اللهم آمين
بارك الله بكم إخوتي الأعزاء .. على مروركم الكريم , وقد نسيت ان اقول يتبع , فيتبع ...
تأملات في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه!!
دعوته وتضحياته !!
إن برهان الدعوة السابق في حياة أبي بكر أكبر من أن ترويه قصة ، والثمار التي أينعت بتلك الرجال لم ينبعث بها النوم هبة رباينة ، كلا ! وإليك شاهد عيان يحكي لك بعض مواقف النبلاء :
روت عائشة ـ رضي الله عنه ـ أنه لما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال :
يا أبا بكر إنا قليل ، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته ، وقام أبو بكر في الناس خطيباً ، فكان أول خطيب دعا إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً ، ووطيء أبو بكر وضرب ضرباً شديداً ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ، ونزا على بطن أبي بكر رضي الله عنه حتى ما يُعرف وجهه من أنفه ، حتى حُمل رضي الله تعالى عنه في ثوب ودُخل به إلى منزله ولا يشكّون في موته ، ثم جعل والده وقومه يكلموه حتى أجاب آخر النهار ، وما زاد أن قال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه وقالوا لأمه : أنظري تطعميه أو تسقيه فلما خلت به ألحت عليه وجعل يقول : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : والله ما لي علم بصاحبك ، فقال : أذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فسأليها عنه فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ، فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك ؟ قالت : نعم ، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً ، فدنت أم جميل ، وأعلنت بالصياح ، وقالت : والله إن قوماً نالوا منك لأهل فسق وكفر ، إنّني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم ، قال فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : هذه أمك تسمع ، قال : فلا شيء عليك منها ، قالت : سالم صالح ، قال : أين هو ؟ قالت : دار الأرقم ، قال : فإن لله علىّ ألا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله فأمهلتها حتى إذا هدأت الرّجل وسكن الناس ، خرجتا به يتكئ عليهما ، حتى أدخلتاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أكب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبّله ، وأكب عليه المسلمون ورقّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة ، فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي يارسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي برّة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار ، قال : فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعاها إلى الله فأسلمت .وأنت ترى في هذا الموقف حرص الصديق رضي الله تعالى عنه على بلاغ هذا الدين ، والإعلان به ، والصدح على مسامع البؤساء بهذه الرسالة الخالدة ، لقد كان أبو بكر يعيش آثار الرسالة الحقيقية في قلبه ، وقد خالطت دمه ، وتخللت إلى روحه فلقي برد جمالها وروعتها فلم يجد بُداً من الصدح بها ولو كانت العواقب أكبر مما يتصوّر الإنسان ! وهل يمكن لإنسان على وجه الأرض أن يكتب لرسالته أثراً دون هم أو جهد أو حتى بلواء ومشقة ؟! لم تر عيني إلى هذا التاريخ ذلك ، ولا سمعته أذني في أخبار السابقين ، ولا رأيته وسماً لأحد من المخلوقين ! وهذا أبو بكر يبرهن على بعض هذه المعالم ، ويكتب ترجمة لتلك المعاني ، فلله دره ما أكبره ! والله دره ما أصبره ! ولله دره ما أروعه مثالاً يحتذى به على مسامع العالمين .