عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-16, 11:49 PM   رقم المشاركة : 1
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


بيان الإسلام: الرد على دعوى تعارض القرآن مع السنة - وطء المرأة في دبرها

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
۩ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۩ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةِ 104



موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات – ق3 م7 ج 12 شبهات حول أحاديث الفقه المعاملات وأباب أخرى
الشبهة التاسعة: ص64
الرابط:
الرد على: دعوى تعارض السنة مع القرآن في شأن وطء المرأة في دبرها.



مضمون الشبهة:
يدّعي بعض المغرضين تعارض الأحاديث التي جاءت في تحريم وطء المرأة في دبرها مع القرآن الكريم، ويستدلون على زعمهم هذا بأن القرآن الكريم صرَّح بأن للرجل أن يأتي امرأته أنَّى شاء، فقد قال تعالى: ۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ... ۩
ثم جاءت الأحاديث فنهت عن ذلك، ومن هذه الأحاديث ما رواه خزيمة بن ثابت رضى الله عنه وأرضاه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، يقول:
«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ»،- ويتسائلون: أليس هذا تعارضاً صريحاً بين ما أحله الله تعالى وبين ما حرَّمه رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته؟!

(*) دفاعاً عن رسول الله، محمد يوسف،- كيف نتعامل مع السنة النبوية؟، د/ يوسف القرضاوي، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1427هــ / 2006م،- مختلف الحديث عند الإمام أحمد رضى الله عنه، د/ عبد الله بن فوزان بن صالح الفوزان، مكتبة المنهاج، الرياض، ط1، 1428هــ).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»

وجها إبطال الشبهة:

1- لقد نزلت آية:
۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ... ۩ سورة البقرة: من الآية 223

لتبين أن للرجل أن يأتي امرأته كيف شاء من الأمام أو الخلف أو مضطجعة أو على جنب، بشرط أن يكون ذلك كله في القُبُل لا في الدبر.
فقيدت موضع الإتيان بموضع الحرث وهو موضع النسل، والدبر ليس موضعاً للحرث، لذلك فلا تعارض بين القرآن والسنة في هذا الشأن، إذ قد اتفقا على تحريم إتيان النساء في أدبارهن.


2- إن الإتيان في الدبر يسبب أمراضاً بدنية ونفسية عديدة أثبتها الأطباء، وإذ كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض وهو الحيض، فمن باب أولى أن يحرم الإتيان في الدبر الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لإنقطاع النسل.

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


التفصيل:

أولاً:
إن قوله تعالى: ۩ أَنَّى شِئْتُمْ ۩، يفيد تعدد جهات الإتيان من الأمام أوالخلف أو الجنب، كل ذلك في موضع الحرث أو موضع النسل وهو القُبُل:



إن القرآن الكريم لم يُبح إتيان النساء في أدبارهن كما زعم هؤلاء المغرضون، وإنما أباح إتيانهن في القُبل موضع الحرث والنسل، وهو ما أكده النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، في أحاديثه.

وقد اجتمع القرآن والحديث على إباحة ما فيه مصلحة الإنسان والنهي عما فيه ضرر له.

قال تعالى:
۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) ۩ سورة البقرة.

وهذه الآية نزلت لتبين أن للرجل أن يأتي امرأته كيف شاء من الأمام أو الخلف أو مضطجعة أو على جنب بشرط أن يكون كل ذلك في قُبلها لا دبرها.
ولذلك قيد الله سبحانه وتعالى موضع الإتيان بموضع الحرث كناية عن موضع النسل، ولا يمكن أن يكون الدبر موضعاً للحرث، لأنه لا يأتي منه الولد.
وبمعرفة سبب نزول الآية يتأكد هذا المعنى، فقد أخرج الإمامان/ البخاري ومسلم، في صحيحيهما:
4528 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ:
۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ۩ البقرة: 223،- *1

وزاد الإمام/ مسلم، في رواية أخرى عن الزهري:
«إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ»،- *2

و"المجبية" أي: مكبوبة على وجهها، والصمام الواحد هو الفرج، وقوله: ۩ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ۩، أي: موضع الزرع من المرأة، وهو قبلها الذي يزرع فيه المني، لإبتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها إن شاء من بين يديها وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة: وأما "الدبر" فليس هو بحرث، ولا موضع زرع،- *3
*1- (صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ: بَابُ ۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ۩،- ج8 ص37، رقم: 4528)،- صحيح مسلم (بشرح النووي)، كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ جَوَازِ جِمَاعِهِ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا، مِنْ قُدَّامِهَا، وَمِنْ وَرَائِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدُّبُرِ،- ج5 ص2231، رقم: 3472).
*2- (صحيح مسلم (بشرح النووي)، كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ جَوَازِ جِمَاعِهِ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا، مِنْ قُدَّامِهَا، وَمِنْ وَرَائِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدُّبُرِ،- ج5 ص2231، رقم: 3474).
*3- (شرح صحيح مسلم، النووي، ج5 ص2232).



وروى الإمام/ الترمذي في سننه:
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكْتُ قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟
قَالَ: حَوَّلْتُ رَحْلِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، قَالَ:
فَأُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
«أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ»
(حسن: أخرجه الترمذي في سننه، (بشرح تحفة الأحوذي)،- كِتَابِ التَفْسِيرِ الْقُرْآنِ: بَابٌ: تَفْسِيرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، ج8 ص259، رقم: 3164،- وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي، برقم: 2980).


ومن هذين الحديثين يتبين أن نزول الآية كان لأن اليهود كانت تعتقد أن إتيان النساء في قُبُلٍ من الدبر يؤدي إلى إنجاب طفل أحول العينين، وكذلك سؤال عمر الفاروق – رضى الله عنه وأرضاه، لرسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، كان خوفاً من الهلكة بسبب إتيانه زوجته في قبلها من جهة ظهرها، وكنى في ذلك رحله عن زوجته، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وحهها فحيث ركبها من جهة ظهرها، كنى عنه بتحويل رحله.


فنعلم من ذلك أن الأمر المسئول عنه هو جهة الإتيان، أي: من أيِّ جهة يأتي القبل؟

وليس المقصود هل هو القبل أو الدبر كما ظن بعض من ليس له علم، لذلك كانت إجابة النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، موضحة أكثر في قوله للفاروق عمر رضى الله عنه وأرضاه، «أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ»،- أي: أولج في القبل من جانب القبل أو الدبر، واتق الإيلاج في الدبر نفسه.



يقول الإمام/ القرطبي، في تفسير هذه الآية الكريمة، بعد ذكر الأحاديث المبينة سبب النزول:

هَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَصٌّ فِي إِبَاحَةِ الْحَالِ وَالْهَيْئَاتِ كُلِّهَا إِذَا كان الوطي فِي مَوْضِعِ الْحَرْثِ، أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ وَبَارِكَةً وَمُسْتَلْقِيَةً وَمُضْطَجِعَةً، فَأَمَّا الْإِتْيَانُ فِي غَيْرِ الْمَأْتَى فَمَا كَانَ مُبَاحًا، وَلَا يُبَاحُ!

وَذِكْرُ الْحَرْثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي غَيْرِ الْمَأْتَى مُحَرَّمٌ. وَ" حَرْثٌ" تَشْبِيهٌ، لِأَنَّهُنَّ مُزْدَرَعُ الذُّرِّيَّةِ، فَلَفْظُ" الْحَرْثِ" يُعْطِي أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَمْ تَقَعْ إِلَّا فِي الْفَرْجِ خَاصَّةً إِذْ هُوَ الْمُزْدَرَعُ.

وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
إِنَّمَا الأرحام أرض ... ون لَنَا مُحْتَرَثَاتُ
فَعَلَيْنَا الزَّرْعُ فِيهَا ... وَعَلَى اللَّهِ النَّبَاتُ

فَفَرْجُ الْمَرْأَةِ كَالْأَرْضِ، وَالنُّطْفَةُ كَالْبَذْرِ، وَالْوَلَدُ كَالنَّبَاتِ، فَالْحَرْثُ بِمَعْنَى الْمُحْتَرَثِ.
وَوُحِّدَ الْحَرْثُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ صَوْمٌ، وَقَوْمٌ صَوْمٌ.
الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنَّى شِئْتُمْ) مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى:
مِنْ أَيِّ وَجْهٍ شِئْتُمْ مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً، كَمَا ذَكَرْنَا آنفا.

وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
" فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" مَعَ قَوْلِهِ:" فَأْتُوا حَرْثَكُمْ" مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي الْمَأْتَى اخْتِصَاصًا، وَأَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْضِعِ الْوَلَدِ.

وَإِتْيَانِ الدُّبُرِ مُحَرَّمٌ بِإِجْمَاعٍ، لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْإِتْيَانِ مُخْتَصَّةٌ بِمَوْضِعِ الْحَرْثِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَأْتُوا حَرْثَكُمْ"، وَلِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي خَلْقِ الْأَزْوَاجِ بَثُّ النَّسْلِ، فَغَيْرُ موضع النسل لا يناله مالك النِّكَاحِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ.

وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ:
إِنَّهُ عِنْدَنَا وَلَائِطُ الذَّكَرِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ الْقَذَرَ وَالْأَذَى فِي مَوْضِعِ النَّجْوِ(1) أَكْثَرُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، فَكَانَ أَشْنَعَ. وَأَمَّا صِمَامُ الْبَوْلِ فَغَيْرُ صِمَامِ الرَّحِمِ.

وَقَالَ مَالِكٌ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ أَنَّهُ يُجِيزُ ذَلِكَ، فَنَفَّرَ مِنْ ذَلِكَ، وَبَادَرَ إِلَى تَكْذِيبِ النَّاقِلِ فَقَالَ: كَذَبُوا عَلَيَّ، كَذَبُوا عَلَيَّ، كَذَبُوا عَلَيَّ!
ثُمَّ قَالَ:
أَلَسْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا؟ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى:" نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ"؟ وَهَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْمَنْبَتِ!!

وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:" أَنَّى شِئْتُمْ" شَامِلٌ لِلْمَسَالِكِ بِحُكْمِ عُمُومِهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا، إِذْ هِيَ مُخَصَّصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَبِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ حِسَانٍ وَشَهِيرَةٍ رَوَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَا عَشَرَ صَحَابِيًّا بِمُتُونٍ مُخْتَلِفَةٍ، كُلُّهَا مُتَوَارِدَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْأَدْبَار.

1- (النجو: ما يخرج من البطن من ريح وغائط)
2- (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ج3 ص93 : 95 بتصرف).
(الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ج3 ص93 : 95 بتصرف).



ونذهب إلى الألوسي رحمه الله في تفسيره، فنجده يقول:
قوله تعالى: ۩ أَنَّى شِئْتُمْ ۩،- قال قتادة والربيع من أين شِئْتُمْ وقال مجاهد: كيف شئتم، وقال الضحاك: متى شئتم
ومجيء أَنَّى بمعنى- أين- وكيف ومتى مما أثبته الجم الغفير، وتلزمها على الأول- من- ظاهرة أو مقدرة.

واختار بعض المحققين كونها هنا بمعنى من أين أي من أي جهة ليدخل فيه بيان النزول، والقول بأن الآية حينئذ تكون دليلا على جواز الإتيان من الإدبار ناشىء من عدم التدبر في أن- من- لازمة إذ ذاك فيصير المعنى من أي مكان لا في أي مكان فيجوز أن يكون المستفاد حينئذ تعميم الجهات من القدام والخلف والفوق والتحت واليمين والشمال لا تعميم مواضع الإتيان
فلا دليل في الآية لمن جوز إتيان المرأة في دبرها، وعلى فرض تسليم أن أَنَّى تدل على تعميم مواضع الإتيان كما هو الشائع يجاب بأن التقييد بمواضع الحرث يدفع ذلك.
(روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الألوسي، ج2 ص124 بتصرف).



وهذا ابن القيم رحمه الله، ينفي أي تعارض قد يُتوهم بين الآية والحديث، بل يؤكد أن الآية دلت على تحريم الوطء في الدبر كما دلت الأحاديث فيقول:
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
أَنَّهُ أَبَاحَ إِتْيَانَهَا فِي الْحَرْثِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ لَا فِي الْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْأَذَى، وَمَوْضِعُ الْحَرْثِ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] الْآيَةَ، قَالَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
وَإِتْيَانُهَا فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا مُسْتَفَادٌ مِنَ الْآيَةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ قَالَ أَنَّى شِئْتُمْ، أَيْ: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ مِنْ أَمَامٍ أَوْ مِنْ خَلْفٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: 223] يَعْنِي: الْفَرْجَ.
(زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم الجوزية، ج4 ص261).



وجزم الإمام/ النووي رحمه الله، بأـن معنى قَوْلُهُ: ۩ أَنَّى شِئْتُمْ ۩،- أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ،
ثم قال:
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا حَائِضًا كَانَتْ أَوْ طَاهِرًا لِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مَشْهُورَةٍ كَحَدِيثِ مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا
قَالَ أَصْحَابُنَا:
لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(شرح صحيح مسلم، النووي، ج5 ص2232).



وقد بوب الإمام/ مسلم، في صحيحه في كتاب النكاح، باباً بعنوان:
«19 - بَابُ جَوَازِ جِمَاعِهِ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا، مِنْ قُدَّامِهَا، وَمِنْ وَرَائِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدُّبُرِ»،- فدل على جواز الإتيان في القبل من الدبر والنهي عن الإتيان في الدبر.




وروى الإمام/ ابن ماجه في سننه، من حديث سيدنا الإمام/ أبو هريرة – رضى الله عنه وأرضاه:
1923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُخَلَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا»
(صحيــح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، ج1 ص619، رقم: 1923، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه، برقم: 1923).


وحديثه رضى الله عنه وأرضاه، عن النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، قال:
639 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»
(صحيــح: أخرجه ابن ماجه في سننه،كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا: بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْحَائِضِ، ج1 ص209، رقم: 639، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه، برقم: 639).


وروى أيضاً الإمام/ ابن ماجه في سننه:
1924 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَرَمِيٍّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ»
(صحيــح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كِتَابُ النِّكَاحِ: بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، ج1 ص619، رقم: 1924، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه، برقم: 1924).


وروى الإمام/ الترمذي، أيضاً عن سيدنا/ علي بن طلق رضى الله عنه وأرضاه:
1164 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَهَنَّادٌ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلاَّمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَكُونُ فِي الفَلاَةِ فَتَكُونُ مِنْهُ الرُّوَيْحَةُ، وَيَكُونُ فِي الْمَاءِ قِلَّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ»
(حسن: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كِتَابُ الرَّضَاعِ: بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، ج4 ص274، رقم: 1174،- وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم: 314).


ولقد سمى رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، إتيان المرأة في دبرها اللوطية الصغرى
وأخبر صلى الله عليه وسلم، أنه:
«مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»
(صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِتْيَانِ الحَائِضِ، ج1 ص355، رقم: 135،- وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي، برقم: 13



وروى النسائي قول سيدنا الإمام/ عبد الله بن العباس، رضى الله عنهما وأرضاهما، في حرمة تلك الفعلة، وفيه أن:
رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا،
قَالَ:
«تَسْأَلُنِي عَنِ الْكُفْرِ»!

(صحيــح: أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ: ذِكْرُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ عَلَيْهِ، ج5 ص321، رقم: 900،- وصححه الألباني في كتابه: آداب الزفاف، ص33).


ولا ننسى أن أشد ما أكد به النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، على تحريم هذا الفعل قوله لسيدنا/ عمر ابن الخطاب: رضى الله عنه وأرضاه:
«أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ»


وبعد ذكر هذه الأحاديث الصحيحة التي أكدت تحريم إتيان السناء في أدبارهن، وأن القُبُل هو موضع الإتيان لا غيره،- يتضح لنا أنه ليس في الآية الكريمة أدنى دلالة على إباحة الإتيان فيما هو دون القُبل، وأنها جاءت لتبيح الإتيان من أي جهة مع التقيد بموضع واحد فقط وهو موضع الحرث، سواء كان إتيانه من الأمام أو الخلف أو الجنب فلا غضاضة في ذلك، وكان هذا مخالفة لاعتقاد اليهود الباطل والذي كذبه الله عز وجل بنص الآية.
أما ما زعمه هؤلاء المتخرصون من أن الآية تبيح وتحلل كل المواضع والسنة تحرِّمه، فهذا ناتج عن فهمهم الخاطئ لمعاني القرآن الذي يتفق مع السنة على تحريم إتيان الدبر، ولا تعارض بينهما في ذلك.

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


ثانياً: الحكمة التشريعية من تحريم وطء المرأة في دبرها:

إن الوطء في الدبر يصيب الرجل والمرأة بأمراذ خطيرة، ولا يحل الله أمراً يصيب الإنسان بالأذى، فهو سبحانه الأعلم بحال من خلق، يأمرهم بما يصلح حالهم، وينهاهم عما يضرهم.
لذلك أمر الله تعالى بإتيان النساء في موضع الحرث وهو القبل، ونهى عما سواه

يقول الإمام/ ابن القيم:
وَإِذَا كَانَ اللَّهُ حَرَّمَ الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ لِأَجْلِ الْأَذَى الْعَارِضِ، فَمَا الظَّنُّ بِالْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْأَذَى اللَّازِمِ مَعَ زِيَادَةِ الْمَفْسَدَةِ بِالتَّعَرُّضِ لِانْقِطَاعِ النَّسْلِ وَالذَّرِيعَةِ الْقَرِيبَةِ جِدًّا مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ إِلَى أَدْبَارِ الصِّبْيَانِ.
وَأَيْضًا: فَلِلْمَرْأَةِ حَقٌّ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ، وَوَطْؤُهَا فِي دُبُرِهَا يُفَوِّتُ حَقَّهَا، وَلَا يَقْضِي وَطَرَهَا، وَلَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَهَا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الدُّبُرَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِهَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يُخْلَقْ لَهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي هُيِّئَ لَهُ الْفَرْجُ، فَالْعَادِلُونَ عَنْهُ إِلَى الدُّبُرِ خَارِجُونَ عَنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ جَمِيعًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ ذَلِكَ مُضِرٌّ بِالرُّجُلِ، وَلِهَذَا يَنْهَى عَنْهُ عُقَلَاءُ الْأَطِبَّاءِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لِلْفَرْجِ خَاصِّيَّةً فِي اجْتِذَابِ الْمَاءِ الْمُحْتَقَنِ وَرَاحَةِ الرَّجُلِ مِنْهُ، وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لَا يُعِينُ عَلَى اجْتِذَابِ جَمِيعِ الْمَاءِ، وَلَا يُخْرِجُ كُلَّ الْمُحْتَقَنِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَمْرِ الطَّبِيعِيِّ.
وَأَيْضًا: يَضُرُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ إِحْوَاجُهُ إِلَى حَرَكَاتٍ مُتْعِبَةٍ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ لِلطَّبِيعَةِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْقَذَرِ وَالنَّجْوِ، فَيَسْتَقْبِلُهُ الرَّجُلُ بِوَجْهِهِ وَيُلَابِسُهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ جِدًّا، لِأَنَّهُ وَارِدٌ غَرِيبٌ بَعِيدٌ عَنِ الطِّبَاعِ، مُنَافِرٌ لَهَا غَايَةَ الْمُنَافَرَةِ.
(زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم الجوزية، ج4 ص261).


إن كانت هذه الأضرار هي ما ذكرها الطب القديم، فإن الطب الحديث بأبحاثه العديدة، وأجهزته الحديثة، وتجاربه المتكررة قد أثبت أن إتيان المرأة في دبرها يضرها ضرراً بالغاً، حيث يفوت حقها على زوجها في النكاح، والاستمتاع الذي لا يحققه وطؤها في دبرها.
كما أن الوطء في الدبر يضر بالرجل أيضاً، ذلك أن للفرج عضلات قادرة على اعتصار قضيب الرجل المنتصب، والعمل على الإنزال الكامل للمني، فإذا لم يتم الإنزال الكامل – كما يحدث عندما يطأ الرجل زوجته في دبرها – فإنه يحدث احتقان شديد في غدة البروستات والأعضاء التناسلية الأخرى، مما يسبب آلاماً عديدة في منطقة العجان والخصيتين، ناهيك عن سرعة القذف، وضعف الانتصاب الذي يسببه الاحتقان المزمن، في حين أن الأمر غير ذلك عند إتيان المرأة في فرجها، حيث أن المهبل يفرز سائلاً يساعد على تشحيم الفرج والمهبل معاً، مما يساعد وييسر عملية الإيلاج.(1)
وفي الواقع أنَّ كل أجزاء الجهاز التناسلي الأنثوي لها دور فعال في الجماع، فحينما يحدث الاحتكاك بين قضيب الرجل وفرج المرأة تنطلق النبضات من نهايات عصبية منتشرة في الغشاء المخاطي المبطل للمهبل Vaginal Mucosa، وكذلك في البظر حيث تنطلق هذه النبضات Impulses، إلى الجهاز العصبي المركزي Central Nervous System، فيرسل إشارته بالتالي، ليتحقق لكلا الزوجين الاستمتاع المنشودز*(2)
*(1)- (نظرات إسلامية على الأمراض الجلدية والتناسلية، د/ محمد عبد العال، نقلاً عن: موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، ص455).
*(2)- (أنظر: موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، ص455).


وليست الأضرار المتسببة عن إتيان المرأة في دبرها أضراراً بدنية فقط، بل هناك أضرار نفسية أشد على الإنسان من الأضرار البدنية، فصَّل فيها ابن القيم رحمه الله القول:
فَإِنَّهُ يُحْدِثُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ، وَالنُّفْرَةَ عَنِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ.
وَأَيْضًا:
فَإِنَّهُ يُسَوِّدُ الْوَجْهَ، وَيُظْلِمُ الصَّدْرَ، وَيَطْمِسُ نُورَ الْقَلْبِ، وَيَكْسُو الْوَجْهَ وَحْشَةً تَصِيرُ عَلَيْهِ كَالسِّيمَاءِ يَعْرِفُهَا مَنْ لَهُ أَدْنَى فِرَاسَةٍ.
وَأَيْضًا:
فَإِنَّهُ يُوجِبُ النُّفْرَةَ وَالتَّبَاغُضَ الشَّدِيدَ، وَالتَّقَاطُعَ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَلَا بُدّ
وَأَيْضًا:
فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْحَيَاءِ جُمْلَةً، وَالْحَيَاءُ هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، فَإِذَا فَقَدَهَا الْقَلْبُ، اسْتَحْسَنَ الْقَبِيحَ وَاسْتَقْبَحَ الْحَسَنَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدِ اسْتَحْكَمَ فَسَادُهُ.
وَأَيْضًا:
فَإِنَّهُ يُحِيلُ الطِّبَاعَ عَمَّا رَكَّبَهَا اللَّهُ، وَيُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ طَبْعِهِ إِلَى طَبْعٍ لَمْ يُرَكِّبِ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ، بَلْ هُوَ طَبْعٌ مَنْكُوسٌ، وَإِذَا نُكِسَ الطَّبْعُ انْتَكَسَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ وَالْهُدَى، فَيَسْتَطِيبُ حِينَئِذٍ الْخَبِيثَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْهَيْئَاتِ، وَيَفْسُدُ حَالُهُ وَعَمَلُهُ وَكَلَامُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
(زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم الجوزية، ج4 ص262).

فإن كانت هذه الأضرار الصحية والنفسية تلحق بالإنسان من جراء إتيان الدبر فهل يمكن أن يحلها الله؟!
وهو الذي لم يحل ما يضر الإنسان قط، بل نهى عن كل ما فيه أدنى ضرر بالإنسان(*)
(*) في: إجماع العلماء على حرمة إتيان النساء في أدبارهن،
طالع:
 الوجه الأول من الشبهة الخامسة: (ق3 المجلد3 ج5 شبهات حول الأئمة والرواة).
الرابط:
الرد على افتراءات: أن بعض الأئمة أباحوا إتيان النساء في أدبارهن


(*) وفي: الأضرار الناتجة عن الجماع أثناء الحيض،
طالع:
 الوجه الثاني من الشبهة الثامنة: (ق3 م7 ج 12 شبهات حول أحاديث الفقه المعاملات وأباب أخرى).
(دعوى تعارض السنة مع القرآن في شأن مباشرة الحائض).
الرابط:
http://www.bayanelislam.net/Suspicio...47&value=&type

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»

الخلاصة:

 كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت آية: ۩ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ... ۩ سورة البقرة: من الآية 223،- مجبية أو غير مجبية، أي: مكبوبة على وجهها أو غير مكبوبة لكن كل ذلك في صمام واحد، أي: فأتوا النساء كيف شئتم، من الأمام، أو الخلف، أو مضطجعة، أو على الجنب لكن شــرط أن يكون ذلك كله في القُبُل الذي هو موضع الحرث، والنسل، فلا يجوز الإتيان في غير القُبل، لأن غيره ليس بموضعٍ للحرث أو الولد.


 سأل أمير المؤمنين سيدنا/ عمر الفاروق – رضى الله عنه وأرضاه، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، عن إتيانه زوجته من الخلف في القبل، فنزلت هذه الآية تُبيح له ذلك، وأكده النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال: «أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالحَيْضَةَ»، فشرط أن لا يكون الإتيان في الدبر، لأن الدبر ليس موضعاً للولد.

 إن المقصود في الآية هو القُبُل دون غيره، قال تعالى:
۩ ...فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۩ سورة البقرة: من الآية 222،- والطهر يكون من الدم النازل من القبل لا من الدبر.


 لقد أجمع العلماء على أن إتيان المرأة في دبرها محرم بنص الكتاب والسنة، وذلك للأضرار الخطيرة المترتبة على هذا الفعل، وإذا كان الله تعالى حرم الوطء في الفرج أثناء الحيض لأجل الأذى العارض، فما الظن بالدبر الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل؟!!


 من الأضرار البدنية التي أثبتها الطب الحديث والقديم أيضاً، والتي تبين إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية – أن هذا العمل مضرٌ بالرجل لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، ولا يستطيع الدبر فعل ذلك فيسبب هذا الاحتقان له آلاماً شديدة، بالإضافة إلى أن هذا الوضع يحوج الرجل إلى حركات متعبة جداً لمخالفته للطبية، وأن الدبر محل القذر والنجو، وأما ضرره للمرأة فإنه وارد غريب بعيد عن الطباع، منافر لها غاية المنافرة، لا يحقق لها الاستمتاع المنشود من عملية الجماع.


 وما أثبته العلم في هذا الأمر يؤكد أن القرآن والسنة من عند خالق البشر، الخبير بأحوالهم، العليم بما يضرهم وما ينفعهم.


 ومن الأضرار النفسية المترتبة على إتيان النساء في أدبارهن أن ذلك الفعل يُحدِث الهم والغم، ويُسوِّدُ الوجه، ويطمس نور القلب، ويؤدي إلى النفرة والتقاطع بين الفاعل والمفعول، ويذهب بالحياء، وإذا فقد القلب الحياء استحسن القبيح، واستقبح الحسن.


 ومن المحال أن يبيح الله عز وجل شيئاً يكون فيه كل هذه الأضرار البدنية والنفسية.







التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» بيان الإسلام: تبشير الكتاب المقدس بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
»» إشكالات على موضوع الزميل الرافضي/ الخزرجي8 (ما الدليل على صيانة القرآن من التحريف)
»» الشذوذ الفكري والانحراف العقائدي وكذب وتدليس الرافضي/ الخزرجي8
»» هل الرفق واللين هما الأصل الذي يحرم الخروج عنه
»» إثبات حجية واستقلالية السنة النبوية بالتشريع،- حوار مع الزميل/ باحث بدون تعصب