قال سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه مخاطبا الشيعة
والّذي فَلَقَ الحبّةَ وبَرَأ النّسَمةَ ، لَتَعْلَمنَّ نَبَأهُ بعدَ حينٍ ، وذلكَ إِذا صَيَّركم إِليها جهلُكم ، ولا يَنفَعُكم عندَها علمُكم ، فقبحاً لكم يا أشباهَ الرِّجالِ ولا رجالَ ، حُلومُ الأطفالِ وعُقولُ رَبّاتِ الحِجالِ ، أمَ والله أيُّها الشّاهدة أبدانُهم ، الغائبةُ عنهم عُقولُهم ، المختلفةُ أهواؤُهم ،
-------
ما أعزَّ اللهُ نَصْرَ من دعاكم ، ولا استراحَ قلبُ من قاساكم ، ولا قرَّتْ عينُ من اواكم ، كلامُكم يوهي الصمّ الصِّلابَ ، وفِعلُكم يطمع فيكم عدوكَم المرتاب. ياويَحْكُمْ ، أيَّ دارٍ بعدَ دارِكم تَمنعونَ ! ومعَ أي إِمامٍ بعدي تُقاتِلونَ ! المغرورُ- واللهِ - من غَرَرْتُموه ، من فازَ بكم فازَ بالسّهمِ الأخْيَبِ ، أصبحْت لا أطمَعُ في نَصرِكم ، ولا أُصدِّقُ قولَكم ، فَرَّقَ اللّهُ بيني وبينَكم ، وأعقَبَني بكم من هوخيرٌ لي منكم ، وأعقَبَكم من هو شرٌّ لكم مني .
إِمامُكم يُطيعُ اللّهَ وأنتم تَعصُونَه ، وِامامُ أهلِ الشّامِ يَعصي الله وهم يُطيعونَه ، واللّهِ لَوَدِدْتُ أنّ معُاويةَ صارَفَني بكم صرْفَ الدِّينارِ بالدِّرْهَم ، فأخَذَ منّي عَشرةً منكم وأَعطاني واحداً منهم . واللهِ لَوَدِدْتُ أنّي لم أعَرِفْكم ولم تَعرِفوني ، فإِنّها مَعرِفةُ جَرَّتْ نَدَماً. لقد وَريتُم صَدْري غَيظاً، وأفسدتُم عليَّ أمري بالخِذلانِ والعِصيانِ ،
---------
ولقد علمتُ أنّ الّذي يُصلِحُكم هو السّيفُ ، وما كنتُ مُتحرِّياً صَلاحَكم بفَسادِ نَفْسي ، ولكن سَيُسَلَّطُ عليكم من بعدي سُلطانٌ صَعْبٌ ، لا يُوقِّرُكبيركم ، ولا يَرحَمُ صغيركم ، ولا يُكرمُ عالِمَكم ، ولا يَقسِمُ الفَيءَ بالسَّوِيَّةِ بينَكم ، ولَيَضرِبنًّكم ويُذِلَّنَّكم ويجَمِّرَنَّكم في المَغازي ويَقْطَعَنَّ سبيلَكم ، ولَيَحْجُبَنَكم على بابه ،
حتى يأْكُل قويُكم ضعيفَكم ، ثمّ لا يُبعِد الله إلاّ من ظَلَمَ منكم ، وَلَقَلَّما أدبرَ شيءٌ ثمّ أقبلَ ، وإنّي لأظنُّكم في فَترةٍ ، وما عَلَيَّ إِلاّ النُّصحُ لكم .
يا أَهلَ الكوفةِ، مًنِيتُ منكم بثلاثٍ واثنتينِ صُمٌّ ذَوو أَسماع ، وبكمٌ ذَوو ألسُنٍ ، وعُميٌ ذَوو أَبصارٍ ، لا إِخوانُ صدقٍ عندَ اللقاءِ ، ولا إِخوانُ ثقةٍ عندَ البلاءِ. اللّهمّ إِنّي قد مَللتُهم ومَلًّوني ، وسئمتُهم وسئموني . اللّهمّ لا تُرْضِ عنهم أَميراً ولا تُرْضِهم عن أميرٍ ، وأَمِثْ قلوبَهم كما يماثْ الملحُ في الماءِ