عرض مشاركة واحدة
قديم 28-12-07, 04:36 AM   رقم المشاركة : 3
دمشقية
حفظه الله







دمشقية غير متصل

دمشقية is on a distinguished road


يقول الأزهري:
” ماذا نعني بالتفويض؟؟“
نقل ابن العربي أن معاني لفظ (الاستواء) خمسة عشر ما بين حقيقي ومجازي، ونقل ابن حجر أن معاني لفظ (اليد) خمسة وعشرين ما بين حقيقي ومجازي وهكذا قل في كل الصفات.
وتختلف معاني كل لفظ بحسب ما يضاف إليه (أولاً) وبحسب السياق (ثانياً).
ماذا يفعل المؤول؟
ببساطة : يحدد معنى من هذه المعاني وغالباً ما يكون التحديد بدليل ظني وبعضها يكون بدليل قطعي ومثال الأخير تأويل المعية بمعية الصفات فقط وتأويل (في) الموضوعة للظرفية ب(على) وهكذا وأما التأويل الظني فلا بد له من دليل من اللغة والشرع وإلا صار تحريفاً وعلى هذا ينطبق إنكار محققي العلماء لتفسير الاستواء بالاستيلاء!! وأما إن كان دليلاً ظنياً فهو يقول به وهو ما يأباه المفوض طلباً للسلامة من الزلل وهو ما يشعر به المؤول في نهاية حياته كالرازي والجويني وغيرهم.
أضاف الأزهري:
وماذا يفعل المفوض؟
ببساطة:
ما كان دليله قطعياً قال به كالمثالين السابقين.
وما كان دليله ظنياً توقف فيه عن تحديد معنى من المعاني المختلفة للفظ الواحد مع استبعاد معاني تمثيل الله تعالى بخلقه أو العكس.
فالمفوض -بالشرح البسيط السابق- لا يخرج عن معاني (اليد) اللغوية أو (الاستواء) اللغوية حتى يقال إنه لا يعرف الغضب من الرحمة من الفرح من العجب!!

أما المؤول الأشعري فقد زعم الأزهري أن أكثر تأويلاته بدليل ظني وأن بعضها بدليل قطعي.
أما أنا (دمشقية) فأقول: تأويل الأشعري المؤول كله ظني وليس منه شيء قطعي إلا ما وافق فيه تأويل السلف الذي هو التفسير كما قال النبي لابن عباس ”اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل“.
وقول الأزهري:
” وهو ما يأباه المفوض طلباً للسلامة من الزلل“.
الجواب (دمشقية):
ظاهر التفويض طلب السلامة. وباطنه تعطيل صفات الله فأين السلامة ممن زعم أن الله أنزل ألفاظ الصفات بألفاظ ذات معنى ثم هو ينهاهم عن معرفة هذه المعاني؟
سوف يرى المفوض غدا يوم القيامة أن هذا التفويض كان مجرد خداع وسراب.

وقد فهمت من السطور التي كتبها الأزهري:
أن المفوض متوقف وعنده تبرم من طريقة الأشعري في التأويل.
هذا حقه. فإن أدلة المؤول الأشعري كلهها ظن وخرص وكثير منها جاء تقليدا لتأويلات (أعني تحريفات) للمعتزلة.
وأن ما كان دليله فيه قطعي فما وافق فيه السلف.

فلماذا لا تبحث عن تفسير السلف للصفات فإن طريقتهم أسلم وأحكم وهم لا يتبعون الظن كما أسأت الظن بمجاهد وأبي العالية وقررت بأنهما اتبعا الظن في تفسيرهما لصفة الاستواء.

والسلف الصالح لا يؤولون بدليل ظني. ولم يكن هذا حالهم. بل هم أورع في طلب السلامة من الزلل ممن وقف مع المؤولة في نهاية المطاف في تعطيل صفات الله وزجر من يقتصر في طلب معناها بحسب ما ورد عن السلف الصالح.

لكن لطلب السلامة عند أشاعرة التفويض قصة أخرى وضلال قديم زعموا فيه أن السلامة في عدم التعرف على الله من خلال صفاته.
ولسان حال الأزهري يقول: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على جهالة أنا ومن اتبعني.
ولسان حال الأزهري يقول: إنما يخشى الله من عباده الجهال.
ولسان حال الأزهري يقول: والراسخون في الجهل يقولون آمنا به.
قال الأزهري:
وماذا يفعل المفوض؟
ببساطة: ما كان دليله قطعياً قال به كالمثالين السابقين.
وما كان دليله ظنياً توقف فيه عن تحديد معنى من المعاني المختلفة للفظ الواحد مع استبعاد معاني تمثيل الله تعالى بخلقه أو العكس.

فالمفوض -بالشرح البسيط السابق- لا يخرج عن معاني (اليد) اللغوية أو (الاستواء) اللغوية حتى يقال إنه لا يعرف الغضب من الرحمة من الفرح من العجب!!
الأزهري يقول لكم هل فهمتم؟
قال: فهل فهم الإخوة مذهبنا؟ أرجو ذلك.
الجواب (دمشقية):
والله يظهر لي أنك لا تفهم مذهب التفويض فضلا عن أن تطالب الآخرين بفهمه.
فقد أوردتهم موارد صعبة ومعقدة وكثيرة التناقض.
تارة سكوت تام وعدم تفسير تام وتارة معنى إجمالي وتفويض جزئي للصفة. وتارة عدم جواز تفويض الصفات العقلية ولكن يجب تفويض الصفات الخبرية.
والآن يجوز الأخذ بتأويل الأشعري للصفة إذا كان تأويله بدليل قطعي.

وهنا يلزم الأزهري خصومه بإلزام فاشل فيقول:
” لأنهم إما يحددون لهذه الألفاظ معاني لغوية أو لا يحددون فإن حددوا فهم مأولون بدليل قطعي أو ظني وإلا فهم مفوضون.
الجواب (دمشقية):
أنت قلت من قبل أنك بريء ممن اعتقد أن التفويض هو عدم وجود معنى للصفة؟
لكنك تقول الآن أنه إذا حدد لها معنى فهو مؤول.
أما تحديد أحد المعاني للفظ الواحد دون الآخر فالمتحكم في تحديده والقاضي الواجب الأخذ بقضائه هو السياق.
ولنضرب على ذلك مثالا من (مع) المفيدة للظرفية. فإن (مع) المفيدة للظرف تتعدد معانيه بحسب سياق النص.
- (وهو معكم أينما كنتم) تفيد العلم أم النصر والتأييد؟
فمن زعم أن المعية هنا تفيد النصر فقد حرف الآية. مع ان النصر أحد معاني (مع) المفيدة للظرف. لوجود قرينة (والله بما تعملون بصير).
- (واعلموا أن الله مع المتقين) تفيد العلم أم النصر والتأييد؟
فمن زعم أن المعية هنا تفيد العلم فقد حرف الآية مع أن معية العلم أحد معاني (مع) المفيد للظرف.
- (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ)
- (لا تحزن إن الله معنا): هل هذه المعية معية علم أم معية نصر وتأييد؟
فمن زعم أن المعية هنا معية تفيد العلم فقد حرف الآية كذلك.

والآن نأتي إلى لفظ اليد أيها الأزهري.
فمن زعم أن قوله تعالى (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) تفيد القدرة أو النعمة فقد حرف الآية لأن السياق متحكم في أن المراد يدين حقيقتين لله بدل وردها مثناة. ولا يجوز تحديد قدرة الله بالمثنى.
ومن أراد نفي اليدين الحقيقيتين لله وحمل اليد على معنى عدم نكث العهد فقد حرف الآية. وهكذا.
فالسياق هو الحاكم وليس المذهب وما يقرره أهل الخرص والظن والتحريف الذين قال الله عن أمثالهم:
فإن هذا التأويل الأشعري المستقى من نهر الاعتزال هو إلحاد في أسماء الله وصفاته وتحريف للكلم عن مواضعه من جنس عمل اليهود، قال الحافظ في الفتح: « قال ابن عباس:  يُحَرِّفُون  أي يزيلون، وليس أحد يُزيل لفظ كتاب من كتب الله، ولكنهم يحرفونه: يتأولونه عن غير تأويله » ثم نص الحافظ على أن تحريف أهل الكتاب لمعاني النصوص لا يُنكر بل موجود عندهم بكثرة [فتح الباري 13/524].
وقد توعّد الله الخائضين فيها بالعقاب فقال:  وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  [الأعراف 180].
ولكن ما مفهوم التأويل عند الأزهري؟
قال الأزهري:
” ببساطة شديدة التأويل هو صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى مجازي بدليل راجح.
فمن أول معيته سبحانه وتعالى بأنها معية صفات لا معية ذات فهو مؤول.
ومن أول قوله تعالى (في السماء) بأن معناها (على السماء) فهو مؤول لأن (في) وضعت حقيقة للظرفية المكانية“.
الجواب (دمشقية):
ببساطة شديدة هذا معنى إصطلاحي محدث. فالتأويل لفظ قد ورد متكررا في القرآن ولم يتضمن هذا المعنى المحدث الذي لا يخرج به الأزهري عن طور المذهب الأشعري بما يجعلني دائما أؤكد أن الأزهري الأصلي أشعري أصلي يدعو من تسلف من الإخوان للعودة إلى المعسكر الأشعري.
معنى التأويل في القرآن
فقد ورد التأويل في القرآن على معنيين اثنين لا ثالث لهما: (التفسير والمصير) كما قال ابن جرير الطبري: « وأما معنى التأويل في كلام العرب فإنه التفسير والمرجع والمصير» [تفسير الطبري3/123]:
ـ التأويل بمعنى التفسير. قال ابن الجوزي: « وهذا قول جمهور المفسرين المتقدمين » [زاد المسير لابن الجوزي1/4]. قال تعالى:  وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ  [يوسف 44] ونجد ابن جرير يقول عند كل آية « وتأويل الآية عندنا كذا » أي تفسيرها.
ـ التأويل بمعنى الرجوع والأول والمصير قال تعالى:  هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَه  [الأعراف 53] أي تحققُ ما أخبر الله عنه. كما في حديث عائشة: « كان رسول الله  يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. يتأول القرآن » قال الحافظ ابن حجر: « أي يفعل ما أمر به فيه » [فتح الباري 2/299]. أي تحقيق قوله تعالى:  فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْه  [النصر 3].

فلماذا تجاهل الأزهري موارد استعمال لفظ التأويل في القرآن واكتفى بالتعريف الإصطلاحي الذي استغله المؤولة ممن لا يرتضي الأزهري منهجهم في التأويل؟
أليس الاستدلال بمعنى التأويل كما جاء في القرآن هو الأولى من تلك الاصطلاحات التي كانت سببا للعبث في صفات الله بما يسمونه تأويلا وهو والله عند الله تحريف؟

فليس لكم أن تستدل بألفاظ القرآن حتى توافق المعنى القرآني الذي كان يفهمه النبي وأصحابه ولغة العرب التي أنزل القرآن بها والتي كان النبي  يخاطب بها أمته، بل لا بد من الرجوع إلى الاستعمالات الواردة لهذا اللفظ وقت نزول الوحي، ليس لك أن تحمل ألفاظ القرآن على معن خاص وإلا كان ذلك تحكماً وتحريفاً. فإن الواحد عند الأشاعرة والمعتزلة هو ما لا ينقسم، والتأويل: هو صرف اللفظ إلى معنى مستبعد، كما أن التوسل عندهم يدخل في معناه دعاء غير الله.

لقد أخذتم لفظ التأويل ونبذتم معناه القرآني المقصور على التفسير والتحقيق أو المصير وأخذتم بالمعنى الفلسفي الذي اصطلح عليه علماء الكلام والذي هو صرف اللفظ عن معناه المتبادر إلى معنى آخر محتمل. فصار معنى التأويل عندكم مخالفا للمعنى الذي في القرآن وفي فهم الرسول الذي دعا لابن عباس أن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل. ولم نجد ابن عباس يصرف ألفاظ الصفات عن ظواهرها إلى معاني الاستيلاء ونزول الرحمة وعلو المنزلة.

ولو أننا سلمنا جدلا بالتعريف الأزهري للتأويل فإننا نقول: ومع هذا فإن هذا التعريف هو حجة على المؤولة فإنهم جعلوا عهدا على أنفسهم أن لا يصرفوا اللفظ على المعنى الظاهر المتبادر الواضح إلا بدليل راجح مقترن بالنص.
لكنهم لم يفوا بما وعدوا وتجاهلوا شرط اللفظ وهو الدليل الراجح.
فحتى هذا التعريف قد أخلوا به وبما تضمن من شروط.
ولهذا اعترف الأزهري بأن أكثر تأويلاتهم إنما هي ظنية.
وأنا أثول بل كلها إلا ما ما وافقوا فيه تفسير السلف.
قال الأزهري:
فمنهج السلف الصالح هو تفويض معاني هذه الصفات بالتوقف عن تحديد معنى من المعاني الحقيقية والمجازية للفظ -إن لم يكن ثمة دليل قطعي- ونفي المعاني التي تشبه الله بخلقه أو العكس).
فها هي أقوالهم متوافرة في النهي عن تفسير هذه الصفات وأنه لم يدرك أحدا من السلف يفسرها وأنه لا بد من السكوت وعدم الخوض والتفكر في معانيها وأن التكلم عن المعاني بدعة لأنه لم يرد وكذا السؤال عنها والجواب كفر وزندقة لأنه لم يرد أيضا وأن معناها لا يدرك أو لا يعقل وأنه يفوض علم معناها إلى الله تعالى.
الجواب (دمشقية):
أما أقوالهم فقد رد عليك القرضاوي بأن معانيها واضحة بينة لا تحتاج إلى تفسير.
وأما النهي عن التفسير فهو بسبب أن ظاهرها تفسيرها كما قالوا أيضا.
لكن ظاهرها عندك غير مراد. فأنت تخالفهم في أن ظاهرها ليس تفسيرا لها. والدليل على ذلك أنهم قالوا بأن الجهمية فسروا هذه الصفات بغير ما فسر أهل العلم.
فدل على أنك تستغل كلامهم بما يبرر مذهب التفويض الأشعري.
والأشاعرة كما قلنا من قبل مخالفون لأحمد مع أن شيخهم الأشعري أعلن أن أحمد هو الإمام الذي أظهر الله به السنة.
وقد أكد السبكي هذا الأمر وهو أن الشيخ الأشعري رجع إلى مذهب السلف وأن عقيدته هي عقيدة أحمد بلا شك ولا ارتياب، وأن الأشعري صرح هو نفسه بذلك مراراً في تصانيفه « أن عقيدتي هي عقيدة الإمام المُبَجَّل، أحمد بن حنبل » قال السبكي: هذه عبارة الشيخ أبي الحسن في غير موضع من كلامه [طبقات الشافعية 3/99 أو4/236 محققة].
قال الأزهري:
” يقول أن المقصود بكلامهم هذا النهي عن تفسيرات الجهـميـة لهذه الصفات!! وهذا تأويل غير صحيح فضلاً عن أنه لا دليل عليه. أما كونه لا دليل عليه فهو كذلك لأنهم لم يأتوا بدليل واحد على كلامهم هذا“.
الجواب (دمشقية):
حقا أيها الأزهري؟؟؟
ولا دليل واحد؟ ولا حتى قول مجاهد وأبي العالية اللذين رددتهما بلا عذر سوى قولك أنهما حالة استثنائية؟
هاذ هو عذرك الوحيد ولم تقدم لنا سلفا واحدا لك على ما ثبت من تفسيرهما والذي رواه البخاري عنهما بالسند الصحيح.
ولم نجد عالما واحدا معتبرا أبطل قولهما. ولم نجد واحدا قد حكم بخطأ البخاري في إدراج تفسيرهما في صحيحه.
ولا عبرة بردك لقولهما بعد أن رأينا تصريحك بأنك داعية إلى الأشعرية الحقة.
فهناك من يدعو إلى التصوف الحق.
وهناك من يدعو إلى التشيع الحق.
ولا أعتقد بعد هذا أنك تريد دليلا على أن ما قاله مجاهد وأبو العالية هو حق.
طلبت منا دليلا وأعطيناك أدلة وأهمها تفسير النبي لصفات الأول والآخر والظاهر والباطن:
ولكنك تجاهلت هذا الدليل النبوي ولا تزال تعاند حتى هذه اللحظة.
وأما تمسكك بعبارات (لا تفسر) وكذلك (لا كيف ولا معنى).
فأقول لك:
لا تنس أنهم قالوا أيضا: (قراءتها تفسيرها).
قال سفيان بن عيينة ” كل شئ وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره“ (الصفات للدارقطني ص70 واللالكائي).
فالسلف يقولون فقراءته تفسيره ، والمفوضة يقولون ، فقراءته تجسيمه!

وهذا يعني إقرار السلف بأن لها معنى لا بد أن يفهم. وهو ما أراده القرضاوي بقوله بأن للصفات معان بينة واضحة لا تحتاج إلى تفسير.
لو كان معنى كلام الأئمة على النحو الذي تظنه لحكموا بخطأ مجاهد وأبي العالية.
غير أنهم لم يفعلوا. ولم تنقل لنا شيئا عنهم سوى ما نقلت لنا عن حضرتك بأنك قد حكمت بخطئهما.
فثبت بطلان فهمك لقولهم الذي أكدنا أنهم يقصدون به ما أفهمك إياه شيخك القرضاوي. من أن هذه الصفات لها معان واضحة بينة لا تحتاج إلى تفسير.
ولكنك لم ترتض حتى هذا الدليل من القرضاوي ولا من توفيق الواعي الذي صرح لك بأن حسن البنا كان يفوض كيفية الصفات وليس معاني الصفات.
فماذا بقي عند الأزهري من حجة؟؟؟؟
قال الأزهري:
عمن وصفهم بمهاجمي التفويض بأنهم ” لا يعرفون ما يجب تفويضه وما يجب معرفته فلا يعرفون مذهبهم أصلاً وهذا من أعجب العجب!! فهم مفوضون رغماً عنهم وإن كابروا. واضطرابهم وتناقضهم في هجومهم على التفويض دليل على هذا:

فهم في بعض الأحيان يحاولون -جهدهم- أن يعرفوا معنى (يد الله) أو (غضب الله) ونحوها من الصفات بقولهم هي صفة ذاتية أو فعلية يفعل بها كذا وكذا.........إلخ !! وهذا ليس تعريفاً لغوياً فهذا يقوله المفوض أيضاً وبعضهم يقول (اليد) معناها (اليد)!! وهكذا.
(ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم).
الجواب (دمشقية):
هذه الأية أنت أولى بها لأنك أول المخالفين لها.
فإنك تجاهلت ما وعظك رسول الله من جواز مبدأ تفسير الصفات. حيث فسر لك صفات الأول والآخر.. ولكن لم تفعل ما وعظت به.
وتجاهلت ما تقرب البخاري إلى الله بروايته لك.
ولو كان البخاري مخطئا فيما روى لقيد الله من أهل العلم المعتبرين من ينكره عليه، هذا بالرغم من كثرة الشروح لصحيحه.
أما زعمك أننا لا ندري ما يجب تفويضه وما يجب معرفته.
فأقول: أنت أولى بهذا الوصف.
فإنك تتجاهل سؤالنا حول موقفك من الصفات السبعة هل تفوض أو تؤول.
هل نفوض كل الصفات أم نفوض بعضها؟
لم تصلنا إجابات أزهرية حتى هذه اللحظة.
أما طريقتنا فهو البقاء على المعنى الذي يفهم من ظاهر الصفة كما قال لك القرضاوي فإنه واضح وبيّن ولا يحتاج إلى تفسير.
هل الأزهري على دين العجائز
فهذا هو دين العجائز. وهذه هي الفطرة التي أشار إليها القرضاوي بالدليل مما أنزلته أنت في موقعك استفدت أنا منه.
والجارية التي قالت للنبي أن الله في السماء فأقرها النبي وقال لسيدها ” إعتقها فإنها مؤمنة“ داخلة في عقيدة العجائز وأعني العامة من الناس.
ولكن الأزهري لم يوافقها حتى الآن ولم يصرح بقولها.
جل ما سمعنا منه امتعاضه ممن يختبره بحديث الجارية.
قال يزيد بن هارون ” من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو: جـهمــي“ (السنة1/123 وأخرجه أبو داوود في المسائل ص 268 بسند جيد).
فهل ما يقر في قلب الأزهري هو عين ما يقر في قلوب العامة؟
لا أعتقد أبدا بعد الخبرة بالأزهري.
بل إن ما حكاه القرضاوي هو دين العجائز.
أما ما عليه الأشاعرة فهو من بقايا عجائز المعتزلة.
أنت لست على دين العجائز في هذا التفويض. وإن نسبت نفسك إليهم. فالحق أنك مخالف لدين العجائز.
فلو أنك قلت لعجوز إن رسول الله كان جاهلا بصفات ربه لبادرت إلى صفعك على وجهك ولاتهمتك بأنك تؤذي النبي.
فالعجوز لا تتوقف عن الجواب (هل كان النبي عالما بصفات ربه أم كان جاهلا بها) بشكل مباشر بأن الرسول ولا شك أعلم خلق الله بصفات ربه.
ورع أم مكابرة؟؟؟
وأما ما احتاج إلى مزيد تفسير فنأخذ به ونقتصر عليه.
نعم من الورع أن تتوقف عن تفسير ما لا علم لك به.
ولكن ينقلب الأمر إلى مكابرة إذا احتججنا عليك بما روى لك مسلم من تفسير النبي لصفات الأول والآخر.. فتتجاهله ونحتج عليك بما رواه البخاري عن مجاهد وأبي العالية وهما تابعيان وقد فسرا صفة الاستواء فرددت تفسيرهما واعتبرته اجتهادا منهما بالرأي. ومن العجب أنها ليست زلة عالم واحد وإنما تفسير مترادف لإماماين تابعيين أخذ كل منهما التفسير عن ابن عباس. ثم تأتي حضرتك وترد قوليهما بحجة أنك أزهري.

يتبع...
ملاحظة: ما كتبته اليوم فهو شامل للرد على المشاركات الماضية للأخ الأزهري.
وسوف أكمل الليلة البقية النهائية من مشاركتي. فأرجو الصبر وعدم التعليق مع الشكر لكم غير مأمورين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الأزهري:
« فحديثنا واضح وصريح في العنوان لا تفسيرات فلان ولا تفسيرات علان لمذهب السلف الصالح فنرجو منه عدم تكرار هذا الأمر ».
الجواب (دمشقية):
قد التزمنا بالعنوان فاحتججنا عليك بقول مجاهد وأبي العالية وأنت عجزت عن أن ترد قولهما. سوى بزعمك أنه قول استثنائي وأنه على خلاف الأصل.
وأنه لا يلزم أن يكونا قد أخذا هذا القول من ابن عباس.
وأنه اجتهاد منهما.
قلنا لك: من حكم بخطئهما؟
ويبقى الأزهري يقول: (أنت لم تجب على أسئلتي)، خداعا للقارئ ليصرفه عن تجاهله لكثير من أسئلة الدمشقية.

قد استدللنا عليك بقول الترمذي ” تأولت الـجـهـمـيــــة هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم“ [سنن الترمذي3/42).
فقوله ” ففسروها على غير ما فسر أهل العلم“ يدل على أن أهل العلم فسروها ولم يفوضوها! فأي تفسير هذا الذي فسروه إن كانوا مفوضة؟

وهو عين قول الدارمي. وهو عين قول أحمد بن حنبل في كتابه الذي شككت به مع اعترافك بأن الجمهور على إثباته. ومستندك الهزيل عبارة للذهبي لا يسلم لك فيها تبددها عبارته الأخرى (ولعله قاله) أي قال ذلك الكتاب. وهي من جملة من القرائن تثبت أنك عندي جـهـمـي مؤدب. وهو ما يزيدني كراهية بمنهج الإخوان الذين وجدوا فيك ما يقر أعينهم بكيد خصمهم السلفي والتشفي منه.

وهذا الدليل كان المفروض منه أن يكون كافيا لإنهاء الحوار بالضربة القاضية:
ولكننا لم نر منك تعليقا واحدا على ذلك. فهذا يدل على وجود التفسير عند أهل العلم للصفة الإلهية.

احتججنا عليك بتفسير النبي للصفات كما في حديث (أنت الأول فليس قبلك شيء..). وأن القرطبي قد وصفه بأن الشرح النبوي وأنه لا يقبل بعد هذا التفسير النبوي تفسير أحد.
فماذا كان جوابك؟ التجاهل التام وكأنني لم أكتب شيئا.
تتجهل قول الرسول ثم تقول لي: لا تتجهل كلامي!!!
وإليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهل الجنة...“.

فإما أن تقول بأن النبي أراد التشبيه بهذا التفصيل لصفة اليد.
وإما أن تقول أنه أعطى تفسيرا آخر زاد به تفصيل صفة اليد لله وهذا التفسير المفصل يبطل تفسيرك المجمل.

تفسيرا نبوية أخرى
وبماذا تفسر قول النبي  : « يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك: أين الجبارون أين المتكبرون؟» وفي رواية: « يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه ويقول: أنا الله. ويقبض أصابعه ويبسطها ويقول: أنا الملك، قال ابن عمر: حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله  ؟» [رواه مسلم رقم (2788)].
أسألك:
هل هذا الكلام فهم الصحابة معناه أم هو مجرد ألفاظ وطلاسم لا تدل على شيء عنده.

وكذلك تلا  قوله تعالى:  إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيرًا  [النّساء 58]، قال أبو هريرة: « رأيت رسول الله  يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه. يقرؤها ويضع أصبعيه. قال المقرئ: يعني أن الله سميع بصير. قال أبو داود: وهذا رد على الـجـهـمـيــــة » [رواه أبو داود في كتاب السنة باب في الـجـهـمـيــــة 4/233 رقم (4728) وصححه الحاكم 1/24 وقال الذهبي "على شرط مسلم" وحسن إسناده الحافظ ابن حجر 13/373].

وفي رواية عن عقبة بن عامر قال: « سمعت رسول الله  يقول على المنبر: « إن ربنا سميع بصير » وأشار إلى عينه » [ذكر هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح 13/373 نقلا عن البيهقي في الأسماء والصفات وقال "سنده حسن"].

وها هي الجارية تقول كلمة تقشعر منها أبدان نفاة العلو، فقد سألها رسول الله  أين الله؟ قالت: في السماء. فقال لصاحبها: أعتقها فإنها مؤمنة.
ولا زال الأشاعرة ينهون أن يقول أحد ما قاله رسول الله  فيقول القشيري: « ولا يقال له: أين الله »؟ [الرسالة القشيرية ص 5].

احتججنا عليك بالتفسير السلفي (ارتفع اعتلى) فرددتهما وأصريت على أن السلف لم يفسروا. وطالبناك بأن تعترف بأن التفسير ورد لكنك تخالفه. فتجاهلت هذا المطلب.
أنت قد أقيمت الحجة عليك من أول المناظرة بما رويناه بالسند الصحيح عن مجاهد وأبي العالية في تفسيرهما للاستواء بالارتفاع والعتلاء.
وخذ هذه زيادة ثالثة صحيحة الإسناد:

قال محمد بن الـجـهـم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال وقد قال ابن عباس في ثم استوى إلى السماء صعد ” أخرجه البيهقى فى الصفات“ وذكره الذهبى فى العلو للعلى الغفار
قال الشيخ الألبانى : إسناده إلى الفراء لا بأس به وبقية رجاله ثقات.

وهذا سبيل السلف الذي شاققته وزينت لنفسك بأنه قول استثنائي.
سألناك من رد عليهما وأثبت مخالفتهما؟
فكان السكوت الأزهري الأصلي المعهود.
يعرضون عن تفسير النبي للصفات. وهي المحكمة.
ويأخذوننا بشبهات كلام العلماء والأئمة. كقولهم لا كيف ولا معنى. وهو الذي يحمل أوجها أصحها عندنا حمله على نفي الخوض في الكيفية والمعنى لا على معنى نفي الكيف والمعنى.
عبارات الأئمة لا تنهض لمخالفة تفسير النبي
ما ثبت تفسيره عن النبي من أسماء الله وصفاته لا تنهض العبارات الموهمة لغيره لمخالفته.
وهذا ما أستطيع أن أثبت به انحراف الأزهري.
فإنه لا يزال يتشدق بما جمعه من كلام الأئمة الذي حرف معناه.
ولكنه لا يزال يهرب من شرح النبي لصفات الله: الأول الآخر الظاهر الباطن.
ومن وصفه لله بأنه يمسك السموات بيد والأرضين بيده الأخرى. هكذا: ويقبض النبي يديه ويبسطهما.
هل أجاب الأزهري عن قول النبي؟ كلا لم يجب ولا بكلمة واحدة.
وبعد هذا يقول الأزهري:
« أي إجابة على غير ما سبق تعتبر حيدة وتهرب ومراوغة تنهي الحوار من أساسه».
الجواب (الدمشقية):
لو اتبعت مذهبك هذا لتوقفت منذ زمن طويل عن الحوار معك فإن هروبك دائم ومتكرر.
هربت من التفسيرات النبوية.
هربت من قول القرطبي بأن النبي شرح الصفات (يعني صفات الأول والآخر والظاهر والباطن).
والآن جاء دور صلاح الدين
وبعد التعليق الضعيف للأزهري قال:
« متى ينتهي مسلسل الاعتداء على أئمة المسلمين وقادتهم من قبل الدمشقية؟
بالأمس صدمنا الدمشقية بمقالته في الهجوم على صلاح الدين الأيوبي مصدر فخر المسلمين.
جواب الدمشقية:
كان بودي والله أن تأتيني بنص التهجم على صلاح الدين الأيوبي. فإنني بشوق إلى إدانتي من كلامي.
ولكن لماذا يكتفي الأزهري بعبارة (الاعتداء) بدون أن ينقل نص كلامي في هذا الاعتداء؟
هل هذا هو المنهج العلمي؟ أم أنه يريد استدرار العواطف، مكتفيا بعبارة (اعتداء، هجوم)؟
هات النص حتى يقرأه المنصف وينظر إن كنت قد اعتديت على صلاح الدين.

كل ما في الأمر أننا قلنا إن الرجل أشعري العقيدة وأن انتصاره على الصليبيين لا يعني أنه على المذهب الحق.

فإن كان هذا دليلا عند الأزهري على صحة عقيدته فلماذا لم يقل للأخ صلاح الدين المصري (بمنتدى الدفاع عن السنة) أنه ينصح بالمذهب الأشعري بدليل أن صلاح الدين الأيوبي كان أشعريا؟
وقد كان سؤال الأخ صلاح الدين له: هل تنصحني بالانتماء إلى المذهب الأشعري؟
فحاد الأزهري على عادته عن الجواب وحتى لما أرغمناه على الجواب أجاب بطريقة خجولة ليست صريحة أبدا في الجواب.
لماذا لا يقول الأزهري (الأشاعرة المؤولة على حق بدليل أن صلاح الدين الأيوبي كان أشعريا)؟
فإن أبى ذلك كان هو نفسه متهجما على صلاح الدين الأيوبي لأنه يطعن في عقيدة الأشعرية التي كان عليها صلاح الدين الأيوبي.
أرأيت أيها القارئ كيف يخدعك الزهري بعواطفه النبيلة؟
الأزهري يريد إصلاح ما تفسده الصفات
الأزهري يعتقد أن الصفات لو تركت على ظاهرها لأدت إلى فساد في فهمها.
فلذلك يدعو إلى ترك ظاهرها زاعما أن عدم فهمها أصلح لدينه من فهمها.
والله أنزلها ليفهمها العباد لأن في فهمها زيادة خشية وتقوى.
الارتباط بين العلم بصفات الله وبين خشية الله
وقد جمع الله بين العلم بالله وخشيته فقال:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وجمع النبي بين العلم بالله وبين خشيته وتقواه فقال: ” إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا“ (رواه البخاري).

مع أن السلف اعتبروا أن تفسيرها متضمن فيها ولا يؤدي إلى فساد.
فالأزهري ليس أعلم بما يليق بالعوام من الله ولا أكثر غيرة على الدين من الله.
الله أنزلها وفيها تفسيرها ولا يؤدي تفسير العامي لها إلى باطل.

هذا هو لب المسألة.
الله أنزل تفسيرها فيها، ولا خشية منها على دين العامي العامي من أن يفهمها.
بينما يرى الأزهري تفسيرها ضار بالعوام وهو يوقعهم في التجسيم والتشبيه.
تالله لو يعلم الأزهري كم أفنى عمره واجتهد في نشر الباطل والصد على العلم الله وخشيته.
قال تعالى:
((( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون))).

قال المناوي:
” قوله صلى الله عليه وسلم ” أنا أعلمكم بالله“ ظاهر في أن العلم بالله درجات وأن بعض الناس فيه أفضل من بعض وأن النبي صلى الله عليه وسلم منه في أعلى الدرجات ((( والعلم بالله يتناول ما بصفاته))) وما بأحكامه وما يتعلق بذلك فهذا هو الإيمان حقا“ (فيض القدير1/70).

فكيف يقال أن المؤمن يزيد إيمانه كلما أعرض عن فهم الصفات وتعلم معانيها؟
سبحانك هذا بهتان عظيم.
وكأن الأزهري يقول ” من يرد الله به خيرا يجعله جاهلا بصفاته“.
مع أن المناوي يوضح بأن من العلم المؤدي للخشية: العلم بصفات الله“.
الدارمي يؤكد مبدأ التفسير المخالف لتفسير الـجـهـمـيــــة
وبعدما نقض الدارمي أصول الـجـهـمـيــــة قال « ثم أجمل المعارض جميع ما ينكر الـجـهـمـيــــة من صفات الله وذاته المسماة في كتابه... وفي آثار رسول الله s. فعد منها بضعا وثلاثين صفة نسقا واحدا، يحكم عليها ويفسرها بما يحكم المريسي وفسرها، وتأولها حرفا حرفا، خلاف ما عنى الله وخلاف ما تأولها الفقهاء والصالحون لا يعتمد في أكثرها إلا على المريسي» (رد الدارمي على المريسي ص3).

وقال « فكما نحن لا نكيف هذه الصفات لا نكذب بها كتكذيبكم ولا نفسرها كتفسيركم» (رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي ص23).

وقال « ثم فسرته تفسير مخالفا لأهل الصلاة» (رد الدارمي على المريسي66).

وعقد أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني في كتابه الحجة فصلا بعنوان « فصل في تفسير أسماء الله عز وجل من قول علماء السلف... فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته» (الحجة في بيان المحجة1/122).
لب الحوار: هل نفهم من الصفات معنى أم لا؟
كان الأزهري بالأمس يقول: لا معنى بل سكوت وتفويض مطلق.
أما اليوم فقد تغير الأمر وصار الأزهري يعلم معنى إجماليا وهذا المعنى للصفة لا يجوز تفويضه إلى الله.
أما الدمشقية فهو يقتصر في التفسير على ما ورد. ولو احتاجت الصفات الأخرى إلى مزيد تفسير لفسرها رسول الله.

وما لم يرد فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير كما قال شيخه القرضاوي.
ولكن معناها واضح بين لا يحتاج إلى تفسير كما علمك القرضاوي الذي قال عن الصفات إنها واضحة بينة لا تحتاج إلى تفسير.

وتأملوا قول الحافظ ابن مندة:
يقول الإمام الحافظ أبو عبد الله ابن مندة في التوحيد ” إن الأخبار في صفات الله جاءت متواترة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم موافقة لكتاب الله عز وجل نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصفات والمعرفة والإيمان به والتسليم وكان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج إلى تأويلها“ (التوحيد للحافظ ابن منده ج3/7).

وهذا هو معنى قول الأئمة (لا تفسر) أو (لا كيف ولا معنى). ولكن الأزهري لا يفقه كلامهم.
فإنهم وصفوا المحرفين (ممن يصفهم الأزهري بالمؤولين) بأنهم يتأولون كتاب الله على غير تأويله. وقد مر معنا قول الترمذي والذهبي وغيرهما.
الأزهري يتصدى لشيخ الاسلام ابن تيمية
ثم إن شيخ الاسلام ابن تيمية قد أوضح في رده على المفوضة أوضح رد. فلماذا يتجاهله الأزهري ويقف ندا له؟
الحافظ ابن حجر والحافظ المزي والسيوطي والزبيدي وصفوه بشيخ الإسلام. فمن أنت حتى تناطحه وتقول: لم يسبق ابن تيمية أحد في موقفه من المفوضة. فقد سبقه ابن قتيبة والدارمي.
بل إن مناطحة هذا الجبل تحط من قدرك وتكشف منهجك.
فليفرح بك الإخوان ما شاؤوا وليفسحوا لك منتدياتهم ما شاؤوا.
فوالله هم بذلك يسهمون في النكاية بهذا الدين والصد عن سبيل الله.
الـجـهـمـيــــة كانوا مفوضة أيضا
أما تفويضك فقد سبقك إليه الـجـهـمـيــــة.
فقد كانت الـجـهـمـيــــة تقاتل على تفويض الرؤية و قد فوض الـجـهـمـيــــة بالفعل رؤية الله كما روى ذلك الإمام الدارمي عنهم ورد عليهم رحمه الله (أنظر رد عثمان بن سعيد ص15).

وهذا يعني أن تفويض الرؤية مقبول عند الـجـهـمـيــــة وقد ذكر ذلك عن المعتزلة أبو الحسن الأشعري في (مقالات الاسلاميين ص189).
بل كانوا يفوضون غيرها من الصفات:

قال محمد بن الحسن: ” قال حماد بن أبي حنيفة رحمه الله في معرض نقاشه مع الـجـهـمـيــــة المفوضة: ” قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله عز وجل (وجاء ربك والملك صفاً صفا) قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك ولا ندري كيف مجيئه. فقلت لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف مجيئته، ولكن نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفاً ماهو عندكم؟ قالوا: كافر مكذب. قلت: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه يجيء فهو كافر مكذب“ (راوه الحافظ أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف ص64 وإسناده في غايه الصحة).

تأمل قول هؤلاء: وأما الرب فإنا لا ندري ما عني بذلك ولا ندري كيف مجيئه.
فأثبتوا المجيء ولكن لا يدرون المعنى ولا الكيف!

الـجـهـمـيــــة الذين كان يناقشهم حماد، كانوا يثبتون المجئ لكن لا يدرون ما المعنى.

لأن بعض الطيبين يظنون أن كل جميع الـجـهـمـيــــة قديما كانوا ينفون الصفات ، بل كانوا يثبتونها كالمفوضة.

ننتظر أن يرد الأزهري على الترمذي
” تأولت الـجـهـمـيــــة هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا: إن معنى اليد القوة“ [سنن الترمذي 3/42 تعليقاً على حديث رقم (662).

وهذا يؤكد أنهم يفهمون من الصفات تأويلا – أو قل – تفسيرا صحيحا.
ونحن لا نسمي تحريف الأشاعرة الذي شابهوا به المعتزلة تأويلا.
وقد يسميه الأزهري تأويلا.
ولعل الأزهري معذور: فإن الأزهري مصدره أزهر.
والأزهري مصدره في العقيدة أشعر.
والأشعري المفوض لا بد أن يوالي الأشعري المؤول فلا يصفه بالتحريف.
مع ان الأشعري المؤول ألزم الأشعري المفوض بتجهيل رسول الله.
كذلك تحاشى الأزهري الجواب بوضوح عن سؤالي:
هل تمضون على التفويض مطلقا في كل الصفات مطلقا أم تستثنون بعضها؟ يعني صفة الحي العليم القدير السميع البصير لا نعلم معناها؟ فإن قلتم بعضها تناقضتم فمن أين لكم تحريم تفسير الصفات وتحريم الجهل بالصفات الأخرى؟
هل تستثنون النبي صلى الله عليه وسلم من الجهل بها؟ أم أن الجهل بها يشمله؟
كذلك تحاشى الجواب عن سؤالي حول كلام علماء أشاعرة معدودين من كبار الأشاعرة مثل:
- النووي الذي قال ما نصه « يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل إلى معرفته » [شرح مسلم للنووي 16/218].
- القشيري الأشعري القائل ” وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته “.
- هل قول القائل (( إن الله لا يخاطبنا بما لا سبيل إلى معرفته)) قول صحيح أم باطل؟
هل مفسرو الصفات قد جانبوا الصواب؟
سؤال جدير بالإجابة أرجو من الأزهري أن يجيب عليه.
بل ومن الطبيعي لمن يرى التفويض عقيدة أن يحكم بضلال (((ما))) خالفها.
ولا أطالبه بالضرورة أن يحكم بضلال (((من))) خالفها.
ولكن على الأقل أن يقول بأن التأويل ضلال.
هل يستطيع الأزهري أن يقول ذلك؟ لا أعتقد.
هذه نقطة مهمة وهي أن من قرر التفويض ونسبه إلى السلف لم يستطع أن يحكم بضلال من فسر الصفات. ولو كان جازما بأن هذا هو موقف السلف لحكم بضلال من خالف التفويض.
لكننا نرى كتب التفسير لا تزال تفسر آيات الصفات وتروي في ذلك الروايات عن الأئمة والسلف. ولم يستطع أحد أن يضلل كتب التفسير.
وأعتقد أن الأزهري سوف يتحاشى الجواب عن هذه.
هل كان السلف في شأن صفات الله كمثل الحمار يحمل أسفارا؟
لا شك أن السلف قد فسروا الصفات وهم ليسوا كذلك.
وكان فهمهم لها فهما فطريا تتناسب صفات الله التي أوحى بها مع ما فطرهم الله عليه.
وليس مما انزله الله يكون ظاهره مؤديا إلى التشبيه والتجسيم والكفر.
فالفطرة تفهم معنى يد الله وعلو الله ووجه الله.
والفطرة ينتزه الله عما لا يليق به من التشبيه والمماثلة.
ولكن المذهب الأشعري كغيره مذهب لا يتفق مع الفطرة. بل هو يستغل ما جبلت عليه النفوس من ضرورة تنزيه لإيقاعها في فخ التعطيل.
بل من يدعوننا إلى مذهب حمل الأسفار هم الدعة إلى التفويض.
الذين يجعلون التفويض هو التقوى والورع والهروب من الزلل.
والسلامة في الدين (زعموا)...
تجهيل رسول الله ليس الأسلم بل هو الأطعن
وليس من السلامة الدعوة إلى الجهل. بل إن طلب العلم من أسباب أمن الفتن التي يقع بها كثيرون وليس العكس هو السلامة من الفتن.
ولأنه يلزم من مذهب مدرسة تعليم التجهيل أن النبي كان جاهلا بصفات ربه.
وهذا ما لا يجيب عنه أصحاب التفويض.
ولا حتى الأزهري.
يا أزهري أجب هل جهل رسول الله صفات الله
سؤال طرحناه عشرات المرات على الأزهري وقد جاء جوابه كما سوف ترى:
” جمهور العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسر كل القرآن ولا الصحابة فعلوا ذلك وإلا لنقل إلينا. ما لم يفسره النبي -صلى الله عليه وسلم من المعاني على ثلاثة أقسام:
قسم غير معلوم معناه إجمالاً وتفصيلاً مثل الحروف المقطعة.
قسم غير معلوم تفصيلاً معلوم إجمالاً وهذا كالآيات الوارد فيها الصفات الخبرية.
قسم معلوم بحسب اللغة العربية.

هكذا تجده يلف ويدور ولا يعطي الجواب بوضوح. وهي طريقة الرافضة في أمة الاسلام. وطريقة شهود يهوه والمولودين الجدد عند النصارى.

يا أزهري أجب بوضوح وبساطة:
هل جهل النبي صفات ربه أم كان عالما بها؟؟؟

المطالبة بتفسير اليد والغضب والرحمة
أما مطالبتك بتفسير معنى اليد وبكلمة واحدة كما فعلنا في الإستواء.
ما أنصفت أيها الأزهري. لو فسر لنا الاستواء بزيادة عن الارتفاع والاعتلاء لفعلنا.
ولا يمكن أن أعطيك المعنى بكلمة واحدة لأن الرسول أعطانا زيادة على الصفة الواحدة.
إلا فيما يتعلق بمعناها المتعلق بالمخلوقات.
فاليد صفة يحصل به القبض والبسط والكتابة والإمساك وكلها معان وردت بها السنة.

أما المعنى المتعلق بالله فليس معنا إلا المعنى النبوي.
فاليد صفة الله. وهي اسم جنس ليدين اثنتين خلق الله بهما آدم كما قال في القرآن.
خلق بها آدم وكتب بها التوراة ويطوي بها السموات ويقبض بها. ويخرج بها حثيات من النار.

كما أننا ما رأينا الله ولكن عرفناه من خلال صفاته.
كذلك ما رأينا يديه ولكننا عرفنا عنهما من خلال ما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله.
بالطبع لن نقول له يد هي لحم ودم وعصب وعظام ومفاصل.
ولكننا نقول له يدان ليستا كأيدينا يحصل بهما القبض والبسط والطوي ويكتب بيده التوراة.
هب أنني عجزت عن إعطاء المعنى.

فإذا وردت السنة بعدة معان وتفصيل فلماذا تطالب بملأ الفراغ بكلمة واحدة؟
أهو الفن الأزهري في التعجيز بعد العجز وإقامة الحجة عليك بإثبات أن النبي فسر الصفات وأن السلف قد فسروا الصفات؟

أنا أقول أن لها معنى مشترك بين الخالق والمخلوق وبسببه فهم المخلوق المعنى مع فطرته التي فطره الله عليها في تعظيم صفة الله والفرق الكبير بينها وبين يد المخلوق.

ولكن:
ألست تفهم من الصفة معنى بالضرورة؟
كن صادقا مع نفسك ومع ربك.
ألم يتبادر إليك طوي الله السماوات بيده وخلق آدم؟
أليس التفريق الضروري في نفسك بين اليد وبين الغضب يثبت تغاير المعاني لكل واحدة من هذه الصفات عن الأخرى؟
فإن أبيت أتيناك بكلمة القرضاوي: بأن هذه الصفات لا تحتاج إلى تأويل لأنها واضحة وبينة المعنى.
الأزهري يتلاعب بكلام الأئمة
قد تلاعب الأزهري كثيرا بكلام الأئمة ووجهه نحو مذهبه ولنأخذ مثالا على ذلك.
سبق احتجاجه بالترمذي وقد رددنا عليه بقول الترمذي عن الـجـهـمـيــــة بأنهم فسروا نصوص الصفات على غير ما فسر أهل العلم. فسكت الأزهري.
وكان احتجاج الأزهري بالذهبي هو الدليل الثالث عنده في مقالته (تفويض المعنى هو مذهب السلف).
http://forums.ikhwan.net/t/showthread.php?t=14506
بينما الذهبي يصرح بوضوح معاني الصفات كما في هذه النصوص:

قال الذهبي في نقل قول أبي جعفر الترمذي في العلو:
” منصور بن محمد بن منصور القزاز قال سمعت أبا الطيب أحمد والد أبي حفص بن شاهين يقول حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث نزول الرب فالنزول كيف هو يبقى فوقه علو فقال: النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. قلت _ أي الذهبي _ : صدق فقيه بغداد و عالمها في زمانه إذا السؤال عن النزول ما هو ؟ عيٌ ؛ لأنه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة وإلا فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والإستواء عبارات جلية واضحة للسامع فإذا اتصف بها من ليس كمثله شيء فالصفة تابعة للموصوف وكيفية ذلك مجهولة عند البشر“ (العلو ص214).

وقال الحافظ الذهبي أيضا: ” وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها يعني أنها بينة معروفة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف وهذا هو مذهب السلف مع اتفاقهم أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له في ذاته ولا في صفاته“ (كتاب العلو ص251).

وقال الحافظ الذهبي ” هذا الذي علمت من مذهب السلف ، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له ، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم ، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك ، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير ، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا“ (العلو).

وقال الذهبي: ” السؤال عن النـزول ماهو؟ عيٌّ لأنه إنما يكون السؤال عن كلمةٍ غريبةٍ في اللغة، وإلا فالنـزول والكلام والسمـع والبصـر والعلـم والاستـواء عبـاراتٌ جليلـةٌ واضحـةٌ للسَّامع“ (العلو ص156).

هذه النصوص من الذهبي تثبت تحريف الأزهري لكلام الذهبي حيث ضم الذهبي إلى معسكر التفويض في مقالته التي أسماها بعنوان (تفويض المعنى هو مذهب السلف). بينما كلام الذهبي كما تراه واضح أنه يثبت أن المعنى واضح في الآية.
تحريف قول مالك
بل النص الأول يثبت تحريف الأزهري لكلام مالك بأن قوله (الاستواء معلوم) أي مذكور في القرآن.
ويا له من تحريف ساذج لا ينطلي إلا على ضعاف العقول.
فإن رواية (الاستواء غير مجهول) أصح من رواية (الاستواء معلوم) كما أفادنا الأزهري. أنظر الرابط:
http://forums.ikhwan.net/t/showthread.php?t=16459
ثم إن مالكا أراد إرشاد السائل بحدود ما يعلم وما لا يعلم. وأفاده بجواز العلم بمعنى الصفة أي عدم الجهل بها دون الكيف. انظر عبارة مالك التي تقسم ما يجوز العلم به وهو المعنى، وما لا يمكن العلم به، وهو الكيفية. ولهذا قال الذهبي ” وقول مالك هو قول أهل السنة قاطبة وهو أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها“ [العلو للذهبي 104].

قال الحافظ ابن عبد البر: « والاستواء معلوم في اللغة مفهوم، وهو العلو والارتفاع على شيء، وقولهم في تأويل الاستواء (استولى) فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة» [التمهيد لابن عبد البر 7/131].

كل هذا يثبت أن أن السلف أثبتوا معاني ولم يقولوا إنها ألفاظ مجردة عن المعنى.. ويؤكد هذا قول ربيعة ومالك (الاستواء غير مجهول )

ثم إن السائل لم يشكل عنده إن كان الاستواء مذكورا في القرآن حتى يجيبه مالك بأن الاستواء مذكور في القرآن. وإنما تطاوله عند حد العلم بمعنى الصفة ومجاوزة ذلك إلى السؤال عن الكيفية.
هذا من جملة القرائن عندي على أن الأزهري جـهـمـي. فإننا ما رأينا أحدا يحرف قول مالك إلا وعنده طرح يوافق به جـهـمـا وأصحابه.
الاستواء معلوم موافق لقول القرضاوي
وهذا القول من مالك موافق لقول الأئمة من أهل العلم (أمروها كما جاءت من غير كيف).

فقد سئل الإمام أبي جعفر الترمذي رحمه الله عن نزول الرب فقال: ” النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه“ ) تاريخ بغداد (1/365) سير أعلام النبلاء (13/547) أقاويل الثقات(201) تاريخ الإسلام حوادث ووفيات (291-300) (ص245) مختصر العلو (ص231) وقال الألباني: إسناده صحيح.

وهو يتفق مع قول القرضاوي: بأن الصفات واضحة بينة المعاني لا تحتاج إلى تفسير.
وإنما يخالف وينازع في هذا من يميل إلى يرى أن ظواهر الصفات ضارة بعوام الناس والأفضل أن يقال لا معنى لها خيرا من أن يكفروا بالأخذ بظواهرها.

وقال الحافظ الذهبي ” هذا الذي علمت من مذهب السلف ، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له ، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم ، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك ، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير ، لكن الكيف في جمعها مجهول عندنا“ (كتاب العلو2/1337).

قال الطبري ” والله جلّ ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطاباً أو يرسل رسالة لا توجب فائدة لمن خوطب أو أرسلت إليه ؛ لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث ، والله تعالى عن ذلك متعال... ولذلك قال جل ثناؤه في محكم تنزيله  وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبيّن لهم. قال الذهبي معلقا على (الإستواء معلوم والكيف مجهول ) ، قال: وهذا ثابت عن مالك (إنظر مختصر العلو ص141)

وقال العلامة الآلوسي ” قيل: هو مراد مالك وغيره من قولهم: (الإستواء معلوم والكيف مجهول) أي الإستواء معلوم المعنى، ووجه نسبته إلى الحق تعالى المجامع مجهول، لأن الصفات تنسب إلى كل ذات بما يليق بتلك الذات، وذات الحق ليس كثله شئ“ (غرائب الاغتراب ص387).

عن أبي زرعة الرازي وقد سئل عن تفسير قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فغضب وقال: ” تفسيره كما تقرأ: هو على عرشه وعلمه في كل مكان، من قال غير هذا فعليه لعنة الله“.

قال شمس الأئمة أبو العباس السرخسي الحنفي ” وأهل السنة والجماعة أثبتوا ماهو الأصل معلوم المعنى بالنص _أي بالآيات القطعية والدلالات اليقينية وتوقفوا فيما هو متشابه وهو الكيفية، ولم يجوزا الإشتغال في طلب ذلك“ (شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري الحنفي ص 93).

فلنفرض عدم ثبوت ذلك عن مالك. ولكن اجتماع العلماء على أن إقرار مبدأ الاستواء معلوم المعنى مما لا يمكن تجاهله وتحريفه إلا من ابتلاه الله بانحراف عقيدته.
إمرارها لا يعني نفي معانيها
وليس المقصود إمرارها بلا معنى، ومما يدل على هذا أن الإمام أحمد سئل عن معنى أحاديث نفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، فأجاب بقوله: ” أمروها كما جاءت“ (الفتاوى13/295).

عن يعقوب بن بختان قال: سئل الإمام أبو عبدالله عمن زعم أن الله لم يتكلم بصوت، قال: بلى يتكلم سبحانه بصوت.. المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة 1/302.

هل يمكن للمفوض للمعنى أن يثبت أن الله تعالى يتكلم بصوت؟..
الجواب: لا، إن الإمام هنا يثبت أن الله تعالى يتكلم بصوت، وهذا إثبات للمعنى، أما الكيفية فمجهولة..

وفي رواية حنبل قال أحمد: "يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك؟".. المسائل والرسائل 1/315.

قال أحمد في حديث: ( خلق آدم على صورته)، لانفسره، كما جاء الحديث.. إبطال التأويلات 1/80.

فقوله هنا:" لا نفسره" أي لا نتكلم في كيفيته، بل يأخذ بظاهر المعنى، وهو المعلوم، كما جاء عن أم سلمة وربيعة مالك، والإجراء على الظاهر لايكون بتفويض المعنى، لأن المفوض للمعنى لم يجره على الظاهر، بل عطل الظاهر أن يكون له معنى، وأما المثبت للمعنى المفوض للكيفية هو الذي يصح في حقه أن يقال أجراه على ظاهره.
كلمات تيمية أنهت التفويض من أساسه
قال ابن تيمية:
« فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب: موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف“.
أضاف ابن تيمية:
” فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة. ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه - على ما يليق بالله - لما قالوا: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.
فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم.
وأيضا: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى؛ وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.
وأيضا: فإن من ينفي الصفات الخبرية - أو الصفات مطلقا - لا يحتاج إلى أن يقول بلا كيف.
فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف.
فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف“.
الألفاظ لها دلالات بالضرورة والمفوض ناف للضرورة
أضاف ابن تيمية:
” وأيضا: فقولهم: ((أمروها كما جاءت)) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ بلا كيف؛ إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول».

« ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هؤلاء الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هى مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم :
 وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ [البقرة:78] .إِلا يَظُنُّونَ
وأن طريقة الخلف هى استخراج معانى النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ، فهذا الظن الفاسد أوجب قولهم : طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، تلك المقالة التى مضمونها نبذ الاسلام وراء الظهر وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا فى تصويب طريقة الخلف ، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف فى الكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف» (مجموع الفتاوى5/9).


السكوت وعدم التفسير ورد في مواضيع أخرى غير الصفات
وقد استعمل السلف تعبير (السكوت) في غير باب الصفات. كقول أبي محمد البربهاري في باب القدر (فعليك بالتسليم والإقرار والإيمان واعتقاد ما قال رسول الله s في جملة الأشياء واسكت عما سوى ذلك... ولا تفسر شيئا من هذه (أي الصفات) فمن فسر شيئا من هذا بهواه ورده فهو جـهـمـي» (شرح السنة ص36).

وهناك تفويض خاص في نصوص اشتبهت اشتباها خاصا على شخص معين فالواجب تفويض معنى ذلك النص إلى الله حتى يتبين له.
التوجيه الصحيح لكلام الموفق ابن قدامة
وبهذا يمكن توجيه كلام الموفق المقدسي ”الذي صدعتم به رؤوسنا“ (بحسب التعبير البلاغي الأزهري) إذ قال أي الموفق:
« إن قولهم (آمنا به كل من عند ربنا) كلام يشعر بالتفويض والتسليم لما لم يعلموه، لعلمهم بأنه من عند ربهم» (ذم التأويل ص38).
وقوله « وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا وترك التعرض لمعناه ونرد علمه إلى قائله» (ذم التأويل ص14).
قال ابن عثيمين:
« لا يوجد ما هو مشكل في النصوص من حيث الواقع بحيث لا يمكن لأحد من الأمة معرفة معناه، وإنما الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي يختلف به الناس بحسب ما عندهم من العلم والفهم فما يكون مشكلاً عند شخص قد لا يكون كذلك عند آخر».
قلت:
وهذا ما أقوله في حق المتشابه. فإنه نسبي لا كما نسب إلينا الأزهري: أننا نطلق القول بمتشابه الصفات.

قال ابن تيمية:

” اعرف - رحمك الله - غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها؛ إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلفك علم ما لم يصف؟ هل تستدل بذلك على شيء من طاعته أو تزدجر به عن شيء من معصيته؟ فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكلفا فقد ﴿اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ﴾ (الأنعام71) فصار يستدل - بزعمه - على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال: لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا) فعمى عن البين بالخفي فجحد ما سمى الرب من نفسه لصمت الرب عما لم يسم منها فلم يزل يملي له الشيطان حتى جحد قول الله عز وجل: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾.
فقال لا يراه أحد يوم القيامة فجحد والله أفضل كرامة الله التى أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر الى وجهه ونضرته"
إلى أن قال –وهو الشاهد من كلام السلف الذي فيه بيان أنها صفة حقيقية ترى يوم القيامة: "وإنما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة، لأنه قد عرف أنه إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين وكان له جاحداً» (مجموع الفتاوى5/44).

قال ابن تيمية:
« فوالله ما دلهم على عظم ما وصف به نفسه وما تحيط به قبضته إلا صغر نظيرها منهم عندهم إن ذلك الذي ألقي في روعهم ؛ وخلق على معرفته قلوبهم فما وصف الله من نفسه وسماه على لسان رسوله سميناه كما سماه ولم نتكلف منه علم ما سواه لا هذا ولا هذا لا نجحد ما وصف ولا نتكلف معرفة ما لم يصف» انتهى

وهذا الكلام من ابن تيمية يدل على اعتقاد السلف لإثبات المعنى المشترك في الأذهان مع نفي التمثيل بين الخالق والمخلوق“.

ماذا عن قول الله تعالى:
« إن رحمتي غلبت غضبي».
أليس من الواضح أن هذا الكلام يحمل معنى مهم بل ومؤثر في النفس يحملها على الرجاء وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله؟
أم أن الله أراد فقط أن نعلم أن هناك صفة اسمها رحمة وصفة اسمها غضب فقط من دون أن نعلم معانيهما؟؟؟

قال في كتاب المحجة في بيان الحجة (1/91).
« الاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في الكيفية. قال محمد بن إسحاق بن منده: التمثيل والتشبيه لا يكون إلا بالتحقيق، ولا يكون باتفاق الأسماء، وإنما وافق اسم نفس الإنسان الذي سماه الله نفساً منفوسه، وكذلك سائر الأسماء التى سمى بها خلقه إنما هي مستعارة لخلقه، منحها عباده للمعرفة».
قلت:
وهذا النص يبين حقيقة الإثبات المقصود من السلف. وهي إثبات المعنى المعهود في الذهن على ما يليق بالله وهو بنفسه يبطل مذهب التفويض.





الماتريدي من أوائل القائلين بالتفويض
ومن أوائل القائلين بالتفويض في بعض النصوص الاختيارية أبو منصور الماتريدي.
وقد ابتدأ انتشار التفويض في عهد ابن فورك ولهذا تراه اعترض على ذلك ورد على القائلين بالتفويض.

قال ابن فورك:
« وأعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خاطبنا على لغة العرب فإذا ورد منه الخطاب حمل على مقتضى حكم اللغة»
وقال « النبي إنما خاطبنا بذلك ليفيدنا أنه خاطبنا على لغة العرب بألفاظها المعقولة فيما بينها المتداولة عندهم في خطابهم فلا يخلو أن يكون قد أشار بهذه الألفاظ إلى معان صحيحة مفيدة أو لم يشر بذلك إلى معنى وهذا مما يجل عنه أن يكون كلامه يخلو من فائدة صحيحة ومعنى معقول.. وأن لا معنى لقول من قال إن ذلك مما لا يفهم معناه أذ لو كان كذلك لكان خطابه خلوا من الفائدة وكلامه معنى عن مراد صحيح وذلك مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم» (مشكل الحديث وبيانه1/302و496).
معنى قول الأئمة لا نفسرها
وأحيانا يعبر البعض بنفي المعنى ومرادهم نفي المعنى المتضمن لحكاية كيفية الصفة.
وهم يريدون بذلك نفي الخوض وطلب المعاني الباطلة وإمرار النصوص على ظاهرها من غير خوض فيها لأن ظاهرها هو المراد.
ومعروف عن الـجـهـمـيــــة أنهم يصرفونها عن ظاهرها.

جاء في رسالة السنة برواية عبدوس بن مالك العطار « وقوله صلى الله عليه وسلم: ”ثلاث من كن فيه فهو منافق“ هذا على التغليظ، نرويها كما جاءت ولا نفسرها.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ” لا ترجعوا بعدي كفارا ضُلالا يضرب بعضكم رقاب بعض“ ومثل:
” إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار“ ومثل:
” سباب المسلم فسوق وقتاله كفر“. ومثل:
” من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما“.
ومثل ” كُـفـرٌ بالله تَـبَـرؤٌ من نَـسَـبٍ وإن دَقّ“. ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحُـفِـظ ، فإنا نُـسَـلم له وإن لم نعلم تفسيرها ولا نتكلم فيها ولا نجادل فيها ولا نفسّر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت ، لا نردها إلا إلا بالحق منها» (شرح أصول اعتقاد أهل السنة1/163).
يلزم الأزهري تفويض معنى القضاء والقدر والزاني
جاء في رسالة السنة التي رواها عبدوس بن مالك العطار:
« ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة، لم يقبلها ويؤمن بها؛ لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره. والتصديق بالأحاديث فيه. والإيمان بها. لا يقال (لمَ؟) و(كيف؟)، إنما هو التصديق والإيمان بها.
ومن لم يعرف تفسير الحديث، ويبلغه عقله؛ فقد كفي ذلك وأحكم له؛ فعليه الإيمان به والتسليم له. مثل حديث: «الصادق المصدوق» ومثل ما كان مثله في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه، ومنهي عنه، لا يكون صاحبه، وإن كان بكلامه سنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويسلم. ويؤمن بالآثار.

والقرآن كلام الله وليس بمخلوق، ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق. قال: فإن كلام الله ليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق. وإياك ومناظرة من أحدث فيه، ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه قال: (لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق، وإنما هو كلام الله). فهذا صاحب بدعة مثل من قال: (هو مخلوق)، وإنما هو كلام الله ليس بمخلوق.
والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح. وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه. فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح. رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه الحكم عن أبان عن ابن عباس، ورواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس. والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والكلام فيه بدعة. ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره. ولا نناظر فيه أحدا 16 - والايمان بالميزان بوم القيامة. كما جاء «يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة» وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر...» (عن طبقات الحنابلة1/179).

وهكذا ترى الامام أحمد يسوق الكلام في نصوص الصفات والوعيد والقدر سوقا واحدا ويأخذ فيه الأحاديث على ظاهرها. مع أن أهل السنة يثبتون معاني نصوص القدر والوعيد ولا يفوضون معناها. فدل على أنه أراد الإثبات.

روى الخلال بسنده عن حنبل قال « سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى أن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا وأن الله يُرى وأن الله يضع قدمه.. وما أشبهه فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى».

وسئل الإمام أحمد عن معنى أحاديث نفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، فأجاب بقوله: ” أمروها كما جاءت“

التعليق:
قوله لا كيف: رد على المشبهة الذين يثبتون كيفيات معهودة في الذهن.
وقوله: لا معنى رد على المعطلة التي تنفي المعنى الصحيح وتأتي بدلا منه بمعان باطلة.

فيلزم الأزهري:
أن يقول بتفويض الإمام أحمد نصوص القدر وأن لا يفهم معنى القدر لأن أحمد نهى عن الكلام في القدر وأنه يأخذ الأحاديث على ظاهرها من غير تفسير لها.
ويلزمه أن يفوض معنى حديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.
أو يلتزم أن المقصود بذلك النهي عن تفسيرها على طريقة الـجـهـمـيــــة وأهل البدع.
ردهم على الـجـهـمـيــــة يثبت فهمهم الصحيح لتفسير الصفات
وقد صنف أحمد كتابا مهما بعنوان:
((( الرد على الزنادقة والـجـهـمـيــــة فيما أنكرته من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله))).
تأمل قوله على غير تأويله.
فإنه صريح في إثبات معنى صحيح غير المعاني الباطلة التي يأتي بها الـجـهـمـيــــة.
فهذا رد من خلال أحمد على متشابه كلامه الذي لا يزال يتعلق به الأزهري ويترك تفسر رسول الله لصفات الله ويترك صريح تفسير مجاهد وأبي العالية لصفة الاستواء كما عند البخاري.
مفهومنا من متشابه الصفات
وبالمناسبة فالمتشابه نسبي ولا يلزم أن يكون متشابها حتى عند العلماء.
فقد يشتبه عند العامي ما لا يشتبه عند العالم.
وهذا رد مجمل على قول الأزهري بأنه يلزمنا أن نعتقد أن الصفات من المتشابه إذا أخذنا بهذا الكتاب للإمام أحمد.
وعلى كل حال فليس عند الأزهري حجة في التشكيك بكتاب الرد على الـجـهـمـيــــة للإمام أحمد بعد أن اعترف بأن الجمهور على الاعتراف بأنه للإمام أحمد.
وإنما يحق للأزهري أن يخالف الجمهور متى أراد.
ويحق للأزهري أن يرد قول السلف كمجاهد وأبي العالية متى شاء.
فإن شهادته الأزهرية كالعصا السحرية.
هكذا كان علم السلف بالصفات
روى اللالكائي عن ابن الأعرابي [الذي وصفه الحافظ الذهبي بأنه "إمام اللغة " سير الأعلام 15/407]: أن رجلا قال له عن معنى قوله تعالى ﴿ الرحمن على العرش استوى﴾ بأن معناه الاستيلاء فأنكر ابن الأعرابي ذلك وقال: اسكت. ما أنت وهذا؟ لا يقال استولى على العرش فلان حتى يكون له فيه مضاد فأيهما غلب قيل: استولى عليه، والله تعالى لا مضاد له » [فتح الباري 13/405-406 الأسماء والصفات 154:2 إتحاف السادة المتقين 2/108 تاريخ بغداد 5/283 واللالكائي 4/993 ونقله ابن منظور في لسان العرب 14/414].

ونقل ابن تيمية عن عقيدة لأبي نعيم الأصبهاني صاحب الحلية أن الله « مستو على عرشه في سمائه دون أرضه وخلقه» (مجموع الفتاوى5/60).

وروى أبو عثمان الصابوني بسنده عن عبد الله بن المبارك قال: « نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا من خلقه، ولا نقول كما قالت الـجـهـمـيــــة إنه ها هنا. وأشار إلى الأرض» ( عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص20).

وقد صح عن علي بن الحسن بن شقيق قال : قلت لعبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا عز وجل قال: في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجـهـمـية: إنه هاهنا في الأرض فقيل هذا لأحمد بن حنبل فقال : هكذا هو عندنا.
وفي رواية:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن شَبّوية المَرْوَزي قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: الحسن -في نسخة الحسين قال: سمعت عبد الله بن المبارك -رحمه الله- يقول: نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية إنه ها هنا. وأشار إلى الأرض.
وهذا الأثر عن عبد الله بن المبارك الإمام العالم الزاهد المشهور، نقله المؤلف -رحمه الله- بسنده عن شيخه الحاكم بسنده إلى عبد الله بن المبارك أنه قال: "نعرف ربنا" -يعني يقول الإمام عبد الله بن المبارك نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا من خلقه، ([رواه البخاري في خلق أفعال العباد 10 باب يريدون أن يبدلوا كلام الله والبيهقي في الأسماء والصفات 2: 169 وعبد الله بن أحمد في السنة 1/175 وقال الذهبي " هذا صحيح ثابت عن ابن المبارك (العلو 110) سير أعلام النبلاء 8/402].).
فهذا علم واضح من السلف. ردوا به على من ضل عن هذا العلم وأتى بتفسيرات أخرى كقول الجـهـمية أنه في كل مكان.
وهذا على الأقل هو القدر الذي يحتاجه الأزهري من معرفة العلو من قسم صفات الله بدلا من منازعتنا ومجادلتنا.

قال الحافظ في الفتح: « وروى البيهقي بسند جيد عن الأوزاعي أنه قال: كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته » [فتح الباري 13: 406. الأسماء والصفات، للبيهقي 2: 150 وأورده الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/179 وسير أعلام النبلاء 7/120-121 و8/402 ومختصر العلو ص 146].

قال إبراهيم بن أبي طالب سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول حضرت مجلس ابن طاهر وحضر إسحاق فسئل عن حديث النزول أصحيح هو قال نعم فقال له بعض القواد كيف ينزل قال أثبته فوق حتى أصف لك النزول فقال الرجل أثبته فوق فقال إسحاق قال الله (وجاء ربك والملك صفا صفا ) فقال ابن طاهر هذا يا أبا يعقوب يوم القيامة فقال ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم ؟ .(مختصر العلو للألباني)

فهذه المناظرة صريحة في أن السلف يعتبرون دلالات الألفاظ على معانيها اللائقة بالله. فإنه طالب السائل بإثبات علو الله كشرط لإثبات المجيء.
شكوى الأزهري من الأشعري المؤول
وتحت عنوان (ماذا يفعل المؤول؟)
قال الأزهري جوابا على السؤال:
” ببساطة : يحدد معنى من هذه المعاني وغالباً ما يكون التحديد بدليل ظني وبعضها يكون بدليل قطعي ومثال الأخير تأويل المعية بمعية الصفات فقط وتأويل (في) الموضوعة للظرفية ب(على) وهكذا وأما التأويل الظني فلا بد له من دليل من اللغة والشرع وإلا صار تحريفاً وعلى هذا ينطبق إنكار محققي العلماء لتفسير الاستواء بالاستيلاء!! وأما إن كان دليلاً ظنياً فهو يقول به وهو ما يأباه المفوض طلباً للسلامة من الزلل وهو ما يشعر به المؤول في نهاية حياته كالرازي والجويني وغيرهم“.

أقول:
وهنا يأتي دور الأشعري المفوض
وحينئذ يأتي الأشعري المفوض ليقوم بنقيض ما فعله الأشعري المؤول أعني المحرف.
فيقوم بتعطيل من نوع آخر. وهو تعطيل المعنى إلى لا معنى كما أن الأشعري عطل المعنى إلى معنى آخر.
فما علاقتنا نحن بمن يقول في الله وصفاته بالظن كإخوانك الأشاعرة المؤولة؟
ولماذا تذهب إلى نقيضهم وتلتزم الجهل؟
أعطيناك التفسير النبوي للعديد من الصفات كصفة اليد والساق صفات الأول والآخر والظاهر والباطن.
أعطيناك تفسير مجاهد وأبي العالية. وليس تحريفات الأشعرية.
المفوض معطل في صورة ورع هارب من الزلل
من يثبت الألفاظ دون ما دلت عليه يكون معطلاً لتلك الصفات التي أثبتها الله لنفسه وإن زعم الهروب من الزلل. فلو سلك سبيل المؤمنين لأمن على نفسه الزلل. وليس من سبيل المؤمنين اتهام النبي بالجهل بصفات ربه.

فحين يفوض مثلاً قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) لا يؤمن بأن الله استوى على الحقيقة! وهذا ما يسمونه بعدم الأخذ بالظواهر حتى قال أحدهم ” الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر“ (حاشية الصاوي على تفسير الجلالين3/10).
بل التناقض عندك أخي الأزهري
تالله كم تناقض الأزهري وهو يرمينا بسهام التناقض.
فقد تناقض حين أرشدنا إلى كتاب توفيق الواعي لنستريح، فلما استرحنا نهانا عن الاستراحة قائلا بعدم جواز الاحتجاج عليه بتوفيق الواعي.
تناقض حين عرض في موقعه عقيدة القرضاوي بيده وذكر موقفه بالتفصيل من الصفات وقد أعلن القرضاوي أنه كان ممن يقول بالتفويض ثم أعلن أن الصفات لا تفسر لأنها واضحة المعاني لا تحتاج إلى تفسير. ومع ذلك يأبى الأزهري أن نحتج عليه بكلام من كتب الأزهري عقيدته.


ناقض قول صاحبيه القرضاوي والواعي. فلما كشفنا له ذلك قال: لا تناقشني على أنني من الإخوان المسلمين. بينما يقيم حواراته كلها تحت مظلتهم وباسم منتداهم (إخوان نت).

وناقض نفسه حين قال: أنا لا أقول في الصفات (الله أعلم بمرادها) كما أقول في الحروف المقطعة (الله اعلم بمرادها) وقد كشفنا له أنه يقول بذلك في كليهما.

وناقض نفسه حين اعتبر التفويض هو الأشعرية الحقة معتبرا التأويل هو الخطأ لكننا كشفنا اعتماده قول اللقاني (أول أو فوض ورم تنزيها). بما يؤكد أنه اعتبر التأويل أحد طريقي أهل السنة. وأن المؤول والمفوض وجهان لعملة واحدة.
وناقض نفسه حين نهاني عن الروايات الضعيفة عن ابن عباس بينما يمسك بيد من حديد تلك الرواية الضعيفة عن حنبل ابن إسحاق عن أحمد بن حنبل (لا كيف ولا معنى).

ناقض الأزهري نفسه حين دعا إلى تفويض الصفات واستثنى منها سبعا أوجب العلم بها.
فقلنا له ما الفرق بين ما أوجبت العلم التفصيلي بمعانيه وبين ما حرمت؟
فكان جوابة (مجرد التقسيم كاف في التفريق).
ولكن من أذن لكم هذا التقسيم؟
هذا الجواب تحكم محض. أنتم تقولون نحن على مذهب السلف في التفويض. فأخبرنا هل السلف هم الذين استثنوا هذه الصفات السبع دون غيرها؟

أرأيت أخي الأزهري أنك تتقن الجدل ولا تتقن الدفاع عن الدين.
فانظر على سبيل المثال لا الحصر إلى:
قول المقريزي:
” ومن أمعن النظر في دواوين الحديث والآثار عن السلف ، علم أنه لم يرد قط لا من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة على إختلاف طبقاتهم ، وكثرة عددهم ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه في القرآن وعلى لسان نبيه بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا سكوت فاهم مقتنع ولم يفرقوا بين صفة وأخرى ، ولم يتعرض أحد منهم إلى تأويل شيء“ (الخطط للمقريزي3/309). فتأمل قوله ((( ولم يفرقوا بين صفة وأخرى))). بينما الأزهري يفرق بين صفة وأخرى. فبعضها لا يجوز تفويضه. وأكثرها يجب تفويضه. فما الفرق بين ما حرم وبين ما أوجب؟ ليس عنده إلا التحكم المحض والدكتاتورية المتمثلة في قوله (التقسيم كاف في التفريق).
مثبت المعنى المجمل مناقض لنافي المعنى
وقد تناقض الأزهري حين دعا إلى تفويض الصفات بمعنى عدم تفسيرها والسكوت التام ورد علمها إلى الله. وفجأة يردها ربما بنسبة خمسة وسبعين بالمئة والباقي لا يرده ولا يكل علمه إلى الله ولكن يعلمه ويسمي ذلك بالعلم المجمل.
المشكلة مع الأخ الأزهري أنه يوافقنا على وجود معنى للصفة يسميه (معنى إجماليا).
وهو إثبات للمعنى. ثم يعود ليوافق التقليد الأشعري في التفويض الذي هو نفي المعنى تماما وتركه إلى الله.
وهنا تناقض آخر للأزهري. وهو أنه يثبت معنى للصفة يسميه معنى إجماليا.
وهو تذبذب ونكوص على التزام النفي وتفويض المعاني.
وكأنه يقول لنا: نفوض تسعين بالمئة من هذه الصفة باستثناء عشرة بالمئة.
تعريف التفويض
بينما التفويض هو ” صرف اللفظ عن ظاهره مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه بل يترك ويفوض علمه إلى الله“ (النظام الفريد بتحقيق جوهرة التوحيد. حاشية على إتحاف المريد بجوهرة التوحيد ص128).
ولهذا فإنني أصرح بان الإثبات مع التنزيه هو عكس التفويض تماماً.
والمفوض ما فوض إلا هروبا من النصوص التي ظنها تشبيها وتمثيلا.
ركن التفويض
1- اعتقاد أن ظواهر نصوص الصفات منفية عن الله تعالى لأنها تقتضي التشبيه.
2 - أن المعاني المراده من هذه النصوص مجهولة للخلق.
وقد تناقض الأزهري في ذلك أشد تناقض فتارة يطلق عبارة التفويض الذي يلزم منه ما يوضحه تعريف التفويض أعلاه.
التناقض
ثم يأتينا الأزهري فيستثني من هذا التفويض سبع صفات أسماها بالصفات العقلية.
ثم يأتينا ويستثني من التفويض عشرة بالمئة أو أزيد من ذلك بقليل أسماه بالمعنى المجمل الذي لا بد منه.
ثم يتهمنا بعد ذلك بالتناقض.
هل الاختلاف لفظي
الاختلاف ليس لفظيا أبدا بل هو حقيقي.
لكن يصير الاختلاف شبه لفظي عندما يتراجع الأزهري ويثبت معنى مجملا.
فهذا المعنى المجمل خفف من الاختلاف بيننا ولم ينهه.
ولو أنه التزم النفي كاملا بدون هذا المعنى المجمل لصار الاختلاف لفظيا.
ولو أنه التزم المعنى كاملا مع نفي العلم بالكيفية لانتفى الخلاف من أصله.
ولكن الأزهري متذبذب بين نفي الأشاعرة وبين العلم الضروري الذي يعتمل في نفسه عند إطلاق الصفة.
السياق مصدر عقيدة الأزهري لا ما وصف الله به نفسه
تناقض الأزهري حين زعم أنه يتعرف على صفات ربه ويعلم معاني هذه الصفات معنى إجماليا: ليس من خلال الصفة التي أنزلها الله ليعرفه الخلق بها. وإنما من خلال ما أحاط بها من السياق. وهذا من أعجب ما سمعت في حياتي: أننا نتعرف على صفات الله لا من خلال صفات الله التي وصف بها ولكن من خلال السياق!!!

لأن السياق عنده أسلم من الأخذ بظواهر نصوص القرآن والسنة.
أتساءل:
يا جماعة الإخوان المسلمين:
أهذا هو الرجل المعتمد عندكم في تعليم العقيدة الاسلامية.
انتفخت أوداجكم من كتاب في العقيدة ألفه ابن عثيمين وابن باز.
ثم اطمأنت نفوسكم لما يطرحه هذا الـجـهـمـي في منتدياتكم؟
هو مناوئ لدعوة كبار المشايخ وأهل العلم وأولهم ابن تيمية.
قل هذه سبيلي أدعو الى الله على جهالة أنا ومن اتبعني
هذا هو لسان حال الأزهري.
قال تعالى ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ (يوسف108).
لكن سبيل الأزهري مضاد لذلك فإن سبيله الدعوة إلى الله على جهالة هو ومن اتبعه.
يلزمك أن الأشاعرة في الصفات ليسوا من أهل السنة
ما الذي يجعل المعتزلة من أهل البدعة لا من أهل السنة في تأويل الصفات:
ولا يجعل الأشاعرة مبتدعة وليسوا من أهل السنة في الصفات بالرغم من موافقتهم للمعتزلة في كثير من التأويلات؟
أهو التحكم المحض أم التوصية للأشاعرة؟
وصار الاستثناء (وليس الشاذ حتى لا يستغلها الأزهري) هو قول الأزهري.
والأزهري يقول ما قالوه باطل فإن الحق هو التفويض والتأويل باطل.
كيف لا يكون هناك معنى للألفاظ التي نزلت ولها معنى؟
ما فائدة تنزيل صفات لا معنى لها؟
أليس بهذه الصفات يزداد الايمان والخشوع؟ فكيف ازداد الخشوع والإيمان بهذه الصفات مع الجهل بمعانيها.
لا نعلم معناها ولكننا نعلم معناها!!!
ولذلك صدق من وصف التفويض باالمكابرة. فإن الله أنزل ألفاظا دالة على معان. فيقول قائل: هذه الصفات لها معان ولكن لا معنى لها؟!!!
هذا التفويض يصرف الناس عن زيادة الايمان بزيادة العلم.
كيف ينزل الله صفات معروفة في اللغة بأنها ذات معان لغوية نتخاطب بها ثم يأتي من يقول لنا: لا معاني لها؟ أليس هذا من السخف بمكان؟
ما فائدة وصف الله نفسه بصفات لا معنى لها
هذا سؤال في الصميم.
وهو ما جعلني أقول:
لو أن الله لم ينزل علينا هذه الصفات لكان خيرا لنا.
وهذا أقوله إلزاما لمن يقول الله أنزل هذه الصفات ونهانا عن أن نطلب معرفة معانيها.
قال ابن قتيبة رحمه الله حيث قال: « ولم ينزل الله "شيئاً" من القرآن إلا لينفع به عباده، ويدل به على معنىً أراده » [مشكل القرآن 98 – 99].

غضب الله
الأزهري يتناقض ويضطر للعودة عند تناقضه إلى مذهب أهل السنة.
مثال ذلك:
اليد والغضب والرضا صفات لا معنى لها عند الأزهري.
ولكن الأزهري يعلم تماما أن هذه الصفات لها تأثير على نفس مستمعها.
فعند تدبر غضب الله يحصل في نفسه خوف.
وعند تدبر الرحمة يحصل عنده الرجاء.
وعند تدبر سمع الله وبصره يحصل عنده الاستحياء من المعصية.

وهذا يدل على أن هناك علما مستقرا في نفسه لهذه الصفات أحدث عنده تغييرا في نفسه.
ولو كانت هذه الصفات لا معنى لها لما أحدثت كل منها شعورا يختلف عن الآخر تجاه هذه الصفات.
صفة اليد
ولا يزال الأزهري يعتبر أن سؤاله (المعنى اللغوي ليد الله) نصرا كبيرا له.
وقد فاته هداه الله أنه تناقض حين طالب بذلك لأنه اولا: يحتج بقول السلف أن الصفات لا تفسر وأن قراءتها تفسيرها.
فلماذا يطالبني بتفسير ما يروي عن الأئمة أنه لا يجوز تفسيره؟
ثم ليس هناك تعريفا لغويا ليد الله.
وإنما يوجد ما نسميه بالتعريف الشرعي.
وهو أننا نقتصر فيما نعرف به صفة اليد لله ما وصف الله به نفسه.
فنقول:
لله يدان بدليل الآية التي يهرب منها الأزهري: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي).
يقبض بهما ويبسط كما ورد في الحديث.
كتب بيده التوراة كما في الحديث.
يخرج بها حثيات من النار.
وهكذا.

أما إذا اقتصرنا على المعنى اللغوي فسوف تخرج يد الباب والعقرب والاخطبوط من هذا التعريف. إذ يد العقرب والاخطبوط لا تدخلان في التعريف اللغوي لليد.

على أن المشاركة في اللفظ أفهمتنا أنه كما أن لنا يدا نقبض بها ونبسط بها فكذلك لله يدان يقبض بهما ويبسط بهما ولكن ليسا كأيدينا.

وإذا أردت فسوف أفسر لك اليد: اليد معلومة وكيفيتها مجهولة.
وذلك قياسا على قاعدة أنس بن مالك في الاستواء.
ولو كانت اليد لا معنى لها في نفسك لما فرقت بينها وبين الغضب أو الاستواء.
وأنت بنفسك تفرق بين اليد وبين الرجل وبين الاستواء وبين النزول والمجيء.
فأنت لا بد أن تفهم معنى من الصفة.
فلو قال لك قائل: أنا اعتقد أن الله استوى على العرش أي مر بجانبه فهل توافقه أم تخطئه وتصحح؟
لأن عندك من الفهم الضروري للمعنى اللغوي للاستواء المعتمد على قول السلف وتفسيرهم أن الاستواء هو الصعود والارتفاع إلى أعلى.
ملاحظة:
ذكر الأزهري أن كلام الاستاذ حسن البنا الذي احتججت عليه به وهو:
« أسماء الله تعالى ألفاظ مشرفة لها فضل على سائر الكلام، وفيها بركة وفي ذكرها ثواب عظيم، وأن الإنسان إذا واظب على ذكر الله تعالى ظهرت نفسه، وصفت روحه، ولا سيما إذا كان ذكره بحضور قلب وفهم للمعنى».

ذكر الأزهري أنه متعلق بأسماء الله وليس بالصفات.

الجواب (دمشقية):
أولا: أن حسن البنا قد قرن الأسماء مع الصفات ولم يقل فقط لله أسماء. فقد قال بالحرف الواحد:
« إن الخالق المتصرف جل و علا تعرف إلى خلقه بأسماء وصفات».
وهذه حجة عليك.
فإن حسن البنا قد صرح بالتعرف وهذا يعني تنزيل سفات لنتعرف عليها ونتدبرها.
فلماذا توهم الناس أن البنا يقصد التعرف بالأسماء فقط دون الصفات؟

ثانيا: أن حسن البنا ذكر الأسماء والصفات وأدخلها جميعا تحت ما يوصي بتدبر معناه ولم يفرق بينما ولم يقل يجب تدبر معاني الأسماء دون الصفات.

ثالثا: أن الأسماء الحسنى متضمنة لصفات الله. فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف: فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني. وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد وهو الله. فأنت تعلم أن (الغفور) (الرحيم) أسماء لكنها صفات أيضا باعتبار ما دلت عليه من المعاني. اللهم إلا أن يكون الأزهري ممن يسلب الأسماء عن معانيها وأوصافها. فحينئذ يلزمه الاعتزال.

رابعا: أن حسن البنا قد أورد من جملتها صفات الله مثل الأول الذي ليس قبله شيء الآخر الذي بعده شيء. وهذه قد شرحها وفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتراف القرطبي.

قد انتهيت الآن فتفضل أخي الأزهري

الأزهري الأصلي: 28-12-2007, 01:05
السلام عليكم ومرحباً بكم مجدداً بعد كل هذا العلم الذي يتحفنا به الأخ الدمشقية:
هذه المشاركة لن أرد فيها على أمور علمية دقت أو جلت في مشاركات الأخ الدمشقية الكثيرة الماضية وسيكون الرد في غيرها.
هذه المشاركة سيكون عنوانها : (سباب وأكاذيب ومراوغات الدمشقية).
** أما السباب فلا يكاد ينحصر وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا تعليق لي غيرها سوى انظروا إلى أخلاق من يقدمهم الناس لينافحوا عن ديننا واربطوا بين هذا وبين واقع الأمة.
ولم أكن لأعلق على كل هذا الكم غير الطبيعي من السباب -الذي لا يشعر به الأخ الدمشقية فالسباب على كتفه كالذبابة ينثرها كيف يشاء - إلا على آخر سبة سبني بها الأخ الدمشقية وهي قوله أني: (جهمـي) وتكراره لها وأعقبها في مرة بقوله (مؤدب)!! ومن المعروف أن الجهمـية زنادقة الأمة ثم وصف طريقتي في النقاش بطريقة (الروافض)!!
وهذا على الرغم من قوله في أواخر مشاركاته أن الخلاف ليس حقيقي وليس لفظي بل هو شبيه باللفظي فلكم أن تتخيلوا كمية وكيفية السباب الذي كان سيسبه لو كان الخلاف حقيقياً!! وهل الخلاف بين أهل السنة والجهمـية خلاف شبه لفظي؟!
وسلة شتائم الدمشقية لي سأحملها كما هي لأعرضها على الله تعالى يوم القيامة ليحكم بيننا فيها ويعطي كل ذي حق حقه.
وشخص كالدمشقية يقول لنا (سوف يرى المفوض يوم القيامة.....) ويقول (لو يعلم الأزهري كم أفنى عمره واجتهد في نشر الباطل والصد على العلم الله -هكذا قال- وخشيته.......) وهو في ذلك كالمطلع على الغيب.
أقول: شخص يعلم ما يحدث يوم القيامة ومصائر الخلق بالتأكيد يعلم مصير هذه الشتائم وهل هي في ميزان حسناته أم في الآخر وليس ثمة كفة ثالثة !!
هذا هو تعليقي على الشتائم والتي بلغت هذا المبلغ الخطير بوصفي "جهمـياً" وأن طريقتي كطريقة الروافض والتي -والله يشهد- أني كنت اقرأ مشاركاته وأقول بعد كل شتيمة "سامحك الله" حتى وصل الأمر لهذا الحد الخطير.
فأنا لست كالأول الذي قال: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فلم -ولن- أكل للدمشقية كما يكيل لي الشتائم بل سأوقفه أمام الله تعالى لأشكوه إليه وكفى.
هذا ما عندي في التعليق على هذا الركام من الشتائم والسباب وقد صادف هذا مروري على منتدى "الدفاع عن السنة" ووجدت كماً هائلاً من السباب الموجه إلي لو جمعت أقوال الدمشقية في اليهود مكتوباً ما بلغ معشاره!!
كل هذا غير ما قاله في حق الجماعة العاملة الوحيدة -بحق- جماعة "الإخوان المسلمين" والتي ظن بعض إخواننا الطيبين أن ما قاله الدمشقية هو كل مشكلته مع الإخوان فحاول ان يوضح ما اشكل على الدمشقية بطيب قلب.
** أما الأكاذيب التي نشرها عني الدمشقية واعتمد فيها على مشاركة أو أكثر موجودة في الملتقى أو غيره نسب إلي من خلالها مذهباً ونسبني إلى التناقض وأني غيرت رأيي لظروف المناظرة ثم أخذ يرد علي كمحارب طواحين الهواء الشهير (دون كيشوت).
فأقول:
1- أنا لا اعتبر ما نحن فيه مناظرة أصلاً لأني لا اعترف أنك من أهل العلم لا علماً ولا خلقاً وكم ناقشنا وجادلنا مخالفين واعترفنا لهم بالعلم والخلق ونعرفهم بسيماهم أما أنت فحاشا العلم أن ينسب مثلك إليه وحاشا الخلق الحميد أن تنسب إليه.
فأهل العلم ورثة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونسبة أي أحد لك لأهل العلم يجعل أخلاقك هذه منسوبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مباشرة وحاشاه -بأبي هو وأمي- أن يكون خلقه كخلقك لو أنت تشعر بمدى سوء خلقك.

2- سأورد هذا الأكاذيب بلا تعليق لأني بالفعل لم ولن أقول بمثل ما نسبتني إليه:

أ- القول أني لم أكن أقول بالمعنى الإجمالي ثم قلت به فقط أثناء النقاش وقد سبق الرد على هذا والرابط الذي فيه هذا التفريق منذ أكثر من سنتين!!
ب- القول أني كنت أقول أن آيات الصفات كآيات فواتح السور (كهيعص) ونحوها ثم قلت بالتفريق الآن!!
ج- القول بأني قلت أن قول مجاهد وأبي العالية مردود أو باطل أو شاذ أو أنهما اتبعا الظن أو خطأ وقد رددنا على هذا!!
د- القول أني متناقض بقولي تارة بالسكوت وتارة بعدم التفسير وتارة بالمعنى الإجمالي وتارة بالتفويض الجزئي!!.
هـ- القول بأني قلت أن ظواهر هذه النصوص غير مراد وأن الظاهر تجسيم ونحوه مما قال.
و- القول بأني قلت أن الإمام أحمد ليس بحجة هكذا مطلقاً.
ز- القول بأني أقول أن هذه الألفاظ لا معنى لها عندي بالرغم من توضيحاتي الكثيرة لهذا الأمر وبالرغم من أنه يقول أنه لا يخطر له ذلك على بال وبالرغم من هذا يكرره ولا يشعر!!

3- لن أرد على إلزاماته ولن اجاريه في مثل قوله أن لازم قولي::

أ- كان السلف في الصفات "كمثل الحمار يحمل أسفاراً".
ب- قوله : (ولسان حال الأزهري يقول: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على جهالة أنا ومن اتبعني.
ولسان حال الأزهري يقول: إنما يخشى الله من عباده الجهال.
ولسان حال الأزهري يقول: والراسخون في الجهل يقولون آمنا به.

أقول : اعترف بعجزي وقلة باعي عن مجاراة مثل هذا الأسلوب وأقول لكم في نهاية هذه المشاركة:
هل تظنون أني غضبت لما يفعله الدمشقية معي؟
أنا في الحقيقة لست متعجباً من هذا الكم والكيف لأن الدمشقية وخلال حواري معه سب كماً لا يطيقه أي عاقل من العلماء والقدوات.
فما هو المنتظر ممن يقول أن الإمام البيهقي لم يدرس علم الحديث إلا لخدمة المذهب الأشعري؟
وما هو المنتظر ممن يقول أن الإمام الغزالي حلولي على مذهب الحلاج؟
وما هو المنتظر ممن يقول أن صلاح الدين الأيوبي كان على عقيدة ضالة؟
وما هو المنتظر ممن يهاجم المجاهدين في فلسطين؟
وكل هذا فقط خلال الشهرين الماضيين فما بالكم بباقي حياته؟!

فهل تتوقعون بعد كل هذا أني آبه لما قاله في حقي؟
والله إن الذي يغضب في حق نفسه ولا يغضب في حق هؤلاء الأعلام ما يستحق الحياة ولا النسبة للعلم.
وكل ما فعله الدمشقية أنه حمل عني بعض حسناتي ليعطيها لي يوم القيامة أو رفع عني بعضاً من سيئاتي يحملها يوم القيامة وأنا ادعوه أن يزيد!!

4- أما باقي الأمور التي هي خارج موضوع النقاش فسأورد بعضها هنا:

أ- بالنسبة لقولك : (أليس إلزام الخصم من مصادره هو أعلى وأقوى سلاح في المناظرة؟) في أثناء الحديث عن الدكتور القرضاوي والدكتور الواعي وتكرارك هذا::
فنحن أولاً لا نتحدث عن منهج الإخوان في المسألة لأن الإخوان فيهم من يقول بقولكم وفيهم من يقول بالقول الآخر والكل ينتمي لأهل السنة والجماعة.
وكان يمكنك أن تستدل بالدكتور عمر الأشقر فهو أكثر من القرضاوي والواعي كتابة في هذا الموضوع.
والغريب -والذي يبدو انك نسيته- أن الدكتور القرضاوي لم يقل بأن كل الصفات واضحة بينة المعنى وإنما خصاً جزءاً معيناً لا يزيد عن خمس صفات قال فيه قوله هذا وأنت نقلت هذا بنفسك ثم ظللت تكرره وتجمله على كافة الصفات!!
والجديد عليك أنك لا تعرف أن الدكتور توفيق الواعي له كتاب (أقاويل الثقات في آيات وأحاديث الصفات) -اسمه يشبه اسم كتاب الكرمي الحنبلي- ينتصر فيه للتفويض ويشرح بناء عليه كلام الأستاذ البنا وأنا اعلم ان بهذه المعلومة سينال الدكتور الواعي منك ما يناله ولكنه ليس الأول ولن يكون الأخير.
أقول كل هذا لأعيد للحوار توازنه وأقول :
الخلاصة : أني اتحدث عن مذهبك -الدمشقية- ومذهبي -الفقير الأزهري- فقط فلا أنا اناظرك بوصفك "السلفية" ولا أنت تناظرني بوصفي "الإخوان". وأكرر هذه ليست مناظرة بين "السلفية المعاصرة" و"الإخوان المسلمين" حتى تستدل بهذا أو ذاك.
أرجو أن تكون قد فهمت هذا ولا نعيده.

ب- ليس نقاشنا عن موضوع التأويل حتى تغرقنا بما لديك من مقصوصات ولن اتناقش معك فيه فكونه تحريف أو غيره لن اتناقش معك فيه أكرر.
وأنا اعرف جيداً أن هذا العنصر الأخير ستتهمني من أجله بالهروب وترجع لموضوع "الأهربي" وغيره ولكن نقاشي لم يصبح معك بعد الآن.

كل هذه المشاركة لتنقية مشاركات الدمشقية مما جاء فيها خارج موضوع المناقشة ونعود لما جاء فيها من موضوع النقاش