4[. ص9 "القدوس: المنزه عن كل وصف يدركه حس أو خيال" ا.هــ]
قول الكاتب "يدركه حس أو خيال" فيه تلبيس شديد فإن ظاهر الكلام التنزيه لكن باطنه التعطيل فأقول: إن أراد الكاتب الصفة- كما هو ظاهر اللفظ- ومعناها فكلامه باطل فإن الله قد تعرف إلينا بصفاته من السمع والبصر ...الخ وهي معان مدركة في الذهن وكذا في الخارج لكن كيفية هذه الصفات هي ما لاتدركه عقولنا, فكل كيفية يراها الخلق أو يتخيلوها فالله عز وجل منزه عنها فهذا الإطلاق منه على طريقة أهل التعطيل.[1]
وهذه العبارة تشابه عبارة الرازي -لكنها من صنع الغزالي كما سيأتي- وقد رد على عبارة الرازي شيخ الإسلام رحمه الله فقال بعد جملة الرازي "فكيف يستبعد في العقل أن يكون خالق المحسوسات منزها عن لواحق الحس وعلائق الخيال":
الوجه الثاني عشر أن قوله لواحق الحس وعلائق الخيال ظاهر لفظه هو ما يلحق الحس ولا يخلو أن يريد به نفي ما يلحق الحس أو المحسوس وما يتعلق بالخيال أو التخيل أو يريد به أنه لا يلحقه الحس ولا يتعلق به الخيال فإن أراد الأول وهو مقتضى اللفظ لزم في ذلك أن كلما يوصف به الحس أو المحسوس أو الخيال أو التخيل لا يوصف به ومعلوم أن ذلك يوصف بأنه موجود وثابت وحق ومعلوم ومذكور وموصوف ونحو ذلك مما لا نزاع في أن الله يوصف به وإن أراد الثاني وهو الذي أراده والله أعلم[2] ا.هـ
[3]
فإن ظن المنصف بعد هذا أني قد تحاملت على الرجل فأنا أنقل له المصدر الذي استقى منه الشعراوي كلامه بل وأنقل له ما فسر به القائل الأول كلامه حتى لا يبقى لك عذر بعدها قال الرازي في المقصد الأسنى:
هو المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم أو يختلج به ضمير أو يقضي به تفكيرا.هـ ثم فسر مراده بهذا النفي فقال:
بل أقول القدوس هو المنزه عن كل وصف من أوصاف الكمال الذي يظنه أكثر الخلق كمالا في حقه....-إلى أن قال- ثم كان غايتهم في الثناء على الله تعالى ووصفه أن وصفوه بما هو أوصاف كمالهم من علم وقدرة وسمع وبصر وكلام وأن نفوا عنه ما هو أوصاف نقصهم والله سبحانه وتعالى منزه عن أوصاف كمالهم كما أنه منزه عن أوصاف نقصهم بل كل صفة تتصور للخلق فهو منزه ومقدس عنها وعما يشبهها ويماثلها ولولا ورود الرخصة والإذن بإطلاقها لم يجز إطلاق أكثرها وقد فهمت معنى هذا في الفصل الرابع من فصول المقدمات فلا حاجة إلى الإعادة تنبيه ا.هــ[4] فأعوذ بالله من التعطيل والتمثيل.
5[.ص10 "الخالق: المبدع لخلقه بإرادته ا.هــ]
هذا فيه قصور فالصواب أن يقال بإرادته وحكمته بل وبقدرته.[ليست موجودة في المشاركة الثانية فأضفتها].
[6. ص10 "الرزاق : خالق الأرزاق, والمتكفل بإيصالها إلى خلقه" ا.هـ]
هذا التعريف فيه رائحة المعتزلة, انظر بيانه بإختصار في التعليق على الخطأ رقم (10).[5]
[7. ص10" القابض: قابض يده عمَّن يشاء من عباده حسب إرادته" ا.هـ]
قلت: "وحكمته" وهذا تعريف من ينفي الحكمة والشيخ لا ينفيها فقد أثبتها في غير موضع من الكتاب وانظر حاشية على فقرة رقم (4).
[8. ص11 "السميع : الذي لا يغيب عنه مسموع" ا.هـ]
قلت: الصواب تعريف اللفظ بما يفيد الإثبات لا بالنفي فهو هنا لم يفدنا في معرفة معنى السمع بل بيَّن أن صفة السمع تشمل كل مسموع.
وعرفها الشيخ هراس رحمه الله "المدرك لجميع الأصوات مهما خفت" ا.هـ [6]فالسمع إذن هو إدراك الأصوات, أما تعريف الشيخ فيشمل تعريف الأشاعرة وهو "العلم بالمسموعات" والفرق دقيق فليتنبه[7].
[9. ص11"الحكَم الذي إليه ترجع الأمور و الأحكام" ا.هـ]
قال الشيخ السعدي رحمه الله " ومن أسمائه الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا، والآخرة بعدله" الخ كلامه فهو سبحانه لا نشك أن الأمور والأحكام ترجع إليه لكن تعريف الحكم بهذا حيدة عن أصل الصفة وهي الحكم بين العباد.
[10. ص11 "العدل: الذي ليس في ملكه خلل" ا.هــ]
هذا تعريف للإسم بأثره فنتيجة لعدله سبحانه فليس في كونه خلل لكن ما هي الصفة التي يشتمل عليها اسم العدل؟ ..هذا هو محل النزاع.
[11. ص11 "المقيت: خالق الأقوات ومقسمها" ا.هــ ]
"المقيت الذي أوصل إلى كل موجود مابه يقتات وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء بحكمه وحمده" ا.هــ السعدي رحمه الله.
وكلامه هنا في تعريف المقيت وكذلك في الرزاق بقوله "خالق الأرزاق" فيه نظر فهذا منهج أهل التعطيل فهو يسير على سير المعتزلة فالمتكلم عندهم خالق الكلام والرزاق خالق الأرزاق والمقيت خالق الأرزاق وهكذا وإن كان اسم الررزاق والمقيت يشتمل على خلق الرزق والقوت لكن الصفة أعم منه فعلى تعريف المؤلف يكون الرزاق فرع من صفة الخلق فقط هذا هو متعلقها والصواب أنها تشمل على أفعال أخرى لله عز وجل فيقال في الرزاق ما قيل في المقيت وقد ذكره الشيخ السعدي في الحاشية المتعلقة بالفقرة رقم (5).
الهامش
[1] والمؤلف كثيرا ما يقع في مثل هذه العبارات التي أظنه يغترفها من كتب الصوفية والجهمية فيتكلم فيما لا يحسن وهو متخبط في باب الأسماء والصفات لا يكاد يستقر على رأي, وهذا لأنه يتكلم بلسان غيره فينقل من كتبهم دون تمحيص وكيف يمحص القول من لا يعرف الصواب من الخطأ فسبحان الله عما يصفون.
[2] وإن كان شيخ الإسلام رحمه الله هنا رجح أن الرازي يريد معنى آخر ظهر له من معرفته بكلام الرازي لكن قد بين اقتضاء اللفظ لما ذكر وبين بطلانه والله أعلم
[3] ج1 الفصل الأول من بيان تلبيس الجهمية..
[4] المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى ج1ص68.
[5] ولا بد لي هنا من نقل كلام الشيخ السعدي رحمه الله فقد أجاد رحمة الله عليه فقال:
ورزقه نوعان:
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاق} {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}.
أحدهما: الرزق النافع الذي لا تبعة فيه وهو موصل للعبد إلى أعلى الغايات،وهو الذي على يد الرسول صلى الله عليه وسلم بهدايته وإرشاده، وهو نوعان أيضا: رزق القلوب بالعلوم النافعة والإيمان الصحيح، فإن القلوب لا تصلح وتفلح ولا تشبع حتى يحصل لها العلم بالحقائق النافعة والعقائد الصائبة، ثم التخلق بالأخلاق الجميلة، والتنزه عن الأخلاق الرذيلة، وما جاء به الرسول كفيل بالأمرين على أكمل وجه بلا طريق لها إلا من طريقه.
والنوع الثاني: أن يغني الله عبده بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
والأول هو المقصود الأعظم وهذا وسيلة إليه ومعين له فإذا رزق الله العبد العلم النافع والإيمان الصحيح والرزق الحلال والقناعة بما أعطاه الله منه، فقد تمت أموره واستقامت أحواله الدينية والبدنية وهذا النوع من الرزق هو الذي مدحته النصوص النبوية واشتملت عليه الأدعية النافعة.
وأما النوع الثاني، وهو إيصال الباري جميع الأقوات التي تتغذي بها المخلوقات برها وفاجرها المكلفون وغيرهم فهذا قد يكون من الحرام كما يكون من الحلال،وهذا فصل النزاع في مسألة هل الحرام يسمى رزقاً أم لا، فإن أريد النوع الأول وهو الرزق المطلق الذي لا تبعة فيه فلا يدخل فيه الحرام فإن العبد إذا سأل ربه أن يرزقه فلا يريد به إلا الرزق النافع في الدين، والبدن وهو النوع الأول، وإن أريد به مطلق الرزق - وهو النوع الثاني - فهو داخل فيه، فما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها.
ومثل هذا يقال في النعمة والرحمة ونحوها"ا.هـ بواسطه دراسة حول منهج الشيخ السعدي في الأسماء والصفات.
[6] انظر تعريفهم والرد عليه شرح الواسطية لهراس 102-103.
[7] فهذا تنبيه لمن يظن أن الأشاعرة يثبتون السبع الصفات كإثبات أهل السنة, فإن الأشاعرة وافقوا أهل السنة في أصل الإثبات –أي في السبع الصفات- ثم لم يلبثوا أن خالفوهم في صورة هذا الإثبات.