عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-18, 07:41 PM   رقم المشاركة : 6
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


ليس في العراق ما يدعو إلى الاطمئنان إلى مصيره. على السطح هناك دولة فاشلة لا تقوى على القيام بوظيفتها في تصريف شؤون مواطنيها بطريقة عادلة، وتحت السطح هناك أحزاب دأبت منذ خمس عشرة سنة على رعاية مصالحها بعد أن أتيحت لها فرصة السيطرة بشكل مطلق على ثروات البلد لتعتبرها بمثابة تعويضات عن سنوات الإقصاء من السلطة.

لقد علا منسوب الفساد ليرافقه انخفاض لافت في مستوى الخدمات التي صارت تلتهم ما تبقى من البنية التحتية المهدمة حتى وصلا بها إلى مرحلة الاندثار النهائي، فظهرت الفضيحة جلية من خلال ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وانقطاع التيار الكهربائي وتدهور الأوضاع الصحية وانهيار نظام التعليم والعجز عن توفير المياه الصالحة للشرب.

لم تقع تلك الكوارث مجتمعة إلا بسبب الغياب الكلي لمشاريع التنمية. إذ اعتمدت الدولة الجديدة التي اخترعها المحتل الأميركي بما يناسبه من مقاسات على ما ورثته من الدولة التي تم إسقاطها من إنجازات على مستوى البنية التحتية ولم تهتمّ بتحديث تلك البنية، بما يحفظ قدرتها على تلبية حاجات المجتمع الذي لم يكن متطلبا ولا استهلاكيا.

كان الإجهاز على البنية التحتية في بلد مرت عليه حروب عديدة متوقعا، وهو ما لم تنظر إليه الأحزاب الحاكمة في العراق بطريقة جادة، ولم تكن ترى في عواقبه ما يمكن أن يشكل خطرا على استمرار وجودها في السلطة. فهي مطمئنة إلى أن ذلك الوجود مكفول من قبل الولايات المتحدة التي لم تظهر استياءها من قبل في وجه الحماية الإيرانية التي تمتعت بها تلك الأحزاب التي أعفت نفسها من المساءلة القانونية.

لقد تصور رعاة الفساد أن انهيار البنية التحتية لا يمكن أن يهدد دولتهم الفاشلة بالانهيار. وهو تصوّر لم يكن في محله. فبقدر ما يكشف ذلك التصوّر عن سذاجة سياسية، فإنه يؤكد تمكّن الطمع من أولئك الفاسدين بما أصابهم بالعمى الذي حال بينهم وبين رؤية الشعب بحجمه الحقيقي. كان الشعب بالنسبة لهم مجرد حشود قطيعية يمشون بها في المسيرات الجنائزية التي صارت بمثابة مواعيد لإذكاء نار الفتنة الطائفية.