عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-12, 06:19 AM   رقم المشاركة : 12
جاسمكو
عضو ماسي






جاسمكو غير متصل

جاسمكو is on a distinguished road


الشيعة واستراتيجية “الدجاجة”

عبد الله الفقير

من كتـــــّاب موقع بوّابــتي

يحكى ان رجلا بصيرا دعى الله ان يرد اليه بصره ولو للحظة واحدة لكي يتنعم بما خلق الله ويتعرف على الاشياء التي حوله,فاستجاب له ربه ورد عليه بصره للحظة واحدة,ففتح البصير عينه فراى امامه “دجاجة” فقال ما هذا قالوا له هذه هي” الدجاجة”.ثم انتهت اللحظة وخطف منه بصره,وعاد المبصر بصيرا. فكان ذلك البصير بعد ذلك كلما تكلم الناس عن شيء في هذا الكون قال لهم :
هل يشبه ذلك الشيء الذي تتكلمون عنه الدجاجة؟
وهل هو بحجم الدجاجة؟
وهل الوانه بلون الدجاجة؟
وهل له ذيل كذيل الدجاجة؟.
قصة طريفة من نسج الخيال لكنها تحمل من الدلائل والعبر ما تعجز عنه الكثير من قصص الواقع عن تحقيقه,وتكمن طرافتها بالنسبة لي تحديدا في انها استطاعت ان وتصور حال الشيعة وعقولهم وبصيرتهم اصدق تصوير .فالشيعة لايرون في هذا الكون غير “الشيعة” وسادة الشيعة ومراجع الشيعة وساسة الشيعة وكل ما كان لاحقته كلمة”الشيعة” او”الشيعي” والقابها وما دل عليها مثل”السيد” و”الموسوي” و”الجعفري”,اما غير ذلك فلا يرونه حتى لو كان من الجبال الراسيات ! وتلك هي مشكلة اخرى تضاف الى مشاكل “مورفولوجيا”العقل الشيعي التي ذكرنا حتى الان اربع منها في كتابات سابقة ,والتي تشكل على اساسها العقل الشيعي الذي نرى بعض تجلياته اليوم في مقتدة وعبد العزيز الحكيم وغيرهم. ذات مرة وفي ايام صدام السالفة كنت راكبا في احد باصات الاجرة “نفرات” وحدث ان دار بين الناس كلام في الدين ثم تخصص الحديث في قضية حجاب المرأة وكان احد المتكلمين يضرب الامثلة ويسرد الايات القرانية والاحاديث النبوية فما كان من احده الركاب الا ان قال”لكن السيد الصدر يقول ان على المراءة ان تتحجب” .فاستدار اليه المتكلم الاول وقال له: اقول لك قال الله وامر الرسول بحجاب المرأة ثم تقول لي “قال الصدر!!”..”شنو انتو ما تشوفون غير الصدر؟!”.بالفعل ,لا يرى الشيعة غير سادتهم ولا يقراؤون لغير مراجعهم ولا يثقون بعقولا غير عقول اسيادهم مهما كانت عقول اولئك السادة ساذجة وتافهة واكثر الاحيان “شيطانية”!. ذات مرة ذكرت امام مجموعة من “المثقفين ” حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم ,فاعجبت كلمات الحديث احد اساتذة الجامعة “الشيعي” فقال : “الله (من شدة الاعجاب)…هذا كلام سيدنا “علي” عليه السلام اليس كذلك؟”

قلت له: الا تعرف في هذا الكون رجلا اعظم او ابلغ من علي؟,اليس هنالك رسولا يُسمى محمد(صلى عليك الله يا رسول الله) هو الذي تقولون عنه “اللهم صل على محمد وآل محمد” ام انكم لا ترون غير “آل” وتنسون محمدا؟!!. تتعجب عندما تجد الشيعة يكتبون “حبكم في القلب يا آل طه”ثم تسال ومن يحب طه اذا كان القوم منصرفون في حب آله ونسيان ذاته؟! يطالعنا كثير من الكتاب والمحللين اليوم بكتابات ومقالات يستطيع حتى الاعمى ان يدرك ان هؤلاء المتكلمين والكتاب تنطبق عليهم “ستراتيجية الدجاجة” بلا منازع!. فماذا معنى ان يكتب احدهم :
“ان جيش المهدي هو الوحيد الذي قال للامريكان كلا”؟
او”ان جيش المهدي هو الوحيد الذي قاتل الامريكان”!
او”ان مقتدى هو الوحيد الرجل العقائدي”!
ولا يقتصر الامر على عصابة المهدي او عباد الولي الفقيه بل ينسحب الامر على عموم الشيعة ومن يتكلم نيابة عنهم.

فتراهم لا يرون غير حزب الله مقاوما!,ولا يرون غير الخميني مجددا!,ولا يرون غير الصدر مفكرا!,ولا يرون غير الحسين ثائرا على الحاكم الظالم!,ولا يرون غير علي من آمن بالرسول ودافع عنه!. والكل يعلم ان عصابة مقتدة لم ترفع السلاح بوجه الامريكان الا بعد ان طالب الامريكان بمحاكمة مقتدة بسبب قتله لـ”عبد المجيد الخوئي” ذلك القتل الذي لم يكن له أي علاقة بالاحتلال لا من قريب ولا من بعيد,وليته قتله لانه”عميل”للامريكان لكان ذلك اولى بتقدير مقتدة.وقد خرج انصار مقتدة في مسيرات عديدة احتجاج على اغلاق الامريكان لصحيفة”الحوزة الناطقة” التابعة لهم فيما لم يخرجوا بمسيرة واحدة قبل ذلك تنديدا بالاحتلال او للمطالبة باخراجه!.وحتى معارك النجف الاولى لم تكن الا دفاعا عن مقتدة وليس دفاعا عن العراق او مقاومة للاحتلال.ثم الم يصرح مقتدة اكثر من مرة بانه شكل جيش المهدي للدفاع عن الاضرحة الشيعية وان ليس لديه القدرة او السلاح لمقاتلة الامريكان؟! ثم الم يقل اكثر من مرة هو وعباده ان مقاومته سلمية وسياسية وانه ضد استخدام السلاح؟! ثم الم يقل ان السلاح الذي يملكه جيش المهدي هو السلاح الشخصي الذي يملكه اغلب العراقيين؟! اذا من يطلق الصواريخ على القواعد الامريكية ليس جيش المهدي,فاذا قلتم انه جيش المهدي فان عليكم ان تعترفوا اذا ان مقتدة كاذب!.
ثم ان كانت عصابة المهدي هم “الوحيدون” الذين قاتلوا الامريكان اذا ماذا كان يفعل المجاهدون السنة في شمال ووسط العراق طيلة السنوات السابقة؟!.واين القاعدة؟ وهل كان خوف الامريكان من عصابة مقتدة ام من المجاهدين؟ وهل شكل الامريكان الصحوات لمقاتلة عصابة مقتدة (والمهدي والصحوات في الاجرام سواء) ام لمقاتلة القاعدة؟ وهل شعر الامريكان بالهزيمة بسبب هدنة مقتدة ام لما احدثته القاعدة بهم من خسائر؟ وهل تنفس الامريكان الصعداء عندما قضوا على عصابة المهدي في الانبار ام عندما طردوا عناصر القاعدة منها؟!.
ومتى سمعنا ان لمقتدة مقاومة؟.لحد هذه اللحظة تابى اغلب القنوات ووسائل الاعلام المعادية للامريكان والحليفة معها ان تسمي عصابة مقتدة باسم”المقاومة” لما يعرفونه عنها من اهداف لا تمت لاهداف المقاومة باي صلة,وحتى تصنيفهم ضمن خانة”المجرمين والخارجين على القانون” التي وضعتهم بها عصابة الائتلاف العراقي الموحد تدل بعمق على طبيعة عمل هذه العصابة.
ثم لنوسع الدائرة لنشمل حزب الله ومقاومته. لقد كان شيعة جنوب لبنان اول المصفقين للجيوش الصهيونية وهي في طريقها لاحتلال بيروت عام 1980.ومشاهد شيعة الجنوب وهم ينثرون الزهور على دبابات الصهاينة منتشرة في جميع ارشيفات وكالات الانباء.ومجازر “صبرا وشاتيلا” التي شاركت بها ميليشات حركة امل و ميليشيات جنبلاط وبمساعدة صهيونية مباشرة ما زالت في الذاكرة,ثم الم يعترف “نبيه بري” ان اغلب من شكل “جيش لبنان”(العميل) وهي ميليشيا شكلها الصهاينة شبيهة بالحرس الوطني الذي شكله الامريكان في العراق,قال نبيه بري ان اغلب افراد هذا الجيش هم من شيعة الجنوب,وان مقاومة حزب الله لم تظهر للوجود الا بعد ان تضاربت مصالح الشيعة مع مصالح الصهاينة مثلما يحصل الان بين الامريكان وعصابة مقتدة.ومن اراد التاكد فليرجع الى سجلات حرب لبنان وما هي عن الطالبين ببعيدة.
ثم ما الذي اثار اعجاب الشيعة بالخميني؟هل كان مفكرا او مجددا فعلا؟ .لم يكن الخميني الا احد المعجبين بحركة الاخوان المسلمين واحد الشغوفين بكتابات “سيد قطب” حتى قام يترجمة بعض كتبه الى الفارسية هذا ما قلناه منذ فترة طويلة,وبالتالي لم يكن للخميني أي اضافة للفكر عموما او الدين الشيعي خصوصا الا بما استله من فكر وكتابات الاخوان المسلمين,وابداعه الوحيد كان في بلورة فكرة”الولي الفقيه”التي لولا انها سوف تجعل منه زعيم “الكهنة” الاكبر لما تجراء على الايمان بها والدعوة اليها,علما ان فكرة ولاية الفقيه في لبها ومضمونها هي اقتباس لفكرة “الخلافة” عند اهل السنة مع بعض “البهارات “الشيعية التي تمنح الولي الفقيه السلطة الروحية والمادية بدلا من السلطة المادية وحدها.وحتى لقب”مرشد الثورة الاسلامية “هو مقتبس من لقب قائد الاخوان الذي ما زال يسمى حاليا بـ”المرشد العام”.
والامر كذلك بالنسبة للصدر الاول والثاني,فلم يكونوا سوى بعض الناقلين والمترجمين لفكر الاخوان المسلمين وان اغلب ما كتبوه هو كتابات تقليدية ليس فيها أي جديد,وكل الجديد الذي فيها هو ان الشيعة لا يقرأون الا لسادتهم لذلك عندما قراوا كتاب”فلسفتنا”او”اقتصادنا” انبهروا به لضحالة ثقافتهم ليس لعظيم ما في الكتاب,والانبهار دليل الجهل كما يقال ,وما كانت هذه الكتب في الحقيقية الا ترديد لبعض النظريات المشهورة عالميا.
ثم تعالوا الى قضية الحسين(رضي الله عنه)وقصة خروجه على الحاكم الظالم التي لم يجد القاريء الموضوعي فيها أي غريب عما قام به آلاف الثوار على مر العصور,فكل الثائرين على السلطة مسيرتهم تماثل مسيرة الحسين من حيث وجود حاكم ظالم يرفض بعض الثوار طاعته ثم يبايعهم بعض المناصرين لهم ثم تحدث معركة بين الطرفين,الثورة الناجحة هي التي ينتصر فيها الثوار,والثورة الفاشلة هي التي يقتل فيها الثوار,وهذا ما حدث للحسين .فهل اتى الحسين في ثورته باي شيء يفوق ثورة من سبقه او من لحقه الا في غدر من وثق بهم ممن بايعوه على النصرة!. تختلف الثورات في اهدافها لكنها ابدا لم تختلف في طريقتها واسلوبها في الثورة,فالثوار الفيتناميين كانوا ثوارا ولاقوا اضعاف ما لاقى الحسين وصحبه,ومن قبلهم ثورة العبيد في روما و الثورة الفرنسية والثورة البلشفية في روسيا وثورة الجزائر وثورة عبد الكريم قاسم وثورة صدام بل وحتى انتفاضة الجنوب كانت ثورة.اغلب الانبياء كانوا عبارة عن “ثوار” على الحكم المتسلط والجهل والكفر,فكان نبي الله موسى “ثائرا” على فرعون وقد انتصر عليه,وكان ابراهيم ثائرا على”النمرود” لكنه لم ينتصر عليه,وقتل “زكريا”وابنه”يحيى” على يد من ثاروا عليه,ورفع عيسى بعد ان اراد عدوه المتسلط ان يقتله ,وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثائراوقد انتصرت ثورته.اذا لماذا كل هذا التقديس لشخص الحسين واعتباره الثائر الاول او بطل الثوار او غير ذلك من الصفات التي لا تدل الا على ان من يطلقها لا يعلم شيئا عن معنى الثورة وتاريخ الثورات وما يصاحبها من دماء ومعاناة,فان كان ما يميز ثورة الحسين هو اهدافها فان اهدافها لم تتخط حدود الدين الاسلامي وبذلك لن تكون الا ثورة كباقي ثورات المسلمين,وان كانت قد تميزت بسبب دمويتها فان اغلب الثورات ثمنها هو تلك الدماء.مع ان القاريء الموضوعي لثورة الحسين يجد ان الحسين قد طلب من الجيش الذي جاء ليقاتله ان يسمح له ليخرج من العراق , وذلك يعد تنازلا عن كل مفاهيم الثورة التي لا يشترط على من يقوم بها ان يقدم سلامته وسلامة اهله عليها(كما يفعل مقتدة حاليا) اوان يتراجع امام عدوه مهما كان قويا.ولا نطعن هنا بشخص الحسين رضي الله عنه فيكفي الحسين شرفا ان بشره رسول الله بالجنة,ولكننا نطعن بمن جعل من الحسين “الها” يعبد من دون الله,و”شعارا” يقتنص به عواطف السذج,و”شعائر” تنتقص من قيمة الحسين الانسانية وتشوهها .
واما عليا رضي الله عنه فلم يكن الوحيد ممن دافع عن النبي او صحبه,وعندما اسلم عليا كان طفلا لم يبلغ الحلم بعد في السابعة من العمر (أي في الصف الثاني ابتدائي حاليا).وطفلا في هذا العمر لا يعتمد عليه ولا يوكل اليه الا بعض المهام التي تتناسب وعمره,ولا يقاس برجل في الثلاثين او الاربعين من العمر كحال الصحابة الاخرين كابي بكر وعثمان وعبد الرحمن,وحتى ان القاريء للتاريخ ليستغرب اشد الاستغراب عندما يجد البعض يعقد المقارنات والمفاضلات بين ابي بكر وعلي مع ان انا بكر يكبر عليا بثلاثين سنة او يزيد,ولنتخيل ان الرسول في بداية البعثة (وكان عمره اربعين سنة )يسير بجانب ابي بكر (وعمره اربعين ايضا )وبجانبهما عليا (وعمره سبع سنين),هل كان الامر سيكون الا كمثل رجالان يسيران وبجانبهما طفل في الابتدائية!. على ان ذلك لا يقدح في سيرة سيدنا علي وايمانه وبلاغته وزهده وبطولاته التي ملئت صفحات التاريخ على حق وليس اساطير يسطرها بعض الحاقدين لاهداف سياسية وحزبية هي ابعد ما تكون عن الدين وعن اهداف علي نفسه.
لقد كان عليا بطلا لكنه ليس البطل الوحيد وكان صحابيا وليس الصحابي الوحيد وكان زاهدا وليس الزاهد الوحيد وكان بليغا ولم يكن البليغ الوحيد.وهكذا كان الحسين والحسن وزين العابدين وجعفر الصادق وكل آل البيت, وقاد الخميني ثورة ضد الشاه لكنها ليست الثورة الوحيدة(مع كثرة من الشكوك حولها),والفّ الصدر الكتب لكنه لم يكن افضل المؤلفين ولا الابرز من بينهم, وقاوم حزب الله الصهاينة لكنه لم يكن المقاوم الوحيد ولا الاقوى ولا الاشرف (وما زالت الشكوك تحوم حول نواياه وبعض جرائمه),ويقاتل مقتدة وعصابته الامريكان اليوم (رغم ان مقاتلتهم جائت كرها وليس طواعية) لكنهم ليسوا الوحيدين الذين يقاتلون الامريكان,فقد سبقهم الكثير من اهل السنة في العراق وافغانستان والصومال ,وبسنيين عديدة ,واهداف هي انبل وارقى واصفى من اهدافه ومراميه التي لا تتعدى شخصه وكرشه (هذا ان كنا نريد ان نجامل الشيعة قليلا ونذيقم بعض ما يحبون).
ما نريد من الشيعة ان يفقهوه هو ان سادتهم ومراجعهم وسياسييهم وقادتهم ليس هم كل شيء في هذا العالم ,وان هنالك عالم خارج ابواب الحوزة الموصدة هو انجح واصح واصدق من فكرهم المتخلف.نريد منهم ان يخرجوا من ربقة العبودية للسيد والعمامة والخرقة الخضراء والقبر الذي لا يُعلم ما دفن تحته.نريد منهم ان يخرجوا من جور الحوزة الى عدل الاسلام ومن رق السادة الى عبودية الله ومن تقية المرجعية الى صدق القران,نريد من الشيعة ان يفقهوا ان في هذا العالم عوالم اخرى اكبر واوسع واكثر واجمل وانقى واطهر من “دجاجتهم” التي لم تبصر عيونهم وعقولهم سواها!, وان العالم لا يُعير كثير بال لـ”دجاجتهم” الرخيصة في عصر انفلونزا الطيور!,
فهل من معتبر؟.