بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على النبي الامين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعم باحسان الى يوم الدين . يقول الذين استجداهم الشيطان وأدركهم وزين لهم : أن تأليه الخلائق لا يكون الا باعتقاد الوهيتهم وغير ذلك ليس تأليه لهم . بمعنى : ان صرف العبادات لمخلوق لا بأس فيه مالم يعتقد أن هذا المخلوق آلهه!! وكأن الله يبيح لهم صرف العبادات لغيره شرط ان لا يعتقدوا بوجود آله غير الله !! (تعالى الله عما يصفون) الانسان السوي الفطرة ان قرأ هذا الكلام لأول وهلة يستنكره اذ انه ليس شرطا بأن يكون التأليه بالاسم أو الاعتقاد فقط بل يكون تأليه المخلوق أيضا بصرف عبادة له وان لم يعتقد ان هذا المخلوق اله لان صرف العبادات لمخلوق يقتضي جعله آلهه فدعاء غير الله تأليه لغير الله وان لم يعتقد الداعي وجود اله غير الله فالطلب من مخلوق حال موته او غيبته ناجم عن الاعتقاد بأنه يسمع ملايين البشر بمختلف اماكنهم واصواتهم ولغاتهم بمعنى : انه ما من نجوى ثلاثة الا وهذا المخلوق رابعهم , ولا يستطيع ان ينكر ذلك وان انكره فكيف يدعوه في وقت لا يسمعه فيه فعليه ان يتوقف عن دعاءه وطلبه حتى يتأكد من سماع دعاءه وكيف التأكد وهو يطلب من ميت او غائب وايضا طلبه من الغائب والميت ناجم على الاعتقاد بانه قادر على كل طلباته وان لم يكن يعتقد بذلك فكيف يطلب حاجة وهو يشك بان المطلوب قادر على ذلك ؟ . فذلك هو تأليه المخلوقات من حيث لا يعلمون فالشيطان يزين لهم ويعلمهم الحيل ويستدرجهم فيتكلمون أولا عن التوسل. ثم يوهمون أن التوسل والاستغاثة شيء واحد. ثم يقولون ما الفرق بين سؤال الغائب وسؤال الحاضر. ثم: ما الفرق بين سؤال الحي وبين سؤال الميت؟ الكل سواء ولا فرق. ثم ينتهون إلى سؤال الموتى من دون الحي الذي لا يموت. وهذه حيل الشيطان كما يستخدمون الحيل في عبادتهم للمخلوقات (عبد الحسين عبد الحسن عبد الزهراء ...الخ) فيتحايلون ويقولون ان ذلك من باب خدمتهم وليست عبادتهم كما كان يخدم العبد سيده !! وهل هذا صحيح هل يخدمونهم وهم في (قبورهم) كما يخدم العبد سيده ؟ كيف ذلك وهم في القبور ؟ هل يسمون السجود لهم والزحف عند قبورهم وطلب الحاجات منهم (خدمة لهم) فتلك هي حيل الشيطان يزنها لأولياءه واتباعه * الأدلة على ان التأليه لا يكون بمجرد الاعتقاد :- 1- قال تعالى ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ()أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ()إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ) حكم الله عز وجل على دعاء غيره بالتأليه لقوله تعالى ( الهكم اله واحد) فكان دعاءهم لغير الله تأليه لغيره . 2- قال تعالى:" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(31)التوبة.. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لعدى بن حاتم لما قرأ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم ) فقال يارسول الله ما عبدوهم فقال ما عبدوهم ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فلم يكونوا يعلمون ان بطاعتهم هذه يجعلون منهم ارباب . 3- الرياء شرك اصغر لقول النبي فكيف حكم النبي بذلك رغم ان المرائي لا يعتقد بالوهية من يرائي له ؟! 4- الرجل قال للنبي (ما شاء الله وشئت) فقال له رسول الله (أجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله ثم ما شاء محمد) , فهل كان الرجل يعتقد ان النبي ندا لله (عز وجل) ؟ 5- وكان بعض الصحابة في حداثة عهدهم بالإسلام رأوا المشركين يعلقون سيوفهم عند شجرة يظنون البركة تحل بها، فقالوا للنبي اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال " قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } الأعراف 138، إنها السنن لتركبُنّ سنن من كان قبلكم " (رواه الترمذي (2181) في الفتن بإسناد صحيح ). والحمد لله رب العالمين