عرض مشاركة واحدة
قديم 22-01-12, 03:37 AM   رقم المشاركة : 2
الفاروق اليامي
عضو نشيط






الفاروق اليامي غير متصل

الفاروق اليامي is on a distinguished road


الحلقة الثانية

محكمة العدل الإسلامية


كان الأقباط ممنوعين من ممارسة شعائرهم من قِبل الرومان وقد صادروا كنائسهم وحولوا الأقباط إلى عبيد وخدم بشهادة المؤرخين الأقباط والأوربيين، ويقول القبطي المصري الدكتور نبيل لوقا بباوي عن تعذيب الرومان للأقباط:
(حدث في المسيحية أيضاً التناقض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام بين البشر وعدم الاعتداء على الغير وبين ما فعله بعض أتباعها في البعض الآخر من قتل وسفك دماء واضطهاد وتعذيب ، مما ترفضه المسيحية ولا تقره مبادئها ، مشيرة إلى الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الكاثوليك ، لا سيما في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولى الحكم في عام 248م ، فكان في عهده يتم تعذيب المسيحيين الأرثوذكس في مصر بإلقائهم في النار أحياء على الصليب حتى يهلكوا جوعا ، ثم تترك جثثهم لتأكلها الغربان ، أو كانوا يوثقون في فروع الأشجار ، بعد أن يتم تقريبها بآلات خاصة ثم تترك لتعود لوضعها الطبيعي فتتمزق الأعضاء الجسدية للمسيحيين إربا إربا..) ..
وقال الدكتور نبيل لوقا بباوي: (إن أعداد المسيحيين الذين قتلوا بالتعذيب في عهد الإمبراطور دقلديانوس يقدر بأكثر من مليون مسيحي إضافة إلى المغالاة في الضرائب التي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى ، لذلك قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر اعتبار ذلك العهد عصر الشهداء ، وأرخوا به التقويم القبطي تذكيرا بالتطرف المسيحي. وأشار الباحث إلى الحروب الدموية إلتي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا ، وما لاقاه البروتستانت من العذاب والقتل والتشريد والحبس في غياهب السجون إثر ظهور المذهب البروتستانتي على يد الراهب مارتن لوثر الذي ضاق ذرعا بمتاجرة الكهنة بصكوك الغفران).

وبعد الفتح الإسلامي تم تحرير كنائس نصارى مصر من الاحتلال والاغتصاب الرومانى، لا ليحولها إلى مساجد للمسلمين، وإنما ليردها للنصارى الأقباط مما جعل الأقباط أنفسهم ينسلخون من المسيحية ويدخلون في الإسلام أفواجا..


ساد العدل وعاش الناس في أمان، وتذوق الناس مباديء حقوق الإنسان واقعا لا خيالا، فانتعشت الحياة الإقتصادية والإجتماعية، وصار وئام ووفاق بين المسلمين والمسيحيين، وانتشرت مسابقات ركوب الخيل في مصر بعد الفتح، وفي إحدى المسابقات كان من بين المتسابقين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص وعدد من شبان الأقباط، وبعد جولة أو جولتين فاز بالسباق أحد الأقباط المغمورين، فاستدار ابن الأمير، كأنما هو قد أهينت كرامته!! أقبطي يسبق إبن ملك مصر؟ فمال على رأس القبطي وضربه بالسوط وقال له: "أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟"، فغضب والد الغلام القبطي وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هَتْكَ العدالة والحرية التي أنعم بها الإسلام عليهم، ويطلب منه إنصاف ولده، ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل تأثر كثيرا وغضب غضبا شديدا، فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص رسالة مختصرة يقول فيها: "إذا وصلك خطابي هاذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك"!..

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالا لأمر أمير المؤمنين، وعقد عمر بن الخطاب محكمة ليست عسكرية ولا أمنية ولكنها محكمة إسلامية للطرفين تولاها بنفسه، وجمع عمر الصحابة ليشاهدوا نتائج الحكم، وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطي وقال قولته المشهورة: "اضرب ابن الأكرمين، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!!" ، وهاذا الإكتشاف الخطير لحقوق الإنسان لم يكتشفه الغربيون إلا حديثا حيث يقولون إن جان جاك روسو، صاحب كتاب "العقد الاجتماعي"، قرر عام 1750 بعد اختراع عجيب أن (الانسان يولد حرا) !! وعندما قرأ خطيب الثورة الفرنسية (لافاييه) بيان الثورة الفرنسية الأول صـُدِم عندما قرأ: " يولد الرجل حرا ولا يجوز استعباده"، فرفع لافييه رأسه وقال:

"أيها الملك العربي العظيم عمر بن الخطاب، أنت الذي حققت العدالة كما هي"...


الإسلام إذن نشر العدل والمباديء والمثل الإسلامية العليا، وانتشر عدل عمر وملأ الأفاق، وعندما ضرب ابن عمرو بن العاص الشاب القبطي، تذكر القبطي أن الإسلام لا يقبل هذا التصرف ومن أجل ذالك لا بد من الشكوى وأخذ الحق من خليفة المسلمين في المدينة، فما كان لابن الحاكم أن يعتدي على مواطن عادي لأنه ابن الحاكم!! فقد ولدت كل النساء أولادهن أحرارا، وربما كانت تلك الشكوى من القبطي امتحانا للإسلام المتمثل وقتئذ في خليفة المسلمين عمر، وربما كانت نوعا من التحدي بين من يرى أنه سيأخذ حقه وبين من كان يظن أن هناك تفريق بين أولاد الحكام وأولاد المحكومين!!..
فهل عرف العالم حاكما مسلما وحكما إسلاميا كحكم رسول الله ثم أبي بكر وعمر؟


يتبع مع وفد كسرى...