عرض مشاركة واحدة
قديم 28-11-07, 05:00 AM   رقم المشاركة : 4
حسينا
موقوف





حسينا غير متصل

حسينا is on a distinguished road


بقلم: أنور مالك

(الجزء الرابع)

في الحلقات التي مرت تلقينا الهجوم المشين وأتهمنا من أننا لسنا مهنيين في تناولنا لملف التشيع في الجزائر، وأن قصة فيروز لزنك تصب في اطار الحملة التي تستهدف ايران والمتشيعين من الجزائريين، وفي هذا الجزء نتحدث عن حيثيات أخرى في هذا الملف المثير، وطبعا لم نتناوله من أجل بث الطائفية بين الجزائريين، ولكن هو حقيقة موجودة وان كانت محدودة وليست بالنسبة التي تثير التخوفات –حسب التصريحات الرسمية- وهذا الذي سوف نتحدث فيه عن العوامل التي ساهمت في زحف هذه الظاهرة، والنماذج من المتشيعين تكفي للتأكيد على أن العملية متواصلة ولن تتوقف حتى يتحقق الغزو الفارسي المنشود...





الطريق إلى قم...

توجد شبكة شيعية تنشط في دمشق وتستغل التجار الجزائريين وخاصة ما يعرف بـ "تجار الشنطة" في نشر الظاهرة، وقد علمنا من مصادر في دمشق أن الشبكة يترأسها ويديرها تاجر أقمشة مغربي الأصل والمكنى بـ "أبو الحسين"، حيث يقوم بتزويد التجار الشباب بكل ما يلزمهم من متطلبات تجارية ويقرضهم ما يشاءون من أموال أو بضاعة، وشرطه فقط هو نقل الكتب وتوزيعها في الجزائر، وقد تمكن هذا الأخير من تجنيد الكثيرين الذي قاموا بجلب الكتب المتعلقة –طبعا- بالفقه الشيعي وتوصيلها إلى من يريدها وخاصة أولئك الذين يراسلون لأجلها دور نشر معروفة، ويوجد من وصل إلى ايران وصار يعيش هناك، فكما سجلنا وجود عدة جزائريين بالمعاهد الدينية الشيعية بقم وهي المدينة الشيعية المقدسة، وصاروا طلبة نشيطين فيوجد من صاروا إطارات دينية بارزة في هذه المعاهد، ونروي هنا مثلا تجربة "أم عبد الرحمن" وهي من مواليد 1960 بالعاصمة الجزائرية، نشأت في أسرة متفتحة ولم تكن متشددة في تطبيق تعاليم الدين ولا المذهب السني حسب إفادتها التي خصصتها للتحدث عن تشيعها أو ما سمته ويسميه غيرها "إستبصارا"، زاولت دراستها الجامعية في المدرسة العليا للأساتذة بالقبة (الجزائر العاصمة)، خلال دراستها على الجامعية تعرفت على زوجها "أبو عبدالرحمن" الذي كان مهتما بالمذهب الشيعي لحد كبير عن طريق صديق إيراني كان يدرس معهما، له نشاط دعوي واسع في الجامعة وتحت رعاية الملحق الثقافي للسفارة الإيرانية بالجزائر... إشتغلت بتدريس مادتي الكيمياء والفيزياء في التعليم الثانوي، وبقيت في هذه المهنة ما يقارب العشر سنوات، لقد إنغمست في عملها من دون أن تهتم بالكتب الشيعية التي يحضرها زوجها من السفارة الإيرانية، وقد كان خلال دراسته الجامعية يسعى كل السعي ويأمل كل الأمل في السفر إلى إيران والإلتحاق بمعاهد قم الدينية، وخاصة أنه كان منبهرا بما سمتها "منجزات الثورة الاسلامية" في إيران، تحققت له أمنيته عام 1992 وهو العام الذي شهد اشتعال الحرب الأهلية في الجزائر، وما يسميه المتشيعون "الحرب الوهابية السلفية"، أما هي فقد ظلت على مذهبها السني حتى التحقت بزوجها بعد عام من سفره أي في 1993، حيث حطت رحالها في دمشق وفي شهر محرم ووجدت زوجها في إنتظارها برفقة الشبكة الشيعية النشيطة، مكثت في العاصمة السورية أسبوعا كاملا زارت فيه مقام السيدة زينب، الذي أعتبر منعطفا بارزا في تشيعها حيث تقول معلقة على ذلك:

(... عندها ناولني أبو عبدالرحمن التربة وزيارة السيدة زينب عليها السلام قائلاً : صلي ركعتين ، ثم أقرئي هذه الزيارة، فصلّيت ركعتين ثم بدأت في قراءة الزيارة وكنت كلّما أقرأ ما فيها من وصف حال أبناء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، تأخذني رعشة ، ولم أكن أدري ما حصل في يوم عاشوراء للحسين عليه السلام وأهله وأصحابه ، ولم أكن أعلم ما ألحق بالسيدة زينب وبنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك ، فكانت هذه الحقائق تدمي القلوب وتُذيبها هل يمكن أن يفعل هكذا بأحفاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كان الأمر كذلك لماذا نجهل هذه الأمور ؟ لماذا ندرسها في دروس التربية الإسلامية ؟ والتاريخ ؟ ألا تستحق هذه الفجيعة أن تعرف من طرف كل مسلم ، أم أنها أخفيت لهدف معيّن وعمداً ، تساؤلات لا أجد لها أجوبة ، لأن الحقيقة حجبت علينا والتاريخ محرّف مزيّف فما وجدت حيلة ولا وسيلة إلا البكاء والنحيب ، وفي تلك اللحظات الحاسمة الحزينة التي يجد فيها الإنسان نفسه أمام حقائق خطيرة تمس بعقيدته وتاريخ دينه أصاب شعاع من أشعة الرحمة واللّطف والعناية الإلهيّة التي كانت تعم تلك الحضرة الشريفة قلبي فحرّك الفطرة الدفينة والحب العميق الذي أودعه الله تعالى في قلب الإنسان إتجاه أهل بيت الرسول، وبحمد الله وعونه صارت نقطة التحول في حياتي وحياة أسرتي كلها منذ تلك اللحظة، وقد كانت هذه الهبة الإلهيّة أجمل وأفضل نعمة أنعمها الله علينا إلى جانب نعمه وفضله الدائم، فالحمد لله رب العالمين).

لما وصلت إلى إيران وحطت رحالها بقم شرعت في مطالعة كتب التاريخ الشيعية –طبعا- والسيرة وتعرفت على ما سمته في إفادتها "سر الإمامة" والخلاف بين السنة والشيعة، وتعلق أم عبد الرحمن عن سفرها في حوار لها مع شبكة الفجر الشيعية قائلة: (بهذا السفر بدأت صفحة جديدة من حياتي حيث اعتنقت مذهب أهل البيت عليهم السلام وكان هذا الأمر بداية لوعي جديد و أهداف جديدة، بل كان مولدا جديدا بالنسبة لي حيث أنّني لم أكن أشعر بوجودي ولم أكن أشعر بمعنى الحياة والموت والهدف من الخلقة إلاّ في هذه الحقبة من الزمن، ففي قم المقدّسة توجّهت إلى العلوم الدينية حيث درست عند أستاذتنا الفاضلة الحاجّة أم عبّاس حفظها الله تعالى دروساً في الفقه والأصول، وعند الأستاذ الشيخ أبو عبد الرحمن – تقصد زوجها- درست المنطق والفلسفة والكلام والعقائد، وكلّما تبحّر الإنسان في علوم أهل البيت كلّما أدرك عظمتهم وسؤددهم وأدرك جهله وقصوره).

تعتبر أم عبد الرحمن وزوجها من أهم المتشيعين الجزائريين، فقد أصبحا من أبرز المهاجرين إلى قم، حيث صار "أبو عبدالرحمن" مدرسا للفلسفة وعلم الكلام والمنطق كما ذكرت هي من قبل، أما هي فتشرف الآن على الإدارة الداخلية بمعهد السيدة خديجة للعلوم الإسلامية في قم – وهو معهد ينشر الفكر والتدين الشيعي- وتحت نظر اللجنة الإدارية تقوم بتدريس ما تسميه بـ "علوم آل البيت"...





الغماري والعشق الخميني...

الشاعر محمد مصطفى الغماري من مواليد 1948، واعتبر من الشيعة الجزائريين الذين مجدوا ثورتها الخمينية، التي كان لها الأثر البارز في رحلته الشيعية والشعرية، وزار إيران مرات متعددة، وتربطه علاقات وثيقة مع رجال دين ومثقفين وسياسيين إيرانيين، وهو دكتور ويمارس التدريس في معهد اللغة والآداب بالجامعة الجزائرية، له نشاط كثيف بين الطلاب لنشر الفكر الإثني عشري، مجد في كثير من أشعاره عبر دواوينه المختلفة ثورة إيران وزعيمها الخميني، وقد فاقت العشرين ديوانا نذكر منها "أسرار الغربة" عام 1978، "عرس في مأتم الحجاج" عام 1981، "مولد نور" عام 1997... وقد تحدى التقية وجهر بتشيعه في الكثير من قصائده، حيث يقول الشاعر في أحد تراتيله الشيعية الممجدة للخميني وثورته:



ورأيت في عي************ رمزا ثائــرا *** ينهل من شفة الضيـــاء ويزهر
يمتد قرآن الخلود جبينـــــــــه *** وجراحه بدمــــــى التآمر تسخر
يمتد في نار الحضور حضوره *** أن ضج كسرى أو تململ قيصر
أبدا يريد القرب، شـــل عبيره *** "تحجيم" ثورته التـــــي لا تقهر.



ومما نقلته عنه جريدة "كيهان" الإيرانية في عددها 4049 الصادر بتاريخ: 5 جويلية 1999 – وتبدو مصادفة غريبة في إختيار هذا اليوم بالذات الذي يعني ذكرى ثمينة وغالية بالنسبة للجزائريين والمتمثلة في يوم الإستقلال- من خلال ندوة لها في العاصمة الإيرانية طهران، حيث صرح الدكتور الغماري قائلا: (لقد جاء الإمام الخميني فأعاد إلى الأمة ثقتها الضائعة بنفسها، وصدع قلوب المستبدين وانفتحت له قلوب المؤمنين والمستضعفين، وأعاد للكلمة الإسلامية حيويتها وحياتها، وللحكم الإسلامي مصطلحه ومضمونه، فأصبح على كل لسان مذكورا، بعد أن ظل قرونا في بطون الكتب مطمورا، مهجورا، وأخذت السياسة الإسلامية مكانها الريادي في الحضور السياسي المعاصر، صداما أو حوارا...).

وفي قصيدته "الحب أقوى" والتي رفعها مقرضا إهداءه: (إلى الإمام العلامة آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه المغدورين... إليه في الشهداء الخالدين نفثة ولاء... وعلى قاتليه لعنة تلاحق القتلة المغرورين... )، كتبها في 21 فيفري 1999، ومما جاء فيها:


على أنّي لآلِ البيتِ أرضى *** وأغضَبُ أو أُعادي أو ألومُ

وهمْ رَشَدي اذا نشدَتْ هداها *** خلائقُ في ضلالَتِها تُقيمُ

وهمْ زادي اذا ما الزادُ أقْوى *** وهمْ ظِلّي اذا حُمَّ الحَميمُ!

أعِزُّ بهمْ اذا ذُكِروا.. وإنّي *** لأذكرهُم فتنفرجُ الغُمومُ

ولستُ أضِلُّ في الحُسبانِ.. *** إنّي اذا ارتابَ الظَّنينُ بهِم عليمُ

أُساوِرُ لوعَتي فيهِم خَفاءً *** واُبديها.. وإنْ ضجرَ المُلِيمُ!

وأحمِلُ فيهم جَمرَ اصطبار *** ولا كالصبَّرِ في الجُلّى نَديمُ

أُديمُ مطالَهُ ألَماً عَريضاً *** وأُوسعُه.. وما لي لا أُدِيمُ؟!

وأَحتَسبُ اللياليَ في هواهُمْ *** بقافِية تَدينُ لها الخُصومُ!

أُقاتلُ دونَهُم مَنْ راحَ يَبغي *** ولا كالبغْيِ مرتعُهُ وَخِيمُ!

على دين البُغاةِ أصبُّ ناري *** ودينُ البغيِ جَنّتهُ الجَحيمُ!

رأيتُ الناصبينَ بَنوا قُصوراً *** قُصوراً... لا كساكِنها رَميمُ!

والقصيدة لا تحتاج إلى تعليق فهي تؤكد عقيدة الشاعر التي حاول إنكارها يوما وبحضوري الشخصي في مركب "الصخر الأسود" بالعوانة (ولاية جيجل) أثناء الأيام الأدبية بالشقفة في جويلية 2000، دفعه النقاش الذي دار بيننا إلى المغادرة نحو العاصمة ومن دون أن يشارك في الأمسيات الشعرية، ومما سجلناه خلال تلك الفترة أن الشاعر الدكتور عيسى لحيلح الذي كان مفتي ما يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ والذراع الأيمن لأميره الوطني مدني مزراق قد دافع عن معتقدات التشيع، وتعجبت بنفسي لما زرناه في بيته مع مدير يومية البلاد التابعة لحمس عبدالقادر جمعة من ثراء مكتبته بالكتب الشيعية والإيرانية المختلفة... وأيضا مما يمكن تسجيله عن الشاعر الجزائري الغماري والمحسوب على الشعراء الإسلاميين رسالة أرسلها إلى أسرة مجلة "رسالة القرآن" الشيعية التي تصدر من مكتب أحد المرجعيات الدينية، وهذا نصها:

(السيد الفاضل رئيس تحرير مجلّة ـ رسالة القرآن ـ تحيّة مباركة طيّبة.

وصلني العدد الأوّل من مجلّتِكُم الممتازة ـ رسالة القرآن ـ فغمرتني فرحةٌ طاغية وإنْ كان الشيء من مأتاه، لا يُسْتَغْرَب فما زالت الجمهوريّة الإسلاميّة السبّاقة إلى ما فيه شرف الإسلام، وعزّ المسلمين، وما زال رجالهم وعُلماؤهم العظام يُبدعون في مجالات الفكر والعلم والعمل، دام ظلّهم العالي في سبيل الإسلام العزيز، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) لْماً أنّ صدور العدد الأوّل من مجلّة رسالة القرآن بهذه الصورة من الإخراج الرفيع، وبهذا المستوى الفكري المُمتاز من حيثُ المضمون، لجدير أنْ تكون مجلّة كلّ مسلم رسالي يُريد أنْ يثقّف نفسه، ويزيل عنها غبار التقليد في المنهج، والسطحيّة في التناول، اللذين سادا في العصور الأخيرة.

وإنّ صدور المجلّة لا يُحمَد لدار القرآن الكريم، إنّها يدٌ بيضاء للإمام آية الله العظمى الگلپايگاني دام ظلّه، ولمدرسته أدامها الله قبساً من نور القرآن الباقي، وبما أنّني مشرف على تدريس مادّة علوم القرآن، وعلوم الحديث بكلّية اللغة العربيّة وآدابها (جامعة الجزائر) فاطلُب منكم، أنْ تبعثوا لي نسخة من مطبوعة المُؤتَمر الأوّل لدار القرآن الكريم التي أشرتم إليها بالمجلّة ص187 وأُحاول ـ إنْ شاء الله ـ أنْ أزوّدكُم بما يَقع بين يَدّي مّما يهُم المجلّة والدار من وثائق أو محاضرات أو ندوات تُعقد أو عُقدت حول الموضوع، دمتم لخدمة الإسلام... أخوكم مصطفى محمّد الغماري).

مما يؤكد بأن الرجل يدرس مادة مهمة بالجامعة الجزائرية، ويكشف أيضا مدى خطورة تشيع هؤلاء المدرسين على أجيالنا اللاحقة، وهذا الذي سوف نتحدث عنه في هذا الملف... يوجد أيضا آخرين من أمثال الخبير التربوي رشيد بن عيسى المقيم بفرنسا والمتخرج من جامعة السربون عام 1974، الذي يعده نشطاء التشيع نموذجا به يصلون لعقول الشباب، ويبثون أشرطته السمعية التي تحدث فيها عن رحلته نحو ما سماها "عقيدة آل البيت"، وأعتبر الأب الروحي للشيعة الجزائريين، وآخرون يعتبرونه "عبقري" و"مفكر عقلاني" اسلم على يديه المئات من الفرنسيين وتشيع أكثر من ذلك، وهو تربطه علاقات وثيقة بـ "حزب الله" ومكاتب المراجع الدينية في النجف وقم، وأشهر أشرطته تلك التي تحدث فيه عن أسباب تشيعه وسماه "ثم إهتديت"... ونجد أيضا الدكتور أحمد بن محمد الذي كان يمارس الدعوة والنشاطات السياسية المختلفة، أسس حزبه المعروف بـ "حزب الجزائر المسلمة المعاصرة"، يتحدر من ولاية باتنة أحد معاقل التشيع في الجزائر، مما يجب التنويه إلى أسباب التركيز على "الشاوية" في ذلك، مما يؤكد الأسس الطائفية والعرقية... أحمد بن محمد هو خريج السربون أيضا وأستاذ بجامعة باتنة، وسوف نتعرض لاحقا للتوزيع الجغرافي لنشطاء التشيع في الجزائر وننفرد بمعلومات مهمة وخطيرة، وهذا الأخير أيضا بدوره من الموالين لإيران وإن كانت لم تصلنا نصوص على لسانه نجزم بها تشيعه، وقد حل الحزب عام 1996 في إطار منع القانون للأحزاب التي تبنى على أساس ديني أو طائفي، ورفض رئيسه أحمد بن محمد أن يغير من إسم حزبه، وهذا الذي استجابت له حركة محفوظ نحناح وصارت "حركة مجتمع السلم" بعدما كانت تعرف بـ "حركة المجتمع الإسلامي" والأمر نفسه بالنسبة لحركة "النهضة الإسلامية" التي يترأسها عبد الله جاب الله حينها قبل أن ينشق عنها، وصارت "حركة النهضة" فقط، وقد تلقى الدعم المتميز حسب بعض المصادر الرفيعة المستوى من إيران، وكانت السبب البارز في حله، وخاصة أن جهات دينية نشيطة تريد إستغلال الطاقات العلمية والجامعية وحتى الحزبية في مدها المتواصل، لأن أغلب الطاقات العلمية لا تملك رصيد ديني يحميها من التبشير الشيعي، وقد عرف بحضوره المتكرر على برامج قناة الجزيرة القطرية ودافع كثيرا عن إيران...







تشييع الطوارق والقذافي و الفاطميون الجدد !!

لم يقتصر الأمر على بعض المثقفين المستغلين من طرف إيران وممن يواليها من المتشيعين، فقد سجل أيضا إرتماء بعض القادة العرب في هذه الحملة ونجد من خرج للعلن كالزعيم الليبي معمر القذافي بدعوة مثيرة ومشبوهة، حيث نقلت وكالة الأنباء الليبية (جانا) في 31/03/2007 من أن شيوخ وسلاطين الطوارق بايعوا الزعيم الليبي قائدا و"أمغارهم الأعظم" – يعني بالعربية شيخهم الأكبر- وذلك في مدينة أغاديس النيجيرية، وقد ألقى القذافي خلال هذه "البيعة" كلمة تحدث فيها عما سماه بـ "الهجمة على الإسلام" وإتهامه بالإرهاب وقد وصل التطاول حتى إلى إسكندنافيا البقعة البعيدة والباردة على حد تعبيره، وقد حذر من "الإنشطار" الذي يضرب منطقتنا الممتدة من المحيط الأطلسي إلى غاية الهلال الخصيب من تقسيم الإسلام اليوم إلى إسلامين شيعي وآخر سني، وكذلك حذر من تكتيل العرب ضد إيران وإيران ضد العرب... وقال القذافي أن الإستعمار عدو للإسلام وعدو للعرب وعدو للفرس، ثم أكد على محاولة التفريق بين سنة وشيعة التي سماها "بدعة" يعرفها حتى البيت الأبيض، وإستغرب من حديث الرئيس الأمريكي جورج بوش المتكرر حول هذه القضية، والتي رآها العقيد غير بريئة إطلاقا، ليجدد القذافي دعوته إلى إقامة "الدولة الفاطمية الثانية" في شمال إفريقيا نسبة إلى آل البيت للقضاء على الجدل الدائر الآن بين سنة وشيعة، وإستغلال العدو للفرقة بينهما وتطبيل الحكام العرب لهذه الفرقة، وأوضح أيضا أن هذه الدولة ستكون "دولة فاطمية" عصرية جديدة ولن نعود فيها – حسب قوله – لما سماها "السفسطة" التي كانت موجودة من قبل، وأكد أن دعوته هذه سيؤيدها كل الناس، وكل القوى الفاعلة في شمال إفريقيا والنزاريون والدروز والعلويون وكل الحركات التي كانت تتبع الدولة الفاطمية، وان الهوية ستكون "هوية فاطمية" – حسب مداخلته- وستجمع كل القوميات والقبليات والعصبيات والمذهبيات لتنصهر في بوتقة واحدة، ليضيف أن الدولة الفاطمية هي الدولة الشيعية في التاريخ، ثم يوجه شكره العميق لمن سماهم "إخوة الفرس" على أنهم تشيعوا لأهل البيت ولـ (علي بن أبي طالب)، كأنه يشير إلى أن الدولة التي يدعو إليها هي الأولى بهذا التشيع وما الفرس سوى أنصار خارجون عن الأصل والإنتماء العرقي لآل البيت...

ثم تنقل جانا قوله: (الشيعة... شمال إفريقيا... إنقلبت الطاولة... إختلطت الأوراق من حيث لا يحتسبون... نحن نعمل الدولة الفاطمية العصرية الثانية في شمال إفريقيا، وهويتنا ستكون هوية فاطمية وينصهر فيها العرب والبربر، وتنصهر فيها الأحزاب وينصهر فيها اليمين واليسار والمتطرفون وأنصار العنف... هذه كلها تصبح هوية واحدة وينتهي الصراع حتى في شمال إفريقيا... ينتهي الصراع في الجزائر... ينتهي الصراع في السودان... وينتهي الصراع في مصر... وينتهي الصراع في الصحراء... إذا كان صراعا قبليا أو صراعا مذهبيا أو صراعا عنصريا ينتهي لأننا أصبحنا فاطميين...)، وطبعا لم يشر للصراع الليبي لأن الجماهيرية لا صراع فيها حسب عقيدته طبعا، بل وصل به الحال إلى أن جعل هذه الدولة الفاطمية من مصلحة الأنظمة وعلى رأسهم النظام الجزائري، الذي يبدو أنه تردد كثيرا ذكره في دعوة القذافي أو "الفاطمي الشيعي الجديد"...

ولقد لاحظنا أشياء متعددة في ما نقلته وكالته للأخبار (جانا) من خطبته والتي طبعا إختار لها دولة إفريقية وليست ليبية، ليعطيها طابعا آخر غير محلي، هذا من ناحية المكان أما من ناحية الزمان فهو إنعقاد القمة العربية في الرياض والتي قاطعها، وأيضا وجدنا تشكيكه في الحرمين الشريفين، حيث إعتبر مفهومه و"إجتهاده" أن السعودية بها حرم واحد فقط أما الثاني فهو القدس بفلسطين، ووصل به هجومه على السعودية ونظام آل سعود إلى التشكيك في وجود رفات الرسول (ص) في المدينة المنورة، وهذا ما يعني طعنا مباشرا في الملك السعودي الذي يطلق عليه "خادم الحرمين الشريفين" وفي ظل هذه القمة العربية التي صب عليها جام غضبه في خرجته على قناة الجزيرة القطرية... والكل يدرك أنه راح يستغل الورقة الشيعية التي تعني مناهضته للنظام السلفي وما يسميه بـ "الوهابي" في السعودية، ويبدو أن القذافي مستعد أن يدين بالماجوسية أو يفتش في بطون الملل والنحل لأجل حربه على غريمه التاريخي الملك عبدالله، ويكفي ضجة توريط القذافي في التخطيط لمؤامرة إغتياله لما كان وليا للعهد، فضلا عن الملاسنة الشهيرة وعلى الهواء التي حدثت بينهما في قمة القاهرة التي جرت في مارس 2003 وهي آخر قمة حضرها ممثل شخصي للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتمثل حينها في نائبه عزت إبراهيم الدوري...

تعرف علاقة القذافي بالشيعة تقلبات مختلفة منذ إختفاء موسى الصدر الأب الروحي لحركة أمل الشيعية اللبنانية، ولا يزال نظامه متهما من طرف أنصار الصدر ويطالبونه دائما بكشف حقيقة هذا الغياب الذي جرى أثناء زيارة الصدر لليبيا عام 1978، ونسجل أيضا أن الزعيم الليبي صار يعزف على الوتر الإيراني خلال هذه الدعوة الجديدة، والتي إعتبرها الكثيرون من المراقبين الفصل الآخر والجديد من شطحات القذافي التي لا ولن تنتهي، نحن نعرف والكل يدرك أن نظامه متورط في الدعم لإيران وخاصة في ما كان يعرف بـ "حرب المدن" إبان الحرب العراقية الإيرانية، فقد زودت طرابلس طهران بصواريخ دكت المدن العراقية وأقضت مضاجع المدنيين، وأيضا دعمه للحوثيين المتمردين في جبال صعدة على الحدود اليمنية... إذا دعوة القذافي لدولة شيعية في شمال إفريقيا هي فتنة جديدة يراد منها السيطرة الفارسية بتواطؤ قذافي على شمال إفريقيا، والتي هي بوابة للضفة الأخرى من أوروبا، وقد أثارت هذه الدعوة غير البريئة ردود أفعال مختلفة وخاصة على المستوى الديني حيث مما يمكن أن نشير إليه أن علماء الأزهر اعتبروها "شطحات فكرية لا أساس لها" بل جددوا طعن المؤرخين في إنتساب الدولة الفاطمية إلى آل البيت (الشرق الأوسط: 03/04/2007)، ويوجد من أعاد للأذهان ما سموها بجرائم العبيديين الفاطميين في شمال إفريقيا وإبادتهم للسنة والسنيين، وما قام به مؤسسها أبو عبدالله الشيعي من تصفية لعلماء السنة وإتلاف للكتب ومنع لتدريس المذهب المالكي... الخ.

ما يجعلنا هنا من عد النشاط المتزايد والمتواصل لتشييع الجزائريين والقادم من إيران وبدعم من أطراف شيعية سورية وحتى بعض الجهات الرسمية الليبية، يدخل في إطار تحالف فارسي وآخر عربي مثله القذافي من أجل إشعال فتنة جديدة، وتمثلت في السيطرة على ثروات إفريقية تبقى الهاجس المجنون لأمريكا وحلفائها من عملاء عراقيين وإيرانين وكويتيين، وحتى من طرف القذافي نفسه الذي صار يسابق غيره في التودد للبيت الأبيض وكسب رضاه، وربما الأيام كفيلة من أن تكشف لنا أسرار الصفقة التي جرت في الظل وبمخابر أمريكية بين القذافي وإيران، ليسابق الزمن في إعلان دولته الفاطمية الجديدة، وإن كانت بعض التقارير الأمنية تفيد من أن حركة التشييع هذه تقف وراءها أطراف من المخابرات المركزية الأمريكية بالتحالف مع مخابرات طهران وتل أبيب، وما تركيزها على الطوارق والشاوية بعدما ركز التبشير على القبائل سوى فتنة تريد أن تنشر الطائفية في الجزائر، ومنها طبعا تقسيم تراب البلد إلى دويلات كما سيحدث للعراق وكثير من الدول العربية وخاصة تلك الغنية بالثروات على رأسها النفط طبعا...

يتبع