العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-15, 04:24 AM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


ذل العبودية والإنكسار إلى الله

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذل العبودية والإنكسار الى الله
التذلل لله،المؤمن يُسلم نفسه لربه منكسراً بين يديه، متذللاً لعظمته، مقدماً حبَّه سبحانه وتعالى،على كل حب،
قال ابن جرير الطبري،معنى العبادة،الخضوع لله بالطاعة، والتذلل له بالاستكانة،
ومن كانت هذه هي حاله وجدته واقفاً عند حدود الله، مقبلاً على طاعته، ملتزماً بأمره ونهيه،
قال الحسن،رضي الله عنه،ما ضربت ببصري، ولا نطقت بلساني، ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي، حتى أنظر أعلى طاعة أو على معصية،فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت،
عبادات القلوب فهي الإخلاص والنية والتواضع والذل والانكسار بين يدي الله تعالى،ويتقربون إلى الله تعالى بها,إلا أن غاياتها وأهدافها الوصول إلى الخضوع والتذلل لله,وإظهار الفاقة والمسكنة والعبودية له والتزام أمره ونهيه,
والعبودية، كما يرى العلماء من أعلى المقامات عند الله تعالى , وعندما يرى الله من عبده هذا الشعور بصدق, يغفر له ذنبه,ويفك كربه,ويقبل عبادته وطاعته،
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية،كلما ازداد القلب حبّاً لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حباً وحرية عما سواه،
فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يُسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه والإنابة إليه ،
ولو حصل له من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن،إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه،ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه،
إن العبد ذليل ومفتقر إلى الله تعالى من كل وجه , فهو مفتقر إلى الله تعالى في النعمة, في العسر واليسر,وإنما يريد الله تعالى،من عبده ان يراه متذللاً إليه , منكسرًا بين يدعيه طواعية منه ومحبة ,
يقول ابن القيم،إنَّ مقام العبودية هو بتكميل مقام الذل والانقياد،وأكمل الخلق عبودية أكملهم ذلاً للّه وانقياداً وطاعة،ذليل لمولاه الحق بكل وجه من وجوه الذل،فهو ذليل لقهره،ذليل لربوبيته فيه وتصرفه،وذليل لإحسانه إليه وإنعامه عليه،
والناظر في أحوال المسلمين يستغرب من طبع الإنسان المسلم,وتعتريه الدهشة من سلوكه وتعامله مع أوامر الله تعالى ونواهيه,فكثيرا ما يقلب الموازين وينكس المعايير التي وضعها الله تعالى له, ففي الوقت الذي أمره الله تعالى فيه أن لا يذل لعبد أبدا مهما كان قوياً أو غنيا,نراه لا يتقيد بذلك,فتراه يتضعضع لغني من أجل ماله,أو يذل لقوي خوفا من بطشه وجبروته,بينما الواجب عليه أن لا يذل ولا ينكسر ولا يخضع ولا يتضعضع لأحد إلا لله وحده,وحينما يأمره الله تعالى بالانكسار إليه والتضرع بين يديه يتعالى ويستكبر،
إن المسلم،له في رسول الله صلى الله عليه وسلم،أسوة حسنة,فقد كان شديد الضراعة والانكسار والذل بين يدي الله تعالى,في جميع أحواله وأوقاته،في وقت الابتلاء،والمصيبة المحنة , وكذلك في وقت الامتنان والراحة والمنحة,في الغنى والرخاء والسراء,وكذلك في الفقر والشدة والضراء,
في ذلك العام الذي توفي فيه عمه أبو طالب,وتوفيت فيه زوجته خديجة,المرأة الصالحة،فسمي ذلك العام بعام الحزن,وتكاثرت الهموم والأحزان على رسول الله صلى الله عليه وسلم,بما لقيه من أهل الطائف,من الأذى والطرد والاستهزاء والسخرية,فما كان منه صلى الله عليه وسلم،إلا أن لجأ إلى الله تعالى،بذل وانكسار، والرضا والذل لله تعالى،رواه الطبراني،
وفي حديث عن ربيعة بن كعب الأسلمِى،قال كنت أبيت مع رسول اللَّهِ،صلى الله عليه وسلم،فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لى(سل)فقلت أسألك مرافقتك فى الجنة، قال،أوغير ذلك،قلت هو ذاك قَال(فأعنى على نفسك بكثرة السجود)رواه مسلم،
فحالة السجود من أكثر الحالات المعبرة عن الذل، والانكسار لله تعالى،التي لا ينبغي أن تبذل إلا لله تعالى , فالمسلم لا يذل إلا لله ,ولا يسأل حاجته إلا من بيده ملكوت السماوات والأرض،
يقول ابن رجب الحنبلي،واعلم أن سؤال الله تعالى،دون خلقه،فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار،وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على دفع هذا الضرر،ونيل المطلوب،وجلب المنافع،ودرء المضار،ولا يصلح الذل والافتقار إلا الله وحده،لأنه حقيقة العبادة،وهذا الذل عنوان العز والشرف والنصر في الدنيا والآخرة،
الذل للمؤمنين، قال ابن كثير(قوله تعالى،أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه،متعززًا على خصمه وعدوه)
والذل للوالدين،قال تعالى(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)الإسراء،
قال الطبري(يقول تعالى ذكره،وكن لهما ذليلًا رحمة ،واحتساباً منك بهما للأجر، تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا،
لا لأجل الخوف منهما،ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها)
إن الذل والخضوع والافتقار والانكسار صفات لقلب ذلك الرجل أو لتلك المرأة، وهذه الصفة هي صفة العبودية الكاملة للرب سبحانه وتعالى،
إن الانكسار بين يدي الله يعني،الافتقار،والبراءة من كل حول وقوة والاعتصام بحول الله وقوته(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )فاطر،
وهذا الافتقار هو شعور العبد بأنه محتاج إلى الله تعالى،في كل طرفة عين،
كم نحن اليوم بحاجة لهذه العبادة القلبية العظيمة,في وقت تزايدت فيه الكروب,فأين نحن من الانكسار والتضرع لله تعالى في هذه العبادة القلبية في ظلمة الليل والسحر,حيث استجابة الدعاء وحلاوة المناجاة،لقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم،حالة فريدة للانكسار والخضوع والذل لله تعالى,ألا وهي حالة السجود,فقال صلى الله عليه وسلم(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء )رواه مسلم ،
فما أجمل الذل إذا كان لله، وما أحلى الانكسار إذا كان لله، وما ألطف الافتقار إذا كان للعزيز الغفار,فهيا نسجد سجدة الافتقار ونلبس ثياب الانكسار لعل الله أن يرحمنا ويكتبنا مع السابقين الأبرار،


نسأل الله أن يهبنا قلوباً خاشعة،وأعيناً دامعة،وزينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين
ونسأل بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى،العفو والعافية،وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم.







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:59 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "