عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-13, 10:14 AM   رقم المشاركة : 9
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


التبيان في الردّ على ضلالات صلاح أبو عرفة الجديدة في معنى الأئمة المضلّين

.
أتعب داعيةُ الضلالة صلاح أبو عرفة نفسه كثيرا في الردّ على ما كتبتُه تفنيدا لكلامه حول معنى الأئمة المضلّين، إذ أتيتُ بالسنن الواضحة الصحيحة، فردّها صلاح أبو عرفة في درس خصّصه لذلك بهواه ورأيه، وعجبا لمن يدّعي اتّباع السنن كيف “يلفّ ويدور” في تأويلات فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان كي يردّ السنن القاطعة لمجرد أنها تخالف داعية هواه! (اضغط هنا لقراءة مقالنا السابق في الرد على أبي عرفة).
وبعيدًا عن “سوء الخلق” الذي تميّز به صلاح أبو عرفة في ردّه هذا (أنظر الفيديو أعلاه)، والذي خالف فيه هديَ المصطفى في الدعوة والإرشاد، وخالف فيه السنن النبويّة، وبعيدًا عن تحامله الظاهر الذي جعله يفرغ دقائق كثيرة من ردّه المتهافت على إثبات حرمة قول الشعر على الإطلاق، إلا بشروط ابتدعها ما سبقه إليها أحد من أئمة الدين (حيث فصّل العلماء بناء على فهمهم الصحيح للنصوص التي تتعلّق بالشعر في القرآن والسنّة، وبيّنوا متى يحرم قوله، إن كان كذبا، وتحدّثوا عن قوله في المساجد، أمّا قول الشعر مع الالتزام بضوابطه الشرعية فلا حرج فيه، أمّا صلاح أبو عرفة، فأوّل الأحاديث والآيات الواردة على هواه، وأطلق القول في ذمّ الشعر – كلّ الشعر – إلا بشروط ابتدعها من فهم سقيم خالف فيه ما تعارف على قبوله أئمة الدين وعلماء الأمّة منذ عهد الصحابة حتى يومنا هذا!)، أقول بعيدا عن إثارة هذا الموضوع الذي لا علاقة له بموضوع “الأئمة المضلّين”، سوف أردّ بإذن الله في نقاط محدّدة حاسمة على ما أتى به صلاح أبو عرفة من بهتان وضلال في موضوع الأئمة المضلّين، وذلك في ردّه الأخير هذا على مقالنا السالف (انظر الفيديو في الأعلى)، مبيّنا – بإذن الله – جهله المركّب في الموضوع، مع الإشارة إلى أنّه لم يردّ في درسه الطويل الذي استطرد فيه إلى مواضيع جانبيّة كثيرة وإلى الذمّ فيّ إلا على دليل واحد ممّا أوردتُ لبيان معنى الأئمّة المضلّين، وتغافل عن غيره من الأحاديث!

- أولا: أحبّ أن أبيّن الهدف الأساسي من نشري للمقال الأول، ولاستكمال الردّ على ما جاء به أبو عرفة من ضلال جديد في معنى الأئمة المضلّين، وهو أنّ الرجل معروف في ردّ صفة الأئمة المضلّين عن الحكّام الذين يحكمون الأمّة بالكفر والظلم، زاعما أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام لم يخوّفنا من الولاة الظلمة، أو الحكّام الجائرين (وهو كذب سيأتي بيانه)، ومعروف كذلك في تحريم منازعة أولئك الحكّام بدعاوى كثيرة، ومن أهمّ مرتكزات خطابه الموجّه نحو التقريع لبعض العلماء المعاصرين هو استحضار أحاديث التخويف من الأئمة المضلّين، وإسقاط دلالتها على هؤلاء العلماء ممّن يختار هو بناء على فهمه، والأصل أنّ معنى الأئمة كما ورد في السنن والآثار الصحيحة هم رؤساء القوم ممّن يأمرون فيُطاعون، وليسوا في الأصل هم الدعاة من العلماء الذين يدعون إلى بدع وضلالات، ولئنْ كان هؤلاء يدخلون في معنى “الأئمة المضلّين” إنْ كانوا ممّن “يأمرون بمخالفة الشرع وبالضلالات فيُطاعون”، وهذا ممّا بيّناه ولم ننكرْهُ في مقالنا السابق في الردّ على ضلالة أبي عرفة، وإنّما أنكر أبو عرفة أن يكون الحكّام المعاصرون داخلين في معنى الأئمّة المضلّين، حتى يُبعد عنهم معنى التخويف منهم في السنن الثابتة، ويردّه – كما أوردهُ جهله بالسنن – إلى العلماء الذين يدعون إلى ضلالات (من وجهة نظره وفهمه)، فطرحُنا في نقد خطاب الرجل “واقعيّ” بصفة أساسية، لأنّه يمسّ قضيّة حيويّة بالنسبة لهذه الأمّة، مع ما تعيشه من حراك شعبي في أهمّ بلدان العالم العربي، ونرى في الرجّل عاملا مخذّلا عن رفع الظلم عن هذه الأمّة، وشقّ الطريق نحوَ التمكين لها؛ لابتعاده عن السنن والهدي النبويّ في هذه القضايا (راجع في آخر المقال رابط بحث شرعيّ في ردّ ضلالات صلاح أبي عرفة بخصوص العلاقة بين المحكومين والحكّام، وفيه بيان شاف للسنّن المتعلّقه بهذا الموضوع، مع دحض لشبهات أبي عرفة وأمثاله ممّن نسأل لهم الهداية).

- ثانيا: نتساءل: لماذا أعرض صلاح أبو عرفة عن ذكر اسمي (شريف محمد جابر) في ردّه؟ أو على الأقل عن ذكر اسم الموقع الذي ورد فيه الردّ عليه (مدونة أضواء)؟ أليس ذكر اسمي أو اسم الموقع أحرى لتمام “موضوعيّة” الردّ و”نزاهته”؟ فيذهب الحاضرون ليقرأوا ما كتبتُ، فينظرون فيه دون أيّ تأثير من أبي عرفة، أو أيّ إخفاءٍ لِما أوردتُ من أدلّة أخرى لم يذكرْها – مع الأسف – في ردّه الجديد! وهذا هو الواقع؛ لقد أطنب أبو عرفة في الردّ (بجهل) على الأثر الصحيح الذي أوردناه عن الصحابيّ الجليل عمر بن الخطّاب، وتغافل عن بقيّة الأدلّة الحاسمة التي أوردناها في مقالنا! ومنها بيان الصحابيّ الجليل أبي بكر الصدّيق حول معنى “الأئمة” حين سُئل عنه، وسوف نورده مرة أخرى في سياق هذا الردّ بإذن الله، بيانا للحقّ، وإبطالا للباطل.

- ثالثا: حاول صلاح أبو عرفة دفعَ ما بيّناه من جهله حين قال في المقطع الذي أوردناه في المقال السابق: بأن “كلّ أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام في التخويف كانت في الأئمة المضلين”، قال أبو عرفة في ردّه الجديد (بعد الدقيقة 15:00 من المقطع في الأعلى): إنما كان يتحدّث في باب معيّن، هو باب الأئمّة، وإنّه لم يقصد التعميم، وإنّه أعلم بالسنن من علمي بالشعر! ورغم أنّ الجملة التي قالها واضحة في “التعميم” على كلّ أحاديث الرسول، دون تحديد القول بباب “الأئمة”، رغم ذلك فلنتجاوز عن “زلّة” أبي عرفة، ولنظْهر له جهله المركّب بالسنن الصحيحة؛ فقد بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح رواه أبو محجن أنّه يخاف على أمّته ظلم الأئمة وجورهم! بخلاف ما قال صلاح أبو عرفة من أنّه عليه الصلاة والسلام ما خوّف من الأئمة الظلمة! جاء في الحديث عن أبي محجن: “أخاف على أمتي من بعدي ثلاث: حيف الأئمة، و إيمانا بالنجوم، و تكذيبا بالقدر” (صحّحه الإمام الألباني في صحيح الجامع)، والحيف هو: المَيْلُ في الحُكم، والجَوْرُ والظُّلم، فهذا حديث صحيح ثابت في التخويف من “أئمة الجور”، الذين هم الحكّام والسلاطين، ممّن يأمرون فيُطاعون، أي: بخلاف ما قال صلاح أبو عرفة عن جهل منه من أنّ الرسول عليه الصلاة ما خوّف أمّته – في باب الأئمة – إلا من الأئمّة المضلّين، بخلاف ما قال، فإن السنن تثبتُ تخويف الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أئمّة الجور والظلم، أي الحكّام الظلمة، مما يدلّ بشكل واضح أنّ أئمة الضلال المقصودين بالتخويف منهم في الأحاديث الأخرى، هم نفسهم الأئمة – الحكّام أولي الأمر، الذين يأمرون فيطاعون، فيضلّون الأمّة بحكمهم المُعرض عن الالتزام بالشرع الحنيف. ولا أدري ما الداعي للتفريق – المبتدع عند أبي عرفة – بين الجور والظلم والضلالة، أفلا يكون الحاكم الظالم بذاته ضالاّ مضلاّ للأمّة بما يمتلك من أجهزة الإضلال؟ سيأتي بيان ذلك في النقاط القادمة بإذن الله.
- رابعا: غالط صلاح أبو عرفة مرّة أخرى (بعد الدقيقة 16:00) في ردّه للرواية الصحيحة التي أوردناها عن عمر بن الخطّاب، ونصّ الرواية: “عن زياد بن حدير بسند صحيح: “قال لي عمر بن الخطاب: يا زياد هل تدري ما يهدم دعائم الإسلام؟ قلت: لا. قال: زلّة العالم وجدال المنافق بالقرآن وحُكم الأئمة المضلين” (صحّحها الإمام الألباني في تخريج مشكاة المصابيح). وحجّته في ردّ ما جاءت به هذه الرواية التي أوردها الدارمي أنّها وردت في 6 كتب أخرى، دون ذكر “حكم الأئمة المضلّين”، بل بـ “الأئمة المضلّين” فحسب، قال أبو عرفة إنّ: “رواية الحكم مخالفة للجماعة، هي التي زادت وشذّت”. والحقّ أنّ أبو عرفة يغالط هنا، فهو يوهم السامع أنّ رواية الإمام الدارمي التي جاء فيها لفظ “حكم الأئمة المضلّين” قد “خالفت” سائر الروايات الأخرى، والحقّ أنّها لم “تخالف”، وإنما “اختلفت” عن سائر الروايات، والفرق شاسع لمن لديه أدنى ذرّة من فهم! ذلك أنّ “الاختلاف” في معنى الرواية عن الروايات الأخرى لم يؤدّ إلى “مخالفة” ما ورد في تلك الروايات، وإنّما زادت هذه الرواية “معنى جديدا” لم يُذكر في تلك الروايات، وهي رواية صحيحة باعتراف أبي عرفة، فالمعنى الزائد في هذه الرواية هو أنّ حكم هؤلاء الأئمة المضلّين ممّا يهدم دعائم الإسلام، فيتبيّن من خلالها أنّ الأئمّة المضلّين المذكورين في سائر الروايات هم “حكّام”، أي هذا معنى زائد في تلك الرواية الصحيحة، ولا “يتناقض” هذا المعنى مع ما ورد في الروايات الأخرى، ويُفسّر معنى “الأئمة المضلّين” الذي ورد في تلك الروايات على ضوء تلك الرواية الصحيحة، فبأيّ حقّ يردّ صلاح أبو عرفة معنى ورد في رواية صحيحة؟ أم هو أسلوب المعتزلة والفرق المبتدعة التي ترد الآثار والسنن لمجرّد أنها خالفت داعية هواهم، أو مقدّمات عقليّة اعتقدوا بها؟! فهنا كان “التدليس” عند أبي عرفة؛ إذ أوهم السامع أنّ الرواية “تخالف” سائر الروايات، بمعنى “المناقضة”، فردّ ما فيها زعما أنه ربما يكون وهمًا من الراوي! والحقّ أنه “بيانٌ زائد” لمعنى الأئمة المضلّين، وما هم على وجه الحقيقة، جاء من طريق هذه الرواية الصحيحة، فلا يجوز ردّه دون مسوّغ شرعي كما فعل صلاح أبو عرفة جهلا منه. ثم يستمرّ أبو عرفة في ضلاله فيقول إنّ الأصل كذلك أن نقدّم كلام نبيّ عمر عليه الصلاة والسلام على كلام عمر، وقد جاء في الحديث “الأئمة المضلّون” دون ذكر لفظ “حكم”! ومرّة أخرى نقول: إنّ زيادة معنى “الحكم” ونسبته للأئمّة المضلّين لا يتناقض ولا يخالف الأحاديث التي تخوّف من الأئمة المضلّين، وإنّما هو “بيان زائد” جاء في تلك الرواية، نفهم على ضوئه من هم هؤلاء الأئمة، فيتّضح لنا أنّهم الحكّام أولوا الأمر ممّن يأمرون فيُطاعون. ثمّ إنّ الحديث النبويّ لم يقل: “يهدم دعائم الإسلام…” كما جاء في الرواية عن عمر بن الخطّاب، بل جاء فيه “أخوف ما أخاف على أمّتي”، ففي الحديث يخوّف من الأئمة المضلّين، وفي الأثر عن عمر بن الخطّاب يبيّن ما يهدم دعائم الإسلام! فأين وجه التناقض والمخالفة على وجه الحقيقة؟! إنّها مجرّد ضلالة جديدة يخرج بها علينا أبو عرفة هداه الله!
- خامسا: يقول أبو عرفة (بعد الدقيقة 26:00): “كل سلطان إمام، ويكون آمرًا وواليًا، ولكن النبيّ يسمّيه إماما، ويسمّيه واليًا، ويسمّيه أميرًا، فإذا سمّاه أميرًا يريد به ما يأمر وينهى، وإذا سمّاه واليًا من ولايته على النّاس… والإمام إذا أمّهم للشيء، ودعاهم لشيء وسبقهم إليه… فلمّا يقول النبي: إمام ضلالة، ومرة قال: إمام عدل… (يذكر الحديث).. هون النبي يريد به الأمير الذي حكم فأقسط، ولا يريدُ به العالمَ الذي دعا إلى هدى فصدق”.. ويقول: “أنتم تريدون من سلاطينكم الهدى أم القسط؟ فيردّ الحاضرون: القسط”.. ويقول: “أما الضلالة لا تكون إلا لمن لزم به الهدى فأضلّ الناس، وهل الهدى عند الأمراء أم عند العلماء؟”. ويقول (بعد الدقيقة 35:00) إنّ العلماء الذين جرّأوا الناس على الخروج على الحاكم لأنّه ضال؟ أو أضلّ الناس عن الدين؟ وقال: “أصلا لو أضلّنا السلاطين عن الدين فأين العلماء؟”. وضرب مثالا بمبارك الرئيس المخلوع، وقال أين الأزهر؟.. وقال إنّ الذين يضلّون الأمّة بالقرآن هم الأحبار والعلماء، وهم الأئمّة المضلّون.. وقال في موضع آخر: “هذولا السلاطين والأمراء، حكمونا بإضلالهم لنا أم بجبرهم علينا.. بجبرهم”.. وقال بعد ذلك: “فكلّ ما فعله السلاطين اليوم جبر وقهر، أخذ واستئثار، وسجون وقيود، وهيبة ورهبة..”. وتساءل: مَن مِن السلاطين قام ليحدّثكم؟ وضرب بمثال القذّافي كنموذج استثنائي، باعتبار أنّ سائر السلاطين ليسوا مثله في الإضلال! وهكذا يمضي أبو عرفة في مغالطاته مرّة بعد مرّة؛ ليصرف شبهة الإضلال عن حكّام المسلمين غير الشرعيّين اليوم، والحقّ أنّ ما أوردناه من أدلّة سابقة كافٍ في ردّ شبهات أبي عرفة؛ كالحديث الصحيح الذي خاف به الرسول عليه الصلاة والسلام على أمّته من “حيف الأئمّة” وهم أئمّة الظلم والجور، وخاف عليها في الحديث الآخر من “الأئمّة المضلّين”، ورواية عمر بن الخطّاب الصحيحة التي ذكرت “حكمَ الأئمّة المضلّين”. ولكنّنا مع ذلك سوف نبيّن المزيد من الأدلّة القاطعة في بطلان كلام أبي عرفة، ومن ذلك الحديث الذي أوردناه في المقال السابق عن أبي بكر رضي الله عنه، والذي غفل – أو تغافل – أبو عرفة عن ذكره، وفيه يتحدّد بجلاء معنى “الأئمّة” بشكل عام، وهو ما ذكرناه في المقال السابق بأنّهم: “من يأمرون وينهون فيُطاعون”، وهي صفة الأمراء والأشراف وكبراء القوم وسادتهم، وليست صفة العلماء الذين يدعون إلى هدى أو ضلال، وليس لهم صفة “يأمرون وينهون فيُطاعون”، فإذا كانت لهم تلك الصفة دخلوا في معنى الأئمّة، فقد جاء في صحيح البخاري عن قيس بن أبي حازم: “دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلم، فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة، قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، قالت: أيّ المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنّك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف، يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس”. (صحيح البخاري) وفي الحديث دلالة واضحة تتناسق مع دلالة الحديث النبويّ الذي يخوّف من “الأئمّة المضلّين”، فيقول أبو بكر عن الأمر الصالح: “بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم”، ويبيّن معنى الأئمة بقوله: “أما كان لقومك رؤوس وأشراف، يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس”. وهذا يفسّر ذلك التخويف الشديد الذي خوّفنا به الرسول عليه الصلاة والسلام من الأئمّة المضلّين، فهم أولئك الذين ذكرهم الصحابي الجليل أبو بكر رضي الله عنه، والذين إذا استقاموا بقي الأمر الصالح في الأمة، فإذا انحرفوا عن جادة الحقّ وضلّوا وأضلّوا، يذهب بانحرافهم وضلالهم وإضلالهم هذا الأمر الصالح، ويعود بإعادة الاستقامة لهؤلاء الأئمّة (راجع رابط البحث في آخر المقال بعنوان “المناطات المختلفة لعلاقة المحكومين بالحكّام”)، وهؤلاء الأئمّة هم الرؤوس والأشراف الذين يأمرون فيُطاعون، كما بيّن أبو بكر رضي الله عنه، وهو المعنى الذي يتوافق مع ما ورد في الأحاديث النبويّة، ويتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم، فقد قال تعالى في سورة الأحزاب: “وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا” (الأحزاب: 67). فقد نسب الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم “الإضلال” للسادة والكبراء الذين يأمرون فيُطاعون، وهم الأئمة ورؤوس القوم، وهذا هو معنى الأئمة الذي ذكره أبو بكر رضي الله عنه للمرأة التي حجّت مصمتة. فالإمام الآمر الناهي الذي يؤدّي بالنّاس إلى الضلالة إنْ أطاعوه، فهو “مُضلّ” بهذا المعنى. وبهذا يتبيّن أنّ “الهدى” و”الاستقامة” مطلوبة في الأئمة، الذين هم رؤوس القوم، وهم الحكّام والأمراء وكبراء القوم الذين يأمرون فيُطاعون، كما هو في رواية أبي بكر، بخلاف ما ذكر أبو عرفة من أنّ المطلوب منهم “القسط” وليس “الهدى”، وبأنّ هؤلاء الحكّام المعاصرين إنّما ظلموا الناس ولم يضلّوهم! وهو زعم لا يحمل أدنى معرفة بالواقع (ومثل ذلك تساؤلاته التي تنمّ عن جهل عميق كقوله: “أصلا لو أضلّنا السلاطين عن الدين فأين العلماء”، وكقوله: “هذولا السلاطين والأمراء، حكمونا بإضلالهم لنا أم بجبرهم علينا.. بجبرهم”، وغيرها من الضلالات) فالحقّ أنّ حكّام المسلمين في واقعنا المعاصر هذا ما كانوا ليستطيعون التسلّط على الناس دون أدوات “الإضلال” وأجهزته.. وكأنّ أبا عرفة لا يعرف أنّ رؤوس الأزهر في مصر كانوا من “علماء السلاطين” (بل يعرف وذكر ذلك!) وأنّهم كانوا يفتون للناس على هوى الحاكم (الإمام) الذي يريد إضلال الناس، فأضلّوا من وثق بهم، كما فعل د. علي جمعة حين أجاز الامتناع عن أداء صلاة الجمعة في المساجد أثناء الثورة؛ حتى لا يخرج الثوار على وليّ نعمته! وكأنّه لا يعلم أنّ أجهزة الإعلام من محطّات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية كانت ولا زالت قطاعات ضخمة منها بيد أولي الأمر في مصر، بُغية إضلال الناس، وصرفهم عن الحقّ! أليس هذا كلّه من “الإضلال” الذي يُنسب إلى هؤلاء الأئمّة (الحكّام)، أم يتغافل أبو عرفة عن كلّ ذلك؟! وذات الأمر في سوريا، حيث يُضلّ النظام السوري ومن على رأسه من الأئمّة (الحكّام) الناسَ بالدعاوى الكاذبة التي يبثّونها في الفضائية السورية، وقناة “دنيا”، والصحف والمواقع الإلكترونية المؤيّدة والمرتبطة بالنظام الحاكم.. ويضلّهم كذلك بأدواته من “علماء السوء” من أمثال البوطي وحسّون وغيرهم.. فهل كلّ هذا الواقع الضخم من “الإضلال” الذي يمارسه الحكّام (الأئمّة) لا يظهر عند أبي عرفة ومن لفّ لفّه؟!

- سادسا: جاء في الأحاديث النبويّة الحديث عن الأئمة الذين يأمرون فيُطاعون بمعنى “الولاة” أي “الحكّام”، وعلى ضوء الآية السابقة من سورة الأحزاب طاعة هؤلاء فيما يضلّون به الأمّة لا تجوز، وذلك على درجات، منها كره المعصية وعدم طاعة الأمير في المعصية على وجه الخصوص، ومنها نزع الطاعة مطلقا، أي إسقاطُ شرعيّته. فمن أمثلة الأحاديث الواردة في كره المعصية ذاتها ما جاء عن عوف بن مالك الأشجعي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم. وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا. ما أقاموا فيكم الصلاة . لا ما أقاموا فيكم الصلاة . ألا من ولى عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة“ (صحيح مسلم). وهي طاعة مشروطة بأن يقود الأمير (الحاكم) الأمّة بكتاب الله، وذلك لِما جاء عن أم حصين الأحمسيّة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “إن أمّر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله” (صحيح ابن ماجة، وصحّحه الإمام الألباني). ومنها ما جاء في نزع الطاعة مطلقا، وذلك للانحراف الشديد للإمام الحاكم، إذ يعرّفُ الأمّة ما تُنكره، ويُنكرُ عليها ما تعرفه، فهو إمام حاكم يدعو إلى ضلالة، ويحكم بالضلالات، فقد جاء فيه: “عن عبادة بن الصامت من رواية طويلة قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا القاسم محمدًا يقول: إنه سيلي أموركم بعدى رجال يعرّفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله، فلا تعتلوا بربكم” (صحّحه الألباني في صحيح الجامع، والسيوطي في الجامع الصغير بألفاظ متقاربة وذكره ابن كثير في جامع المسانيد والسنن). وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ستكون عليكم أمراء من بعدي، يأمرونكم بما لا تعرفون، و يعملون بما تنكرون، فليس أولئك عليكم بأئمة” (حسّنه السيوطي في الجامع الصغير). عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها قال ابن مسعود: يا رسول الله كيف بي إذا أدركتهم؟ قال: ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله، قالها ثلاث مرات” (ذكره أحمد في مسنده بسند صحيح، وصحّحه أحمد شاكر، والألباني في السلسلة الصحيحة، والذهبي في المهذّب). فهذه الآثار تأمر بنزع الطاعة عن الإمام مطلقا، وإسقاط شرعيّته، في حالات معيّنة، يُضلّ بها الإمام الأمّة، فيتعيّن بطلان طاعته، ممّا يوجب العمل على خلعه، وهي تتناسق بشكل تامّ مع الآية التي ذكرنا من سورة الأحزاب: “وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا” (الأحزاب: 67). فلا عذرَ لمن لزم الطاعة والمتابعة، وحرّم خلع هؤلاء الحكّام ممن يكون وصفهم كما في هذه الأحاديث، بحجّة أنّهم أمراء شرعيّون “مسلمون” لا تجوز منازعتهم!

- سابعًا: نختم بهذه النقطة المحوريّة، والتي نريد بها دفع أبرز ما يدعو له صلاح أبو عرفة في دروسه المتعلّقة بالثورات وبعلاقة المحكومين من المسلمين بحكّامهم، فيوهم أبو عرفة الناس بأنّ الواجب تجاه هؤلاء الحكّام هو “الصبر” وعدم نزع اليد من الطاعة، باعتبار أنهم حكّام “مسلمون”، وإنّما هم “فاسقون” لا يستوجبون العزل، وأنّ الحلّ البديل عن الصبر والطاعة هو القتال والهرج والقتل وإهدار دماء المسلمين، وهو مرفوض.. فهو يحصر المتلقّي عنه بين هذين الاحتمالين؛ إمّا الصبر وإمّا القتال! والحقّ أنّ هناك “مناطات” كثيرة أخرى غير “الصبر”، وغير “القتال” وإسالة الدماء كذلك. وهي مناطات جاءت بها النصوص الصريحة، وقد أوردناها في بحث شرعيّ بعنوان “المناطات المختلفة لعلاقة المحكومين بالحكّام”؛ لنردّ بها أبرز ضلالات صلاح أبي عرفة وجهالاته، ومن لفّ لفّه من دعاة المرجئة المعاصرين، فلا يحسب أبو عرفة أنّه جاء بجديد، وإنّما قال بمقالة المرجئة من حيث يدري أو لا يدري! وأدعو أخيرا كلّ باحث عن الحقّ في هذه القضايا أن يقرأ ردّنا هذا بعمق وإخلاص نيّة، وأن يقرأ بحثنا حول المناطات المختلفة لعلاقة المحكومين بالحكّام، حتّى تستبين له طريق الحقّ، وينكشف له الجهل الذي يقول به أبو عرفة، والذي نتج أساسا – فيما نحسب – من إعراضه عمّا أصّل له علماء هذه الأمّة منذ القدم من أصول الاجتهاد الصحيحة، والتي جمعوها فيما عُرف بـ “أصول الفقه”، فأسقط أبو عرفة – عن جهل منه - مناط الحاكم الفاسق الذي يحكّم شرع الله ويتولّى بولاية الإسلام على الحكّام الحاليّين الذين يمتنعون عن تحكيم الشريعة ويتولّون بغير ولاية الإسلام! وغيرها من البدع والضلالات التي جاء بها هو وغيره في هذا الباب، وبيّنّاها في بحثنا: اضغط هنا لتحميل البحث.

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=4&book=9878

مدونة شريف جابر

http://sharefmg.wordpress.com/2012/0...-%D8%B9%D8%B1/


.
شريف محمد جابر







التوقيع :
دعاء : اللهم أحسن خاتمتي
وأصرف عني ميتة السوء
ولا تقبض روحي إلا وأنت راض عنها .
#

#
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ *قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ* مَا العِلمُ نَصبكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً * بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فُلاَنِ

جامع ملفات ملف الردود على الشبهات

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=83964
من مواضيعي في المنتدى
»» من مخالفات الضال احمد الكبيسي
»» الرد على الميلاني / الشيعة الازورية الحسن و الحسين ليسوا ابناء علي
»» النظام النصيري في سوريا يرتكب "مجزرة" في حمص ذهب ضحيتها عشرات النساء والاطفال
»» فيلم 'سقوط البيت الأبيض'خارطة طريق إلى طهران
»» الحيدري ان النبي يسهو وشيعي يرد عليه