أقوال شيخ الإسلام في :
-ذم النواصب -
فضل علي - رضي الله عنه -
أولاً :
ذم شيخ الإسلام للنواصب
مما يدفع هذه الفرية عن شيخ الإسلام
أنه كان شديد الذم للنواصب بطوائفهم ، والخوارج
الذين اتخذوا بغض علي - رضي الله عنه -
ديناً يدينون الله به ،
وتجرأ بعضهم على تكفيره ،
أو تفسيقه ، أو سبه وشتمه ، والعياذ بالله .
وكان - رحمه الله - يكثر من ذم هؤلاء في كتابه
" منهاج السنة "
فلو كان ناصبياً كما يزعم أعداؤه
لأثنى عليهم ،
أو دافع عن مواقفهم ،
والتمس العذر منهم .
ولكنه مع هذا الذم لهم
يرى أنهم خير من الرافضة ،
أهل الكذب والنفاق .
يقول شيخ الإسلام : ( لا تجد أحداً ممن تذمه الشيعة بحق أو باطل إلا وفيهم من هو شر منه ، ولا تجد أحداً ممن تمدحه الشيعة إلا وفيمن تمدحه الخوراج من هو خير منه ، فإن الروافض شر من النواصب ،
والذين تكفرهم أو تفسقهم الروافض
هم أفضل من الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب .
وأما أهل السنة
فيتولون جميع المؤمنين ،
ويتكلمون بعلم وعدل ،
ليسوا من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء ،
و يتبرؤن
من طريقة الروافض و النواصب جميعاً ،
ويتولون السابقين والأولين كلهم ،
ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ،
ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله لهم ،
ولا يرضون بما فعله المختار ونحوه من الكذابين ،
ولا ما فعله الحجاج ونحوه من الظالمين ،
ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين ،
فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل
ما لم يشاركهما فيها أحد من الصحابة ،
لا عثمان ولا علي ولا غيرهما )
ويقول :
( وهؤلاء هم الذين نصبوا العداوة لعلي ومن والاه ،
وهم الذين استحلوا قتله وجعلوه كافراً ،
وقتله أحد رؤوسهم " عبدالرحمن بن ملجم المرادي "
فهؤلاء النواصب الخوارج المارقون إذا قالوا :
إن عثمان وعلي بن أبي طالب ومن معهما
كانوا كفاراً مرتدين ،
فإن من حجة المسلمين عليهم
ما تواتر من إيمان الصحابة ،
وما ثبت بالكتاب السنة الصحيحة
من مدح الله تعالى لهم ، وثناء الله عليهم ، ورضاء عنهم ، وإخباره بأنهم من أهل الجنة ، ونحو ذلك من النصوص ،
ومن لم يقبل هذه الحجج
لم يمكنه أن يثبت إيمان علي بن أبي طالب وأمثاله .
فإنه لو قال هذا الناصبي للرافضي :
إن علياً كان كافراً ، أو فاسقاً ظالماً ، وأنه قاتل على الملك : لطلب الرياسة ، لا للدين وأنه قتل " من أهل الملة " من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالجمل ، وصفين ، و حروراء ، ألوفاً مؤلفة ، ولم يقاتل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كافراً ، ولا فتح مدينة ، بل قاتل أهل القبلة ، نحو هذا الكلام - الذي تقوله النواصب المبغضون لعلي - رضي الله عنه -
لم يمكن أن يجيب هؤلاء النواصبإلا أهل السنة والجماعة ، الذين يحبون السابقين الأولين كلهم ، ويوالونهم .
فيقولون لهم :
أبو بكر ،
وعمر ،
وعثمان
وعلي
، وطلحة ،
والزبير ،
ونحوهم ،
ثبت بالتواتر
إيمانهم وهجرتهم وجهادهم ،
وثبت في القرآن
ثناء الله عليهم ،
والرضى عنهم ،
وثبت بالأحاديث الصحيحة
ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم
خصوصاً وعموماً ،
كقوله في الحديث المستفيض عن : " لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً " ،
وقوله في عمر : " إنه قد كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي أحد فعمر " ،
وقوله عن عثمان : " ألا أستحي ممن نستحي منه الملائكة " ؟
وقوله لعلي : " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله علي يديه "
وقوله في الزبير : " لكل نبي حواريون ، وحواريي الزبير " وأمثال ذلك .
وأما الرافضي
فلا يمكنه إقامة الحجة على من يبغض علياً من النواصب ،
كما يمكن ذلك أهل السنة ، الذين يحبون الجميع )
قلت :
وفي كلام شيخ الإسلام الآتي صرح رحمه الله بأنهليس ناصبياً ، وأن الشام كلها لم يبق فيها نواصب ،
وهو قول صريح من الشيخ يرد به على من يظن به هذا الظن .
قال - رحمه الله - :
( وأما جواز الدعاء للرجل وعليه
فبسط هذه المسألة في الجنائز ،
فإن موتى المسلمين يصلي عليهم برهم و فاجرهم ،
وإن لعن الفاجر مع ذلك بعينه أو بنوعه ،
لكن الحال الأولى أوسط وأعدل ،
وبذلك أجبت مقدم المغل بولاي ،
لما قدموا دمشق في الفتنة الكبيرة ،
وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات ،
فسألني فيما سألني : ما تقول في يزيد ؟
فقلت : لا نسبه ولا نحبه ،
فإنه لم يكن رجلاً صالحاً فنحبه ،
ونحن لا نسب أحداً من المسلمين بعينه .
فقال : أفلا تلعنونه ؟ أما كان ظالماً ؟ أما قتل الحسين ؟
فقلت له :
نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله :
نقول كما قال الله في القرآن : ( ألا لعنه الله على الظالمين )
ولا نحب أن نلعن أحداً بعينه ،
وقد لعنه قوم من العلماء
وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد ،
لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن .
وأما من قتل
" الحسين "
أو أعان على قتله ، أو رضي بذلك
فعليه لعنةالله والملائكة والناس أجمعين ،
لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً .
قال : فما تحبون أهل البيت ؟
قلت :
محبتهم عندنا فرض واجب ، يؤجر عليه ،
فإنه قد ثبت عندنا في
صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خماً ،
بين مكة والمدينة فقال " أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله " فذكر كتاب الله وحض عليه ، ثم قال : " و عترتي أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي "
قلت لمقدم : ونحن نقول في صلاتنا كل يوم : " اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد "
قال مقدم : فمن يبغض أهل البيت ؟
قلت :
من أبغضهم
فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين ،
لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً .
ثم قلت للوزير المغولي : لأي شئ قال عن يزيد وهذا تتري ؟
قال : قد قالوا له إن أهل دمشق نواصب .
قلت بصوت عال : يكذب الذي قال هذا ، ومن قال هذا فعليه لعنة الله ، والله ما في أهل دمشق نواصب ، وما علمت فيهم ناصبياً ولو تنقص أحد علياً بدمشق لقام المسلمون عليه ،
لكن كان قديماً - لما كان بنو أمية ولاة البلاد - بعض بني أمية ينصب العداوة لعلي ويسبه ، وأما اليوم فما بقي من أولئك أحد )
ثانياً- أقوال شيخ الإسلام
في فضل علي - رضي الله عنه
لشيخ الإسلام - رحمه الله -
مواضع عديدة يمدح فيها
علياً رضي الله عنه ،
ويثني عليه ،
وينزله في المنزلة الرابعة بعد
أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم
- كما هو منهج أهل السنة والجماعة ،
وهي واضحة صريحة تلوح لكل قارئ لكتب الشيخ ،
فلا أدري كيف زاغت عنها أبصار أهل البدعة والشانئين
لشيخ الإسلام ؟
وقد أحببت جمع بعضها في هذا المبحث
ليقرأها كل منصف وطالب للحق من أولئك النفر ،
ولكي تقر بها أعين أهل السنة ،
فلا يحوك في صدر أحدهم وسواس أهل البدع تجاه شيخ الإسلام ، عندما يطلعون على تلك الاتهامات الظالمة .
وقد أكثرت من النقل عن كتاب
" منهاج السنة "
لأنه عمدة الطاعنين والمتهمين للشيخ
بأن فيه عبارات توحي بانحرافه عن علي - رضي الله عنه -
أو توهم تنقصه له ،
فوددت أن أبين لهؤلاء
أنهم قوم لم يفقهوا مقاصد الشيخ من عباراته
لأنهم ينظرون بعين السخط وعين العداوة في الدين ومثل هذه الأعين لا يفلح صاحبها .
يتبعــ بأذن الله