عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-13, 11:20 PM   رقم المشاركة : 2
مهذب
عضو ماسي






مهذب غير متصل

مهذب is on a distinguished road




تفريغ للكلمة :



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين..
أما بعد...
فإن من المقامات العظيمة التي يطلبها أصحاب العقول الكبيرة :

"الطمأنينة"

ويراد بالطمأنينة: سكون القلب مع اختلاف الأحوال وتغير الأمور ومشاهدة الأعضال..
الطمأنينة ثبات القلب وسكينة الجوارح..
الطمأنينة التي في قلب المؤمن لا تتأثر عند نزول المحن وتقلب المصائب..

وصاحب الطمأنينة تجده ساكنا عاقلا يحرص على أن يكون تصرفه على أكمل الوجوه وأتمها، تصرفه على وفق ما يجلب المصالح، ويدرأ المفاسد بعقل وروية وثبات..

انظر لوصف الله جل وعلا: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }الفتح4

ويقول سبحانه: ((إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ))، فأهل الإيمان عندهم الثبات والسكينة والطمأنينة.

الطمأنينة التي يتصف بها المؤمنون نعمة من الله جل وعلا كما قال سبحانه: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح18

ويقول جل وعلا: ((إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الفتح26

واسمع لقول الله جل وعلا: {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }آل عمران126.

انظر إلى حال أهل الكهف، كيف وصفهم الله سبحانه في قوله تعالى: ((وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ))
بمعنى: أنا ثبتناهم ونزلت عليهم السكينة واستقرت بهم السكينة، وهدأ بالهم، فلا يجزعوا ولا يخافوا ولا يجزعون من الناس ولا يخافون من أحد من البشر، حتى يتمكنوا بعد ذلك من الصدع بالحق، ويصبروا على المصائب التي تأتيهم ويصبروا على فراق الأهل والنعيم وغير ذلك من الأمور المجبوبة للنفوس عند فؤادهم إلى غار لا أنس فيه ولا ماء ولا طعام.

لا يخفى علينا خبر الهجرة، حينما سافر النبي-صلى الله عليه وسلم- خرج من مكة طريدا شريدا معه أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- فجاؤوا إلى الغار حتى لحقهم المشركون عند باب الغار، يقول أبو بكر: والله يا رسول الله لو اطلع أحد منهم أو رآى ما تحت قدميه لأبصرنا، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم- بسكينة وطمأنينة: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟" فهذه هي طمأنينة المؤمن التي تكون في القلب المصدق بالله جل وعلا..

انظر يوم بدر حينما جاء النبي-صلى الله عليه وسلم-ومعه أناس قليل، وعتاد قليل، ولم يكن لهم خبرة لتنظيم هؤلاء وحروب وقتال ومعارك، وجاءت قريش بقوات عظيمة، وهم على أكمل استعداد، وإنما خرجوا للقتال فثبت الله جل وعلا النبي ومن معه، بينما دارت الدائرة على من قابلهم.

إن الطمأنينة واسكينة التي تنزل في القلب سلاح عظيم يمد الله به المؤمنين.

هناك مواطن جاءت الشريعة بالترغيب في السكينة فيها أكثر من غيرها، منها:

1- حال المشي إلى الصلاة، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-:" إذا مشيتم إلى الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا"

2-حال انتقال الإنسان بين مشاعر الحج، فإن النبي-صلى الله عليه وسلم- قد أوصى المؤمنين في تلك المواطن بالسكينة فقال-صلى الله عليه وسلم-:" يا أيها الناس السكينة السكينة فليس البر بالإيضاع"
قال جابر: أفاض الرسول-صلى الله عليه وسلم- وعليه السكينة.

3- ومن ذلك أيضا في أثناء أداء الصلاة فإن العبد يناجي رب العزة والجلال؛ ولذلك فعليه أن يتصف بهذه الصفة الطيبة صفة الطمأنينة والسكينة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم-:
"اسكنوا في الصلاة"

يقول مالك رحمه الله: من طلب العلم فليطلبه وعليه السكينة، والوقار والخشية.ا.هـ.

السكينة نعمة
من الله جل وعلا في أوقات الشدائد التي تطيش بها القلوب، وتتطلب لها الأفئدة ، وتكون طمأنينة العبد على حسب معرفته بالله جل وعلا، وعلى حسب يقينه بوعد الله سبحانه وتعالى، بمثل أولياءه المؤمنين، وبحسب إيمانه وشجاعته.

الأسباب التي تجلب السكينة:

1. الإجتماع على طلب العلم، وقراءة القرآن، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ويتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلأا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".

2. الإكثار من قراءة القرآن فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "تلك السكينة تنزلت للقرآن".

3. أن يتوجه العبد إلى ربه جل وعلا بأن ينزل الطمأنينة والسكينة في قلبه لذلك كان من دعاء سلفنا الصالح في
بيت شعري معروف:
فأنزلن سكينة علينا.................وثبت الأقدام إن لاقينا
وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يرددها يوم الأحزاب.

4. الإكثار من ذكر الله تعالى {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28

اللهم أنزل علينا السكينة في قلوبنا، واجعلنا ممن استقرت الطمأنينة في قلبه فكان ذلك من أسباب بقاءه على إيمانه، واستزاده منه، وأسأله جل وعلا أن ينزل الطمأنينة والسكينة في قلوب المؤمنين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها.

هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.