الموضوع: سفر برلك
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-09, 05:55 PM   رقم المشاركة : 6
الشريف الحنبلي
متى عيوني ترى عيون غاليها ؟





الشريف الحنبلي غير متصل

الشريف الحنبلي is on a distinguished road


قلت : الحمد لله الذي وفق الأستاذ احمد مرشد ، لتوثيق ما سيأتي من مآسي و إلا لدفنت مع اصحابها ، لكن شاء الله عزوجل ان يفضح ادعياء الإحسان فله الحمد و المنة .
يقول الأستاذ احمد : من قصص المجاعة التي سجلتها و المروية عن بعض المعاصرين للأحداث و عن آبائهم
قبل أن نتحدث عن قصص المجاعة التي عانى منها البعض نذكر بعض الروايات التي رواها البعض سواء ممن عايشوا تلك الفترة أو ممن سمعوها من غيرهم


تقول إحدى الروايات:عندما اشتد الحصار ونفدت المؤن حُبس الكثيرون في بيوتهم خوفا من تعرضهم للتهجير خاصة الأطفال والنساء وكبار السن .. فمما رُوي أن أحدهم وهو من سكان زقاق جعفر ولشدة ما تعرض له والداه من الجوع حاول الحصول على طعام يسد به جوع والديه ولكنه فشل .. ولم يجد أمامه بعد تفكير سوى التحرك ليلا ليدخل إحدى فتحات الدبول أو ما تسمى بالخرزة وهي عبارة عن أماكن أو نقاط تمر من خلالها المياه لتغذية عيون حارات المدينة .. تقول الرواية دخل أحدهم من باب الشامي ومشى داخل الدبل رابطا حول بطنه حبلاً حتى خرج من جهة العوالي ليقطف بعض التمرات ويضعها داخل ثوبه من أعلى ويعود مرة ثانية بقوة إرادة رغم وجود العقارب والثعابين ليصل إلى بيته ويطعم والدية بحبات التمر حتى أنه من قلة التمر كان البعض بعد أكل التمرة يجعلون النواة في أفواههم (لعدم نشفان الريق).

قلت : لا حول و لا قوة إلا بالله


ومن البعض من كان يقوم من شدة الجوع بغلي خف الجمل وشرب مائه . حتى أن بعض الروايات تقول إنه خلال المجاعة لم تشاهد الحيوانات داخل المدينة



الاســـم:	العم محمد ميكائيل رحمه الله.JPG
المشاهدات: 31557
الحجـــم:	5.0 كيلوبايت
العم محمد ميكائيل رحمه الله
في تسجيله حول المجاعة يقول: خلال المجاعة كنا نخرج ونحن أطفال للبحث عن الطعام ونجري خلف الخيول الخاصة بفخري وكبار أهل المدينة ثم نجمع روث هذه الخيول ونقوم بتنشيفها لنلتقط منها حبات الشعير ونجمعه ثم نغسله ونجففه.
ويقول في إحدى قصصه رحمه الله: أرجو من الله السماح فقد كنا نمسك القطط بأكياس الخيش ونذهب بها إلى أحد الأتراك فوق المدرج بباب العنبرية ليذبحها لنا ولكن شرطه أن يأخذ جزءاً منها..وأقول فليسامحني الله كنا نأخذ أكباد القطط ونبيعها على أنها كبد غنم.
ومن شدة الجوع يذكر أنه في أحد الأيام قام شجار مع أحد أصحابه ( تصوروا على أي شيء) كان الجري ليتحصل أحدهما على تمرة في الأرض وبعد وصولهما وجدا أنها إحدى بقايا روث جمل فحجمها ربما يشبه حبة تمر و خلال المجاعة كنا نجري خلف الخيول الخاصة بفخري ثم نجمع روثها ونجففه لنلتقط منه الشعير.

------

طبعا الحصار بدأ في عام 1334هـ واستمر حتى استسلام فخري في 19 رجب 1337هـ خلال هذه السنوات ولمن بقي في المدينة وعددهم لا يتجاوز في بعض الروايات التي سجلتها 100 شخص.. ومنهم من ذكر أن عدد من بقي 40 رجلا وامرأة.. ولكن خلال تحقيقي حول من بقي في المدينة بعد الترحيل وجدت أنه 145 رجلا فقط وعدة نساء


الاســـم:	الشيخ حسن صيرفي رحمه الله.JPG
المشاهدات: 32469
الحجـــم:	10.3 كيلوبايت
الشيخ الشاعر حسن مصطفى صيرفي رحمه الله

ممن روى عن والده حيث يقول
لم يبق في المدينة سوى 140 رجلا وبعض النساء وسمى بعضا منهن .. حيث كان مولد الشيخ حسن عام 1336هـ.. يقول العم حسن خلال الحصار مر على والدي و والدتي شهر رمضان وكان عمري سنتين أو ثلاثاً ويحكي والدي رحمه الله كانوا يتسحرون في بعض ليالي شهر رمضان بالماء فقط لأنهم لا يستطيعون إشعال النار خوفا من تهديد فخري الذي أصدر أمرا خلال الحصار لأمين باشا فوق جبل سلع بمعاقبة كل من يشعل النار ليلا ... ثم جاءت فترة قام والدي وقبل الغروب ولنفاد الفحم قام بتكسير دواليب الملابس وإشعالها قبل الغروب ليتمكن من الطبخ عليها ليلا من بعض اللحم المخزن والذي يعرف بالقديد ، ويضيف والدي الذي كان يعمل صرافا لديه من الجنيهات الذهبية الشيء الكثير ولكن .. أين الأكل ومن أين يشتري ..ليسد به جوع أهل بيته ...فكان له معرفة ببعض جنود القلعة الذين يحتفظون بكميات كبيرة من الأغذية...فكان يشتري قرص العيش الصغير وهو بحجم كف اليد بجنيه ذهب ..وكل مكيال صغير من الحنطة بجنيه وقليل من الزيت بجنيه ، ويضيف أن والده أخبره أن الكثيرين من الذين بقوا داخل المدينة مات بعضهم من الجوع والعطش داخل منازلهم حيث حاصر فخري جميع مصادر المياه مثل عين الساحة وعين أبي بكر وعين باب السلام وجعلها مخصصة لجنده وعساكره.




الاســـم:	الشيخ احمد ثروت رحمه الله.JPG
المشاهدات: 34986
الحجـــم:	8.6 كيلوبايت
الشيخ أحمد ثروت رحمه الله
يقول في تسجيله: أمسكوني بالمناخة وعمري ست سنوات فقد أرسلتني والدتي لإحضار بعض الحبوب ولم تفكر أن طفلا في عمري يمكن ترحيله، حملني أحد الجنود فجأة ورغم بكائي سلمني إلى جندي آخر على باب القطار ومضى بي القطار عدة أيام وأنا نائم تحت إحدى كراسيه وعندما وصل إلى دمشق أنزلوا جميع الركاب بحجة أن بهم وباء. ومن لطف الله لم يتنبه إلي أحد وعند وصول القطار إلى إستانبول خرجت من تحت الكرسي ونزلت إلى المحطة ونمت فوق أحد الكراسي الخاصة بالمحطة ومن حسن الصدف أن أخوالي من تركيا وجاءني رجل أظنه عطف علي وسألني من أين أنت؟ فقلت له اسمي واسم أخوالي فعرفهم وأخذني إليهم ومكثت عندهم سنوات حتى تمت عودتي إلى المدينة مع نهاية عهد الأشراف وبداية الحكم السعودي


الاســـم:	الشيخ اسعد شربيني رحمه الله.JPG
المشاهدات: 35958
الحجـــم:	13.1 كيلوبايت
الشيخ أسعد حسن شربيني رحمه الله
يقول: رفض والدي الخروج في بداية الترحيل الاختياري وعندما اشتدت الأمور ونفد الغذاء واشتد الحصار خرج والدي و والدتي وهي حامل بي في عام 1336هـ وكان الخروج ليلا من باب العنبرية والتوجه إلى مدينة ينبع حيث كان خارج السور يقف البعض ممن يمتلكون الدواب مستغلين ذلك الظرف ودفع أبي كل ما يملك من أجل الرحيل وقد عانى والدي ووالدتي كثيراً من المشاق حتى الوصول إلى ينبع ، واستقرا هناك حيث كان مولدي في مدينة ينبع في شهر صفر من عام 1337هـ وعاد أبي وأمي إلى المدينة وعمري ستة أشهر في شعبان 1337هـ.. بعد أن استولى الأشراف على المدينة في 19 رجب 1337هـ .


الاســـم:	السيد عمران الحسيني.JPG
المشاهدات: 35001
الحجـــم:	9.6 كيلوبايت
السيد عمران الحسيني رحمه الله
يقول في تسجيله: رحلونا مجموعة بالقوة الجبرية بعد أن امتنعنا في البداية من الخروج من المدينة منهم أخي أسعد والسيد محمود أحمد وعائلته والسيد إدريس هاشم وعائلته وكان ذلك في أوائل عام 1335هـ وصلنا دمشق ولم نعرف أين نسكن كان معنا قليل من المال ...درسنا في مدرسة تسمى المدرسة الجقمقية ولكن بعد تدهور حالنا المالي عرضنا منزلنا في المدينة للبيع على أحد أبناء دمشق وهذا حال الكثير ممن رُحلوا واتفقنا على 750 جنيهاً يدفع لنا نصفها في دمشق والباقي في المدينة عند تسلمه البيت وفعلا دفع لنا 375 جنيها وعشنا بها حتى عدنا إلى المدينة عام 1338هـ في بداية عهد الأشراف.
ويضيف أن كثيرا من أهل المدينة باعوا بيوتهم ليضمنوا العيش في الشام ومن آثار هذا انقراض بعض الأسر لوفاتهم بالشام أو خلال الترحيل وأن كثيراً من صكوك البيوت التي بيعت بالشام فقدت خلال التوسعة للمسجد النبوي الشريف. واكتشف بعد ذلك وخلال الهدم أن منها ما هو مدفون داخل الجدار .


وهذه قصة لم يرغب راويها بذكر اسمه:
يقول اشتدت الحرارة ونفد الماء وما كنا نحتفظ به من بقايا الخبز والأرز وبعض قطع اللحم الناشف (القديد) أنظر إلى والدي وهما يصارعان الموت من شدة الجوع والعطش كنت الابن الوحيد بين بنتين وسني آنذاك لم تتجاوز الخامسة عشرة. ظللت على مدى يومين أفكر بالطريقة التي أجلب فيها الطعام ..وأخيرا اهتديت إلى الخروج ليلا والعودة قبل الفجر ..ولكن كان الخوف يداهمني بين فينة وأخرى .. كان أبي يحتضن إحدى أخواتي ووالدتي تحتضن الأخرى فكان هذا المنظر يدفعني بكل جرأة للخروج وجلب الطعام .. سميت بالله وتحزمت بحبل حول بطني وخرجت كاللص أتحسس الطريق في ظلمة الليل وبنور الله وفي بعض الأحيان يضيء لي نور القمر الطريق .. لم يكن أمامي للخروج من أحد أبواب المدينة سوى أن أسلك طريق الدبول تحت الأرض .. من عين أبي بكر دخلت لأسير داخل هذه الدبول باتجاه الجنوب لوجود معظم بساتين المدينة والنخيل المحمل بالثمر .. تمشي خطواتي فوق مياه ضحلة ونسيت وقتها وجود أو مصادفة أي حشرة سواء ثعبان أو عقرب كان تفكيري منصباً على كيفية الوصول لنقطة الخروج خارج الأسوار وبعد ساعتين أطل نور القمر من إحدى فتحات أحد الدبول فقررت الخروج لأجد نفسي أمام بساتين قباء .. وعلى ضوء القمر تسلقت أحد أشجار النخيل أجمع حبات التمر حتى شعرت بثقل الموجود وعدت أدراجي إلى الفتحة التي خرجت منها باتجاه الشمال ووصلت إلى المكان الذي دخلت منه قبل طلوع الفجر وحمدت الله بعد وصولي إلى المنزل لأجد أختيَّ كل واحدة في جهة ووالدي عاصب رأسه ووالدتي تسبح الله وحينما شاهداني كشبح مقبل أدركت عدم معرفتهما بي ولكنني طمأنتهما بقولي أنا فلان وضعت جميع ما حملت من التمر والبلح أمامهما ولم أسمع سوى (صوت دخول الأسنان في حبات البلح) كنت أتحسس من بين ما جمعت الحبات اللينة لإطعام الصغيرتين ..وبدأ نور الصبح ينبثق ويصل إلينا من خلال الروشان ومع طلوع الشمس كانت لدينا كمية طيبة من البلح والتمر تكاد تكفينا فترة من الزمن . وكان لوالدي طريقة في أكله حيث إنه بعد أكل القشر الخارجي تظل النواة في فمه فترة طويلة وهذا ما جعل ما بقي من الثمر يكفينا لفترة أطول خصوصا أن بئر الماء بداخل البيت وهذا بطبيعة الحال طمأن أنفسنا أكثر" .

ا.هـ
----------------------------------
لا يعرف الظلم إلا من يكابده ولا المجاعة إلا من يعانيها
(رحمكم الله و اسكنكم فسيح جناته)

سفر برلك ، قصة لا يعرفها إلا القليل جداً جداً ، فليشهد
كل من يقرأ على جرائم ادعياء الإحسان ، و ليصمت الصوفية
الذين يتبجحون بإستباحة مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم من قِبل السلفيين .


طيبة و ذكريات الإحبة
الأستاذ / احمد امين صالح مرشد .

و الحمد لله رب العالمين .