عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-11, 03:00 AM   رقم المشاركة : 1
مهذب
عضو ماسي






مهذب غير متصل

مهذب is on a distinguished road


Cool علماء من الإباضية يردون على القائلين بخلق القرآن ويكفرونهم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه
أما بعد:
فهذه مجموعة ردود ونصوص لعلماء بني إباض في تضليل القائلين بخلق القرآن ، والرد عليهم.
وبيان مدخل الشبهة على من قال بهذه البدعة الوخيمة، ومخالفته للكتاب والسنة.
والحجاج بالعقل والنقل في إبطال شبهتهم ، ونقض بدعتهم , وصد غائلتهم على الدين وأهله.
وعجب بعضهم من بعض كيف يختلف أصحابهم الإباضية في مسألة خلق القرآن والحق فيها واضح، والشبهة فيها داحضة.
واختلافهم بينهم في الولاء والبراء والتوقف في المتنازعين في خلق القرآن.
ونكير بعضهم على بعض ذلك.
كل ذلك خلاف معنوي له أثره في اعتقادهم وتعاملهم.
ومع ذلك يحاول جهمية الإباضية المعاصرون أن يدلسوا على أتباعهم بأنه خلاف لفظي لا أثر له!!
وكالعادة فتقليد الإشياخ واتخاذ أقوالهم (آثارا) معتمدة ومغنية عن فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم
كل ذلك يسهل مهمة هؤلاء الجهمية للقضاء على حركة التنوير والبحث عن الحق والهدى في أوساط بني إباض.
وهذه النصوص هي لعلماء لهم مكانتهم ومنزلتهم في بني إباض،
بحيث يغ************ ذكر أسمائهم عن تراجمهم، وكتبهم عن التعريف بهم.
والنص الأول مأخوذ من الجزء الأول من كتاب (بيان الشرع) لعالمهم الإباضي محمد بن إبراهيم الكندي.
وهذا الكتاب هو من أهم مراجع الإباضية في المعتقد والفقه.وله أجزاء كثيرة،
وقد طبعته وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان،
وقام بتحقيقه لجنة من علماء عمان بإشراف الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة
و راجع الجزء الأول منه عبد الحفيظ شلبي ، وتاريخ الطبع هو (1406-1982)
ورغم مضي سنوات عديدة على طبع هذا الكتاب وانتشاره وتوزيعه على المكتبات العامة ، والكليات والجامعات.
إلا أنك لن تستطيع الحصول على الجزء الأول من بيان الشرع إلا بشق الأنفس.
إذ قد تم سحب هذا الجزء وإخفاءه عن الأنظار في محاولة لطمس ما فيه من الحقائق،
ولكي ينطلي على الإباضية ما سطره الخليلي وأمثاله في القول بخلق القرآن.
وهذه هي عادة أهل البدع دوما ، يذكرون ما لهم ويخفون ما عليهم.

ورغم أن الكتاب قد تم تحقيقه ومراجعته من قبل لجنة من العلماء وبإشراف المفتي الخليلي
إلا أنك تعجب من كثرة الإخطاء الطباعية ، وهزالة التحقيق ، وعدم الاعتناء بضبط النصوص فيه.
ولذا قمت بتعديل الإخطاء الطباعية التي قد تتوالي أحيانا في جملة كاملة فتحيل المعنى عن مراده.

علما أن الكندي في (بيان الشرع) يستند في رده على القائلين بخلق القرآن - بالإضافة إلى الأدلة-
إلى نصوص من سبقه من علماء الإباضية ، وكتبهم ، وسيرهم.
وهذا يعني أن هناك الكثير من علماء الإباضية الذين ينكرون بدعة خلق القرآن ، والتي يروج لها الخليلي الجهمي الأن.

وسنذكر النصوص الأخرى تباعا إن شاء الله تعالى.

-------------------------

النص الأول :
قال العلامة الإباضي محمد بن إبراهيم الكندي في (بيان الشرع 1/164-172):
" بسم الله الرحمن الرحيم
فصل من كتاب عزان بن الصقر
تعلم علمك الله الرد على من يقول : إن القرآن مخلوق:

الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل دينه، وألهمنا معرفته، وأيدنا بتوفيقه، وجعل فرجا ومخرجا مما فيه الزيغ، وجعلنا ممن يتبع ولا يبتدع.

وكان فيما بلغنا، والله أعلم، ممن نثق به: أن جهما ، عدو الله، كان صاحب خصومات وكلام بعمق و إتباع لمتشابه القرآن،
وكان أكثر كلامه في الله عز وجل تبارك وتعالى. فبلغنا، والله أعلم، أنه لقي شابا بخراسان من الزنادقة،
فقال لجهم : نكلمك فإن ظهرت حجتك دخلنا في دينك، فكان مما كلموا به جهما أن قالوا له: ألست تعلم أن لك إلها؟ قال: نعم.
قالوا: فهل رأيت إلهك؟ قال:لا. قالوا: فهل سمعت له كلاما؟ قال : لا. قالوا له: هل وجدت له رائحة؟ قال: لا .
قالوا: فما يدريك أنه إله؟ فتحير جهم، ولم يصل أربعين يوما.

قال : ثم إن جهما استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى.
وذلك [أن] زنادقة النصارى يقولون: إن الروح الذي كان في عيسى، هو روح من الله.
فإذا أراد أن يفعل شيئا دخل في بعض خلقه، فتكلم على لسانه، ثم خرج
وهو روح غائب عن الأبصار، لا يرى له وجه، ولا يسمع له حس ولا كلام، ولا يوجد [له] رائحة
ولا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.
فاستدرك جهم هذه الحجة فقال (للمسي) : ألست تزعم أن فيك روحا؟ قال: نعم.
قال:فهل رأيت روحك؟ قال: لا. قال: فهل وجدت له حسا؟ قال: لا.
قال: وكذلك الرب، لا يرى له وجه، ولا يسمع له كلام، ولا تشم له رائحة، ولا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.

ووجد آية في القرآن تحتمل قياس كلامه، قوله تعالى( ليس كمثله شيء) ووضع دين الجهمية واتبعه أناس،
فقيل لجهم: هل تجد في كتاب الله أنه يخبر عن القرآن أنه مخلوق؟ قال: لا .
قيل له: فهل وجدت في سنة رسول الله ،صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن القرآن مخلوق؟ قال: لا.
قيل له: فمن أين قلته؟ قال : من قول الله: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) وزعم أن كل مجعول فهو مخلوق.

قلت [له]: فإن الله لم يعطك الفهم في القرآن. وجعل في القرآن من الكلام المتشابه أشياء كثيرة، تكون اللفظة الواحدة ، والمعنى مختلفا،
وقد قال: (جعل) على معنى خلق، وقد قال: (جعل) على غير معنى خلق،
فالذي قال (جعل) على معنى خلق لا يكون إلا خلقا. ولا يقوم إلا مقام الخلق ولا يزول عنه المعنى.
مما قال الله (جعل) على معنى خلق قوله:
( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور) يقول خلق الظلمات والنور. قال: ( جعل الليل لباسا) يقول خلق الليل لباسا.
قال: (وجعلنا الليل والنهار آيتين) [وقال]: (وجعل لكم السمع والأبصار).
وقال: (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها) يقول خلق منها زوجها.
ومثله في القرآن كثير.فهذا وما كان على أمثاله لا يكون إلا على معنى خلق.

ثم ذكر: (جعل) على غير معنى خلق،
قول الله لإبراهيم عليه السلام: (إني جاعلك للناس إماما) لا يعني أني خالقك، لأن الله قد خلقه قبل ذلك.
وقال: ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام)
وقال إبراهيم: ( رب اجعل هذا البلد آمنا) وقد فرغ الله من خلقه قبل [قول] إبراهيم عليه السلام.
وقال إبراهيم: (رب اجعلني مقيم الصلاة) لا يعني اخلقني مقيم الصلاة.
وقال الله لأم موسى: ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) لا يعني خالقوه من المرسلين.
قال: ( ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم)
وقال: ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة)
وقال: ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) لا يعني : لا تخلقوا دعاء الرسول بينكم.
[وقال] : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم)
ومثل هذا في القرآن كثير فهذا وما كان على أمثاله لا يكون على معنى خلق، و(جعل) على غير معنى خلق.

فبأي حجة قال جهم : (جعل) بمعنى خلق؟
إنما قول الله : ( إنا جعلناه قرآنا) يقول: جعله جعلا على غير معنى خلق، ووصفه بالعربية.

فلما ظهرت الحجة على الجهمي بما ادعى من أمر الله ادعى أمرا آخر،
فقال: أخبرونا عن القرآن هو الله، أو غير الله؟
فلعمري لقد أوهم الناس بما ادعى وهي من المغالط التي يسألون الناس عنها،
فإذا سأل الناس الجاهل فقال: أخبرونا عن القرآن هو الله أو غير الله؟ فلابد له أن يقول أحد القولين.
فإن قال هو الله، قالوا له : كفرت. وإن قال هو غير الله، قالوا: صدقت. فلم لا يكون غير الله مخلوق؟
فيبهت الجاهل عند ذلك فبقي متحيراً.

ولكن الجواب فيه أن الله لم يقل في القرآن: إن القرآن هو أنا، ولم يقل: هو غيري.
وقال: هو كلامي.
فسميناه باسم سماه الله به، فمن سماه بما سماه الله به كان من المهتدين ، ومن سماه باسم من عنده كان من الضالين.

فيقول الجهمي: الكلام لم يزل مع الله.
وهذا أيضا من مغالطهم حتى يقول الناس هذه المقالة. فيقال لهم: إن الله لم يزل متكلما.

فيقول: ألم يكن الله ولا شيء؟ فيقال لهم : كان الله بجميع صفاته كلها ولا شيء مخلوق.

فإذا قال الجهمي: من قال الله وكلامه فإنه يقول اثنين.
فيقال [له]: كذبت. نحن نقول الله وعلمه وكلامه وقدرته وملكه وسلطانه وعظمته وجميع صفاته.
فإن قلنا ذلك فإنما نصف إلها واحدا،

أو يقال للجهمي: تزعم أن الله كان ولا علم حتى أحدث علما ، وكان ولا كلام حتى أحدث كلاما?!
فتعالى الله سبحانه عن هذه الصفة. بل نقول: لم يزل عالما متكلما لا متى عُلم ولا كيف عُلم.

ثم إن الجهمي ادعى أمراً آخر فقال: أخبرونا هل القرآن شيء؟ قلنا : نعم هو شيء.

فقال الجهمي: إن الله خالق كل شيء فلم لا يكون مع الأشياء المخلوقة وقد أقررتم أنه شيء؟

قلنا له: إن الله لم يسم كلامه في القرآن شيئا، إنما سما الشيء للذي كان.

ويقال له: ألم تسمع إلى قولنا : قوله( إنما أمرنا لشيء)؟ فالشيء ليس هو قوله، إنما الشيء الذي كان.
ثم قال أيضا: ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ليس هو قوله فالشيء: إنما الشيء الذي كان بأمره.

ومن الأعلام والدلالات على أنه لا يعني كلامه مع الأشياء المخلوقة قوله لملكة سبأ :
( وأوتيت من كل شيء) وكان ملك سليمان شيئا ولم توته،
فذلك إذ قال الله كل شيء لا يعني كلامه مع الأشياء المخلوقة.

وقال الله للريح التي أرسلها على عاد: ( تدمر كل شيء بأمر ربها )
وقد أتت تلك الريح على أشياء لم تدمرها منازلهم ومساكنهم والجبال التي يحضرهم
وقد أتت عليها تلك الريح فلم تدمرها فذلك قوله فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم.
وقد قال : ( تدمر كل شيء بأمر ربها )
فذلك إذا قال (خالق كل شيء) لا يعني نفسه ولا كلامه ولا علمه مع الأشياء المخلوقة.

ومن الأعلام والدلالات عن الأشياء المخلوقة قول الله لموسى عليه السلام:
( واصطنعتك لنفسي ) وقال: ( كتب ربكم على نفسه الرحمة )
وقال عيسى : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) وقد قال: ( كل نفس ذائقة الموت )
وقد عقل عن الله تعالى أنه لا يسمى نفسه مع الأنفس التي تذوق الموت. وقد ذكر نفسه وكل نفس.

فذلك إذا قال خالق كل شيء لا يعني نفسه و لا كلامه ولا علمه مع الأشياء المخلوقة ،

وقد فصل الله بين قوله وبين خلقه حين قال: ( ألا له الخلق والأمر ) لم يبق شيء مخلوق إلا كان داخلا فيه،
ثم ذكر ما ليس خلق فقال (والأمر) هو قول الله.

فقال الجهمي: إن قول الله : ( ألا له الخلق والأمر ) واحد.

قلنا : إن الله إذا سمى شيئين مختلفين لا يدعهما مرسلين حتى يفصل بينهما بواو،
وألا تسمع إلى قوله : ( عسى ربه إن طلقكن إن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات )
فهذا كله صفة شيء واحد فهو مرسل ليس بمفصل ، فلما ذكر ( ثيبات ) قال : ( وأبكارا ).
فلما كانت البكر سوي الثيب فصل بينهما بواو.
ثم قال : ( إن صلاتي ) ثم قال : (ونسكي ) فلما كانت الصلاة سوى النسك فصل بينهما بواو.
ثم قال : ( إني معكما أسمع وأرى ) فلما كان أسمع سوى أرى فصل بينهما بواو.

ثم قال أيضاًُ : ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) يقول من قبل الخلق ومن بعد الخلق .
وكيف يكون كلامه مخلوقا وهو يقول : ( إن هو إلا وحي يوحى ) ولم يقل إنْ هذا إلا خلق مخلوق.
وقد سمى قوله قولا ، وسمته الملائكة قولا ، لم يسمه خلقا بقوله (حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق )
وذلك أن الملائكة لم يسمعوا صوت الوحي ما بين عيسى ومحمد ،صلى الله عليهما، وكان بينهما خمسمائة
فلما أوحى الله إلى محمد صوت الوحي كوقع الحديد على الصفا، فظنوا أنه أمر الساعة ففزعوا فخروا لخوفهم ، خروا سجدا.
وفي نسخة: لو جودهم فخروا سجدا
فذلك قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم ، يقول حتى إذا أنجلى الفزع عن قلوبهم رفعوا رءوسهم
قالت الملائكة بعضها لبعض (ماذا قال ربكم) ولم تقل ماذا خلق ربكم.
ففي هذا بيان لمن أراد الله هداه.

ثم إن الجهمي ادعى أمراً آخر فقال: ما يأتيهم من ربهم محدث، وكل محدث مخلوق .

فقلنا : أخبرونا أليس عالم بجميع ما في القرآن فمتى أحدثه بعد ما علم وقد أخبر أنه لم يزل عالماً.
وإنما معنى قوله : ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ، إنما هو محدث إلى النبي عليه السلام ، وقد كان قبل ذلك
لأن الله يقول : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان )
فأدراه الله وقد كان لا يدري ،
فالقرآن إنما هو محدث إلى النبي ، وأما عند الله فلا يكون محدثا ،
لأن الله - تبارك وتعالى - لم يزل بجميع ما في القرآن عالماً، لا متى علم ولا كيف علم .
ففي هذا بيان لمن أراد الله هداه.

ثم إن الجهمي ادعى أمراً آخر فقال: أنا أجد في كتاب الله آية تدل على أن كلامه مخلوق ،
فقلنا: أي آية في كتاب الله تدل على أن كلام الله مخلوق ؟
قال : قول الله : ( إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ).

فالكلمة التي ألقاها إلى مريم هي من قول الله : كن . فكان عيسى ، وليس عيسى كن ، وهو قوله.

ففي هذا بيان لمن أراد الله هداه،

وقد ذكرنا كلامه في سورة من القرآن قوله : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه )
وقوله : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ).
وقال الله لنبيه : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت
فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته )
فأخبرنا الله أن النبي كان يؤمن بكلام الله.
وقد قال الله في صفة مريم : ( وصدّقت بكلمات ربها وكتبه )
وقال : ( وإنْ أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) لم يعني حتى يسمع خلق الله،
قال : ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه ) .

وقال : ( وكلّم الله موسى تكليما. وقال إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) فالكلام غير الرسالة
فقد أخبرنا الله بخبر عن كلامه.

ففي هذا بيان لمن أراد الله هداه.

ثم إن الجهمي ادعى أمراً آخر فقال : أنا أجد أن كلام الله مخلوق .
قلنا : أين وجدته ؟
قال : وجدته من قول الله : ( خلق السموات والأرض ومابينهما)
ولا يخلو أن يكون في السماوات أو في الأرض أو فيما بينهما.

فلعمري لقد تكلم بأمر أمكن فيه الدعوى، خدع بها جهال الناس.
قلنا : إن الله يقول : ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق )
فالحق لذي خلق به السماوات والأرض كان قبل السماوات والأرض.
وقوله : ( فالحق والحق أقول ) .
وقال : ( والله يقول الحق ) هذا خبر أخبرنا الله به يقول الحق ، والحق قوله،
وقال : ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) فالحق الذي خلق به السموات والأرض و الحق قوله.

قلنا له : أخبرونا إذا كان كلامه مخلوقا وهو غير الله، فمن القائل للملائكة اسجدوا لآدم؟
ومن أمر الخلائق بالركوع والسجود؟
ومن أخبر عن من رضي الله عنه أن قد رضي عنه،
ومن المخبر عن من غضب الله عليه أنه قد غضب عليه ؟
فإن كان هذا الذي يخبر عنه غيره. (كذا!!)

وقد قال : ( عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام )
وقال: ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )
وكيف يكون غير الله مخلوق محدث يحكي ما قبله وبعده، وهو يقول : ( ألم تر كيف فعل ربك )
ويحكي عن الأمم فإن كان محدثا مخلوقا كيف علم الخبر من قبله أو بعده؟
فإن كان خلقا قبل الحكايات فكيف يعلم ما بعدها ما لم يطلع عليه بعده؟

وقال : ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) فاللوح مخلوق
فلما كان الكلام الذي خلق به اللوح كان قبل اللوح، فمن القائل للملائكة اسجدوا لآدم؟
الله بقوله الذي هو ؟ أم قوله المخلوق فهو القائل للملائكة اسجدوا؟
فقال: (لا يظهر على غيبه أحدا) ، أو متى خلق قبل أن يحكي للملائكة أو بعد؟

ويخلق كل ساعة إذا أراد أن يحكي عنه أو يوحي الكلام المخلوق؟ والذي يزعم مخلوق من خلق". ا.هــ

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي في (بيان الشرع 1/174-176) :

"فصل في أن كلام الله قبل اللوح وقبل القلم :

وأما احتجاجهم باللوح المحفوظ ، وقلتم : ما كان في اللوح المحفوظ فهو مخلوق ،
وتأولتم قول الله : ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ )
وقد أخطأتم التأويل لأن كلام الله قبل اللوح ، وقبل القلم، وقبل الرسم في اللوح المحفوظ ،

أو فيما احتججتم في اللوح حجة عليكم
وذلك أنكم قلتم أول ما خلق الله القلم والدواة واللوح ، فقال للقلم : أكتب ، فقال القلم : وما أكتب؟
قال: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة،
ألا ترون أن قوله أكتب قبل الكتابة ، وهو أمره .

ثم زعمتم أن القلم تكلم ، فإن كان ما قلتم فقد تكلم القلم بغير لسان و لا جوف ولا شفتين.

فلما قال : وما أكتب؟ كان أمر آخر ، فقال: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
فهذا قبل الكتابة، وهو كلامه وأمره

وأن لكم في المصاحف كفاية عن اللوح المحفوظ قائما.
إن القرآن مكتوب في المصاحف ، يرى إذا كتب ، ويسمع إذا قرئ،
فأخبرونا هل يجوز لقائل أن يقول لم يزل الأمر لله، و لا يزال الأمر لله ،
أو يقول : لله الأمر قبل أن يخلق الخلق، ولله الأمر بعد فناء الخلق؟
فإن قلتم : لا ، فقد زعمتم أن الله لم يكن له الأمر حتى خلق الخلق ، ولا يكون له الأمر بعد فناء الخلق ،
فإن قلتم : يجوز لقائل يقول لله الأمر قبل أن يخلق الخلق ، وبعد فناء الخلق. فقد فصلتم بين الأمر والخلق،
لأن الأمر كلامه ، والخلق خلقه.قال الله تبارك وتعالى: ( ألا له الخلق والأمر)
فلما قال الإله : (الخلق) كان جميع الخلق داخلا في معنى الخلق.
ثم قال: (والأمر) ففصل بينهما لأن الأمر كلامه.وقال : ( ومن يزغ منهم عن أمرنا)

وأما احتجاجهم بقوله : ( خلق السموات والأرض وما بينهما)
فقلتم : إن كل شيء بين السماء والأرض مخلوق ، والقرآن بين السماء والأرض ،

وقد قال تبارك وتعالى : ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق )
(فالحق) الذي خلق به السموات والأرض وما بينهما، غير (الخلق) الذي بين السماء والأرض،
وكان قبل السماء، ويكون بعد السماء والأرض، وهو كلامه وهو خارج الأشياء.

ومما يدل على أن الحق كلامه قول الله: ( والله يقول الحق ) (فالحق والحق أقول )
فالحق كلامه، وبكلامه كانت السماوات والأرض وجميع الأشياء ،
ولو كان على ما قلتم لكان:
ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما (و) الحق.
فلما قال : (بالحق) عرفنا أنه خلقها بأمره، وأمره كلامه.

وقال : ( ولقد خلقنا السموات والأرض ومابينهما في ستة أيام )
فالأيام الستة التي كون فيها السماوات والأرض كانت قبل السماء والأرض ،
أما سمعتم للسماء والأرض (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) وإنما أجابت بعد ما أمرت.

وقال الشاعر في الكلام ، وبلغنا أنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرثي النبي صلى الله عليه وآله وسلم شعرا:
فـقـــدنا الوحي إذ وليت عـنـا *** وودّعَنا من الله الكــــلامُ
سوى ما قد تركت لنا رهينا *** تضمنه القراطيس الكرام
(في المطبوع :القراطيس الكلام، والتصويب مما بعده. أبو المظفر)

ولو كان معنى الكلام معنى الخلق لم يقل (وودعنا من الله الكلام .سوى ما قد تركت لنا)
لأن الله خلق بعد وفاة النبي ، صلى الله عليه وسلم، خلقا كثيرا ،
وهو أيضا حجة على من زعم أن ما في المصاحف ليس بقرآن. ألا تسمع قوله:
سوى ما قد تركت لنا رهينا *** تواريه القراطيس الكرام
فأخبر أن القرآن في القراطيس". أ.هــ


وهذه نصوص أخرى للإباضية تدل على اختلافهم في الولاء والبراء بينهم في مسألة خلق القرآن،
مما يدل على أنهم قد علموا أن هذا الاختلاف ليس مجرد اختلاف لفظي كما يزعم السالمي والخليلي!!!

بل هو اختلاف معنوي له آثاره العقدية والعملية.

ومن تلك النصوص ما يلي :

فقد ذكر الكندي في (بيان الشرع 1/176 ) أسئلة موجهة لأحد علمائهم يدعى أبا سعيد- وهو من القائلين بخلق القرآن -
تضمنت هذه الأسئلة ما يلي :

" قلتَ : فإن قال : في الأسماء أنها مخلوقة وكذلك القرآن ، هل يلحقه معنى شرك أم كفر أم يسعه ذلك ؟

ومن قال : إن القرآن مخلوق وكانت له ولاية هل يكون على الولاية ؟
قلت : وهل قيل برأ منه بذلك ،

وكذلك إن قال : أسماء الله مخلوقة هل يكون ذلك؟
وإن كان قيل بالبراءة ممن قال ذلك فما تكون براءته : برأي أو بدين؟"

وورد في جواب عالمهم هذا في (بيان الشرع 1/177 – 178) على ما في السياق من الغموض والاضطراب :
" ومعي أنه قيل فيمن قال بخلق القرآن
أنه قال: من قال بالبراءة منه ، وقيل بالوقوف عنه ، وقيل بولايته على ما يوجد في معاني أصحابنا .

وكذلك يخرج عندي في القول في أسماء الله تعالى ، إذا ثبت معنى الاختلاف في حكم التسمية
على غير تفسير لا يسع ولا يخرج عندي إلا من طريق الرأي ،

وأما إذا كان ذلك على مخصوص ما لا يسع ، ولا يحتمل فيه للقائل مخرج من مخارج الحق ، فلا يجوز في ذلك الولاية ،
ولا الوقوف بعد علم حدثه ، فيما لا يسع جهله ، أو تزول بليته فيما لا يسع جهله ،

فإذا جاهد السير، عندي أنه أراد التفسير الذي وصفته لك ،
أنه لا يجوز من القول به في خلق القرآن ، ولا في أسماء الله ، تبارك وتعالى ، وجب في ذلك الحكم بالبراءة بالاتفاق لا بالاختلاف .

وإذا ثبت بذلك على وجه ما يجوز من التسمية في ذلك عندي براءة ولا وقوف ،[كذا ولعله: لا براءة ولا وقوف. أبو المظفر]
ووجبت الولاية فيه بالاتفاق ، فافهم ذلك وتدبر ما وصفت لك ، ولا تأخذ من قولي إلا بما وافق الحق والصواب ."

***************

وذكر الكندي في (بيان الشرع 1/178) نصا لأحد علمائهم من المغاربة
يستنكر على الإباضية اختلافهم في الأسماء والصفات، فيقول :

" بسم الله الرحمن الرحيم ، بالله عصمتنا وما توفيقنا وإياكم إلا بالله.

اختلف أهل هذه الدعوة المباركة في أمر لم يكن لهم الاختلاف فيه ،

لأن الذي دانوا به كله واحد، هو الإمام واللغة معروفة

اختلفوا في صفات الله ، تبارك وتعالى ،

فقال قوم :صفاته محدثة مخلوقة ،
وقال آخرون : بل لم يزل الله وله الأسماء الحسنى ،
ولم يعدوا ما اختلفوا فيه من أن ينفصل الحق من الباطل ، عند تقلب الأمور وموازنة بعضها ببعض ..."

****************
وقال الكندي في (بيان الشرع 1/183) :
" مسألة : ومن غيره ، وبلغنا عن أبي عبد الله رحمه الله ، أنه قال :
من قال أن القرآن مخلوق ، وقد تقدمت له ولاية أنه لا تنقطع ما لم يبرأ ممن لا يقول أن القرآن مخلوق ،

فإذا بريء ممن لا يقول أن القرآن مخلوق برأي ، برئنا منه بدين .
وهذا القول كان منه بعد أن قدم من صحار."
وذكر الكندي هذا النص أيضا في (1/184) وزاد بعده - على ما في النص من الاضطراب -:

" إلا أنه إذا قال أن القرآن مخلوق ولم يبرأ ممن لم يقل بقوله فإنه قال يجفا
أو قال يظهر إليه الجفا
أن هذا مما يسع جهله أو قال عدو للمسلمين
حفظ محمد بن هاشم عن عبد الله بن ربيعة وقال هذا مما يسع جهله".

وهذا موضوع كتبه الأخ (الفضي ) في شبكة أنا المسلم ،
وهو أيضا في قسم الكتب والمقالات في موقع من هم الإباضية. ومنه أخذته. مع تصرف يسير.


***************
جمع من علماء الإباضية يقولون بأن القرآن منزل ، ويشنعون على من يقول أنه مخلوق ، ويكفرونه - للكاتب الفضي بأنا المسلم:

قال بهذا عالم بارز من علماء الإباضية، ممن أثنى عليهم وشهد لهم بالعلم والتحقيق الخليلي نفسه،
مثل أبي بكر أحمد بن النضر العماني، صاحب الدعائم، في قصيدته وعنوانها:
((الرد على من يقول بخلق القرآن))

ومطلعها
يا مـن يقول بفطرة القـــــــرآن ** جـهــلاً ويثبت خــلــقه بلسان
لا تنحل القـــرآن منك تكــلــــفاً ** ببدائع التكليف والبــهــــــــتان
هل في الكتاب دلالة من خلقه ** أو في الــروايــة فأتِنَا ببيان


إلى آخر القصيدة، وهي تقع في خمسة وسبعين بيتاً، من كتاب ( الدعائم )،
طبع وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان.

وقـد شرح كتاب « الدعائم » ومن ضمنه هذه القصيدة،
العالم الشيخ محمد بن وصاف الفقيه العماني الإباضي ـ كما وصفوه بذلك ـ في مجلدين،
تحقيق: عبد المنعم عامر، نشر وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان.وهي في الجزء الأول.

قال المحقق الشيخ أبى الحسن البسيوي في كتابه (جامع أبى الحسن البسيوي) في ص73 :

مسألة: اختلاف الناس في كلام الله لموسى عليه السلام

وسأل عن : اختلاف الناس في كلام الله لموسى عليه السلام.

قيل له: إن الناس قد اختلفوا في ذلك.
فقال قوم: إنه أسمعه نفسه متكلما .
وقال آخرون : أسمعه صوتا أفهمه به الكلام .
وقال قوم : أنه كلمه بالوحي ، وقد قال تعالى : (وكلم الله موسى تكليما) وذلك حق من الله ،
وقد كلمه كما قال : كما شاء على ما شاء من ذلك.

ومن حجة الذي قال إن كلامه له بالوحي منه ، قوله تعالى (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب) ،
وهذا خبر غير منسوخ ، لأن الأخبار لا تنسخ ، فيجوز أن يكون كلمه بالوحي منه إليه ،

وقد سمى الله التوراة نورا ، وسماها كلامه ، وذلك قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أهل الكتاب
فقال (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ، وهم يعلمون) فالله اعلم.

وقد سمى التوراة كلامه ، كما ذكر أنه كلم موسى ، وذكر أنه أنزل التوراة والإنجيل وأنزل الفرقان ،
وقد سمى القرآن كلامه ، لقوله تعالى (حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) وسماه نورا ، وذكر أنه أنزله على رسوله، وهو كلامه

وقال تعالى (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب).

فذلك أن الكلام لا يكون إلا بالوحي ، كما قال ؛ ألا ترى أن الوحي كان ينزل إلى النبي به ،
بالاتفاق أن القرآن وحي ، وقد سماه الله كلامه ،
وقال الله تعالى لنبيه : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) إلى تمام القصة فذلك بالوحي كما قال الله تعالى.

وسأل فقال : كلام الله مخلوق أو غير مخلوق؟

قيل له : قد اختلف الناس في ذلك ،
فقال قوم أن كلام الله مخلوق ،
وقال الآخرون ـ وهم أكثر الأمة ـ أن كلام الله ليس بمخلوق ،
ووقف في ذلك واقفون ،

وكلام الله تعالى من صفاته، وصفاته لم تزل له ،
ولو جاز لقائل أن يقول ؛ إن الله لم يزل متكلما ثم تكلم ، لجاز لقائل أن يقول ؛ لم يكن الله عالم ثم علم ،
فلما فسد هذا القول على قائله ، وكان الإجماع أن الله لم يزل الرحمن الرحيم ، الحي العالم القدير
السميع البصير المتكلم ، فسد قول من يقول : إن كلام الله مخلوق

إذ هو المتكلم كما أنه هو العالم ، والكلام صفته ، فدل بذلك أن كلامه غير مخلوق ،
ولو جاز أن يكون غير متكلم ثم تكلم ، لجاز لمن يقول لم يكن عالما ثم علم ،

فلما كان موصوفا بالعلم ، كان موصوفا بالكلام ، ولو لم يوصف بالكلام ، لوصف بضده من السكوت ،
فلما لم يجز أن يوصف الله بذلك ، وجب أن يكون متكلما ، وكلامه غير مخلوق ،
ولو جاز أن يكون الله تعالى موصوفا بأنه حي غير متكلم ، لكان موصوفا بضد الكلام ،
ولو لم يوصف بالحياة لوصف بضد ذلك ، فلما فسد ذلك ، لم يجز ما قالوا ، لأن الأضداد عن الله منفية.

وإن قال : فإذا كان الله تعالى غير فاعل فيما لم يزل ، وجب أن يكون عاجزا أو تاركا؟

قيل له : ليس العجز مضاد للفعل ، وذلك انه ليس جنس من أجناس الفعل يضاد العجز، وقد يكون الشيء مع العجز،

ومن الدلالة على أن كلام الله تعالى هو شيء غير محدث ولا مخلوق ،
أن الكلام لا يخلو من أنه قديم أو محدث،
فإن كان محدثا لم يخل أن يكون أحدثه في نفسه أو قائما بنفسه ، أو في غيره ،

فيستحيل أن يحدثه في نفسه ، لأنه ليس بمحل للحوادث بالاتفاق ،
ويستحيل أن يحدثه قائما بنفسه لأنه صفة ، والصفة لا تقوم بنفسها ،
ويستحيل أن يحدثه في غيره ، لوجب أن يسبق كذلك الجسم ، الذي فيه الكلام ،
ومن أخص أوصاف الكلام اللازمة لنفسه ،[ كذا،وفيه سقط ، لعله : والأمر من أخص...الخ.أبو المظفر]
فإن كان أخص أو صافه أنه (أمر) وجب أن يكون ذلك الجسم آمرا أو ناهيا ،
فلما استحال أن يكون متكلم بكلام غيره ، استحال أن يحدث كلام الله في غيره ، وأن يكون به متكلما ،
فلما فسدت هذه الوجوه التي لا يخلو الكلام منها ، صح أنه لم يزل متكلما ، لأن من صفته الكلام.

فإن قال : يجوز أن يحدث في غيره كلاما ، يكون به متكلم؟

قيل له : لو لزم ذلك ، للزم أن يعلم ويقدر بعلم وقدرة يحدثهما في غيره ،
كما يتفضل وينعم بما يحدثه في غيره ، فإن لم يجز هذا ، لم يجز ما قلتموه.

فإن قالوا : فليس جائز لأن يحدث الله كتابة في غيره ، ولا يكون الشيء الذي قامت به الكتابة كائنا؟
قيل لهم : إذا أحدث كتابة في غير ضرورة ، كان ذلك الغير كائنا باطراد ،
وإن كانت الكتابة كسبا ، كان ذلك الغير، كاتبا باكتساب ،
فيجب إذا أحدث الله كلامه في غيره ، كان ذلك الغير متكلما بكلام الله ،
فلما لم يجز ذلك ، كان هذا دليلا على قدم الكلام.

فإن قال : فكيف يكون كلام الله تعالى؟
قيل : كلامه ليس يكون من مخارج الكلام ، ولا كلامه بلهاوات ولا شفتين كالخلق - تعالى الله -
ولم يكن الكلام كلاما لأنه حرف ولأنه حروف،
والكلام معروف وهو البيان ، وقد قال الله تعالى : (ا لرحمن علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان).

فإن قال قائل : لم جاز لكم أن تقولوا إن الله عز وجل لم يزل متكلما وأن كلام الله غير مخلوق؟

قيل له : لأن من صفته الكلام ، وصفته لم تزل له ، فهو المتكلم ، وكلامه غير مخلوق ،
وقد قال الله تعالى : (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)
ولو كان قوله مخلوقا لكان الله قائلا له كن ،
والقرآن قوله ، ويستحيل أن يكون قوله مفعولا به ، لأن هذا يوجب قولا ثانيا ،
والقول من القول الثاني وفي تعلقه قول ثالث كقوله في القول الأول ،
وهذا يفضي إلى ما لا نهاية ، وذلك فاسد ، فإذن فسد أن يكون كلامه مخلوقا.

فإن قال : القرآن مخلوق أم لم يزل؟
قيل له : قد اتفقنا أن القرآن كلام الله ، وأن الله قد سماه كلامه ،
وقد قام الدليل أن كلام الله غير مخلوق ، فالقرآن لا يكون مخلوقا وهو كلام الله بالاتفاق ،
وكلامه وصفاته التي لا يجوز عليها الأضداد ،

ولو كان القرآن الذي هو كلام الله مخلوقا ، لم يخل أن يكون خلقه في نفسه أو في غيره ،
أو خلقه لا في نفسه ولا في غيره والقرآن صفته.
فإن قلت في نفسه، أحلت لأن نفسه ليست بمحل للحوادث ولا للمخلوقات ،
وإن قلت خلقه لا في نفسه ولا في غيره، أحلت لأن الصفة لا تقوم بنفسها ، والقرآن صفة ،
وإن قلت خلقه في غيره لم يجز أن يكون متكلما بكلامه غيره ، ولا يكون كلام غيره هو كلامه
، فكان قوله لشيء مخلوق كن: مخلوقا بقول ثاني كن ،
والثاني بالثالث ، والثالث بالرابع ، وذلك ما لا نهاية له." ا.هـــ

وهذا الموضوع للكاتب ( الفضي )، وهو أيضا في قسم الكتب والمقالات من موقع من هم الإباضية.

وقد رجعت إلى الكتاب، وصححت الأخطاء المطبعية فيه،
كما ذكرت اسم المؤلف ونسبه، وتاريخ الطبع، واسم المطبعة.
وهو ما لم يكن موجودا في هذه المشاركة القيمة، والتي لا ينقص ذلك من قدرها وأهميتها.

ولا بد من القول : بأن محقق الكتاب جهمي معتقد لخلق القرآن. ولذا حشى الكتاب بنقولات الجهمية.
وأكثر النقل من كتاب الخليلي ( الحق الدامغ) والذي هو أحق بأن يسمى بـ ( الباطل الدامع)!!

وقد سبق ذكر الرد على أكثر هذه الشبهات من نصوص الإباضية أنفسهم ، لاسيما المشاركة الأولى في هذا الموضوع.
فضلا عن رد الشيخ علي بن ناصر الفقيهي المسمى (الرد القويم البالغ على كتاب الحق الدامغ)
وهو الرد الذي أخرس الخليلي وطائفته فلم يستطيعوا له نقضا.

وهذه هي مشاركة الأخ ( الفضي ) مع بعض التصرف:

***************************

وفي كتاب: (زاد المسافر في الرد على من جاء يُناظر)
[تأليف من وصفوه بالشيخ الفقيه والحبر النزيه العالم الورع الجليل
سليمان بن بلعرب بن محمد بن بلعرب بن أبي القاسم بن يزيد بن محمد بن يعرب
ابن أبي بكر بن دهمان بن أبي سعيد البوسعيدي الحممتي
والذي فرغ من تأليفه عام 1085 هـ بجامع مدينة صحار].

الطبعة الاولى[ 1417هـ/1997م بمطبعة عمان ومكتبتها المحدودة].

تحقيق الدكتور/مبارك بن عبد الله الراشدي [ص (79-87)]:

"[ الباب السادس] :
في الرد على من يقول بخلق القرآن ،مستخرج من كتاب الله،وهو من معاني التوحيد أيضا:

فإن سأل سائل:عن القرآن مخلوق أو غير مخلوق؟

قيل له:القرآن غير مخلوق،
وهو وحي الله وكلامه وتنزيله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم،

((((((فمن قال غير ذلك فقد كفر )))))))،


لأن كلام الله هو صفة من صفاته جل ذكره،
ولا يجوز أن، يُقال أن الله خالق كلامه،لأن كل مخلوق محدث،وكل محدث سيفنى،
وكلام الله تعالى ليس بمحدث،وليس هو بفان،لأنه صفة من صفاته،سبحانه وتعالى.

فإن قال:كيف يقولون أن القرآن غير مخلوق،وفيه آيات تدل على أنه مخلوق،
كقوله تعالى: (إنّا جعلناه قرآنا عربيا)
وقوله تعالى: (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث) سماه محدث؟

قيل له:ليس في هذه حجة،
أما قوله سبحانه وتعالى : (إنّا جعلناه قرآنا عربيا)،فالجعل ها هنا لا يدل على الخلق، لأنه يعدى إلى مفعولين،
فنص القرآن وصفته،[فكل ما] كان من الجعل في القرآن يتعدى إلى مفعولين،لا يدل على الخلق،

ومعناه: التصيير للشيء (جعلناه قرآنا عربيا)، أي :صيرناه (قرآنا عربيا)،

ولو أن الجعل الذي في القرآن كله يدل على الخلق، لكان قوله تعالى يخبر عن إبراهيم(عليه السلام)
حين دعا ربه: (وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا بلداً أمنا)، ولو أن معناه الخلقَ له، لما قال: (اجعل هذا)يشير إلى بلد مخلوق،
لأنه لا تكون الإشارة إلا إلى شيء موجود،والبلد مخلوق قبل إبراهيم (عليه السلام) وهي ـ والله أعلم ـ أنها مكة،

وكذلك قوله تعالى: (رب اجعلني مقيم الصلاة)،فهذا دعاء منه ليجعله مقيم الصلاة،ولا يدعو الله من لم يكن شيئاً مخلوقاً موجوداً،
فانظر في ذلك ألا ترى إلى قوله تعالى: (ألم يجعل كيدهم في تضليل)،معناه :ألم نصير (كيدهم في تضليل)،
وكثير في آي القرآن تركت ذكره اختصارا.

وأما الجعل الذي معناه الخلق كقوله تعالى: (وجعل الظلمات والنور)، وقوله تعالى : (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فَيهِ)،
وقوله تعالى : (هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها)،
فهذا وكثير غيره في القرآن على معناه لم أعدده اختصارا، والله أعلم بتأويل كتابه.

وأما قولك: (وما يأتيهم مِنْ ذكرٍ من الرحمن محدثٍ)،
التفسير:أنّ معنى الذكر،هو العبارة عن الشيء، والعبارة عن الشيء هي غيره؛
وقيل: أن الذكر هو النبي صلى الله عليه وسلم،في هذا الموضع والله أعلم،وهو مخلوق محدث،
أي: فليس لك في هذا حجة ،

ويجوز أن يكون معناه: (وما يأتيهم من ذكرٍ من الرحمن محدثٍ)، أي: ينزل عليهم شيء،
فالذي نزل بعد نزول الذي قبله فهو أحدث من الذي قبله،يعني حدوث نزوله عليهم،لا حدوث خلق له،
لان كلام الله تعالى قديم،ليس هو بمحدث،لأنه صفة من صفاته،لأن صفاته عز وجل ليست بمحدثة،
ولا يدل هذا على خلق القرآن،لأن القرآن هو كلام الله،
ولو كان كلامه عز وجل مخلوقاً،لاحتاج إلى كلام غيره أن يخلقه به،
لقوله سبحانه وتعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)،
فيدل هذا أنه عز وجل لا يخلق جميع الأشياء إلا بقوله سبحانه وتعالى:" كوني"،
فلو كان قوله: (كن) مخلوقاً، لاحتاج إلى قول آخر كذلك،إلى ما لا يتناهى من الأقوال،
إلى ما لا نهاية لذلك ولا غاية، فهذا من المحال،

بل أن كلامه جل ذكره غير مخلوق،وهو صفة من صفاته،
وقد ميزه عز وجل من الخلق بقوله سبحانه وتعالى: (ألا له الخلق والأمر)،فالأمر كلامه سبحانه، والخلق غير كلامه،
فهذا أقوى دليل على إبطال حجة من قال: أن القرآن مخلوق،

ودليل أخر قوله سبحانه وتعالى: (ألم ترَ أنّ الله خلق السماوات والأرض بالحق) ،
وقوله عز وجل: (كن فيكون) ،
فدل هذا على أن كلامه عز وجل غير مكان ليكون فيه وليستقر عليه،

وأين خلق الله كلامه : فيه عز وجل أم في غيره؟

فإن زعم هذا المدعي لخلق القرآن أن الله خلق كلامه فيه ، فقد جعل الله محل للحوادث،
وهو عز وجل منزه عن ذلك لا يحل فيه شيء، ولا هو يحل في شيء،سبحانه وتعالى،

وإن قال: خلقه في غيره، فلا يجوز ذلك على الله أن يتكلم بكلام غيره،

وإن قال: خلقه لا فيه ولا في غيره،فهذا محال، لأن كلام الصفة لا يقوم بنفسه،

فلما بطلت الوجوه الثلاثة، صح أنه متكلم بنفسه، والقرآن صفة من صفات ذاته،سبحانه وتعالى." اهـ



========
منقـول