العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-16, 05:52 AM   رقم المشاركة : 1
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


فالعاقل من وعظته الأيام وعلمته الدهور

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه،
فما أحوجنا إلى وقفة مع محاسبة النفس ومراجعتها،لعلها تنتبه من غفلتها، وتستفيق من رقدتها،وتقوم من سباتها،وترجع عن غيّها وضلالتها،
على كل عاقل منا أن يقف مع نفسه وقفة محاسبة ومراجعة،من أجل العظة والاعتبار،
لما بقي من أعمارنا، فالعاقل من وعظته الأيام، وعلمته الدهور والأعوام، واستفاد من أمسه ليومه، ومن يومه لغده،
مفهوم المحاسبة ومعناها،يقول الماوردي رحمه الله في تعريفه للمحاسبة،أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه،وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله في المستقبل،
وقال الحارث المحاسبي،هي التثبّت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العَقد بالضمير،حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله عز وجل،جانبه بعَقد ضمير قلبه،وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله عز وجل،
المحاسبة خُلق عظيم، فوائده كثيرة،ونتائجه جليلة،
أولاً،بالمحاسبة يطلع المرء على عيوب نفسه ونقائصها،ومعرفة العبدِ بقدر نفسه تورثه تذلّلاً لله، وتعظيماً وإجلالاً وعبودية لله عز وجل، فلا يمنّ بعمله مهما عظم،ولا يحتقر ذنبه مهما صغر،
ثانياً،بالمحاسبة يتعرّف العبد على حق الله تعالى،عليه وعظيم فضله ومنّه سبحانه،عندما يقارن نعمة الله عليه بتفريطه في جنب الله، فيكون ذلك دافعاً له إلى الطاعات والقربات، رادعاً له عن القبائح والسيئات، عند ذلك يعلم أنه من حقّه سبحانه أن يُطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر،
ثالثاً،بالمحاسبة تكون تزكية النفس وتطهيرها من كل الأمراض والأدران،وبتزكيتها يكون الفلاح والنجاح، قال سبحانه﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا،وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾الشمس،
وقال مالك بن دينار رحمه الله(رحم الله عبداً قال لنفسه،ألستِ صاحبة كذا،ألستِ صاحبة كذا،ثم ذمّها،ثم خطمَها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً)
رابعاً،بالمحاسبة والمراجعة يكون التغيير نحو الأفضل والأحسن، فلا خير فيمن لا يستفيد من ماضيه ويتدارك أخطاءه،
فلا يكون الإقلاع عن الذنب وتفاديه في المستقبل إلا بمحاسبة النفس وتقويمها والأخذ بزمامها، يقول ربنا سبحانه وتعالى﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ الحشر،
فهل تأمّلت ونظرت فيما قدمته من أعمال بين يديك،هل يسُرّك ما تقدمه من أعمال لتلقى بها الله عز وجل،
يقول ميمون بن مهران رحمه الله(لا يكون الرّجل تقيّا حتّى يحاسب نفسه محاسبةَ شريكِه،وحتّى يعلمَ مِن أين ملبسُه ومطعمُه ومشربُه)
من الناس من تمر عليه سنوات لا يلقي لها بالاً ولا يعيرها اهتماماً، وقلّ مِن الناس مَن يتعظ ويتذكر، فيبكي على ذنوبه ويتوب إلى خالقه،
فكيف يفرح من يومُه يهدم شهرَه، وشهرُه يهدم سنتَه، وسنتُه تهدم عُمرَه،كيف يفرح مَن يقودُه عُمرُه إلَى أجلِه، وحياتُه إلى موتِه،
فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعدّ لغده،أنّ هذه الدنيا ليست بدار قرار،كتب الله عليها الفناء،حياة لا تثبت على حال،كثيرة التغير،شديدة المكر،دائمة الغدر،أمانيها كاذبة،وآمالها باطلة، عيشها نكد،وصفوها كدر،الثقة بها غرر،والمرء منها على خطر،إما نعمةٌ زائلة،أو بليةٌ نازلة،أو مصيبة مُوجعة،أو مِيتةٌ قاضية،ما هي إلا أيام معدودة،وآجال مكتوبة،وأنفاس محدودة، وأعمال مشهودة،إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً،وإن سرّت يوماً ساءت أشهراً وأعواماً﴿يا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحياةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الاخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾غافر،
سيرى كل عامل عمله، يوم تُنشَر الصحف وتوزن الأعمال﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا،اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾الإسراء،
فالعاقل من اتعظ، فتاب من ذنوبه،وأقبل على طاعة ربه وخالقه، مغتنماً ليله ونهاره وصحته وفراغه فيما ينفعه في دنياه وفي أخراه،
وعن ابن عباس رضي الله عنهما،أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال لرجل وهو يَعِظُه(اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ،شبابك قبل هَرَمِك، وصحَّتَك قبل سَقَمك، وغِناك قبل فقرِك، وفراغَكَ قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك)أخرجه الحاكم،والبيهقي،وصححه الألباني،
ومن لم يغتنم حياته في طاعة الله ندِم بعد مماته، وتمنى العودة إلى الدنيا،وأنى له ذلك،قال تعالى﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ،لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾المؤمنون،

فاجتهدوا في طاعة ربكم، وتزوّدوا مِن حياتِكم لمـَعادِكم﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾الزلزلة،
نسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا ما كان منا فيما مضى من سيء الأعمال، وأن يوفقنا لصالح الأعمال، ويجنبنا فيه قبيح الفعال،
اللهم اختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، ووفقنا يا رب لما تحبه وترضاه، واجعلنا من عبادك الصالحين.






 
قديم 26-01-16, 05:12 PM   رقم المشاركة : 2
وردالجوري
عضو نشيط







وردالجوري غير متصل

وردالجوري is on a distinguished road


جزاك الله خير







 
قديم 28-01-16, 04:05 PM   رقم المشاركة : 3
امـ حمد
عضو ذهبي







امـ حمد غير متصل

امـ حمد is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردالجوري مشاهدة المشاركة
   جزاك الله خير

ويزاااج ربي جنة الفردوس اختي الغاليه






 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "