الحمد لله رب العالمين
قد بينت لك عقيدة أهل السنة والجماعة , في نسخ التلاوة وهو أن نسخ التلاوة واقع لا محالة وإشكالك ما سأشيرُ لهُ الأن في الموضوع وهو : " هل هذا القرآن الذي في اللوح المحفوظ يحوي الآيات المنسوخة كآية الرجم وآية الرضاع وغيرهما ؟ " ثم قلت : " أعيد للمرة الثالثة أننا نتكلم عن نسخ التلاوة وليس نسخ الأحكام ، فأنا مؤمن بنسخ الأحكام ، والإشكال واقع فقط في نسخ التلاوة لأن فيه رفع لآيات بعينها من القرآن وإزالة رسم ، وهذا ما نحن بصدده الآن ، أما في نسخ الأحكام فلا يوجد رفع للرسم القرآني وبالتالي فإن الألفاظ والرسم لا يتغير في القرآن " نسخ التلاوة في القرآن الكريم مع بقاء الحكم أيها المحاور الكريم وهذا قد بينتهُ ولعل إشكالك في هذه النقاط التي أشرتُ إليها أنا باللون الأحمر فتأمل أصلحك الله تعالى وهداك , فنسخ التلاوة هل يتغير في اللوح المحفوظ أقول لك وأعيد للمرة الألف محاوري الفاضل أن في اللوح المحفوظ كل شيء , وأما إن كان في اللوح المحفوظ وثبوت ذلك م ننسخ التلاوة فالله تبارك وتعالى يقول " ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها " وقولهُ جل في علاه " ننسها " أي ننسيها للمؤمنين ويأتَ بخير منها وفي الحالتين هو كلام الله تبارك وتعالى المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ناقش أهل الحديث مسألة نسخ التلاوة وهل تلقى جبريل عليه السلام من اللوح المحفوظ . ؟
قال الأخ الكريم النقادي : " ثبت عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال"أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا فكان بمواقع النجوم فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه"كما عند ابن جرير وغيره ولفظ" مواقع النجوم"ثبت من طريق ابن راهويه عند الحاكم وغيره ،فكان على الراد!! أن يتثبت قبل أن ينكر! " .
ذكر شيخ الإسلام في فتاواه أن المحو والإثبات في اللوح فيه قولان بخلاف أم الكتاب لقوله تعالى (يمحو الله ما يشاء و يثبت وعنده أم الكتاب) الشيخ ابن عثيمين قد ردّ على كلامه السابق، كما ذكر أخونا الفاضل علي الفضلي أن الشيخ قال:( وكونه في الكتاب المكنون هل معناه أن القرآن كله كتب في اللوح المحفوظ أو أن المكتوب ذكر القرآن وأنه سينزل وسيكون كذا وكذا ؟ الأول ، لكن يبقى النظر : كيف يُكتب قبل أن تخلق السماوات بخمسين ألف سنة وفيه العبارات الدالة على المضي مثل : قوله { وإذ غدوت من أهلك تبوئ للمؤمنين مقاعد للقتال } ، ومثل قوله : { قد سـمـع الله التي تجادلك } وهو حين كتابته قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة لم يسمع لأن المجادلة ما خلقت أصلاً حتى تسمع مجادلتها ؟ فالجواب أن الله قد علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ كما أنه قد علم المقادير وكتبها في اللوح المحفوظ وعند تقديرها يتكلم الله عز وجل بقوله : { كن فيكون } ، هكذا قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو مـمـا تطمئن إليه النفس ، وكنت قبلاً أقول : إن الذي في اللوح المحفوظ ذكر القرآن ، لا القرآن ، بناءً على أنه يعرج بلفظ المضي قبل الوقوع ، وأن هذا كقوله تعالى – عن القرآن – : { وإنه لفي زبر الأولين } والذي في زبر الأولين ليس القرآن ، الذي في زبر الأولين ذكر القرآن والتنويه عنه ، ولكن بعد أن اطلعت على قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى انشرح صدري إلى أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ ولا مانع من ذلك ، ولكن الله تعالى عند إنزاله إلى محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتكلم به ويلقيه إلى جبريل ، هذا قول السلف وأهل السنة في القرآن ) . وهذا قول أهل السنة والسلف في القرآن الكريم . والله تعالى أعلى وأعلم .