عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-12, 03:24 PM   رقم المشاركة : 10
الفاروق اليامي
عضو نشيط






الفاروق اليامي غير متصل

الفاروق اليامي is on a distinguished road


الحلقة العاشره

سلمان الفارسي بشجاعة وقوة يحاكم الفاروق في ثوب خَلِق، ولا يحاكمه فيما هو أعظم، فكيف؟




يقول الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود: (كان إسلام عمر فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمامته رحمه، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا)..

ونستطيع أن نقول:
كانت خلافة الفاروق فتحا، وكان حكمه عدلا، وسيرته رحمة، حتى قال عنه علي بن أبي طالب:
(ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها ؟ أبو بكر، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر؟ عمر)، ولما تولى أبو الحسن الخلافة وبدأ السبأيون يثيرون الفتن، قام غاضبا متوعدا بجلد كل من يفضله على أبي بكر وعمر حد المفتري، فعن الحكم بن جحل قال: سمعت علياً يقول: "لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري"..

وعندما أراد الصديق رضي الله عنه الإستخلاف استشار الصحابة في ذلك وقال لهم: إني قد عهدت عهداً، أفراضون أنتم به؟ فقال القوم جميعاً: نعم، إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (لا، إلا أن يكون عمر بن الخطاب) رضي الله عنه.

سار الفاروق في خلافته سيرة زهد وتقوى وورع وعدل ورحمة لم يشهد التاريخ بعد الرسول وخليفته له مثيلا، حتى الصحابة كانوا له نعم العون والنصح، وعندما قسم الفاروق حللا بين المسلمين أعطى كل واحد ثوبا، ثم صعد الفاروق المنبر وعليه حلة، والحلة ثوبان فقال:
أيها الناس ألا تسمعون؟
فقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: لا نسمع!!
أمير المؤمنين يخطب في الشعب وأحد خاصته يعترض ويتمرد أثناء خطبة الزعيم فيقول لا سمعا ولا طاعة!!
فيقول الفاروق متعجبا من أخيه سلمان الفارسي:
ولِـمَ يا أبا عبدالله؟
قال: إنك قسمت علينا ثوبا ثوبا وعليك حلة (أي ثوبان)!!
فقال الفاروق وهو إمام العدل: لا تعجل يا أبا عبدالله، ثم نادى على عبدالله!!فلم يجبه أحد، فقد كان هناك توتر بين الأمير الحاكم وبين سلمان الذي أتى من فارس وأعزه الله بالإسلام لا تأخذه في الحق لومة لائم، وقال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام:
(سلمان منا آل البيت)، ولما سكت الحضور متهيبين من الموقف، أعاد الفاروق النداء:
يا عبدالله بن عمر! فقال: لبيك يا أمير المؤمنين، ثم قال الفاروق وقد وقف أمام الجميع ليدافع عن نفسه ضد تهمة سلمان الفارسي له بالخروج عن العدل: الثوب الذي اتزرتُ فيه هو ثوبك؟ فقال: عبدالله بن عمر:
اللهم نعم، فرد سلمان الفارسي حالا: (الآن نسمع ونطيع لك يا أمير المؤمنين)، فقد كان الفاروق طويلا وثوبه قصير لا يستر بمفرده فأخذ من ابنه عبدالله ثوبه ليغطي بعض جسمه..


سلمان الفارسي يعرف حال الفاروق، ويعرف أنه ابطأ على الناس يوم جمعة، ولما خرج الفاروق عليهم اعتذر أليهم في احتباسه وقال: (إنما حبسني غسل ثوبي هذا كان يُغسل ولم يكن لي ثوب غيره)، فقال بعض الصحابة: قد أتعبت من بعدك يا أبا حفص..

وعندما أُتي عمر رضي الله عنه بسيف كسرى ومنطقته وزبرجده قال لم حوله: (إن أقواماً أدوا هذا لذوو أمانة)، فقال علي رضي الله عنه : (إنك عففت فعفت الرعية) ، وفي رواية:
(إن القوم رأوك عففت فعفوا، ولو ارتعت ارتعوا)..

والسؤال:

لماذا كان سلمان الفارسي شجاعا مقداما يتحدى الفاروق ويقول له: لا نسمع ويحاكمه في ثوب خَلِق، ولم يؤثر عنه أنه وقف ضد الفاروق وتحداه فيما هو أهم وهي الإمامة والوصية!!
لماذا الشيعة استثنوه مع نفر قليل من الردة، وقد بايع سلمان الفارسي عمر الفاروق أسوة بآل البيت وإمامهم أبي الحسن؟
هل يُعقل أن يجبن سلمان الفارسي عن قول الحق في الإمامة ويجهر بالحق ويتمرد على الفاروق من أجل ثوبٍ ثمنه دراهم معدودات؟

بئست والله عقول الشيعة فهم قوم لا يقرأون السيرة ولا يتعظون، فإذا قرأوها لا يعقلون ولا يفهمون!! وفي نهج البلاغة مصحف الشيعة ثناء من علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر، ومع ذلك يمرون عليها وهم عن الحق معرضون، فيقول علي في نهج البلاغة عن الصديق والفاروق:
(لعمري إن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد، فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا)، وعندما توفي عمر قال فيه علي رضي الله عنهما: (لله بلاء عمر ـــ وقد غيرها الرافضة إلى كلمة فلان ـــ فلقد قوم الأود، وداوى العمد، وأقام السنة، وخلف الفتنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستقين المهتدي)..

وعندما توفى الفاروق دخل عليه علي بن أبي طالب وهو مسجى فقال:
(لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى). وفي رواية: (إني لأرجو الله أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى)...



يتبع:
الفاروق يحاسب أهله وأولاده بصرامة