عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-09, 04:55 AM   رقم المشاركة : 7
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


الفصل الثالث: ربا النسيئة
أ ـ تعريف ربا النسيئة:

ربا النسيئة: هو الذي كان مشهوراً في الجاهلية، لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل، على أن يأخذ منه كل شهر قدراً معيناً، ورأس المال باق بحاله، فإذا حلّ طالبه برأس ماله، فإن تعذر عليه الأداء زاد في الحق والأجل، وتسمية هذا نسيئة مع أنه يصدق عليه ربا الفضل، لأن النسيئة هي المقصودة منه بالذات.

وكان ابن عباس رضي الله عنهما لا يحرم إلا ربا النسيئة محتجّاً بأنه المتعارف بينهم [انظر تفسير المنار 4/124].

وسيأتي ذكر أدلة رجوعه عن قوله رضي الله عنه قريباً وانضمامه إلى الصحابة في تحريم ربا الفضل، وربا النسيئة جميعاً، فلا إشكال في ذلك ولله الحمد والمنة.

ب ـ بعض ما ورد في ربا النسيئة من النصوص:

لا شك أن ربا النسيئة لا خلاف في تحريمه بين الأمة جمعاء، إنما الخلاف في ربا الفضل بين الصحابة وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وقد ثبت عن ابن عباس أنه رجع عن قوله وانضمّ إلى الصحابة في القول بتحريم ربا الفضل.

أما بالنسبة لربا النسيئة فتحريمه ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع.

عن أبي صالح قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: (الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، مثلاً بمثل. فمن زاد أو استزاد فقد أربى) فقلتله: إن ابن عباس يقول غير هذا. فقال: لقد لقيت ابن عباس فقلتله: أرأيت هذا الذي تقول أشيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: لم أسمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم أجده في كتاب الله، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”الربا في النسيئة“ [مسلم 3/1217 برقم 1596، وانظر: شرح النووي 11/25].

وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني أسامة بن زيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”ألا إنما الربا في النسيئة“ [البخاري 3/31 برقم 2178 ورقم 2179، ولفظ البخاري (لا ربا إلا في النسيئة) وانظر الفتح 4/381، ومسلم 3/1218، وشرح النووي 11/24].

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ”كان معتمد ابن عباس وابن عمر حديث أسامة بن زيد ”إنما الربا في النسيئة“ ثم رجع ابن عمر وابن عباس عن ذلك، وقالا بتحريم بيع الجنس بعضه ببعض، متفاضلا حين بلغهما حديث أبي سعيد كما ذكره مسلم من رجوعهما صريحاً، وهذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تدلّ على أن ابن عمر وابن عباس لم يكن بلغهما حديث النهي عن التفضل في غير النسيئة، فلما بلغهما رجعا إليه.

وأما حديث أسامة ”لا ربا إلا في النسيئة“ فقال قائلون: بأنه منسوخ بهذه الأحاديث، وقد أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره وهذا يدل على نسخه“ [شرح النووي 11/25].

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: ”اتفق العلماء على صحة حديث أسامة واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد. فقيل: منسوخ. لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

وقيل: المعنى في قوله: (لا ربا) الربا الأغلظ الشديد المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل. وأيضاً نفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم فيقدم عليه حديث أبي سعيد، لأن دلالته بالمنطوق ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر كما تقدّم. والله أعلم“ [فتح الباري بشرح صحيح البخاري 4/382].

فاتّضح مما تقدّم تحريم: ربا الفضل، وربا النسيئة فلا إشكال في ذلك ولله الحمد.