العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-07-18, 06:49 AM   رقم المشاركة : 1
عبد الملك الشافعي
شيعي مهتدي






عبد الملك الشافعي غير متصل

عبد الملك الشافعي is on a distinguished road


تعسُّف الإمامية بانتزاع شرط العصمة المطلقة للإمام من آية إمامة إبراهيم ( البقرة:124 )

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمرة أخرى أتناول استدلال الشيعة بآية إمامة إبراهيم لإثبات الإمامة التي يعتقدوها ..
ولكن هذه المرة ليس من خلال معنى الإمام في الآية ، بل من خلال معنى الظلم بقوله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين ) ..
أي أني سأسلم لهم مؤقتاً بأن معنى الإمامة في الآية هو ما ذهبوا إليه - وهيهات ثم هيهات أن يثبتوه - لننظر هل يصح بعده استخراج شرط العصمة للإمام مدى الحياة ؟!
استدلال الشيعة:
فمن هذا المقطع ( لا ينال عهدي الظالمين ) استدل الشيعة بأن الظالم ممنوع من نيل الإمامة ، أي لا بد أن يكون معصوماً من الظلم ليكون مؤهلاً لنيلها ..
ثم بنوا عليه عدم أهلية أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم للإمامة لصدور الظلم منهم وهو عبادة الأصنام في الجاهلية ..
جواب أهل السنة:
وهنا أجاب أهل السنة بأن الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم لم يصدر منهم الظلم - عبادة الأصنام - وقت تصديهم للإمامة بل كانوا مسلمين موحدين ، فلا يشملهم المنع المذكور ، لأن الظالم حقيقة يطلق على مَنْ كان متلبساً بالظلم وقت التصدي ، ولا يطلق على مَنْ كان ظالماً في الماضي ثم تاب إلا على سبيل المجاز ، والأصل حمل الكلام على الحقيقة ..

جواب الشيعة:
ومن يتأمل في جواب علماء الشيعة على ذلك الإشكال سيجد أنه قائم على دعوتين هما:
الدعوى الأولى: أن يكون الإمام معصوماً من الظلم مدى الحياة وليس فقط وقت تصديه للإمامة
وهذه الدعوى قد أوردوا عليها دليلاً عقلياً ليثبتوا من خلاله أن الذي منع الله تعالى عنه الإمامة هو مَنْ كان ظالماً في الماضي وليس وقت التصدي ، ونص الدليل هو:
قال آيتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاني في كتابه ( مفاهيم القرآن )( 5 / 414-415 ):[ إنَّ الناس بالنسبة إلى الظلم على أربعة أقسام :
?. مَنْ كان في طيلة عمره ظالماً.
?. مَنْ كان طاهراً ونقياً في جميع عمره.
?. مَنْ كان ظالماً في بداية عمره وتائباً في آخره.
?. مَنْ كان طاهراً في بداية عمره وظالماً في آخره.
عند ذلك يجب أن نقف على أنّ إبراهيم عليه ‌السلام الّذي سأل الإمامة لبعض ذريته ، أراد أي قسم منها ؟
حاشا إبراهيم عليه ‌السلام أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل والرابع من ذريته ، لوضوح أنَّ الغارق في الظلم من بداية عمره إلى آخره أو الموصوف به أيام تصدّيه للإمامة لايصلح لأن يؤتمن عليها ،
فبقي القسمان الآخران ، أعني : الثاني والثالث ، وقد نص سبحانه على أنّه : لا ينال عهده الظالم ، والظالم في هذه العبارة لا ينطبق إلاّ على القسم الثالث ، أعني : من كان ظالماً في بداية عمره وصار تائباً حين التصدّي ، فإذا خرج هذا القسم بقي القسم الثاني ، وهو من كان نقي الصحيفة طيلة عمره ، لم ير منه لا قبل التصدّي ولا بعده انحراف عن الحق ، ومجاوزة للصراط السوي ]..
وقد اعتمد هذا الدليل العديد من علماء الإمامية ومنهم:
1-علامتهم محمد حسين الطباطبائي في كتابه ( الميزان في تفسير القرآن )( 1 / 274 ).
2-آيتهم العظمى محمد آصف المحسني في كتابه ( صراط الحق )( 3 / 88 ).
3-محمد مهدي الآصفي في كتابه ( مدخل إلى دراسة نص الغدير )( ص 95-96 ).
4-شيخهم جلال الدين الصغير في كتابه ( الإمامة ذلك الثابت المقدس )( ص 85 ).
5-شيخهم محمد الريشهري في كتابه ( القيادة في الإسلام )( ص 312 ).
وغيرهم كثير.
6-مرجعهم محسن الحكيم في كتابه ( حقائق الأصول )( 1 / 118 ).
7-شيخهم محمد طاهر آل الشيخ راضي في كتابه ( بداية الوصول في شرح كفاية الأصول )( 1 / 237-238).
8-شيخهم أبو الصلاح الحلبي في كتابه ( تقريب المعارف )( ص 192 ).
9-شيخهم ميرزا أحمد الاشتياني في كتابه ( لوامع الحقائق في أصول العقائد )( 2 / 6 ).
10-الشيخ محسن الخرازي في كتابه ( بداية المعارف الألهية في شرح عقائد الإمامية )( 2 / 70 ).

وقد أطلقت على دليلهم هذا اصطلاح " دليل القسمة الرباعية " .
فخرجوا من هذا الدليل بأن الإمامة ممنوعة عمن صدر منه ظلم في الماضي وإنْ تاب منه وقت التصدي وهو القسم الثالث من ذرية إبراهيم عليه السلام.

الدعوى الثانية: أن الظلم في الآية هو مطلق الذنوب وليس الشرك بعبادة الأصنام فقط
وهذا الدعوى مكملة للدعوى السابقة ليكتمل استدلالهم بأن الظلم المانع من الإمامة هو مطلق الذنوب وليس فقط عبادة الأصنام ، ليخرجوا من مجموع الدعوتين بوجوب عصمة الإمام من مطلق الذنوب من أول عمره إلى آخره ..
فممن نطق بهذه الدعوى من علمائهم:
1-يقول علامتهم محمد حسين الطباطبائي في كتابه ( الميزان في تفسير القرآن )( 1 / 274 ):[ وبهذا البيان يظهر : أن المراد بالظالمين في قوله تعالى ، ( قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) مطلق من صدر عنه ظلم ما ، من شرك أو معصية ، وإنْ كان منه في برهة من عمره ، ثم تاب وصلح ].
2-يقول آيتهم العظمى ومحققهم جعفر السبحاني في كتابه ( محاضرات في الإلهيات )( ص 372 ):[ وأما الثاني : أعني المراد من الظالمين ، فالظلم في اللغة هو وضع الشئ في غير موضعه ومجاوزة الحد الذي عينه الشرع ، والمعصية من وضع الشئ ( العمل ) في غير موضعه ، فالمعصية من مصاديق الظلم ، قال سبحانه : ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) . ثم إن الظاهر من صيغة الجمع المحلى باللام ، إن الظلم بكل ألوانه وصوره مانع عن نيل هذا المنصب الإلهي ، وتكون النتيجة ممنوعية كل فرد من أفراد الظلمة عن الارتقاء إلى منصب الإمامة .. ولازم ذلك كون الإمام طاهرا من الذنوب من لدن وضع عليه قلم التكليف ، إلى آخر حياته ، وهذا ما يرتئيه الإمامية في عصمة الإمام ].
3-يقول آيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي في كتابه ( الأمثل في تفسير كتاب الله المنزَّل )( 1 / 372-373 ):[ من الظالم ؟ المقصود من " الظلم " في التعبير القرآني : لا ينال عهدي الظالمين لا يقتصر على ظلم الآخرين ، بل الظلم ( مقابل العدل ) ، وقد استعمل هنا بالمعنى الواسع للكلمة ، ويقع في النقطة المقابلة للعدل : وهو وضع الشئ في محله . فالظلم إذن وضع الشخص أو العمل أو الشئ في غير مكانه المناسب .
ولما كانت منزلة الإمامة والقيادة الظاهرية والباطنية للبشرية منزلة ذات مسؤوليات جسيمة هائلة عظيمة ، فإن لحظة من الذنب والمعصية خلال العمر تسبب سلب لياقة هذه المنزلة عن الشخص ].
فمن هاتين الدعوتين خرجوا بهذه النتيجة:[ وجوب عصمة الإمام مدى الحياة وليس فقط وقت التصدي للإمامة ، ومن مطلق الذنوب وليس فقط من عبادة الأصنام والشرك ] ..
أي بناءاً على حملهم الظلم على مطلق الذنوب سيكون:
غير الظالم = المعصوم
فيقول آيتهم العظمى علي السيستاني في كتابه ( الرافد في علم الأصول )( ص 264 ):[ وخلاصة الاستدلال : أن الآية تنفي لياقة الظالم بمنصب الإمامة ، سواءاً كان ظالماً فعلاً أم كان ظالماً سابقاً ، ولازم ذلك اعتبار العصمة في منصب الإمامة ، إذ لا واسطة بين الظلم وبين العصمة فانتفاء الظلم مستلزم لثبوت العصمة ].

ومناقشتي لهذه الاستدلال ستكون من ستة وجوه وكما يلي:
الوجه الأول:
لا أسلم لكم بأن المراد بالظلم هو مطلق الذنوب ، فقد وردت روايات وأقوال تشير إلى أن المراد منه هو الشرك وعبادة الأصنام تحديداً ، فمنها:
1-روى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي في كتابه ( الأمالي )( ص 378-379 ):[ عن مينا مولى عبد الرحمن ابن عوف ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا دعوة أبي إبراهيم . فقلنا : يا رسول الله ، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال : أوحى الله ( عز وجل ) إلى إبراهيم أني جاعلك للناس إماما ؟ فاستخفَّ إبراهيم الفرح ، فقال : يا رب ، ومن ذريتي أئمة مثلي ؟ فأوحى الله ( عز وجل ) إليه : أن يا إبراهيم ، إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به . قال : يا رب ، ما العهد الذي لا تفي لي به ؟ قال : لا أعطيك لظالم من ذريتك . قال : يا رب ، ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك ؟ قال : من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا ، ولا يصح أن يكون إماما . قال إبراهيم : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) . قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي لم يسجد أحد منا لصنم قط ، فاتخذني الله نبيا ، وعليا وصيا ].
فهذه الرواية صريحة في المطلوب وبيانه:
أ-إنَّ الظلم قد فسره الله تعالى بمن سجد لصنم.
ب-إقرار إبراهيم عليه السلام بهذا المعنى للظلم من خلال دعائه بأن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام.
ج-لو كان المفهوم من الظلم عند إبراهيم عليه السلام هو مطلق الذنوب لكان دعاؤهم لله تعالى بأن يجنبه وذريته مطلق الذنوب وليس عبادة الأصنام فقط.
د-أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم هو عبادة الأصنام مستشهداً بنقائه من ذاك الظلم هو وعلي رضي الله عنه بعدم سجودهم لصنم ، وليس مطلق الذنوب.

2-ينقل علامتهم الفيض الكاشاني في تفسيره ( الصافي )( 3 / 89-90 ) رواية من كتاب الاحتجاج:[ وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قد حظر على مَنْ مسَّه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم عليه السلام لا ينال عهدي الظالمين أي المشركين لأنه سمى الشرك ظلما بقوله إن لشرك لظلم عظيم فلما علم إبراهيم إن عهد الله بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام ].
وهذا النص كسابقه يفسر الظلم بعبادة الأصنام في أكثر من موضع من الرواية:[ من مسَّه الكفر ، أي المشركين ] ..
وفي آخر الرواية طلب إبراهيم عليه السلام من الله تعالى بأن يجنبه وذريته من الظلم المانع من نيل الإمامة وهو عبادة الأصنام ، فلو كان الظلم المانع هو مطلق الذنوب لم يقتصر على طلب تجنب عبادة الأصنام دون سائر المعاصي ..

3-ينقل علامتهم الفيض الكاشاني أيضاً في تفسيره ( 1 / 187 ):[ وفي الكافي عن الصادق ( عليه السلام ) قال إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وان الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا وان الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وان الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما فلما جمع له الأشياء قال إني جاعلك للناس إماما قال فمن عظمها في عين إبراهيم قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين قال لا يكون السفيه إمام التقي وعنه ( عليه السلام ) من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما . أقول : وفيه تعريض بالثلاثة حيث عبدوا الأصنام قبل الإسلام . ].

4-روى ابن شهر آشوب المازندراني في كتابه ( مناقب آل أبي طالب )( 1 / 213 ):[ وفي خبر أنه قال : ومن الظالم من ولدي ؟ قال : من سجد لصنم من دوني ، فقال إبراهيم : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) ، وقد ثبت أن النبي والوصي عليهما السلام ما عبدا الأصنام فانتهت الدعوة إليهما فصار محمد نبيا وعلي وصيا ].

5-أورد عالم الإمامية محمد بن جرير الطبري في كتابه ( المسترشد )( ص 311 ):[ 114 - قال الله عز وجل ، حيث خاطب إبراهيم عليه السلام : ( لا ينال عهدي الظالمين ) فادعو الإمامة لرجل : قد عبد الأوثان ، وأشرك بالله أكثر عمره ، وجاء في تفسير هذه الآية : أنهم عابدوا الأوثان ].

6- كرر عالم الإمامية محمد بن جرير الطبري في كتابه ( المسترشد )( ص 648-649 ):[ ثم لم ينجس بعبادة الأوثان والأصنام قط .. وهو ممن وصفه الله حيث يقول : ( واجنبني وبني ان نعبد الأصنام ) ثم قال : ( ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) بعدما قال : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ، فنظرنا في أمر الظالم ، فإذا الآية قد فسروها بأنه عابد الأصنام ، فإن من عبدها فقد لزمه اسم الظلم ، فقد نفى الله للظالم أن يكون إماما ].

7-يقول مرجعهم الكبير محمد سعيد الحكيم في كتابه ( المحكم في أصول الفقه )( 1 / 244 ):[ وفيه مضافا إلى أن الظلم قد فُسِّر في كثير من الروايات المذكورة بالشرك والكفر ].

8-يقول مرجعهم محمد رضا الكلبايكاني في كتابه ( إفاضة العوائد )( 1 / 77 ):[ لكن الناظر في أخبار الباب يجدها بكثرتها صادرة عن النبي والأئمة صلى الله عليه وعليهم أجمعين في بيان المراد الواقعي لا الاستدلال بظاهرها ، ويكفيك شاهدا قول النبي صلى الله عليه وآله ناقلا عن إبراهيم عليه السلام قال : ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك ؟ قال : من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا ولا يصلح أن يكون إماما ].
وبهذا ينتقض ما استنبطوه من اشتراط العصمة من مطلق الذنوب في الإمام ؛ إذ سيكون الشرط المستنبط هو عصمة الإمام من عبادة الأصنام ..
وفي هذا التقرير لمعنى الظلم من الضرر عليهم ما الله به عليم ؛ إذ سيدخل في هذا الاستحقاق للإمامة كل مَنْ وُلِدَ في الإسلام ولم يتلوث بعبادة الأصنام ، ابتداءاً بأبناء الصحابة فمن بعدهم وإلى قيام الساعة ، فلا تكون الإمامة محصورة باثني عشر إماماً كما يزعمون ، بل سيشاركهم باستحقاقها كل مسلم من هذه الأمة لم يسجد لصنم من أبناء الصحابة وإلى قيام الساعة ، وهو ما يهدم أصل اعتقادهم بالإمامة.


الوجه الثاني:
لو سلمنا لكم بكون المراد من الظلم في الآية هو مطلق الذنوب وليس عبادة الأصنام ، فتعالوا لننظر في دليل القسمة الرباعية الذي أورده مراجع الإمامية:
لقد أثبت الإمامية بهذا الدليل أن إبراهيم عليه السلام قد طلب الإمامة للقسم الثالث ( من كان ظالماً في بداية عمره وتائباً في آخره ) ، ومعنى تائباً في آخره أي لم يتلبس بالظلم وقت التصدي للإمامة ، أي كان نقياً من مطلق الذنوب وقت تصديه للإمامة ، أي كان معصوماً وقت تصديه للإمامة ، بناءاً على تفسيرهم للظلم بمطلق الذنوب ..
ثم زعموا بأن هذا المعصوم وقت التصدي - والظالم بالمعاصي قبلها - والذي طلب له إبراهيم عليه السلام الإمامة ، قد جاء الرفض الإلهي بحقه في الإمامة بقوله سبحانه ( لا ينال عهدي الظالمين ) ؛ إذ يؤكد ذلك علامتهم ابن المطهر الحلي في كتابه ( نهج الحق وكشف الصدق )( ص 171 ) قائلاً:[ شرط الإمام أن لا يسبق منه معصية على ما تقدم ، والمشايخ قبل الإسلام كانوا يعبدون الأصنام ، فلا يكونوا أئمة ، فتعين علي عليه السلام لعدم الفارق ].
أي أنَّ مَنْ صدرت منه معصية - حتى لو كانت قبل تقلده لمنصب الإمامة - جاء البيان الإلهي بعدم استحقاقه ..
وفي ضوء تقريرهم أعلاه أطرح سؤال مفصلي ونصه:
هل اشترط علماء الإمامية فعلاً عصمة النبي والإمام من مطلق المعاصي - الظلم - حتى قبل النبوة والإمامة ؟

الجواب:
إنَّ مَنْ يراجع تقريرات كبار علماء الإمامية وأعمدة المذهب سيجد تصريحاتهم بتجويز صدور المعاصي - الصغائر - من الأنبياء والأئمة قبل نيلهم للنبوة والإمامة ، فمن أقوالهم في ذلك:
1-يقول شيخهم المفيد الذي انتهت إليه رئاسة المذهب في كتابه ( أوائل المقالات ) ( ص62 ) تحت عنوان( القول في عصمة الانبياء عليهم السلام ):[ أقول : إن جميع أنبياء الله - صلوات الله عليهم- معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها وما يستخف فاعله من الصغائر كلها ، وأما ما كان من صغير لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة وعلى غير تعمد وممتنع منهم بعدها على كل حال ، وهذا مذهب جمهور الامامية ، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه].
ولي على هذا القول تنبيهان:
أ- صرح بأن صدور المعاصي قبل النبوة جائز على الأنبياء حيث قال " وأما ما كان من صغير لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة وعلى غير تعمد"
وهذا يأتي على بنيانهم من القواعد حين زعموا بأن صدور المعصية وإن كان قبل النبوة والإمامة يسلب عنه استحقاق نيلها.

ب-إن هذه العقيدة التي صرح بها - بجواز صدور المعاصي من الأنبياء قبل النبوة - ليست عقيدته الشخصية التي تفرد بها ، بل هي عقيدة جمهور الشيعة الإمامية في وقته حيث قال " وهذا مذهب جمهور الإمامية " ، أي أن جمهور علماء الشيعة في زمن المفيد يعتقدون بطلان النتيجة التي استنبطها المعاصرون من علماء الإمامية من آية إمامة إبراهيم !!!

2-لقد اعترف المفيد أيضاً في نص آخر بأن جواز صدور الصغائر لا يقتصر على الأنبياء قبل النبوة ، بل هو جائزٌ بحق الأئمة أيضاً ، فقال في كتابه ( أوائل المقالات ) ( ص 65 ) تحت عنوان ( 37-القول في عصمة الأئمة عليهم السلام ):[ وأقول : إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء ( ص ) في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء ، وإنهم لا يجوز منهم صغيرة إلا ما قدمت ذكر جوازه على الأنبياء ، وإنه لا يجوز منهم سهو في شئ في الدين ولا ينسون شيئا من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منهم ].
وأنبه للقارئ لما ورد في كلامه إلى ما يلي:
أ-صرح بأن صدور صغائر الذنوب ثابتٌ بحق الأئمة قبل الإمامة كما أثبته بحق الأنبياء قبل النبوة بقوله " ، وإنهم لا يجوز منهم صغيرة إلا ما قدمت ذكر جوازه على الأنبياء " وهذا كما ذكرت يأتي على بنيانهم من القواعد حين زعموا بأن صدور المعصية وإن كان قبل النبوة والإمامة يسلب عن الإنسان استحقاق نيلها.

ب-إن هذه العقيدة التي صرح بها - بجواز صدور المعاصي من الأئمة قبل الإمامة - ليست عقيدته الشخصية التي تفرد بها ، بل هي عقيدة سائر علماء الإمامية في وقته حيث قال " وعلى هذا مذهب سائر الإمامية " ، أي أن جمهور علماء الشيعة في زمن المفيد يعتقدون بطلان النتيجة التي استنبطها المعاصرون من علماء الإمامية من آية إمامة إبراهيم !!!

3-إن محققهم الاردبيلي قد وافق الشيخ المفيد بتجويز صدور الصغائر من الأنبياء قبل النبوة ، فينقل هذه الموافقة مرجعهم جعفر السبحاني في كتابه (مفاهيم القرآن) ( 4 / 408-409 ) بقوله:[ ويظهر ذلك من المحقق الأردبيلي في تعاليقه على شرح التجريد للفاضل القوشجي حيث أن المحقق الطوسي استدل على العصمة بأنه لولاها لما حصل الوثوق بقول الانبياء ، وأورد عليه الشارح ( أي القوشجي ) بأن صدور الذنب لا سيما الصغيرة سهواً لا يخل بالوثوق ، وعلق الأردبيلي بقوله " خصوصاً قبل النبوة " ].

4-ذكر مرجعهم الكبير أبو القاسم الخوئي كلاماً مفاده بأن العصمة التي يشترطوها في الإمام وقت إمامته ، غير واجبة له بنفس السعة والتفصيل قبل وقت إمامته ، بمعنى أن العصمة المطلقة تكون واجبة فقط وقت إمامته ولا تجب قبلها ، فقال في كتابه ( أجود التقريرات ) ( 1 / 82 ) :[ فإنا "وإن" لم نشترط العصمة بالمعنى المعتبر في الإمام عليه السلام حين إمامته قبل اتصافه بالإمامة].
فما دامت العصمة المطلقة قد اشترطوها للإمام فقط وقت إمامته وليس قبلها ، فهم بذلك يهدموا كل ما بنوه من اشتراط العصمة المطلقة للإمام قبل وقت إمامته .
فها هي عقول أعلام المذهب وأساطينه تهدم وبكل صراحة تلك العصمة المطلقة التي اشترطوها في الإمام قبل وقت إمامته ، فلم تبقِ للقائلين بها متنفساً أو مغارةً يلوذون إليها ، والحمد لله الذي أنطق علماء الشيعة بالحق المبين.

الوجه الثالث:
من خلال الوجه الأول أثبتنا أن الظلم المانع من استحقاق الإمامة هو عبادة الأصنام وليس مطلق الذنوب ..
ومن خلال الوجه الثاني أثبتنا أن المانع من استحقاق الإمامة هو صدور الظلم منه وقت تصديه للإمامة وليس قبله ، بدليل تجويزهم صدور المعاصي من الأنبياء والأئمة قبل وقت نبوتهم وإمامتهم ..
فعليه نقول باستحقاق أبي بكر وعمر للإمامة لأنهم لم يتلبسوا بالظلم - عبادة الأصنام - وقت تصديهم للإمامة ، بل صدر ذلك منهم قبل إمامتهم بسنوات عديدة ، فلا يشملهم المنع الإلهي بقوله سبحانه ( لا ينال عهدي الظالمين ) ، والحمد لله أولاً وآخراً ..


الوجه الرابع:
في ضوء تفسيرهم للظلم بمطلق الذنوب أطرح هذا السؤال:
هل وُجِدَت فعلاً هذه الأقسام الأربعة بذرية إبراهيم عليه السلام على أرض الواقع أم أنها مجرد قسمة ذهنية لا واقعية ؟!

الجواب:
من يتأمل بتفصيل ما سأذكره من جواب ، سيجزم بأن هذا التقسيم هو ذهني لا يوجد لبعضه مصداقاً على أرض الواقع ، وخصوصا الأقسام التالية:
القسم الرابع:
إنَّ من يتأمل في هذا القسم سيجزم بأنه من نسيج الخيال فقط ، لعدم وجود مصداق له في أرض الواقع فضلاً عن تكراره بذرية إبراهيم عليه السلام في كل عصر إلى قيام الساعة !!!
فهل في ذريته مَنْ كان معصوماً من مطلق الذنوب منذ بداية عمره ثم انحرف للمعاصي بعد أن كان معصوماً ؟!
فكيف لنا أن نتخيل شخصاً كان معصوماً بعصمة مطلقة من سائر الذنوب ثم ينحرف للمعاصي ؟!
فكيف لو كانت هذه الصورة متكررة في ذرية إبراهيم إلى قيام الساعة ، أشخاص معصومون في بداية أعمارهم ثم ينحرفوا بالظلم والمعاصي بعد العصمة ؟!
فكيف حصلوا على هذه العصمة - من بداية أعمارهم لحين وقت التصدي للإمامة - ومَنْ وهبها لهم ؟! ولماذا وهبها لهم ؟! وكيف فقدوها ومَنْ سلبها منهم ؟!
دُلُّونا يا علماء الإمامية على أناسٍ في أرض الواقع ينطبق عليهم هذا الوصف الوارد بالقسم الرابع لكي يسلم لكم التقسيم والاستدلال


القسم الثالث:
مَنْ كان ظالماً - عاصياً - ثم أصبح معصوماً وقت تصديه للإمامة ، وهو أيضاً قسم ذهني لا وجود له بأرض الواقع ..
فهل وُجِدَ بأرض الواقع قسمٌ من ذرية إبراهيم عليه السلام كانوا عصاةً ثم أصبحوا معصومين ؟!
فكيف أُفيضَت عليهم العصمة بعد أن كانوا عصاةً ؟! ومَنْ وهبهم تلك العصمة المطلقة بعد أن كانوا عصاةً ظالمين مذنبين ؟!
دُلُّونا يا علماء الإمامية على أناسٍ في أرض الواقع ينطبق عليهم هذا الوصف الوارد بالقسم الثالث لكي يسلم لكم التقسيم والاستدلال.


الوجه الخامس:
بعد أن وقفنا على هزالة استدلال الإمامية لانتزاع شرط العصمة من قوله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين ) ، سنبين في هذا الوجه كيف هدم بعض علماء الإمامية ذلك البنيان ؛ إذ استدلوا بنفس الآية على اشتراط العدالة وليس العصمة سواء بالصراحة أو المضمون ، ومنهم:
1-لقد صرح مرجعهم الكبير محمد آصف المحسني بذلك في عدة أقوال منها:
أ-قال في كتابه ( مشرعة بحار الأنوار )( 1 / 453 ):[ والعمدة في الدلالة آيتان : أحداها : قوله تعالى : ( قال إني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) وتقريب الاستدلال طويل مذكور في ( صراط الحق 3 : 94 0 96 ). لكن القدر المتيقن منها ثبوت العدالة للإمام دون العصمة فراجعه ].
ب-قال في كتابه ( صراط الحق )( 3 / 89 ):[ لكن القدر المتيقن من دلالة الآية الكريمة هو اشتراط العدالة في الإمام من أول عمره إلى آخره ؛ إذ العدالة تكفي لأن يصدق عليه أنه غير ظالم ؛ ولذا لا يصدق على الأخيار وأفاضل العلماء الأبرار أنهم ظالمون صدقاً عرفياً ، وكلام الله منزل على فهمهم ].
ج- في معرض كلامه عن دليل القسمة الرباعية أثبت أن القسم المقصود بقوله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين ) هو مَنْ كان ظالماً قبل وقت التصدي وعادلاً وقتها ، فلم يقل من كان معصوماً وقت الإمامة بل قال من كان عادلاً وقتها ، فقال في كتابه ( صراط الحق )( 3 / 88 ):[ وعليه فالذرية المذكورة كانت غير ظالمة حين السؤال بل صالحة سواء كان صلاحهم من أول أمرهم أو بعده قبل السؤال ، قوله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين ) ينفي الإمامة عمن تلبس بالظلم ولو تاب عنه وصلح حين السؤال ؛ إذ لا شك أنه رد على سؤال الخليل وعدم قبوله بحده. بل هو في سؤاله حتى يتوجه الرد إليه. فلا محالة ينحصر الرد بالظالم قبل السؤال وإن كان عادلاً حينه. فتخص الإمامة بمن لم يتلبس بالظلم من أول عمره أصلاً ].

2-استدل آيتهم العظمى منتظري على عدالة الوالي - وليس عصمته - بنفس الآية ، فقال في كتابه ( نظام الحكم في الإسلام ) تحت عنوان (الفصل الثالث في إثبات شروط الوالي بالكتاب والسُنّة )( ص 107-109 ):[ 3 - العدالة فلا ولاية للظالم والفاسق على المسلمين ، ويدل عليه مضافاً إلى حكم العقل ، الآيات والروايات الكثيرة : 1 - قال - تعالى - : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهنّ ، قال : إنّي جاعلك للناس إماماً ، قال : ومن ذرّيتي ، قال : لا ينال عهدي الظالمين ) ].

3- استدل عالمهم علي أكبر السيفي المازندراني بالآية على اشتراط العدالة - وليس العصمة - فقال في كتابه ( دليل تحرير الوسيلة ( ولاية الفقيه ))( ص 233 ):[ وحيث إنّ حفظ أموال الميت من الضياع والقيام بإيصالها إلى مستحقيه مما لا بدّ منه ، ويتعذّر الوصول إلى الحاكم ودار الأمر بين عدول المؤمنين وغيرهم يكون المتيقن من رضى الشارع ولاية العدول دون غيرهم بل هو الأقوى ؛ نظراً إلى أنّه مقتضى الإطلاقات ، مثل قوله تعالى ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )].

4-استدل آيتهم العظمى محمد رضا الكلبايكاني بنفس الآية على اشتراط العدالة ، فقال في كتابه ( كتاب القضاء )( 1 / 23 ):[ قال : " والعدالة " . قال بعض علمائنا المعاصرين : هذا الشرط يغني عن اشتراط " الإيمان " . ويمكن الاستدلال لاشتراط العدالة بقوله سبحانه : " لا ينال عهدي الظالمين " لأن الولاية على القضاء ونفوذ الحكم عهد من الله تعالى والفاسق ظالم فلا يناله عهده . ويدل عليه النصوص الكثيرة ].

5-يستدل علامتهم ابن المطهر الحلي بهذه الآية على اشتراط العدالة وليس العصمة ، فيقول في كتابه ( تذكرة الفقهاء )( 9 / 393 ):[ الثالث : أن يكون عدلا ، لما تقدم ، فإن الفاسق ظالم ولا يجوز الركون إليه والمصير إلى قوله ، للنهي عنه في قوله تعالى : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ). ولأن الفاسق ظالم ، فلا ينال مرتبة الإمامة ، لقوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ].
فكل هؤلاء الأعلام والمراجع هدموا - من حيث يشعرون أو لا يشعرون - ما بناه الإمامية من دلالة الآية على العصمة ، باستنباطهم منها شرط العدالة وليس العصمة ، فالحمد لله القائل ( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )( الحشر:2 )


الوجه السادس:
بعد أن بينا بالوجه الأول من مروياتهم وكلام علمائهم أن المراد بالظلم هو عبادة الأصنام وليس مطلق الذنوب ..
تعالوا معي لنتأمل معنى الظلم في الرواية عن الصادق رحمه الله تعالى ، والتي يرويها ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني في كتابه ( الكافي )( 1 / 175 ):[ من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما ].
وقبل التأمل في بيانها لمعنى الظلم ، لا بد من الإشارة إلى تنبيهين مهمين هما:
التنبيه الأول:غرضه بيان عدم استحقاق الخلفاء الراشدين للإمامة
إن الصادق - رضي الله عنه - أراد بذلك التعريض بالخلفاء الراشدين - أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم - وبيان عدم استحقاقهم للإمامة لوقوعهم بالشرك وهو عبادة الأصنام ، فمن أقوالهم في ذلك:
1-يقول محققهم كاظم الخراساني في كتابه ( كفاية الأصول )( ص 49 ):[ الثالث : استدلال الامام - عليه السلام - تأسيا بالنبي - صلوات الله عليه - كما عن غير واحد من الأخبار بقوله ( لا ينال عهدي الظالمين ) على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة والخلافة ، تعريضاً بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة ].

2-يقول علامتهم الفيض الكاشاني في تفسيره ( الصافي )( 1 / 187 ):[ أقول : وفيه تعريض بالثلاثة حيث عبدوا الأصنام قبل الإسلام ].

3-يقول علامتهم محمد باقر المجلسي في كتابه ( مرآة العقول )( 2 / 283 ):[ وقوله عليه السلام : من عبد صنما أو وثنا لم يكن إماما .. فيكون تعريضاً لأئمة المخالفين الذين كانوا في أكثر عمرهم مشركين ].

4-يقول ميرزا حبيب الله الرشتي في كتابه ( بدائع الأفكار )( ص 182 ):[ ومنها وهو العمدة في الباب استدلال الإمام عليه السلام تأسّيا بالنبي صلى الله عليه وآله في غير واحد من الأخبار بقوله تعالى لا ينال عهدي الظَّالمين على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا بمنصب الإمامة والخلافة مريدين به التعريض على الثلاثة ].

5-يقول علامتهم مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي في كتابه ( عناية الأصول في شرح كفاية الأصول )( 1 / 146 ):[ إنَّ الإمام عليه السلام قد استدل بقوله تعالى لإبراهيم عليه السلام في سورة البقرة ( إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا للإمامة تعريضاً لمن تصدى لها وهو ممن عبد الصنم مدة مديدة كالأول والثاني والثالث ].

التنبيه الثاني:إن الظلم قد صدر منهم بالماضي وليس وقت إمامتهم
لقد اعترف كبار علماء الإمامية بأن الظلم الصادر منهم - عبادة الأصنام - كان في الماضي ، ومعناه أنهم وقت التصدي للإمامة لم يكونوا ظالمين بعبادة الأصنام ، فمن أقوالهم في ذلك:
1-يقول علامتهم كاظم الخراساني في كتابه ( كفاية الأصول )( ص 49 ):[ ومن الواضح توقف ذلك على كون المشتق موضوعا للأعم ، وإلا لما صح التعريض ، لانقضاء تلبسهم بالظلم وعبادتهم للصنم حين التصدي للخلافة ].

2-يقول آيتهم العظمى الخميني في كتابه ( مناهج الوصول إلى علم الأصول )( 1 / 217 ):[ فإنهم غير عابدين للصنم حين التصدي ] ، وكرر نفس المعنى في كتابه ( تهذيب الأصول )( 1 / 88 ) قائلاً:[ لأنهم غير عابدين للصنم حين التصدي ].

3-يقول آيتهم العظمى الميرزا جواد التبريزي في كتابه ( كفاية الأصول دروس في مسائل علم الأصول )( 1 / 232 ):[ وإلاّ لما صحّ الاستدلال لانقضاء تلبّسهم بالظلم وعبادتهم للصنم عند تصدّيهم للخلافة ].

4-يقول محققهم السيد مرتضى الحسيني اليزدي الفيروز آبادي في كتابه ( عناية الأصول في شرح كفاية الأصول )( 1 / 146 ):[ وإلا لم يصح التعريض لهم لزوال تلبسهم بالظلم حين التصدي ].

5-يقول آيتهم العظمى محمد إسحاق الفياض في ( محاضرات في أصول الفقه )( 1 / 286 ):[ لأنهم في زمن دعواهم لمنصب الخلافة كانوا متشرفين بقبول الإسلام ، وغير متلبسين بالظلم وعبادة الوثن ظاهرا ، وإنما كان تلبسهم به قبل التشرف بالإسلام وفي زمن الجاهلية ].

6-أكد مرجعهم جعفر السبحاني بأنهم لم يعبدوا الأصنام طيلة حياتهم ، بل وقع ذلك منهم في أوليات حياتهم ثم صاروا ببركة الإسلام موحدين ، فقال في كتابه ( مفاهيم القرآن )( 5 / 415-416 ):[ فنقول : إنّ الشيعة الإمامية تكتفي بذلك في نفي خلافة من تصدّى للخلافة بعد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم ، بحجة أنّهم لم يكونوا ذوي عدالة مطلقة ، كيف وقد عبدوا الصنم والوثن في فترات من عمرهم ؟! .. وقد كان أكثر هؤلاء الخلفاء الأربعة غير مجتنبين عن الشرك وعبادة الوثن في أوّليات حياتهم ، وإن صاروا ببركة الإسلام موحّدين تاركين الخط الجاهلي .. لأنّ كثيراً من أفراد الطائفة الأُولى كانوا غير مجتنبين عن الظلم في بداية حياتهم وذلك ممّا لم يختلف فيه اثنان ].

7-وأخيراً أن الذي يؤكد أن تلبسهم بظلم الشرك وعبادة الأصنام كان قبل وقت تصديهم للإمامة هو تعبيره بصيغة الماضي ( مَنْ عَبَدَ ) ولم يأت بصيغة المضارع ( مَنْ يَعْبُد ).

وبعد هذين التنبيهين تعالوا معي لمعرفة ما أراده المعصوم من معنى الظلم في عبارته تلك والدائر بين احتمالين لا ثالث لهما وكما يلي:
الاحتمال الأول:
إنه فسر الظلم بالشرك وعبادة الأصنام فلا يمكن حمله على مطلق الذنوب ، وهذا كما بينت في الوجه الأول سيهدم أساس بنائهم بوجوب عصمة الإمام من مطلق الذنوب وحصره في اثني عشر إماماً ؛ إذ سيكون الشرط حينها هو العصمة من عبادة الأصنام وهو أمرٌ يتصف به كل مسلم وُلِدَ في الإسلام ولم يتدنس بالشرك ابتداءاً من أبناء الصحابة وإلى قيام الساعة ، فكل هؤلاء يشاركون أئمة الشيعة باستحقاق نيل الإمامة لعصمتهم من ذلك الظلم وهو عبادة الأصنام .

الاحتمال الثاني:
إنه قصد بذلك بيان أحد مصاديق الظلم ، أي أن للظلم عدة صور ومظاهر إحداها عبادة الأصنام ، فيصح منهم حينها حمل الظلم على مطلق الذنوب ..
ولكن سيترتب عليه مفسدة كبيرة وهي نسبة الخطأ للمعصوم فيما استدل به على عدم لياقة الخلفاء الراشدين للخلافة وبيانه بما يلي:
إن الظلم الذي صدر من الخلفاء الراشدين نوعان هما:
الأول:ظلم صدر منهم في الماضي وليس وقت إمامتهم
وهو ظلم عبادة الأصنام والذي بينت - فيما مضى - أن صدوره عنهم كان في الماضي وليس وقت تصديهم للإمامة ..

الثاني:ظلم صدر منهم وقت التصدي للإمامة
وهذا يشمل مطلق الذنوب التي تصدر منهم وقت إمامتهم ؛ إذ لم يدعِ أحد لهم العصمة من الذنوب ..
فلما كان المعصوم في معرض بيان منع الإمامة عن الخلفاء الراشدين لتلبسهم بالظلم ، فكان الأولى به أن يأتي بصور للظلم تصدر منهم وقت تصديهم للإمامة وهي مطلق الذنوب ، ولا يأتي بصورة للظلم قد زالت عنهم وانقضت فلم يتلبسوا بها وقت إمامتهم ..
لأنه بهذا المسلك قد أوقعهم في دوامة المشتق وهل يصح إطلاق الظالم على مَنْ كان متلبساً وقت تصديه للإمامة فقط ؟ أم يصح إطلاقه على من زال عنهم التلبس فلم يكن ظالماً وقت التصدي ؟
والتي سودوا لها الصفحات في أبحاثهم وتحقيقاتهم لأن المعصوم قد استدل بالظلم المنقضي عنهم - وليس بالظلم القائم فيهم - على عدم استحقاقهم للإمامة ..
فلو أنه فسَّر الظلم بمطلق المعاصي وقال بعدم استحقاقهم للإمامة لأنهم ظلمة غير معصومين وقت التصدي لانتهى الأمر وتحقق المراد بذلك ..
إلا أنه سلك طريقاً وعراً شائكاً ، بإتيانه بصورة للظلم قد زال عنهم وانقضى ، فلم يتلبسوا به وقت الإمامة ..

ولذلك يتوجب على الإمامية اختيار أحد الاحتمالين وأحلاهما مرّ ؛ إذ الاحتمال الأول - أي بحمله على الظلم على عبادة الأصنام - يهدم أساس بنائهم فلا يصح حصر الإمامة في اثني عشر إماماً بل سيشاركهم فيها غيرهم ممن وُلِدَ في الإسلام ولم يَتَلَبَّس بالشرك ، وأما الاحتمال الثاني - أي بحمله الظلم على مطلق المعاصي - ففيه نسبة الخطأ للمعصوم بسلوكه طريقاً وعراً شائكاً في الوصول إلى مراده - ببيان عدم استحقاق الخلفاء الراشدين الثلاثة للإمامة - وإعراضه عن الطريق الأوضح والأقرب والأسهل في ذلك ..

فهذه ستة وجوه تنسف ما حاول الإمامية انتزاعه من الآية وهو اشتراط العصمة المطلقة للإمام مدى الحياة ، والحمد لله على تأييده وتوفيقه ..







التوقيع :
حسابي في تويتر / المهتدي عبد الملك الشافعي / alshafei2019
رابط جميع مواضيع المهتدي من التشيع .. عبد الملك الشافعي :

وأرجو ممن ينتفع من مواضيعي أن يدعو لي بالتسديد والقبول وسكنى الحرم
من مواضيعي في المنتدى
»» تحريض الموروث الروائي الشيعي لهتك مقدسات المسملين (2) سفك الدماء بين الصفا والمروة
»» تخبطات علماء الإمامية في تقريرهم لقضية مفصلية خطيرة تورث الشك في أصل الإمامة !!!
»» معاقبة علي ( رض ) للغلاة بالتحريق – دون غيره - ثبتّهم على ضلالهم وزادهم يقينا بباطلهم
»» مصارع العقول:تناقض زعيمهم الخوئي بجمع القرآن، وهل وقع في عهد النبي ( ص ) أم الخلفاء ؟
»» مداخلة صوتية للمهتدي عبد الملك الشافعي عن أبرز معالم الأزمة بين علماء الشيعة والقرآن
 
قديم 29-07-18, 11:21 PM   رقم المشاركة : 2
طالب علام
عضو ماسي







طالب علام غير متصل

طالب علام is on a distinguished road


سؤال للإثناعشرية :-

إمامة إبراهيم عليه السلام في الآية المذكورة .. هل هي إمامة سياسية .. أم دينية ؟

حسب علمي .. إبراهيم عليه السلام لم يتولّ السلطة في بلد قط .. ولم يجعله الله تعالى حاكماً على دولة أو مدينة ..

إذاً .. هي إمامة دينية دعوية فقهية .. تعني المرجعية الدينية العليا .. لا المُلك أو الرئاسة أو الخلافة ..

وبالتالي .. لا يحق للإثناعشرية أن يستدلوا بهذه الآية الكريمة على أحقية علي وأولاده بالخلافة ..

أما إمامتهم الدينية .. فلا أحد يعترض على كونهم من كبار الفقهاء والمراجع والمستشارين في أمور الدين ..

لذا نرجو من الإثناعشرية ألا يخلطوا الأوراق ويلبسوا الحق بالباطل ..







 
قديم 06-08-18, 07:16 PM   رقم المشاركة : 4
ناصر بيرم
عضو نشيط






ناصر بيرم غير متصل

ناصر بيرم is on a distinguished road


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ولاننسى أمرا مهم وهو خلاف معمميهم في معنى الآية خير دليلا على أن الآية متشابهة







التوقيع :
قاعدتي تقول

(الصحة أن يقال أكتمل الدين بعد إنتهاء التبليغ وقبل موت المبلغ وهو النبي عليه الصلاة والسلام واتباعه
وليس الصحة أن يقال إكتمل الدين بعد إنتهاء التبليغ وقبل ولادة المبلغ وهم الأئمة واتباعهم)

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد

"دين الشيعة باطل لسببين مهمين""

أولا:الإستدلال بآيات متشابهة،،

ثانيا:الإستدلال بروايات ضعيفة،،

النتيجة:نقول لهذا الدين عليك الرحمة"
من مواضيعي في المنتدى
»» أسئلة عجزت الشيعة عن الإجابة عليها محركة لعقول الباحثين وطعنة في خاصرة المعاندين
»» سؤال للشيعة يهدم عقيدة إمامة إثني عشر فهل هناك الجرأة في الإجابة؟
»» سؤال عن التقية لم أجد إجابة عليه من مده طويلة لعلي أجد إجابته هنا؟؟
»» أسئلة حقاً حيرتني عن مهدي الشيعة فهل سأجد إجابة مقنعة أم سيطول إنتظاري؟؟
»» آية تفصل بين الباطل والحق بين الشيعة والسنة فهل سنجد الشجاع المجيب؟؟
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:47 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "