و في كتاب ( كتب حذر منها العلماء - لمشهور آل سلمان - ( تقديم الشيخ : بكر بن عبد الله أبو زيد ) صفحة 108 - :
50 / ب – " كتاب الجفر " ، المنسوب كذباً و زوراً إلى الصحابي الجليل علي بن ابي طالب رضي الله عنه تارة ، و إلى جعفر الصادق – رحمه الله – تارة أخرى .
و في هذا الكتاب من أمور الغيب و الأحداث و الأسرارالشيء الكثير و يزعم الإمامية أن جعفراً الصادق – رحمه الله – كتب لهم فيه كل ما يحتاجون إليه ، و كل ما سيقع و يكون إلى يوم القيامة ، و كان مكتوباً عنده في جلد ماعز ، فكتبه عنه هارون بن سعيد العجلي رأس الزيدية ، و سماه ( الجفر ) باسم الجلد الذي كتب فيه ، و هذا زعم باطل مخالف لما يعتقده المسلمون من أن الغيب لا يعلمه إلا الله ، و من أرتضى من رسله ، قال تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ )
قال محمد رشيد رضا :
( لا يعرف له سند إلى أمير المؤمنين , و ليس على النّافي دليل , و إنما يطلب الدليل من مدَّعي الشيء , و لا دليل لمدّضعي هذا الجفر )
قلت : المشهور أن الكتاب المزعوم منسوب إلى جعفر الصادق ، و لم يصح ذلك البتة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
و أما الكذب و الأسرار التي يدعونها عن جعفر الصادق , فمن أكبر الأشياء كذبا , حتى يقال : ما كذب على أحد ما كذب على جعفر رضي الله عنه .
و من هذه الأمور المضافة : كتاب ( الجفر ) الذي يدعون أنه كتب فيه الحوادث ، و الجفر ولد الماعز ، يزعمون أنه كتب ذلك في جلده
و قال أيضاً :
(قال رحمه الله : " ونحن نعلم من أحوال أئمتنا أنه قد أضيف إلى جعفر الصادق من جنس هذه الأمور – أي ك الاستدلال على الحوادث المستقبلية - ما يعلم كل عالم بحال جعفر رضى الله عنه أن ذلك كذب عليه ، فإن الكذب عليه من أعظم الكذب ) ثم ذكر مجموعة من الكتب كذبت عليه منها ( الجفر ) و قال ( وكل ذلك كذب عليه باتفاق أهل العلم )
و قال أيضاً في ( درء تعارض العقل و النقل ) ( 5 / 26 )
( وقد اجمع أهل المعرفة بالمنقول على أن ما يروى عن علي وعن جعفر الصادق من هذه الأمور التي يدعيها الباطنية كذب مختلق ولهذا كانت ملاحدة الشيعة والصوفية يسبون إلحادهم إلى علي وهو بريء من ذلك )
و قال يرحمه الله في ( منهاج السنة ) ( 2 / 464 ) عند ذكره علياً و جعفراً الصادق رضي الله عنهما : (: (الكذب على هؤلاء [يعني : الأئمة الاثني عشر] في الرافضة أعظم الأمور ، لا سيما على جعفر بن محمد الصادق ، فإنه ما كُذب على أحدٍ ما كُذب عليه ، حتى نسبوا إليه : كتاب (( الجفر )) .
و قال في ( 8 / 10 – 11 ) منه : (( و من الناس من ينسب إليه – أي : إلى علي رضي الله عنه – الكلام في الحوادث كـ ( الجفر ) و غيره ، و آخرون ينسبون إليه (( البطاقة )) و أموراً أخرى يعلم أن علياً بريء منها ، و كذلك جعفر الصادق قد كذب عليه من الأكاذيب ما لا يعلمه إلا الله ...)
و قال أيضاً :
( ومن المعلوم بالتواتر علما ضروريا لمن له خبرة متوسطة بأحوال الصحابة أنهم كانوا أعظم الخلق منافاة لمثل هذه التحريفات التي يسمونها التعبير والتأويل خاصتهم وعامتهم وأن جميع ما ينقل عنهم مما يخالف الظاهر المعروف فهو كذب مفترى مثل ما يزعم أهل البطاقة والجفر ونحو ذلك مما يدعونه من العلوم الباطنة المنقولة عن علي كرم الله وجهه وأهل البيت رضي الله عنهم )
و قال ابن خلدون في ( مقدمته ) :
(واعلم أن كتاب الجفر كان أصله أن هارون بن سعيد العجلي، وهو رأس الزيدية، كان له كتاب يرويه عن جعفر الصادق، وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص. وقع ذلك لجعفر ونظائره من رجالاتهم على طريق الكرامة والكشف الذي يقع لمثلهم من الأولياء. وكان مكتوبا عند جعفر في جلد ثور صغير، فرواه عنه هارون العجلي وكتبه، وسماه الجفر باسم الجلد الذي كتب عليه، لأن الجفر في اللغة هو الصغير وصار هذا الاسم علماً على هذا الكتاب عندهم، وكان فيه تفسير القرآن وما في باطنه من غرائب المعاني مروية عن جعفر الصادق. وهذا الكتاب لم تتصل روايته ولا عرف عينه، وإنما يظهر منه شواذ من الكلمات لا يصحبها دليل ، و لو صح السند إلى جعفر الصادق ، لكان فيه نعم المستند من نفسه أو من رجال قومه )
و قد حكم ببطلان هذه النسبة ايضا : صديق حسن خان في( أبجد العلوم ) ( 2 / 214 – 216 ) و ( لقطة العجلان ) فقال :
( فهذا الكتاب لا تصح نسبته الى علي ولا الى جعفر الصادق ، والذين نسبوه اليها من اجهل الناس بمعرفة المنقولات والاحاديث والاثار ، والتمييز بين صحيحها وسقيمها ،، وعمدتهم في المنقولات التواريخ المنقطعة الاسناد وكثير منها من وضع من عرف بالكذب والاختلاق ، وغير خاف عن طلبة العلم ان ما لا يعلم الا من طريق النقل لا يمكن الحكم بثبوته الا بالرواية الصحيحة السند ، فاذا لم توجد فلا يسوغ لنا شرعا وعقلا ان نقول بثبوته .)
و حق لهذا الكتاب أن ينظم في سلك ( كتب منحولة ) ، و لكني ذكرته هنا لما رأيت و أحسست من أثر بالغ له في نفوس العامة ، و كانوا – أو – كادوا – يعتقدون ما فيه ، و يجزمون بوقوع أشياء في المستقبل عليه ، فلا حول و لا قوة إلا بالله .