بسم الله الرحمن الرحيم
شخصية جمال الدين الأفغاني من الشخصيات التي اختلف فيها الرأي ، بين مُمجد له ، وجاعله من كبار الدعاة المسلمين المصلحين ؛ كما هو رأي أحمد أمين والأستاذ أنور الجندي وجلال كشك وتقي الدين الهلالي ومحمد عمارة ، وغيرهم ، وبين مستريب منه ، وجاعله من المفسدين ؛ كما هو رأي الأستاذ محمد محمد حسين وغيره ممن تابعه .
وأرى – والله أعلم - أنه بعد نشر الدكتور محمد الحداد لكتابه " الأفغاني – صفحات مجهولة من حياته " ينبغي أن يتوقف هذا الاختلاف ، ويستقر الرأي على أنه كان من الفلاسفة والطامحين السياسيبين ، الذين لا يعبؤون بالدين في سبيل الوصول إلى مطامحهم .
وهذا بعض الاستعراض لكتاب الدكتور الحداد ، قبل أن يقرأه القارئ :
- قال في المقدمة ص 6 : ( نود أن نعرض أمام القارئ العربي مجموعة من الوثائق المُعرّبة لا شك أنها ستثير استغرابه ، وتدفعه إلى الشك في الصورة السائدة حول هذه الشخصية ) .
- ذكر في هامش ص 11 وفي ص 13أن الدكتور محمد عمارة الممجد للأفغاني في عصرنا ( لم يطلع على أية من الدراسات الأكاديمية حول الأفغاني التي سنشير إليها لاحقًا ) .
- ذكر ص 13 أن الوثائق التي سينشرها ستُغير النظرة التبجيلية للأفغاني .
- ذكر ص 76 أن الانجليزي " ولفرد بلنت " ( صاحب الثروة الطائلة قد أعان هذين الشخصين – الأفغاني ومحمد عبده – بالمال ) .
- نقل في ص 91 قول تلميذ الأفغاني " سليم عنحوري " في شيخه : ( وبرّز في علم الأديان ، حتى أفضى به ذلك إلى الإلحاد ، والقول بقدمية العالم ، زاعمًا أن الجراثيم الحيوية المنتشرة في الفضاء هي المكونة بترقٍ وتحوير طبيعيين مانراه من الأجرام التي تشغل الفلك ويتجاذبها الجو ، وأن القول بوجود محرّك أولي حكيم وهمٌ نشأ عن ترقي الإنسان في تعظيم المعبود ) ! وقوله عنه : ( ارتجل خطبة في الصناعات غالى فيها إلى حد أن أدمج النبوة في عداد الصنائع المعنوية ) ، وأنه المتسبب في تهييج المصريين على حاكمهم ؛ حتى ثاروا عليه بقيادة أحمد عرابي ، التي كانت نتيجتها احتلال الانجليز لمصر ! وأنه كان يسعى إلى ( جمهورية شوروية يتولى زعامتها ) ، وأنه ( يكثر من شرب الشاي والتبغ ، وإذا تعاطى مُسكرًا فقليلٌ من الكونياك ) !
- ذكر ص 121 ومابعدها ترجمة لرد الأفغاني على الفيلسوف الفرنسي " رينان " ، التي – كما يقول - حرّفها أحمد أمين في كتابه عن زعماء الإصلاح !! ومما جاء في هذه الرد من العبارات الكفرية التي تهجم فيها الأفغاني على الإسلام ، قوله : ( إن الديانات جميعها تشترك في التعصب ) ، ( أما المجتمع الإسلامي فلم يتحرر بعدُ من وصاية الدين ) ، ( إن الديانة الإسلامية حاولت خنق العلم وإيقاف التطور ) ، ( يبدو الدين الإسلامي مسؤولاً ، إذ من الواضح أنه اتجه دائمًا أينما حل إلى خنق العلم ) .