عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-15, 04:11 PM   رقم المشاركة : 1
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


الأخطبوط الباطني الذي كبّل سوريا

سمير الزبن
الأخطبوط الباطني الذي كبّل سوريا
الرئيس حافظ الأسد استقبل الزعبي يوم تعيينه. التفت الأسد الى مرافقه وقال له: «بتأخذ محمود وبتشتري له مجموعة بدلات وقمصان وربطات عنق، وبتشتري له حذاء بلا رباط». اعترض الزعبي قائلا: «لكن يا سيادة الرئيس أن بحب الحذاء برباط». فقال الأسد: «لا. اشترِ له حذاء بلا رباط». سأل الزعبي: «ممكن أعرف لماذا يا سيادة الرئيس؟!» فردّ الأسد: «انا ما بدي اياك لا تحل ولا تربط».
من المعروف أن الأسد حمّل كل مآسي وأزمات البلد لهذا الرجل الصورة، الذي تمت تصفيته، يقال إن السبب كان اعتراضه على بشار، مع أنه من المشكوك فيه أن يكون الزعبي اعترض بأي شكل من الأشكال، فلم يُعرف له موقف فعلي من أي شيء، منذ كان رئيساً لمجلس الشعب حتى قضى في العام 2000 منحوراً.
عشرات القصص عن تدخل المخابرات في كل تفصيل من حياة البشر، من تراخيص البسطات والمحلات، مروراً بالملاهي الليلة، وصولاً الى أي تعيين في أي وظيفة حكومية مهما كان مستواها. اخترقت الأجهزة الأمنية حياة المواطنين، وربطت حياتهم وأرزاقهم في التعاون معها، وإلا كان انقطاع الرزق هو المصير الطبيعي لعدم التعاون، إن لم تتم ملاحقته. كان هناك مهن في سوريا لا يمكن ممارستها من دون العمل مع الأجهزة الأمنية، مثل، سماسرة العقارات، تجار العملة السوداء، الأغلبية الساحقة من مفترشي الأرصفة. وإذا كنت تريد أن تنجح في أي مهنة، لا يمكن ذلك من دون تسهيلات من الأجهزة الأمنية، وهو ما يستدعي تقديم خدمات متبادلة. وما تشتغل به هذه الأجهزة، هو جمع المعلومات عن البشر، معلومات تبحث أساسا في نواياهم السياسية،
تشكلت بنية السلطة في سوريا من طبقتين، الأولى خارجية ظاهرة، والثانية باطنية. الأولى ممثلة في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية... ممثلة في الوزارات والمحاكم والجيش والشرطة والصحافة ومؤسسات الدولة واداراتها والهيئات المحلية والبلدية
الرئيس هو الرجل الأول والأخير في الدولة، لأنه لا يوجد رجل ثان، الباقون كلهم يعملون عند الطاغية، لا يعملون معه. الطاغية لا يمسك بالسلطة
الأجهزة الأمنية هي أداة الحكم الفعالة التي استخدمها الأسد الأب لترسيخ سلطته، ولأنه يدرك أنها، تصلح لحماية النظام، ولا تصلح للانقلاب عليه، فقد حولها الى أخطبوط غير مرئي يتحكم بكل مفاصل البلد، وبقيّ هو المتحكم الوحيد بهذا الأخطبوط الذي هندسه، وفق تحكم طائفي معين داخل الأجهزة الأمنية ذاتها، وهذا اللون الطائفي شكل باطن الباطن في الأجهزة الأمنية، وكان باطن الباطن هو الجوزة الطائفية الصلبة لسلطة الأسد الأب، العصية على الكسر، والتي حافظت على تماسكها، بعد أربع سنوات من القمع الوحشي والدموي، الذي مارسه الأسد الابن
طوال حكم عائلة الأسد لسوريا بقي الباطن، وباطن الباطن مخفيان عن الأنظار. فالأجهزة الأمنية موجودة وقوية وفعالية، لكنها في النهاية غير موجودة في المشهد العلني. فمن غير المسموح لضباط الأجهزة الأمنية الظهور على وسائل الإعلام،
فهذه الأجهزة هي من يختار المسؤولين الذين يشغلون المناصب من كل المستويات، وزراء، نواب، مدراء عامين، أعضاء مجالس محلية، موظفين، وحتى موظفي النظافة