| ||
02-03-10, 05:02 AM | رقم المشاركة : 1 | |
|
بائع التمر تمار والرافض للحق رافضي
قال أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني: وجدنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفناها بهذه الآثار المشهورة التي رويت بالأسانيد الصحاح المتصلة التي تلقاها حفاظ العلماء بعضهم من بعض، فنظرنا إلى هذه الفرقة -أعني أصحاب الحديث- وهم لها أطلب، وفيها أرغب، ولها أجمع ولصحاحها أتبع، فعلمنا يقيناً بالكتاب والسنة، أنهم دون من سواهم من جميع الفرق، لأن صاحب كل فرقة أو صناعة ما لم يكن معه دلالة عليه من صناعته، وآلة من آلاته، ثم ادعى تلك الصناعة، كان في دعواه عند العامة مبطلاً، وفي المعقول عندهم متجهلاً، فإذا كانت معه آلات الصناعات والحرف شهدت له تلك الآلات بصناعتها، بل شهد له كل من عاينه قبل الاختبار كما أنك إذا رأيت الرجل فتح باب دكانه على بز، علمت أنه بزاز. وإن لم تختبره، وإذا فتح على تمر علمت أنه تمار، وإذا فتح على عطر علمت أنه عطار، وإذا رأيت بين يديه الكير والسندان والمطرقة علمت أنه حداد. وإذا رأيت بين يديه الإبرة، والجلم علمت أنه خياط، وكذلك صاحب كل صناعة، إنما يستدل على صناعته بآلته، فيحكم بالمعاينة من غير اختبار، ولو رأيت بين يدي نجار قدوماً، ومنشاراً، ومثقباً، ثم سميته خياطاً جهلت، وإذا رأيت بناء معه آلة البنائين ثم سميته حداداً جهلت، وكذلك من معه الكير والسندان ومنفخ إذا سميته بزازاً أو عطاراً جهلت، ولو قال صاحب التمر لصاحب العطر: أنا عطار، قال له: كذبت، بل أنا هو، وشهد له بذلك كل من أبصره من العامة، ثم كل صاحب صناعة، وحرفة يفتخر بصناعته، ويستطيل بها، ويجالس أهلها، ولا يذمها. ورأينا أصحاب الحديث رحمهم الله قديماً وحديثاً، هم الذين رحلوا في طلب هذه الآثار التي تدل على سنن رسول اللهe فأخذوها من معادنها، وجمعوها من مظانها، وحفظوها فاغتبطوا بها ودعوا إلى اتباعها، وعابوا من خالفها فكثرت عندهم، وفي أيديهم حتى اشتهروا بها كما اشتهر البزاز ببزه، والتمار بتمره، والعطار بعطره، ثم رأينا قوماً انسلخوا من حفظها ومعرفتها، وتنكبوا اتباع أصحها وأشهرها، وطعنوا فيها، وفيمن أخذ بها، وزهدوا الناس في جمعها ونشرها، وضربوا لها ولأهلها أسوأ الأمثال، فعلمنا بهذه الدلائل الظاهرة والشواهد القائمة أن هؤلاء الراغبين فيها، وفي جمعها وحفظها، واتباعها أولى بها وأحق من سائر الفرق الذين تنكبوا أكثرها، وهي التي تحكم على أهل الأهواء بالأهواء. لأن الإتباع عند العلماء هو الأخذ بسنن رسول اللهe التي صحت عنه عند أهلها ونقلتها وحفاظها، والخضوع لها، والتسليم لأمر النبيe فيها تقليداً لمن أمر الله بتقليده والائتمار بأمره، والانتهاء عما نهى الله عنه، ووجدنا أهل الأهواء الذين استبدوا بالآراء والمعقولات بمعزل من الأحاديث والآثار التي هي طريق معرفة سنة رسول اللهe. فهذا الذي قلناه سمة ظاهره وعلامة بينة تشهد لأهل السنة باستحقاقها، وعلى أهل الأهواء في تركها، والعدول عنها، ولا نحتاج في هذا إلى شاهد أبين من هذا، ولا إلى دليل أضوأ من هذا. فإن قالوا: إن لكل فريق من الأهواء، وأصحاب الآراء حججاً من آثار رسول اللهe يحتجون بها. قلنا: أجل ولكن يحتج بقول التابعي على قول النبيe أو بحديث مرسل ضعيف على حديث متصل قوي، ومن ها هنا امتاز أهل اتباع السنة من غيرهم، لأن صاحب السنة لا يألو أن يتبع من السنن أقواها ومن الشهود عليها أعدلها وأتقاها، وصاحب الهوى كالغريق يتعلق بكل عود ضعيف أو قوي، فإذا رأيت الحاكم لا يقبل من الشهود إلا أعدلها وأنقاها كان ذلك منه شاهداً على عدالته، وإذا غمض وقنع بأرداها كان ذلك دليلاً على جوره، وكان المتبع لا يتبع من الآثار إلا ما هو عند العلماء أقوى، وصاحب الهوى لا يتبع إلا ما يهوى، وإن كان عند العلماء أوهاها، وكل ذي حرفة وصناعة موسوم بصناعته، معروف بآلته متى أعوزته الآلة زالت عنه آية الصناعة، وكذلك سمات أهل السنن والأهواء، وفي دون ما فسرناه ما يشفي، والأقل من هذا يكفي من كان موفقاً، ولحقه عون من الله تعالى. |
|
02-03-10, 07:25 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|