, 12:59 AM   رقم المشاركة : 10
بارق
عضو ماسي





بارق غير متصل

بارق is on a distinguished road


دراسة مقارنة في الحديث وعلومه وكتبه

السنة بيان الله تعالي علي لسان رسوله صلى الله عليه وسلم


بحث نشر في مجلة مركز السيرة والسنة بجامعة قطر

الجزء الاول


http://www.d-sunnah.net/forum/showth...d=1#post510988

==============



التدوين عند الشيعة

http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=63824







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:48 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "