عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-10, 01:58 PM   رقم المشاركة : 9
الفهرس
اثني عشري






الفهرس غير متصل

الفهرس is on a distinguished road


أخي الجمال أود الإشارة إلى أن للنبي صلوات الله عليه عدة زوجات، وكل واحدة منهن تسكن في بيت مستقل، ولفظ (البيت) الوارد في عبارة (أهل البيت) واحد وليس متعدد، فلا يستقيم أن يدخل في (اهل بيت النبي) زوجاته لأنه ليس بيتا واحدا وإنما بيوت، والظاهر من لفظ البيت في (اهل البيت) ان الالف واللام عهدية.
أولاً: يحدد المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما يضاف اليها، فأهل القرى: سكانها، وأهل الكتاب، اتباعه، وأهل الرجل: عشيرته وذو قرباه (القاموس المحيط) واخص الناس به (لسان العرب)، ومن يجمعه واياهم نسب أو دين (مفردات الراغب)، وأهل بيت الرجل: ذو قرباه ومن يجمعه واياهم نسب (مفردات الراغب) واطلقت في الكتاب الكريم على أولاد ابراهيم (عليه السلام) واولاد أولاده، قال تعالى: (( رحمة الله وبركاته عليهم اهل البيت انه حميد مجيد )) .
وهناك فرق بين أهل الرجل وأهل بيت الرجل، فقد عبر في اللغة مجازاً بأهل الرجل عن امرأته. قال الزبيدي في (تاج العروس): ((ومن المجاز: الاهل للرجل زوجته))، أما أهل بيت الرجل: فهم من يجمعه واياهم نسب، وتعورف في اسرة النبي (صلى الله عليه وآله) (مفردات الراغب) (مودة أهل البيت / مركز الرسالة).
ثانياً: من الواضح أن (أهل البيت) متكونة من لفظتين هي (أهل) التي ذكروا أنها ولفظة (آل) بمعنى واحد, وذكروا لهما معاني متعددة بين الضيق والسعة يرجع اليها في البحث المتعلق بمعنى (الآل) وهل هم أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله) او اتباعه او غير ذلك.
واللفظة الاخرى فهي (البيت) فهل المراد منها المعنى الموضوع لها وهو مكان السكن المتكون من الطين والخشب أي البيت المادي, او المراد منها هنا المعنى الاستعمالي وهو بيت الذروة والشرف ومجمع السيادة أي بيت النبوة.
(مع أنه قد عرفنا من تنصيص أهل اللغة ما هو المعنى المراد من استعمال (أهل البيت) اذا جاءا معاً عند العرب وبالتالي لا فرق بين تعيين أي من المعنيين، ولكن المعنيان المذكوران اصبحا مورداً لظهور شبهة سوف تأتي الاشارة اليها في النقاط التالية.
ثالثاً: من الواضح ان المقصود من البيوت في (( وقرن في بيوتكن )) و (( واذكرن ما يتلى في بيوتكن )) هي البيوت المبنية من الطين والخشب، وكذا في قوله (بيوت النبي) وهو غير المعنى المراد من مجموع لفظتي (أهل البيت) كما عرفت من تنصيص أهل اللغة، سواء قلنا أن المراد من لفظة بيت فيه الطين والخشب أو بيت الذروة والشرف وذلك واضح من الآية: (( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً )).
أما اذا قلنا أن المراد من (البيت) فيها هو بيت الطين والخشب فلانه قد أضاف جمع البيوت في (بيوتكن) الى النساء وفي (بيوت النبي) الى النبي، وهنا عرف البيت بالألف واللام العهدية لا الجنسية أو الاستغراقية كما هو واضح فانه لا يريد جنس البيوت ولا كل بيت بيت.
فتحصل أن هذا البيت المعهود ليس أحد تلك البيوت المنسوبة للنساء! والا فما هو المرجح بينها؟! وانما هو بيت آخر غيرها معهوداً بين المتكلم والمخاطب (صلى الله عليه وآله)، قد يكون بيت علي (عليه السلام) كما ذكر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما اشار اليه أبو بكر وقال: هل هذا البيت منها؟ أي من البيوت التي اذن الله أن ترفع كما جاء في الآية، فاجابه (صلى الله عليه وآله) ان: (نعم, بل من افضلها) ـ وبيت علي (عليه السلام) هو بيت النبي (صلى الله عليه وآله) بلا اشكال.
وهذا، فيما لو تنزلنا وقلنا بان المراد هو هذا المعنى (أي المصنوع من الطين والخشب) وهو مورد الشبهة التي جاء عن العامة الذين قالوا بأن أهله كل من دخل تحت سعفه فالازواج من أهله، وقد عرفت الجواب! مع أنا قد ذكرنا ان المعنى المستعمل في المركب من اللفظين (أهل) و (البيت) هو غير المعنى المفرد لكل منهما كما عرفت من تنصيص أهل اللغة، فلاحظ.
وأما إذا أريد من البيت هو بيت الذروة والشرف وبيت النبوة وان المراد منه كما يراد من مثل قولهم أهل القرآن وأهل الله، فعند ذلك لا يصح الدخول فيه الا لمن حصل له الاهلية والاستعداد الكامل الذي يكون السبب في التنصيص عليهم من قبل الله، فلا يراد منه الا المنتمون الى النبوة والوحي بوشائج روحية خاصة ولا يشمل كل من يرتبط ببيت النبوة من طريق السبب او النسب فحسب، ولذا سألت ام سلمة عن دخولها فيه فجائها الجواب بالنفي، وهذا البيت هو المراد من (( بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه... )) كما تقدم سابقاً في جواب النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر.
وورد أيضاً ان قتادة لما جلس إمام الباقر (عليه السلام) قال: لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك؟! قال له أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي ((بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو الآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة))، فانت ثم ونحن أولئك). فقال قتاده: صدقت والله جعلني الله فداك، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين.
ولعل هذا المعنى الثاني للبيت مأخوذ من المعنى المستعمل فيه (أهل البيت) كما نقلنا عن أصحاب اللغة.
رابعاً: وبعد كل ما تقدم فقد عرفت ما هو المراد من لفظتي (أهل البيت) فيما اذا وردتا معاً، وقد عرفت ان النزاع قائم في ان معنى أهل البيت هل هو واسع يشمل الزوجات أو انه مقتصر على أشخاص معينين هم أصحاب الكساء، ما فترق المسلمون الى أقوال ونحن نستدل بحديث الكساء الصحيح على حصرهم بالخمسة اصحاب الكساء اضافة الى ما تقدم كله.
فاذا تقرر ذلك: نقول: هل يمكن ان تستفيد من نفس الآية حصراً بغض النظر عن الادلة الاخرى اختلاف المراد من (بيوتكن) و (أهل البيت)، وبالتالي عدم دخول الزوجات في أهل البيت (عليهم السلام). فنقول: من الواضح أن المراد في (بيوتكن) هو بيت الطين والخشب وهو يجمع اذ لو كان لشخص معين عدة زوجات وكل منها اسكنها في بيت فيقال (هذه بيوت هذا الرجل) أو (بيوت زوجاته)، وأن المراد من (أهل البيت) معنى آخر هو ذو قرباه ومن يجمعه واياهم نسب (مفردات الراغب). ولا تجمع لفظة (البيت) فيه بهذا المعنى، اذ لم يعرف من كلام العرب ان يقولوا (أهل بيوت النبي) ويراد به هذا المعنى المتقدم، فاذا كان للرجل عدد من الاولاد من زوجات مختلفة اسكنهم في بيوت مختلفة فانهم يقال لكل اولاده (أهل بيت الرجل). نعم، قد يستعمل (أهل بيوت الرجل) لكن بمعنى من كان تحت سقوف بيوته أي يمكن أن يجمع بذلك المعنى الاول.
فاذا نظرنا الى الآية نجد أن البيوت جاءت مجموعة عندما أضيفت الى النساء، وانها جاءت مفرداً عندما عرفت بالالف واللام وتعلقت بالاهل فتعرف ان البيوت المرادة هناك غير البيت المراد هنا. فيمكن أن تكون اشارة لطيفة بلاغية على الاختلاف، نظراً لابدال التعبير من الجمع الى المفرد ثم الى الجمع في نفس الآيات، ولكن لا يمكن أن يكون دليلاً مستقلاً وذلك لانا قلنا أن البحث حول دخول الزوجات أو عدم دخولهن مرتبط بتحديد معنى ومفهوم (أهل البيت) سواء من اللغة أو القرآن أو السنة على الخلاف بين الآراء، فاختلاف المعاني المرادة من البيت لا يعني بالضرورة عدم دخول النساء في (أهل البيت)، الا ترى أنه لا تناقض في الآيات لو ثبت فرضاً من دليل خارج أن النساء داخلات في (أهل البيت)!
نعم، نعود ونقول: أنه مؤيد واشارة لطيفة تتم اذا ادعى مدعي ان المراد من (البيت) في (أهل البيت) في الآية هو البيت المحسوس من الطين والخشب وتتأكد هذه الاشارة التي نوهنا اليها هنا اذا لاحظنا العودة الى جمع (البيوت) مرة اخرى في آية (واذكرن) بعد آية التطهير فكأنها تؤكد ان هذه البيوت غير ذلك البيت والا لماذا عاد للتفريق بالجمع والاضافة اليهن بعد الافراد والتعريف بالالف واللام العهدية.