نقض مذهبهم وبيان بطلانه :-
في أقوالهم وأبياتهم السابقة من الشرك والكفر ما لا يخفى على مسلم ،
إذ أنهم دعوا غير الله ، واستغاثوا بغير الله ،
واستجاروا بغير الله ورجوا غير الله ، وخافوا غير الله
وأضفوا صفات الربوبية من كشف الكرب والنفع والضر للبشر
والعياذ بالله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد عُلم أن الله عز وجل ما خلق الخلق عبثاً ،
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ،
قال تعالى :
{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }[1]
بل خلقهم لحكمة عظيمة ، وغاية شريفة ، ألا وهي عبادته وحده .
قال تعالى :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [2]
ولأجل هذه الغاية العظيمة ، أرسل الله الرسل ، وأنزل الكتب
قال تعالى :
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا
أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [3] ،
وقال تعالى :
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [4] ،
فأوضح سبحانه في هذه الآيات ،
أنه لم يخلق الثقلين الأنس والجن إلا لعبادته وحد لا شريك له
ونهى عن ضدها .
والعبادة : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه ،
من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة [5].
والعبادة لها شرطان :
الأول : إخلاص العبادة لله وحده
قال تعالى :
{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } [6]
وقال تعالى :
{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ *
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } [7] ،
الثاني : متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
والدليل قوله تعالى :
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [8] ،
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " [9] ،
والدعاء من أعظم أنواع العبادة بل هو العبادة
وكذلك الاستغاثة والاستجارة ، والرجاء والخوف ،
كلها من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله ،
ومن الأدلة على أن الدعاء عبادة قوله تعالى :
{ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } [10] ،
وقال تعالى :
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [11] ،
وقد دلت الآية الكريمة أن الدعاء عبادة ،
وعلى أن من استكبر عنه فمأواه جهنم ،
فإذا كانت هذه حال من استكبر عن دعاء الله
فكيف تكون حال من دعا غيره وأعرض عنه ؟!!
`````````````````````````````
[1]/ [ سورة المؤمنون الآية : 115 ].
[2]/ [ سورة الذاريات الآية : 56 ].
[3]/ [ سورة النحل الآية : 36 ].
[4]/ [ سورة الأنبياء الآية : 25 ].
[5]/ ابن تيمية : ( مجموع الفتاوى ) ، { 10 / 149 }.
[6]/ [ سورة البينة الآية : 5 ].
[7]/ [ سورة الزمر : الآية : 2 ، 3 ].
[8]/ [ سورة آل عمران الآية : 31 ].
[9]/ رواه البخاري في الصلح برقم ( 2499 ) ، ومسلم في الأقضية برقم ( 3242 ).
[10]/ [ سورة الأعراف الآية : 55 ].
[11]/ [ سورة غافر الآية : 60 ].