عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-17, 05:05 AM   رقم المشاركة : 1
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


أتدرون مالمفلس ؟

عن أبي هريرة - رضي الله عنهُ- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتدرون ما المفلسُ؟" قالوا":المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناتهُ قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ، ثم طُرح في النار" رواه مسلم [347].


الشرح

قال المؤلف- رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي هريرة - رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أتدرون ما المفلس؟" الاستفهام هنا للاستعلام الذي يراد به الإخبار؛ لأن المستفهم تارة يستفهم عن جهل ولا يدري فيسأل غيره، وتارة يستفهم لتنبيه المخاطب لما يلقى إليه، أو لتقرير الحكم ،


فمثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر:" أينقص إذا جفّ؟"

يعني الرطب، قالوا :" نعم" فنهى عن ذلك [348].


أما في هذا الحديث فسيخبر الصحابة عن أمر لا يعلمونه ، أو لا يعلمون مراد النبي صلى الله عليه وسمل به، قال : أتدرون من المفلس؟

قالوا يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم عنده ولا متاع ، يعين ليس عنده نقود ولا عنده متاع،


أي : أعيان من المال، أي أن المفلس يعني الفقير، وهذا هو المعروف من المفلس بين الناس ، فإذا قالوا: من المفلس؟ يعني الذي ليس عنده نقود، ولا عنده متاع ، بل هو فقير.


فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة" ،

وفي رواية : " من يأتي بحسان مثل الجبال"


أي يأتي بحسنات عظيمة، فهو عنده ثروة من الحسنات


لكنه يأتي وقد شتم هذا ، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا


أي اعتدى على الناس بأنواع الاعتداء، والناس يريدون أخذ حقهم ،


ما لا يأخذونه في الدنيا يأخذونه في الآخرة، فيقتص لهم منه؛ فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته بالعدل والقصاص بالحق،


فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار، والعياذ بالله.


تنقضي حسناته ، ثواب الصلاة ينتهي، وثواب الزكاة ينتهي، وثواب الصيام ينتهي، كل ما عنده من حسنات ينتهي، فيؤخذ من سيئاتهم ويطرح عليه، ثم يطرح في النار، العياذ بالله..


وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا هو المفلس حقاً ، أما مفلس الدنيا فإن الدنيا تأتي وتذهب ،


ربما يكون الإنسان فقيراً فيمسي غنياً ، أو بالعكس، لكن الإفلاس كل الإفلاس أن يفلس الإنسان من حسناته التي تعب عليها ، وكانت أمامه يوم القيامة يشاهدها، ثم تؤخذ منه لفلان وفلان.


وفي هذا تحذير من العدوان على الخلق ، وأنه يجب على الإنسان أن يؤدي ما للناس في حياته قبل مماته،


حتى يكون القصاص في الدنيا مما يستطيع ،


أما في الآخرة فليس هناك درهم ولا دينارٌ حتي يفدي نفسه، ليس فيه إلا الحسنات،


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم ثم طرح عليه وطرح في النار"


ولكن هذا الحديث لا يعني أنه يخلد في النار، بل يعذب بقدر ما حصل عليه من سيئات الغير التي طرحت عليه، ثم بعد ذلك مآله إلى الجنة؛ لأن المؤمن لا يخلد في النار،


ولكن النار حرها شديد، لا يصبر الإنسان على النار ولو للحظة واحدة،

هذا على نار الدنيا فضلاً عن نار الآخرة، أجار الله وإياكم منها.

شرح رياض الصالحين للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله ..