العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-04, 02:57 AM   رقم المشاركة : 1
العلواني
عضو فعال





العلواني غير متصل

العلواني is on a distinguished road


Post البداء ومدى علاقته بالنسخ عند الإمامية الإثنى عشرية

من أصول الإثنى عشرية القول بالبداء على الله سبحانه . والبداء في اللغة : ظهور الشيء بعد خفائه , قال الجوهري: بدا الأمر بدوا , أي ظهر , وبدا له في هذا الأمر بداء ,
أي نشأ له فيه رأي . وهذا ما ذكره ابن منظور , والزبيدي .انظر : الصحاح , لإسماعيل بن حماد الجوهري , ( 6 / 2278 ) . ولسان العرب , ( 14 / 66 – 67 ) و تاج العروس , ( 10 / 32 )
وقد بالغوا في إثباته , وقد أرسى الكليني هذه العقيدة فعقد لها بابـًا سمَّاه " باب البداء ". وفيه ما رواه عن زرارة بن أعين عن الباقر والصادق أنهما قالا : ( ما عبد الله بشيء مثل البداء ) , ( وما عُظِّم الله بمثل البداء ) ,أصول الكافي , ( 1 / 146 ) .
وما رواه عن أبي عبد الله أنه قال : ( لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه ) المصدر السابق , ( 1 / 148 ) .
وتبعه ابن بابويه القمي في كتابيه " الاعتقادات " ( ص 40 – 42 ) , باب " الاعتقاد في البداء " . و " التوحيد "( ص 335 – 345 ) , باب " بيانه في معنى البداء له تعالى " .
وقد اجتهد آقا بزرك الطهراني في ذكر الكتب التي صنفت في عقيدة البداء فوصل إلى ثمانية وعشرون كتابـًا .الذريعة إلى تصانيف الشيعة , ( 3 / 53 – 57 ) .
ونجد الرافضة قد جوزت البداء على الله تعالى , بناء على جواز النسخ , فجعلتهما شيئـًا واحدًا , قال عبد الله شبر في معنى البداء : ( ما ذكره بعض المدققين وهو أن الأمور كلها عامها وخاصها , مطلقها ومقيدها , منسوخها وناسخها , مفرداتها ومركباتها , اخباراتها وإنشاءاتها بحيث لا يشذ عنها شيء منتقشة في اللوح , والفائض من الملائكة والنفوس العلوية والنفوس السفلية قد يكون الأمر العام أو المطلق حسب ما تقضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ويتأخر المبيَّن إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه , وهذه النفوس العلوية وما يشبهها يعبر عنها بكتاب المحو والإثبات , والبداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب من إثبات ما لم يكن مثبتـًا ومحو ما يثبت فيه ) حق اليقين في معرفة أصول الدين , ( ص 111 ) .
وذلك في قوله تعالى : ( يمحو الله كما يشاء ويثبت ) , .وفسروا النسخ بأنه بداء تشريعي , كما أن البداء نسخ تكويني .
وهاهو المجلسي قد عقد بابـًا سمَّاه " باب النسخ والبداء " وذكر فيه سبعين حديثـًا عن أئمته في هذا الأمر , ونقل عن الداماد في نبراس الضياء : ( البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع , فما مر في الأمر التشريعي والأحكام التكليفية نسخ فهو في الأمر التكويني والمكونات الزمانية بداء , فالنسخ كأنه بداء تشريعي , والبداء كأنه نسخ تكويني ... وكما حقيقة النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعي وانقطاع استمراره لرفعه وارتفاعه من وعاء الواقع فكذا حقيقة البداء عند الفحص البالغ ...) بحار الأنوار , للمجلسي , ( 4 / 126 – 127 ) .
أمَّا المرتضى ففسر البداء بأنه النسخ نفسه , وادعى أنه ليس بخارج عن معناه اللغوي!! وقريب منه ما ذكره الطوسي في " العدة " ( 2 / 495 ) .إلا أنه صرَّح بأن إطلاقه على النسخ على ضرب من التوسع والتجوّز وحمل الأخبار عليه .
وكذا قال المفيد : ( وأقول في معنى البداء ما يقول المسلمون بأجمعهم في النسخ و أمثاله من الإفقار بعد الغناء , والإمراض بعد الإعفاء , و الإماتة بعد الإحياء , وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال , والأرزاق , والنقصان منها بالأعمال ...) أوائل المقالات , ( ص 80 ) .
وقد قام الأنصاري بشرح العبارة السابقة فقال : ( أن النسخ عبارة عن رفع الحكم الشرعي الظاهر في الاستمرار بحيث لم يكن النسخ متوقعًا , والبداء رفع الأمر التكويني الظاهر في الاستمرار , و إظهار الواقع الجديد على خلاف المتوقع , فيشتركان في إظهاره تعالى أمرًا على خلاف ما كان متوقعًا ويختلفان في أن النسخ في الأمور التشريعية والبداء في الأمور التكوينية , فإن كان إظهار أمر على خلاف المتوقع مستلزمًا لجهلة تعالى يلزم نسبة الجهل إليه تعالى في البداء والنسخ , وإن كان إظهاره غير مستلزم للجهل في النسخ فكذلك في البداء ...) المصدر السابق , ( ص 328 ) .
ويبدو على توجيه ابن بابويه القمي لأحاديث البداء ملامح الاضطراب ؛ فقد ترك الحديث عن البداء الذي أنكره عليه المسلمون وتحول إلى الحديث عن البدء والنشأة التي لم ينكرها عليه أحد , ثم يُمثل عاد ومثَّل البداء بالنسخ !!.
فقال: ( ليس البداء كما يظنه جُهَّال الناس بأنه بداء ندامة , تعالى الله عن ذلك ؛ ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له بداء , معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره , أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه , وذلك مثل نسخ الشرائع وتحويل القبلة وعدة المتوفي عنها زوجها ) التوحيد , ( ص 335 ) .
ثم عاد إلى البداء بعد هروب وتلون , فقال : ( والبداء هو رد على اليهود ؛ لأنهم قالوا : إن الله قد فرغ من الأمر . فقلنا : إن الله كل يوم هو في شأن , يحي ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء , والبداء ليس من ندامة , وهو ظهور أمر , يقول العرب : بدا لي شخص في طريقي أي ظهر , قال الله تعالى : ( ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون ) , أي ظهر لهم , ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره , ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره ...) المصدر السابق , ( ص 336 ) .
وكذا توجيه الطوسي لأحاديث البداء إلا أنه كان صريحـًا بعض الشيء فقال : ( وعلى هذا يتأول ما روي من أخبارنا المتضمنة للفظ البداء ويبين أن معناها النسخ على ما يريده جميع أهل العدل فيما يجوز فيه النسخ , أو تغير شروطها إن كان طريقها الخبر عن الكائنات ؛ لأن البداء في اللغة الظهور , فلا يمتنع أن يظهر لنا من أفعال الله تعالى ما كنا نظن خلافه , أو نعلم ولا نعلم شرطه ) الغيبة , ( ص 429 – 430 ) .
ومن العجيب عندما نجد بعد كل هذا من يقرر أن في إثبات البداء ونفيه عن الله تعالى نزاعًا لفظيًا ! وهذا ما قرره المفيد فقال : ( وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف , وإنما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه ...) أوائل المقالات , ( ص 80 ) .
وهذا ما ورثه الطبطبائي من جدِّه المفيد فقال : ( والذي احسب أن النزاع في ثبوت البداء كما يظهر من أحاديث أئمة أهل البيت ( ع ) ونفيه كما يظهر من غيرهم نزاع لفظي ...ومن الدليل على كون النزاع لفظيـًا استدلالهم على نفي البداء عنه تعالى بأنه يستلزم التغير في علمه مع أنه لازم البداء بالمعنى الذي يفسر به البداء فينا لا البداء بالمعنى الذي يفسره به الأخبار فيه تعالى...)الميزان في تفسير القرآن , ( 11 / 381 – 382 ) .
ومن المعلوم عند كافة أهل العلم أن النسخ ليس معناه البداء على الله تعالى , ويتضح ذلك من أمرين :
الأمر الأول :
معنى البداء أن يستصوب المرء رأيـًا ثم ينشأ له رأي جديد لم يـــكن معلومـًا له , والنسخ غير البداء ؛ لأن الأول ليس فيه تغيير لعلم الله تعالى , وإنما هو تغيير عبادة أمر بها المكلف , وقد علم الآمر حين الأمر أن لتكليف المكلف بها غاية ينتهي الإيجاب إليها ثم يرتفع بنسخها , والثاني يفترض وقوع التغيير في علم الله تعالى , وذلك أن ينتقل الأمر عن ما أمر به وأراده دائمًا بأمر حادث لا بعلم سابق الناسخ والمنسوخ , لقتادة بن دعامة السدوسي , ( ص 7 ) ؛ ونواسخ القرآن , لابن الجوزي , ( ص 16 ) . .
الأمر الثاني :
البداء يكون في أحوال ثلاث :
الأولى : إذا كان الفعل مستلزمًا لمصلحة , فالأمر به بعد النهي عنه على الحد الذي نهى عنه , إنما يكون لظهور ما كان قد خفي من المصلحة .
الثانية : إذا كان الفعل مستلزمًا لمفسدة , فالنهي عنه بعد الأمر به على الحد الذي أمر به , إنما يكون لظهور ما كان قد خفي من المفسدة .
الثالثة : الإخبار بنقيض ما أخبر به سابقـًا , وذلك لظهور علم لم يكن موجودًا . منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة , لعثمان بن علي حسن , ( 1 / 275 ) .
فالنسخ رحمة من الله تعالى وتدرج في الأحكام وسبب النسخ لا يوجب إفساد الموجب لصحة الخطاب الأول , أما البداء فيكون سببه دالاً على إفساد الموجب لصحة الأمر الأول مثل أن يأمره بعمل يقصد به مطلوبـًا , فيتبين أن المطلوب لا يحصل بذلك الفعل , فيـبدو له ما يوجب الرجوع عنه . نواسخ القرآن , لابن الجوزي , ( ص 16 ) .
فكلا الأمرين بإثبات البداء يستلزم سبق الجهل , وحدوث العلم , وكل ذلك مما يتنزه الله تعالى عنه ؛ وذلك لكمال علمه وحكمته و إرادته , فإن الله تعالى يعلم عواقب الأمور , ولا يغيب عنه شيء من علم الغيوب , لا في الأرض , ولا في السماء , فمن المحال أن يبدو له أمر أو علم لم يكن يعلم به , وفي نسبته إلى الله عز وجل من أعظم الكفر , بل هذا من صفات المربوبين , وهو لازم لمن يقول بوقوع النسخ في الأخبار , فمن المجمع عليه أن النسخ لا يقع في الأخبار , ولا في أصول الدين , وكليات الشريعة بل هذه الأمور مما اتفقت عليها رسل الله جميعهم , فلم تتناسخ بتلاحق الرسل والأنبياء , وهذه المقالة كما قال الشوكاني : توجب الكفر بمجردها . منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة , لعثمان بن علي حسن , ( 1 / 276 )
والذي ينظر في كتب القوم يدرك مدى تناقضهم في هذه العقيدة . فعن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس ؟ قال : لا , من قال هذا فأخزاه الله . قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله ؟ قال : بلى , قبل أن يخلق الخلق ) . التوحيد , للصدوق , ( ص 334 ) .
فهذه شهادة إمام من أئمة أهل البيت , وعلى فرض صحة هذه الرواية فهي تعبر عن معنىً حق , وهو ما يليق بتلك الصفوة , وقد تكون هناك أخبار واردة عنهم بقيت آثارها في كتب القوم .
أما في قوله تعالى : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) فهذه الآية دليل على النسخ لا على البداء , ويبين ذلك الآية التي قبلها : ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ) , , قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - : ( أي لكل مدة مضروبة كتاب مكتوب بها , وكل شيء عنده بمقدار ) ونقل عن الضحاك قوله : ( أي لكل كتاب أجل يعني لكل كتاب أنزله من السماء مدة مضروبة عند الله , ومقدار معين فلهذا ( يمحو الله ما يشاء ) منها ( ويثبت ) يعني حتى نسخت كلها بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ) تفسير القرآن العظيم , ( 2 / 500 ) .
وأما تمسكهم بزيادة عُمْر من وصل رحمه , ونقص عمر من قطع رحمه بأنه من البداء ! فهو أبعد من ذلك بكثير ؛ وذلك لأن البداء , هو الظهور بعد الخفاء , ولقد كانت صلة الرحم سببًا في طول العمر ؛ لأن الله تعالى قدَّر الآجال و أسبابها مع علمه الأزلي بذلك.
وفي هذا قال العلامة أبي العز الحنفي : ( وقد قدَّر الله أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية , ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية ؛ ولكن قدر هذا السبب وقضاه , وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا ...) شرح العقيدة الطحاوية , ( ص 143 ) .

وعند تأويلهم للبداء بأنه الابتداء والنشأة , فهو غير مقبول ؛ لأنه خروجٌ عن المعنى اللغوي . فعند تحرير محل النزاع في قضية من القضايا نلجأ إلى الأمر المتفق عليه , وكلا الفريقين مُلزمٌ بالأخذ باللغة العربية والتي بها نزل القرآن الكريم وبها محل الاتفاق , والبداء في اللغة : ظهور الشيء بعد خفائه , أو نشأة رأي لم يعلم من قبل , وعلى التفسير اللغوي يُبنى المعنى الاصطلاحي فلا يكاد يخرج عن معناه .
أما عند تفسيرهم له بأنه ظهور الأمر للناس من الله بعد خفائه عليهم , فهذا باطل ؛ إذ لا يحتاج هذا الأمر إلى كل هذا التهويل , وإضفاء القداسة عليه .
يقول الدكتور القفاري : ( ثم إن التأويل للبداء بظهور الأمر للناس من الله لا يسوغ كل هذه المغالاة في البداء , وجعله من أعظم الطاعات , وأصول الاعتقادات , كما أن لفظ البداء يحمل معنى باطلا في لغة العرب التي نزل بها القرآن , فكيف يعد أصل في الدين وهو بهذه المثابة , ويلتمس له تأويل ومخرج ؟! ) أصول مذهب الشيعة , ( 2 / 1147 ) .
ومن العجيب أن يدعوا أن النزاع بين أهل النفي والإثبات للبداء في معناه اللغوي نزاع لفظي !! بل هو نزاع على الحقيقة والواقع المشاهد . قال ابن النحاس : ( والفرق بين النسخ والبداء أن النسخ تحويل العباد من شيء إلى شيء قد كان حلالا فيحرم , أو كان حراما فيحلل , وأما البداء فهو ترك ما عزم عليه كقولك : امض إلى فلان اليوم . ثم تقول : لا تمض إليه . فيبدو لك العدول عن القول الأول , وهذا يلحق البشر لنقصانهم , وكذلك إن قلت : ازرع كذا في هذه السنة . ثم قلت : لا تفعل . فهذا بداء ) الجامع لأحكام القرآن , للقرطبي , ( 1 / 453 ) .







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:41 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "