عرض مشاركة واحدة
قديم 20-11-12, 01:57 AM   رقم المشاركة : 5
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


وبعد: فقد رأينا كيف حرص الشارع على ترسيخ هذه القاعدة في نفوس الناس،
والدارس المتعمق لهذه القضية في النصوص الشرعية وأحوال الرسل والأنبياء
لا يتردد لحظة أن يخرج بقاعدة مفادها أن:



«أصل التوحيد سؤال الله - تعالى -،
وأصل الشرك سؤال غير الله تعالى».




تشرَّب الصحابة تلك القاعدة العظيمة،
فتلاشى من بينهم التنازع والتناحر على الدنيا، وأخلصوا عملهم لله - تعالى -،
وكان ذلك من أهم أسباب ثباتهم على دينهم من بعده.



لما مات - صلى الله عليه وسلم - قام تلميذه الأول أبو بكر - رضي الله عنه - في الناس خطيباً فقال:


«أما بعد: من كان منكم يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات،
ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت،


قال - تعالى -:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
[آل عمران: 144]».




فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم
أن يعبدوا الله وحده، ويسألوه وحده كل شيء:


«ليسأل أحدكم ربه حاجاته كلها، حتى شسع نعله إذا انقطع».




فلـما مـات كانـت قلـوبهم قد اتصـلت بـربهـا الحـي الـذي لا يمـوت،
فتـسلت وصـبرت وثـبتـت فـلم تنـتكس،
وقـامـت بمـا علـيها من واجب تجاه ديـنـها،
ولـو كـان النـبـي - صلى الله عليه وسلم - ربـاهم على التعلـق بـه لا بـالـلـه - تعالى -
لما كان منهم ذلك، بل لما انتشر الدين، ولما عزّ الإسلام من بعد.




إن الصحابة عاشوا وهم يحملون في قلوبهم تعظيم الله وحده والثقة به،
وسؤاله على الدوام كل صغيرة وكبيرة؛
ولذا كانوا نموذجاً فريداً في التاريخ
من حيث التحمل والصبر والبذل والثقة بالله - تعالى - والإيمان.




ـ لما كتب أبو عبيدة عام اليرموك إلى عمر يستنصره على الكفار،
ويخبره أنه قد نزل بهم جموع لا طاقة لهم بها،
فلما وصل كتابه بكى الناس،
وكان من أشدهم عبد الرحمن بن عوف، وأشار على عمر أن يخرج بالناس،
فرأى عمـر أن ذلـك لا يمكن،
فكتب إلى أبي عبيدة يقول:


«مهما ينزل بامرئ مسلم من شدة،
فيُنزلها بالله، يجعل الله له فرجاً ومخرجاً؛
فإذا جاءك كتابي هذا فاستعن بالله وقاتلهم».




إن موقف عمر - رضي الله عنه - يعد في ميزان كثير من الناس
إلقاءً بالنفس إلى التهلكة، وتعرضاً للهزيمة المؤكدة،
لكن عمر كان يعلم أن النصـر من الله - تعالى -،



ولأن قلبه معلـق باللـه - تعالى - لم يتعود إلا سؤاله،
ولم يغفل في تلك اللحظة الحرجة حين جاءه الكتاب عن الحقيقة التي تربى عليها،
وتذكر أن اللـه - تعالى - فوق كل شيء،
وقال ما قال بثـقة كاملة وإيمـان راسخ.






من مواضيعي في المنتدى
»» أصل التوحيد - بقلم الشيخ لطف الله خوجه
»» عقيدة أهل السنة للرازيين - فضيلة الشيخ عبد العزيز الطريفي
»» ( بلغوا عني ولو آية )
»» كمال العبودية
»» ابن عربي - عقيدته وموقف علماء المسلمين منه