الشيعة والتشيع في المدينة النبوية
تعريف التشيع ونشأته
قبل التحدث عن الشيعة في المنطقة نُعَرِّف بلفظة الشيعة ونعرض لنشأة التشيع وأهم دوله التي قامت ، بشيء من الإيجاز فنقول :
الشيعة في اللغة : تطلق كلمة الشيعة ويراد بها الأتباع والأعوان والخاصة 0
أما الشيعة في الاصطلاح : الشيعة اسم لكل من فضل عليا على الخلفاء الراشدين قبله -رضي الله عنهم وعنه- ورأى أن أهل البيت أحق بالخلافة 0
متى ظهر التشيع ؟
اختلفت أقوال العلماء من الشيعة وغيرهم في تحديد بدء ظهور التشيع تبعا لاجتهاداتهم :
1- أنه ظهر مبكرا في زمن الرسول r وعلى يديه ، حيث كان يدعو إلى التوحيد ومشايعة علي جنبا إلى جنب وقد تزعم هذا القول : ƒمحمد حسين الزين„ من علماء الشيعة ، وغيره وهو ما ذكره النوبختي أيضا في فرقه وهو ما أكده الخميني أيضا 0 [الشيعة والتشيع/19 ، فرق الشيعة/39 ، الحكومة الإسلامية /136] 0
2- أنه ظهر في معركة الجمل 0حين تواجه علي ، وطلحة والزبير ، وقد تزعم هذا القول ‘‘ابن النديم’’[الفهرست لابن النديم/249]
3-أنه ظهر يوم معركة صفين 0 وهو قول لبعض علماء الشيعة كالخونسابوري ، أبو حمزة ، أبو حاتم 0 كما قال به أيضا غيرهم من العلماء مثل : ابن حزم وأحمد أمين [ الشيعةوالتشيع/25] 0
4- أنه كان بعد مقتل الحسين - رضي الله عنه - 0 وهو قول : كامل مصطفى وهو شيعي حيث زعم أن التشيع بعد مقتل الحسين أصبح له طابع خاص [الصلة بين التصوف والتشيع/23] 0
5-أنه ظهر في آخر أيام عثمان وقوي في عهد علي [رسالة الرد على الرافضة للشيخ محمد بن عبد الوهاب/42] 0
والواقع أن القول الأول الذي قالت به الشيعة مجازفة وكذب صريح لا يقبلة عقل ولا منطق ، فإن الرسولr إنما بعث لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الوثنية إلى التوحيد ، وإلى جمع الكلمة وعدم التحزب 0 والقرآن والسنة مملوءان بالدعوة إلى الله وعدم الفرقة 0
والراجح من هذه الأقوال هو القول الثالث ( أي بعد معركة صفين ) حيث انشقت الخوارج وتحزبوا في النهروان ، ثم ظهر في مقابلهم أتباع وأنصار علي ، حيث بدأت فكرة التشيع تشتد شيئا فشيئا 0 على أنه لا مانع أن يوجد التشيع بمعنى الميل والمناصرة والمحبة للخليفة علي - رضي الله عنه - وأهل بيته قبل ذلك - إذا جازت تسمية هذا تشيعا - لا التشيع بمعناه السياسي عند الشيعة ، فإن هؤلاء ليسوا شيعة أهل البيت ، وإنما هم أعداؤهم ، والناكثون لعهودهم لهم في أكثر من موقف 0
المراحل التي مر بها مفهوم التشيع :
كان مدلول التشيع في بدء الفتنة التي وقعت في عهد علي رضي الله عنه بمعنى المناصرة والوقوف إلى جانب علي - رضي الله عنه - ليأخذ حقه في الخلافة بعد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأن من نازعه فيها فهو مخطئ يجب رده إلى الصواب -ولو بالقوة - وكان هؤلاء من شيعة علي بمعنى أنصاره وأعوانه 0 ومما يذكر لهم هنا أنهم لم يكن فيهم من بغى على المخالفين لهم ، فلم يكفروهم ، ولم يعاملوهم معاملة الكفار ، بل يعتقدون فيهم الإسلام ، وأن الخلاف بينهم لم يتعد وجهة النظر في مسألة سياسية حول الخلافة 0
ولم يقف الأمر عند ذلك المفهوم من الميل إلى علي - رضي الله عنه - ومناصرته إذ انتقل نقلة أخرى تميزت بتفضيل على - رضي الله عنه - على سائر الصحابة ، وحينما علم علي بذلك غضب وتوعد من يفضله على الشيخين بالتعزير ، وإقامة حد الفرية عليه [انظر مختصر التحفة الاثني عشرية/5-6] 0 ثم بدأ التشيع بعد ذلك يأخذ جانب الغلو أكثر والخروج عن الحق ، وبدأ الرفض يظهر ،وبدأت أفكار ابن سبأ تؤتي ثمارها الخبيثة فأخذ هؤلاء يظهرون الشر ، فيسبون الصحابة ويكفرونهم ويتبرأون منهم، ولم يستثنوا منهم إلا القليل ( ثلاثة أو سبعة ) وحكموا على كل من حضر ‘‘غدير خم’’ بالكفر والردة لعدم وفائهم - فيم يزعم هؤلاء ببيعة علي 0 وكان عبد الله بن سبأ هو الذي تولى كبر هذه الدعوة الممقوتة الكافرة ، وقد علم علي بذلك فنفاه إلى المدائن 0
وأخيرا بلغ التشيع عند الغلاة إلى الخروج عن الإسلام ، حيث نادى هؤلاء بألوهية ‘‘علي’’ 0 وقد أحرق علي - رضي الله عنه - كل من ثبت أنه قال بهذا الكفر 0
وانقسمت الشيعة إلى فرق عديدة أوصلها بعض العلماء إلى ما يقارب سبعين فرقة [مختصر التحفة ، القسم الأول].
وبدراسة تلك الفرق يتضح أن منهم الغلاة الذين خرجوا عن الإسلام وهم يدّعونه ويدّعون التشيع ، ومنهم دون ذلك 0 ومن الطبيعي جدا أن يحصل الخلاف بين الشيعة ، شأنهم شأن بقية الفرق أهل الأهواء ، فما داموا قد خرجوا عن النهج الذي ارتضاه الله لعباده ، واستندوا إلى عقولهم وأهوائهم فلا بد أن نتوقع الخلافات خصوصا حينما يكون الخلاف مرادا لذاته 0