عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-17, 12:30 AM   رقم المشاركة : 140
mogdad
عضو






mogdad غير متصل

mogdad is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد النور الذاتي و السر الساري في سائر الاسماء و الصفات و على أله و صحبه و سلم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و بعد
كما ذكرت سابقا كل المسلمين يعلمون أنهم مامورون بأن يكونوا من المؤمنين و أن يكونو من المحسنين و أن يكونوا من التائبين إلى غير ذلك من المقامات والأخلاق لكن نلاحظ أن هذه المقامات والمراتب والأخلاق ليس في مقدور أي بشر ان يرقى لعلمها ويعرف كيفية الوصول إليها والتمكن فيها على وجه الكمال كما يحبه الله ويرضاه لأن علم النفوس البشرية وما يتعلق بها من إصلاح أو إفساد من علم الله كما أن موضوعات الإيمان و التي هي الله والملائكة والكتب و الرسل واليوم الآخر و القضاء خيره وشره هي من علم الله ومراداته وبالتالي فالمنطقي أن الله هو من يقوم بتعليم الرسول بأسرار النفوس وطرق تزكيتها وكيفية التأكد من الوصول إلى تلك المقامات والتمكن فيها على أرقى كمالاتها كما يعلٌمه كيف يدخل الايمان و اليقين الى القلب بالطريقة التي يريدها الله واختارها الله حتى تُقبل من صاحبها و تصل بصاحبها الى ما يحبه الله ويرضاه
أن المسلم مطالب بأن يرقى إلى أعلى مقامات الإيمان ويتخلق بأحسن الأخلاق كما ان القران امتدح اهل الايمان و اليقين و اصحاب المثل فلا بد عقلا و شرعا ان يكون ما طولب به ان يكونه و ما امتدح به اهل اليقين و الايمان و الصلاح ان يكون كسبيا اختياريا في مقدور كل مسلم ان يصل اليه
فكل انسان سوي العقل يعلم ان الايمان و اليقين يجب ان يكون كسبيا حتى يستقيم في العقل التكليف به و الامتداح عليه فلا يصح في العقل امتداح ما لا كسب و لا فضل فيه للجهد و المجهود

لكن ما دام الانسان العادي موصوفا بالجهل و الضلال فلا بد عقلا و شرعا ان يقدم الله له المعلم صاحب العلم و الخبرة( علما و معلما مسندا يشهد بالايمان و اليقين و العلم لكل من المعلم و ما ينتجه من رجال ) حتى ينقل المسلم من الجهل الى العلم و من الاسلام الى الايمان الى الاحسان و ينتقل من مقام عموم المسلمين الى خواص المؤمنين و الموقنين حسب ما طولب به, ايمانا و يقينا بحجة مسندة الى صاحب الرسالة
قال الله تعالى تعالى
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم الحجرات 14
و كل من يقرأ هذه الآية يدرك أنه ليس كل من دخل الاسلام أو من وُلد مسلما فهو مؤمن أو عالم
بل لا بد له من اتخاذ الإسباب التي ارتضاها رب العباد ليكتسب هذا الإيمان وهذا العلم و لا سبيل إلى ذلك إلا باتباع الرسول و الالتزام بمنهجه في كسب و تحصيل الايمان و اليقين
قال الله تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ الجمعة 2
فمهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي تزكية الانسان و تاهيله ليدخل الايمان قلبه و يتحقق باليقين المطلوب منه . و تعلم الكتاب و الحكمة تاهيل لاستيعاب العلم و فهم الحكمة و هذا تاهيل لحواس الفهم و الادراك لاستيعاب الفهوم و العلوم و ترق للمسلم في مقامات الفهم و العلم بحكم ان الدين جاء للناس كافة عالمهم و جاهلهم و جميعهم مطالب بالايمان و اليقين و هذا يتاتي بتاهيل حواس العلم لتتمكن من فهم حقائق الوجود التي شغلت الانسانية و شغلت كبار العلماء و الفلا سفة منذ و جودها على الارض
فطلب المشرع من عموم المسلمين و بسطائهم ان يكونوا موقنين عالمين فاهمين لحقائق الوجود مستوعبين لفلسفات عالية عجزت عنها خيار العقول البشرية (فلاسفة و علماء حكماء)عبر العصور لابد ان يوجب عليه عقلا و شرعا منهجا تعليميا يؤهل عموم المسلمين و بسطائهم ليفهموا تلك الحقائق و تلك الفلسفات وهذا المنهج التاهيلي ليس بالتدريس و الملازمة المكانية للمعلم
فعبرعصور التاريخ اخبرنا القران ببعثة الرسل و كلهم يامرون اتباعهم المسلمين من البسطاء و عمومهم و من الرعاع يامرونهم ان يكونوا مؤمنين و موقنين و يامرونهم ان يكونوا عالمين بحقائق الوجود و يفهموا ما اوضحه لهم الرسل من حقائق الوجود و فلسفات و جودية شغلت البشرية منذ وجودها على الارض لكن كما قلنا مادام العقل السليم يقر بان اليقين كسبي و الايمان كسبي و الفهم كسبي فلا بد ان ياتي الرسل بمنهج يؤهل المسلم لكسب الايمان و اليقين و يفهم حقائق العالم و فلسفاته الحقة
لكن الظاهر ان الرسل و حتى رسول الله لم ياتوا بمنهج للتحصيل العلمي كما نعرفه اليوم مثل التدريس و ملازمة المعلم
فالتدريس كما عرفناه منهج نخبوي بيد ان الراعي و الفلاح و ساكن القفار و الفقير و المسكين وكل المسلمين بدون استثناء طالبهم الرسل عبر العصور بان يكونوا مؤمنين موقنين محسنين علماء صلحاء لكن ما سمعنا ان احدا منهم طلب من الفلاح و لا من الراعي و لا من الفقير ولا ولا
ولا ولا ان يتركوا اعمالهم و اوطانهم و يجلسوا بين يدي رسلهم و يكتبوه ليتعلموا ما فرض عليهم وما رغبوا فيه ان يكونوه
فالبين لكل عقل سليم ان يكون الرسل في رسالتهم يمارسون منهجا تعليميا تاهيليا به يحقق كل مسلم ما طولب منه من ايمان و يقين و علم و صلاح مع بقاء كل مسلم في موطنه و مهنته و حياته دون الحاجة الى ورقة و لا قلم يتحقق معه و به تنفيذ كل رسول لرسالته و تبيينه تفاصيل عقيدته لكل مسلم و مسلمة في موطنه و مهنته في كل زمان و مكان كل حسب امكاناته و استعداداته و توقيته و مكانه و لن يتاتي هذا عند كل عاقل الا بالتعليم الغيبي او التحصيل العلمي بممارسة الحياة
و لكي نتمكن من استيعاب و فهم هذا المنهج التربوي الذي يوصل المسلم لليقين علينا ان نفهم الية الوحي و التحصيل العلمي كما اشار اليها القران الكريم و حديث رسول الله
وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون
كل من يقرأ هذه الآيات يرى جليا إشارة الرسل إلى الهدى الذي هداهم الله إليه وبالتالي هم ينبهون إلى مصدر علمهم ومصدر تلقيهم ولا شك عند كل عاقل أن علمهم هذا تلقوه بكيفية معينة و وعته وتأثرت به حواس معينة واستودع في محتويات معينة تأثرت به وكان له مواضع مخصوصة
و كمسلمين نعلم أن من يأتي بالهدى والوحي هم الملائكة لكن فضول الناس دعاهم أن يطلبوا من الرسل أن يأتي معهم ملك يصدقهم في ما يقولون فأجابهم الله بقوله
فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين
و قال الله تعالى
ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون

هذه الآيات تشير اشارة واضحة إلى حواس الانسان الرسول و التي تدخل في إدراك الملك والتعرف عليه والتواصل معه و فيها إشارة إلى كل ما يتعلق ويرتبط بهذه العملية من إدراك وتمييز ووعي و استيعاب وفهم
ان الله في هذه الاية ينبه كل شخص الى ان الله اذا بعث ملكا مع الرسول للزم ان يكون بادي الراي رجلا و لالتبس على الناس امرهم و لن يستطيعوا التعرف عليهم
و في نفس الوقت الاية تحفز كل مسلم ان يدخل الى باب العلم و المعرفة من هذا الباب
فكل مسلم يمكن ان يسال نفسه لماذا الرسول يتعرف على الملك بحواسه البشرية اذا ظهر معه في صورة بشرية و انا لا استطيع ذلك رغم اننا نرى نفس ما يراه الرسول بنفس الحواس في نفس الوقت؟هل المانع في التعرف على الملك هو نتيجة حواسي البشرية التي تعمل نفس العمل عند الرسول؟ ام هناك اسباب اخرى

لماذا لا يمكننا نحن المسلمين العاديين ان نتعرف على الملك؟لماذا يُستثنى الرسول؟
فمن يتأمل هذه الآية يراها تنبه السامع إلى أن يتساءل عن حال الرسول كإنسان مثلهم أي بشر يدرك بمدارك مثلهم فما الشيء الذي تميز به عنهم حتى يمكنه أن يتعرف على الملك و يتواصل معه ؟
فما الذي جد عليه حتى يقول ما قال؟
وهل الحواس التي تدخل في هذه العملية أي الإتصال والتواصل مع الملك تخرجه عن الإنسانية؟
وهل هي مشتركة عند كل البشر ؟
وإذا كانت مشتركة عند كل البشر في تكوينها و عملها الفطري وهي حواس علم ومعرفة وإدراك و وعي فهل يمكن لسائر البشر من غير الأنبياء أن يختبرها كما اختبرها الرسول وبالتالي يتعلم بها بعض علم الأنبياء(على الاقل الكسبي منه)؟
وإذا كان ذلك ممكنا فإلى أي مدى يمكن الوصول في هذا الإختبار وإلى أي مدى يمكن استيعاب ما استوعبه الرسول خلال تجربته ؟
هل الحواس البشرية عند الرسول تمكنه من الاتصال بالسماء؟ كيف له ان يتصل ؟
ولعل اهم تامل يصل إلى الفكر والذهن من إشارة هذه الآية و يستحق الوقوف عنده هو بداية الإتصال بالسماء
و لكي نقرب حالة الرسول هذه من فهم القارئ فما عليك ايها القارئ اوالقارئة الا ان تتخيل نفسك مكان الرسول
انت في مكان ما وحدك و فجاة تظهر لك صورة تدركها بحواسك و تتفاعل معها بكيانك و تعطيك حواسك منها فهما و معنى هو ان تلك الصورة ملك و هي صلتك بالسماء
لما تتصور نفسك في هذا الموقف تنهال عليك عدة تساؤلات يسألها أي إنسان سليم العقل
انت لا تعرف الملك و لم يسبق لك ان عرفت و لم يسبق لك ان اختبرت وحيا
**/فمن أين لك أن تعرف أن الصورة التي ظهرت لك و أدركتها بحواسك و انت حاضر الوعي والذهن هي ملك وليس شيئا آخر؟
**/كيف لك أن تتأكد وتعرف أن ما أدركته ليس نابعا إلا من نفسك او اوهامك او شيطانك ؟
**/كيف يمكنك أن تتأكد أن ما أدركته و رايته هو ملك فعلا ؟
**/من يجيبك على سؤالك و كيف يتأكد ؟
**/كيف يمكنك أن تثق في ما تدركه وتثق فيما تتلقاه من علم او معرفة وكل ما تعطيه لك هذه الصورة من معارف وأخبار؟
**/أي حواس من كيانك دخلت في هذه العملية ؟
**/هل ما أدركته له آثار وتأثير في العالم الخارجي حتى تتأكد ام هو في خيالك و اوهامك و حديث نفسك؟
**/كيف تضمن صدق ما تتلقاه ؟
**/كيف تنسجم معه قواك العقلية والنفسية حتى تستوعب تلك العلوم والمعارف و تستقيم مع قواعد العقل والمنطق عندك و في واقعك ؟
**/ألهذا الأمر تأثير على قدراتك الذهنية والعقلية ؟ إلى غير ذلك مما يمكن أن يطرح من تساؤلات
فانت لا ترى الله لكي يخبرك و يصدق ما تراه انه ملك و تتاكد او يؤكد لك و ليس لديك علم و لا اهلية و لا خبرة لتتعرف و تتاكد انه ملك او شيطان او اوهام او احاديث نفسك
هذا توصيف لحالة الرسول اول ما يبدا الوحي عنده اجعل نفسك مكانه كما وصفنا لك حاله و اجب على ما بيناه من تساؤلات لنسير معا في ما هو ات من استدلالات
ننتظر منكم اجابة لنسير معا في الشرح و الاستدلال و نفهم الادلة كما اصلها القران و الحديث


و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم