عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-11, 06:20 AM   رقم المشاركة : 1
عبد الملك الشافعي
شيعي مهتدي






عبد الملك الشافعي غير متصل

عبد الملك الشافعي is on a distinguished road


هل آية ( الله لطيف بعباده ) تعني يجب عليه سبحانه فعل اللطف بالمصطلح الكلامي ؟!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال بعض الحوارات مع الزملاء الإمامية وجدتهم ينطلقون من نقطة يعدونها مسلَّمة بخصوص وجوب اللطف - بمعناه المصطلح في علم الكلام - على الله تعالى والمتمثلة بأن وجوب اللطف على الله تعالى حقيقة قرآنية أثبتها الله تعالى بقوله ( الله لطيف بعباده ) ، ومن ثم تراهم يتهمون أهل السنة قاطبةً - ما خلا المعتزلة بحسب اطلاعي - النافين لوجوب اللطف على الله تعالى بأنهم يخالفون حقيقة قرآنية ثابتة !!!

أي أنهم عدوا هذه الآية دليلاً صريحاً صحيحاً على وجوب فعل اللطف على الله تعالى !!!

وهذا ما حصل معي في الحوارات لما نفيت وجوب فعل اللطف على الله تعالى - بمعناه في المصطلح الكلامي - تكرر اعتراض المخالفين بقولهم لي كيف تنكر ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه ( الله لطيف بعباده ) !!!


ولذلك قررت أن أسلط الضوء على هذه الآية من خلال السؤال التالي:
هل هذه الآية تعني أن كل لطف بمعناه في مصطلح علم الكلام - ما يقرب العبد من الطاعة ويبعده عن المعصية ولم يكن له حظٌ في التمكين ولا يبلغ حد الإلجاء - يكون فعله واجبا على الله تعالى ؟!!!



الجواب:
من خلال تتبعي لما يطرحه كبار علماء الإمامية المتقدمين وبعض المتأخرين وجدتها لا تعدُّ هذه الآية دليلاً يعتمدون عليه بإيجاب اللطف على الله تعالى سواء بالتصريح أو بالتلميح ، وإليك بيان ذلك في مجموعتين:

الأولى: التصريح بعدم دلالة الآية على وجوب اللطف في المصطلح الكلامي

وهذه المجموعة هي الأهم لأنها صريحة في نفي دلالة الآية على ذلك ، وإليك بعض من صرح بذلك النفي من كبار علمائهم:
1- يقول محققهم النراقي في كتابه ( عوائد الأيام ) ص 706-707 :[ قلنا أولا : إنه من أين يعلم أن اللطف الواجب علينا إثباته له سبحانه بمثل قوله : ( إن الله لطيف بعباده ) هو اللطف بهذا المعنى الذي يريدون إثبات مطلبهم به ؟ فإنه معنى مصطلح في علم الكلام ، فلعله مرادف للرؤوف والحنان ونحوهما . وثانيا : إنه يمكن أن يكون المراد بكونه لطيفا : أن كل ما نراه لطفا هو منه سبحانه ، لا أن كل ما نعلمه لطفا يجب عليه فعله ، كما في الخالق والرازق والطبيب والمنعم ونحوها ].

2- يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في جوابه عن سؤال طُرِحَ عليه في كتابه ( صراط النجاة ) ( 2 / 445 ) ونصه:[ سؤال 1403 : قاعدة اللطف التي ناقشتموها في الأصول صغرى وكبرى ، على ما في مصباح الأصول ، في مناقشتكم لشيخ الطائفة التي استدل بها جمع من أصحابنا على وجوب الإمامة لأنها من صغرياتها ، هل يمكن الاستدلال على هذه الكبرى ، بما دل من ( القرآن الكريم ) على أنه لطيف بعباده ، فتكون الإمامة من صغريات ما دلت على الكبرى المستفادة من الكتاب العزيز ، أم أن اللطف المشار إليه في القرآن الكريم غير اللطف المصطلح الذي تكون مسألة وجوب الإمامة من صغرياته ؟ الخوئي : نعم هو كما كتب ، لا يدل على صحة الاستدلال بالقاعدة ، إن تمت القاعدة ولا دلالة للآية الشريفة في أدلة الأحكام كما زعمت ].

3- يقول عالمهم محمد آصف المحسني في كتابه ( صراط الحق ) ( 2 / 265 ):[ قوله تعالى ( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ) (الشورى:19) ، هكذا قيل. وفيه: أن اللطف في الآية الشريفة لو كان بمعناه المصطلح وسلمناه لما نسلم دلالة الآية على وجوبه قطعاً ].


الثانية: التلميح من خلال إعراضهم عن الاستشهاد بها على وجوب اللطف
وهذه المجموعة تجدها جلية في كل كتبهم الكلامية للمرتضى والطوسي والمحقق الحلي والنصير الطوسي والعلامة الحلي ، لأن من يرجع إلى كلامهم في مبحث استدلالهم على وجوب اللطف على الله تعالى يجدهم يوردون دليلاً عقلياً ، ولم أجد من هؤلاء - بحسب تتبعي - من جاء بالآية ليثبت بها وجوبه على الله تعالى !!!

فلو كانت دلالة الآية عندهم صريحة في الوجوب لما أعرضوا عن إيرادها ، بل كان الأولى أن يستشهدوا بها ويقدموها على الدليل العقلي الذي يوردوه لدعم قولهم !!!

فمن خلال هاتين المجموعتين أستطيع الجزم بعدم صحة الاستدلال بتلك الآية على وجوب اللطف على الله تعالى بمعناه في المصطلح الكلامي ، والحمد لله رب العالمين.







  رد مع اقتباس