عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-08, 12:02 PM   رقم المشاركة : 3
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


الفصل الثالث‏:‏ في بيان حقيقة الإيمان


الإيمان هو ‏:‏ الدين وهو ‏:‏ اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وعلى ذلك حُكِيَ الإجماع المستند إلى الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة ، عن كل من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين ‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ الفتاوى ‏:‏ 7/209 ‏"‏ ‏:‏

‏"‏ قال الشافعي - رحمه الله تعالى - ‏:‏ وكان الإجماع من الصحابة و التابعين بعدهم ‏,‏ ومن أدركناهم ‏,‏ يقولون ‏:‏ الإيمان قول و عمل و نية ‏,‏ و لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر ‏"‏ انتهى ‏.‏

و قال البخاري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار ‏,‏ فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول و عمل ‏,‏ ويزيد و ينقص ‏"‏ أخرجه اللالكائي في ‏:‏ ‏"‏ أصول الاعتقاد ‏"‏ بسند صحيح ‏.‏

ولجلالة هذه المسألة وأهميتها افتتح الإمام مسلم - رحمه الله تعالى- صحيحه ‏:‏ بـ ‏"‏ كتاب الإيمان ‏"‏ وساقه الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ الكتاب الثاني ‏"‏ من ‏:‏ ‏"‏صحيحه‏"‏ بعد ‏:‏ ‏"‏ كتاب بدء الوحي ‏"‏ وفي هذا تأكيد على أن حقيقة الإيمان هذه مبناها على الوحي و أكثر أبوابه التي عقدها - رحمه الله تعالى - للرد على المرجئة وغيرهم من المخالفين في حقيقة الإيمان ‏,‏ و بعضها للرد على المرجئة خاصة كما في الباب /36 منه ‏[‏ انظر الفتاوى 7/351 ‏]‏ ‏.‏

و لأهميته - أيضا - أفرده الأئمة بالتأليف منهم ‏:‏ أبو عبيد ، وأحمد بن حنبل ، وابن أبي شيبة ، والطحاوي ، وابن منده ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وغيرهم - رحم الله الجميع - ‏.‏

وعلى هذه الحقيقة للإيمان بني المروزي - رحمه الله تعالى - كتابه ‏:‏ ‏"‏ تعظيم قدر الصلاة ‏"‏ و الصلاة هي أعظم الأعمال و أعمها و أولها و أجلها بعد التوحيد ‏,‏ و هي شعار المسلمين ‏,‏ و لهذا يعبر عنهم بها ‏,‏ فيقال ‏:‏ اختلف أهل الصلاة ‏,‏ واختلف أهل القبلة ‏.‏

ولعظم شأنها عنون أبو الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - كتابه في الاعتقاد باسم ‏"‏ مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ‏"‏ أي أن غير المصلي لا يُعَدُّ في خلاف ولا إجماع ‏.‏

والمخالفة في تلك الحقيقة الشرعية للإيمان ‏:‏ ابتداع ، وضلال ، وإعراض عن دلالة نصوص الوحي ، وخرق للإجماع ‏.‏

وإياك ثم إياك - أيها المسلم - أن تغتر بما فاه به بعض الناس من التهوين بواحد من هذه الأسس الخمسة لحقيقة الإيمان لاسيما ما تلقفوه عن الجهمية وغلاة المرجئة من أن ‏"‏ العمل ‏"‏ كمالي في حقيقة الإيمان ليس ركناً فيه وهذا إعراض عن المحكم من كتاب الله - تعالى - في نحو ستين موضعا ‏,‏ مثل قول الله - تعالى - ‏:‏ ‏{‏ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ‏}‏ ‏[‏ الأعراف/43 ‏]‏ ونحوها في السنة كثير ، وخرق لإجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان ‏.


وإياك يا عبدالله من الجنوح إلى الغلو فتهبط - وأنت لا تشعر - في مزالق الخوارج الذين تَبنَّى - في المقابل - مذهبهم بعض نابتة عصرنا ‏.‏

بل إياك ثم إياك أن تجعل أيا من مسائل العقيدة الإسلامية ‏"‏ عقيدة أهل السنة والجماعة ‏"‏ مجالاً للقبول والرد ، والحذف والتصحيح ، بما يشغب به ذو هوى ، أو ينتحله ذو غرض فهي - بحمد الله - حق مجمع عليه فاحذرهم أن يفتنوك ‏.‏ ثبتنا الله جميعا على الإسلام والسنة ، آمين ‏.‏