"افادت وكالة مهر للأنباء أن (فتوى الخامنئي في تحريم الإساءة لزوجة النبي صلى الله عليه وسلم) جاء في استجابة على استفتاء وجهه جمع من علماء ومثقفي الأحساء في أعقاب الإساءات الأخيرة التي وجهها شخص ما لزوجة النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها"!!.
طرب الإعلام العربي لفتوى زعمت وكالة إيرانية أنها صدرت من السيد علي الخامنئي، وحق له أن يطرب في ظل هذه الفتن والنعرات الطائفية في المنطقة والتي تولى كبرها إيران!
عدت إلى الجرائد والإعلام الفارسي لأرى صدى هذه الفتوى التي طالما تمنيت أن يصدر مثله في بلدي، فلم أجد له أثرا!...
ضخامة الموضوع في العالم العربي و ضئالته في داخل إيران كشف لي بأن الفتوى المزعومة ليس إلا لعبة سياسية للإستعمال الخارجي، والضحك على ذقون العرب!
ففي كل يوم تتطاول الجرائد الإيرانية على أم المؤمنين وعلى الصحابة الأخيار، والرعيل الأول لمدرسة النبي المختار (عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام)، بل طالما تطاول نواب المجلس التشريعي وقادة الحكم على من رباهم المصطفى، وكثيرا ما رفع شيخ الإسلام "عبدالحميد" صوته بالتنكير والنصح بأن مثل هذه الحركات تشتت الوحدة الشعورية لدى أبناء البلد الواحد. ولكن كان صوته يذهب سدىً ولا يجد له صدى..
قرأت الفتوى من جديد، فأدركت بعض ما قصده السيد الخامنئي، والذي تعرفت على كثير من ملامح شخصيته عن طريق والدي الذي كان يأويه في منفاه، وكان يحنو له يوم أن كان شريدا طريدا قبل اندلاع الثورة..
يزعم الفتوى السياسي المنسوب إلى الخامنئي بأن شيعة الإحساء (المنطقة الشرقية في السعودية) استفتوا مرشدهم الإمام الخامنئي!
أولا: في هذا الزعم رسالة واضحة ومكشوفة إلى السعودية بأن مرجعية الشيعة السعودية وقبلتهم هو السيد الخامنئي، وأن الولاء له، فلو لم يكن كذلك، لم يعدم علماء ومثقفو الشيعة في السعودية عالما شيعيا منهم يستفتونه؟!
ثانيا: لماذا يستفتي شيعة السعودية السيد الخامنئي، وهو لا يعد شيئا في الوسط المذهبي أمام المراجع الشيعية الكبار، بل لا يعترف غالبية الشيعة بمرجعيته. ولا يثقون بعلمه إذ لم يرتق على المدارج العلمية كما هو المعهود في المنهج الشيعي، وإنما سيف السياسة وقوة السلطان أشهرته!
ثالثا: معظم شيعة السعودية يدفعون خمسهم إلى السيد السيستاني، فهو مرجعهم الأشهر، ولهذا انتصروا له لما شعروا بأن الشيخ العريفي نال منه، فلماذا لا يستفتونه ويستفتون من هو دونه في العلم، والمرجعية، ولا يدفعون له خمسهم؟! اليست وراء الحكاية، سياسة!
رابعا: لماذا تضخم هذه الفتوى في العالم العربي وباللغة العربية، ولا نجد لها أثرا في الإعلام الفارسي، في حين أن الساحة الإيرانية أحوج وأولى بمثل هذه الفتاوى التي قد تهدهد على أكتاف الشعب المنكوب الممزق في البلد الواحد؟
أتمنى أن يراجع القوم حساباتهم، وأن يعودوا إلى الحق، ولا يشتتوا شمل المسلمين ويتركوا الكذب والخداع والتقية، ويصدقوا الله في أمة الإسلام، ولا يلعبوا على حبال السياسة الماكرة. ولا يجعلوا بلادنا نهبا لأطماع الأعادي من بني الأصفر.
وأتمنى ألا ينخدع الشعب العربي بجميع أطيافه ومشاربه لما يحاك لهم وراء كواليس "قم" و"طهران".
كما أتمنى أن يصحوا أصحاب القرار في دول الجوار من سباتهم العميق و يهبوا لما فيه صلاحهم و صلاح بلدانهم و صلاح الأمة...
عن علي رضا قزويني - طهران.