بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
دائما ما يزعم الصوفية وغيرهم من أهل البدع أن الذهاب لقبر النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الاستغفار لهم هو وسيلة تقربهم إلى الله عز وجل واستدلوا بآية هي في الحقيقة عليهم وليست لهم فاستدلوا بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} وذكروا معها قصة العتبي التي كانت مناما فجعلوها تشريعاً والغريب أنهم في باب العقائد يردون حديث الآحاد ويقبلون بقصة منام لم تثبت وكل هذا من أجل نصرة الباطل.
ثانياً: أن الآية المقصود بها المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فقط.
ثالثا: أن اللفظ العام لا يتناول إلا ما كان من أفراده والمجيء إلى قبر الرجل ليس من أفراد المجيء إلى عين الرجل لا لغة ولا شرعاً ولا عرفاً فإن المجيء إلى الرجل ليس معناه إلا المجيء إلى عين الرجل ولا يفهم منه أصلا أمرا زائدا على هذا.
رابعاً: وهو مهم أنه لم يثبت عن الصحابة أو التابعين وهم خير القرون على الإطلاق هذا الأمر الذي ذم الله عز وجل من تخلف عنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وجعل التخلف عنه من أمارات النفاق، فإن قلتم كيف ذلك؟
فيقال: لا شك أن المسلم إذا دعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وقد ظلم نفسه ليستغفر له فأعرض عن المجيء مع قدرته عليه كان مذموماً وهذا لا شك أنه أمر لا يتخلف عنه الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لو كان مشروعاً فهنا يلزمكم أمرين:
إما أن تسووا بين الدعوتين الدعوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يتخلف عنها الصحابة والدعوة بعد حياة النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم فيلزمكم بإثبات الأجر لهم في الأولى وإثبات الإثم لهم في الثانية.
الأمر الثاني أن تفرقوا بين الدعوتين ففي الأولى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والتي استجاب لها الصحابة رضي الله عنهم، والثانية بعد موته فلم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم فالنتجية المنطقية تكون أنه لا حجة لكم في هذه الآية.
قاصمة ظهر البعير
روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة، وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم" فأقول لعقلاء الصوفية تنبهوا:
إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد عمر رضي الله عنه أن يطلب الاستغفار من أويس وهو تابعي، ولم نره صلى الله عليه وسلم أرشده إلى نفسه بعد موته ولا يخفى عليكم عظم المنزلة بين أويس القرني وبين النبي صلى الله عليه وسلم فهل ترون أن من نُصحِ النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يدعوهم إلى المفضول ويترك الفاضل؟! فتنبهوا هداكم الله.
فلماذا لم يرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبره وأرشدهم إلى تابعي؟