العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-12, 03:59 AM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


الستر على العاصي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الستر على العاصي

ماعز بن مالك الأسلمي،أحد الأصحاب الأخيار ممن وقر الإيمان في قلبه،فآمن بربه،وصدق برسالة نبيه، وعاش في مدينة رسول الله يحمل بين جنبيه نور الإيمان،وضياء التقوى،ولكنه لم ينفك عن بشريته،

ولم ينسلخ من ضعفه الآدمي(وخلق الإنسان ضعيفاّ)النساء،فزين له الشيطان فعل الحرام،وأزته نفسه الأمارة نحو الفاحشة أزّاّ،وفي ساعة الغفلة وسكرة الشهوة وقع في الإثم،وعصى ربه،وأيقن أن ذاك من

عمل الشيطان،إنه عدو مضل مبين،فاحترق قلبه،وتلوعت نفسه ندماّ وأسفاّ،وعاش أياماّ عّدة في بؤس وغمٍّ،وحسرةٍ وهمٍّ،عندها قرر ماعز أن يبوح بأمره ذاك إلى أحد بني عشيرته،وهو هزال بن يزيد

الأسلمي،الذي أشار عليه أن يعترف ويقر أمام النبي،صلى الله عليه وسلم،بخطيئته،مشى المذنب التائب تجره رجلاه نحو الرحمة المهداة،فوقف في حياءٍ واستحياء،ونطق بجرمه ومعصيته،فأعرض عنه

النبي،صلى الله عليه وسلم،فكرر ماعز اعترافه،وأقر أربعاّ،وألح على النبي،صلى الله عليه وسلم،أن يقيم حدَّ الله،فلم يكن بدٌّ من إقامة الحد،حدِّ الرجم،فرجمه الصحابة حتى فاضت روحه إلى بارئها،ثم صلى

عليه النبي،صلى الله عليه وسلم،ودعا له،واستغفر،وأثنى على توبته وصدقه مع ربِّه،فلما بلغ النبي،صلى الله عليه وسلم،أن هزالاً الأسلمي هو الذي أشار عليه بالاعتراف،دعاه ثم قال(يا هزال،لو

سترته بثوبك،كان خيراّ لك مما صنعت به)ما أجمل الستر،وما أعظم بركته،وأبهى حلّته،الستر خلق الأنبياء،وسيَّما الصالحين،يورث المحبة،ويثمر حسن الظن،ويطفئ نار الفساد،هو طاعه وقربان ودين

وإحسان،به تحفظ الأمة ترابطها وبنيانها،وبه تقوم الأخلاق،وصف الرحمن نفسه به،فهو سبحانه ستير ويحب أهل الستر،ففي الحديث الصحيح يقول النبي،صلى الله عليه وسلم(إن الله حيي ستير،يحب الحياء

والستر)رواه أبو داود والنَّسائي،أقر الإسلام بهذا الخلق الكريم،وحض وكافأ عليه(ومن ستر مسلماّ في الدنيا،ستره الله في الدنيا والآخرة)حديث صحيح،أخرجه مسلم،ولأجل الستر شرع الإسلام حد

القذف،حتى لا تكون الأعراض بعد ذلك مباحاّ،ولأجل الستر أمر الشارع في إثبات حدِّ الزنا بأربعة شهود،حمايةً للأعراض،وصوناّ للمحارم،ولأجل الستر أيضاّ توعد الجبار أهل السوء،الذين يحبون

إشاعة الفاحشة،بالعذاب الأليم(إِن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)النور،ومن أجل الستر أيضاّ نهى الإسلام عن التجسس على الآخرين(يا أيها الذين آمنوا

اجتنبوا كثيراّ من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا)الحجرات،قال المفسرون،التجسس،البحث عن عيب المسلمين وعورتهم،أما خير الخلق وأعرف الخلق بما يرضي الله تعالى،فقد كان عظيم

الحياء،عفيف اللسان،بعيداّ عن كشف العورات،حريصاّ على كتم المعائب والزلات،كان إذا رأى شيئاّ ينكره ويكرهه،أما أمنا أم المؤمنين عائشة،رضي الله عنها،فقد جاءتها امرأة،فأخبرتها أن رجلاً قد أخذ

بساقها وهي محرمة،أي،حاول كشف عورتها،فقاطعتها عائشة،وأعرضت بوجهها وقالت(يا نساء المؤمنين،إذا أذنبت إحداكن ذنباّ،فلا تخبرن به الناس،ولتستغفر الله،ولتتب إليه،فإن العباد يعيرون ولا

يغيرون،والله يغير ولا يعير،وأولى الناس بالستر،أن يستر العبد نفسه،ويغطي عيبه،وأن لا يفاخر العبد بالذنب،أو أن يباهي بالخطيئة،ففي الصحيحين يقول النبي،صلى الله عليه وسلم(يدنى المؤمن يوم القيامة

من ربه،عز وجل،حتى يضع عليه كنفه،فيقرره بذنوبه،فيقول،هل تعرف،فيقول،أي رب،أعرف،قال،فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم،فيعطى صحيفة حسناته)إذا قلبنا النظر في مجتمعات

المسلمين،نرى ظاهرة نشر الفضائح وإشاعة القبائح قد انتشرت انتشاراّ مروعاّ،فلا دين يمنع،ولا خلق يردع،فصنف من الناس،هداهم الله،تراه سماعاّ لقالة السوء،نقالاً لأخبار الفساد،يتلذذ بإشاعتها

وإذاعتها،يتصدر المجالس بالتجريح،الظن عنده يقين،والإشاعة حقيقة،لا يمل من تكرار الأخبار المشؤومة،إن بث مثل هذا القاذورات وانتشارها آفة خطيرة،ومرض موجع،يفسد الدين،ويخرب الدنيا،فإذا تهتكت الأستار،تكسر الحياء من النفوس.






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:04 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "