الموضوع: نصيحة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-13, 05:45 PM   رقم المشاركة : 1
المسلم الاشم
مشترك جديد






المسلم الاشم غير متصل

المسلم الاشم is on a distinguished road


نصيحة

بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث بالدعوة إلى صراط الله المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين... وبعد،،،
قال الله تعالى: \"ياأيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم\".
قال الله تعالى قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن . إن الشيطان ينزغ بينهم ، إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا } .
{ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن } على وجه الإطلاق وفي كل مجال . فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه : بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة . فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت ، وبالرد السيئ يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء . والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب ، تندّي جفافها ، وتجمعها على الود الكريم
{ إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبينا } . .
يتلمس سقطات فمه وعثرات لسانه ، فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه . والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات ، وتقطع عليه الطريق ، وتحفظ حرم الأخوة آمناً من نزغاته ونفثاته .عندئذ لا يحقر « الإنسان » شيئاً من عمله . خيراً كان أو شراً . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله ارتعاشه ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل!
إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض . . إلا في القلب المؤمن . .
القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر . . وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر . . ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال . .
إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب!!
{ يؤمئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } .فالكل مكشوف.مكشوف الجسد،مكشوف النفس،مكشوف الضمير،مكشوف العمل،مكشوف المصير.وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار،وتتعرى النفوس تعري الأجساد،وتبرز الغيوب بروز الشهود ..ويتجرد الإنسان من حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره،ويفتضح منه ما كان حريصا على أن يستره حتى عن نفسه! وما أقسى الفضيحة على الملأ.وما أخزاها على عيون الجموع!
أما عين اللّه فكل خافية مكشوفة لها في كل آن.ولكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور،وهو مخدوع بستور الأرض.فها هو ذا يشعر به كاملا وهو مجرد في يوم القيامة.وكل شيء بارز في الكون كله.الأرض مدكوكة مسواة لا تحجب شيئا وراء نتوء ولا بروز.والسماء متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئا،والأجسام معراة لا يسترها شيء، والنفوس كذلك مكشوفة ليس من دونها ستر وليس فيها سر! ألا إنه لأمر عصيب.أعصب من دك الأرض والجبال،وأشد من تشقق السماء! وقوف الإنسان عريان الجسد،عريان النفس،عريان المشاعر،عريان التاريخ،عريان العمل ما ظهر منه وما استتر.أمام تلك الحشود الهائلة من خلق اللّه،من الإنس والجن والملائكة،وتحت جلال اللّه وعرشه المرفوع فوق الجميع ..
وإن طبيعة الإنسان لمعقدة شديدة التعقيد ففي نفسه منحنيات شتى ودروب،تتخفى فيها نفسه وتتدسس بمشاعرها ونزواتها وهفواتها وخواطرها وأسرارها وخصوصياتها.وان الإنسان ليصنع أشد مما تصنعه القوقعة الرخوة الهلامية حين تتعرض لوخزة إبرة،فتنطوي سريعا،وتنكمش داخل القوقعة،وتغلق على نفسها تماما.
إن الإنسان ليصنع أشد من هذا حين يحس أن عينا تدسست عليه فكشفت منه شيئا مما يخفيه،وأن لمحة أصابت منه دربا خفيا أو منحنى سريا! ويشعر بقدر عنيف من الألم الواخز حين يطلع عليه أحد في خلوة من خلواته الشعورية ..فكيف بهذا المخلوق وهو عريان.عريان حقا.عريان الجسد والقلب والشعور والنية والضمير.عريان من كل ساتر.عريان ...كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار،وأمام الحشد الزاخر بلا ستار؟! ألا إنه لأمر،أمّر من كل أمر!!! من ظلال القران لسيد قطب رحمه الله.