يحكى أن اثنين من المحتالين كانا يركبان حمارا وكان لأحدهما كلب يحبه حبا جما وحدث أن مات الحمار والكلب معا عند مدخل قرية كانا يقصدانها فقاما بدفنهما ووضع صاحب الكلب حجرا على قبر كلبه وزينه بما وجد من حصى وصخور مفتتة و جلس بالقرب منه يرثيه بفصاحة قل نظيرها و جلس صاحبه جنبه يندب حظه ويولول من شدة فقده لحماره وبينما هما كذلك إذ مر عليهما رجل فسأل صاحب الحمار عن سر بكاء صاحبه وعن هوية صاحب القبر المزين فأجابه بكل ثقة في النفس هذا قبر الولي الصالح ( الحاضي ) صاحب الكرامات الفريدة والمعجزات البليغة وأنا وصاحبي كنا من مريديه و ملازميه و كنا متوجهين صوب هذه القرية لنشر العلم بين جدرانها وإزالة السقم من أركانها فشاء المولى القدير أن يقبض روح شيخنا هنا وقد عزمنا على بناء ضريح يليق به وبمكانته فهلا ساعدتنا ببعض ما يلزم للبناء حتى تحفك بركة مولانا وشيخنا الفاضل رحمه الله
حين سمع الرجل هذه التفاصيل سر وجهه وقبل رأسيهما وأيديهما وحمد الله على أن أكرم قريته بدفن ولي صالح بين ظهرانيها ثم أمرهما بالمكوث قليلا حتى يجلب لهم المساعدة والعون ومضى مسرعا نحو سكان القرية وما هي إلا دقائق معدودات حتى عاد ومعه أهل القرية محملين بما لذ من طعام وشراب وأموال وبما يلزم لبناء ضريح ولي صالح و بني الضريح وشاع بين سكان القرية أن القبر قبر ولي صالح من زاره وأكرم من صحبه يشفى من كل الأمراض وتيسر له كل الأمور وتذلل له كل الصعاب فاستفاد المحتالان من عائدات الضريح واتفقا فيما بعد على اقتسامها بالتساوي فحدث أن سافر أحدهما بعد مدة إلى إحدى القرى المجاورة وحين عاد شك في صاحبه وفي صحة ما قدم له من مال طوال مدة غيابه عن الضريح فناقشه في شكه وريبته فأنكر صاحبه أن يكون قد سرق سنتيما واحدا من نصيبه له فقال له بعد طول جدال :
إحلف بأنك ما بخستني نصيبي وحقي
فأجابه :
وحق سيدي ( الحاضي ) ما نقصت منها سنتيما .
فرد عليه في غضب :
تا كون تحشم شوية سيدي ( الحاضي ) راه دفناه أنا وأنت وهذا راه ضريح ” سيدي كلبون ” وراه حنا اللي بنيناه بجوج
ولأن الطمع طاعون شب النزاع بينهما فكشفت حيلتهما وفطن أهل القرية بمكرهما فكان عقابهما ما تتخيلون وما لا تتخيلون.