عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-10, 08:57 AM   رقم المشاركة : 2
abo khaled
موقوف لمخالفته قوانين المنتدى وعدم الالتزام بتوجيهات المشرفين







abo khaled غير متصل

abo khaled is on a distinguished road


الجواب عن الشبه التي تعلق بها المؤلف لإباحة الغناء

ثم نقل المؤلف : عن الغزالي أنه ذكر في كتاب الإحياء أحاديث غناء الجاريتين ولعب الحبشة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - وتشجيع النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بقوله : (دونكم يا بني أرفدة) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لـ عائشة : تشتهين أن تنظري ووقوفه حتى تمل هي وتسأم ولعبها بالبنات هي مع صواحبها ، ثم قال : فهذه الأحاديث كلها في الصحيحين ، وهي نص صريح في أن الغناء واللعب ليس بحرام ... إلخ ما نقل .

والمؤلف موافق للغزالي في استدلاله بهذه الأحاديث على إباحة الغناء مطلقا ؛ لأنه ساق كلامه مستشهدا به ومقررا له ، ولا يخفى أن هذه الأحاديث لا تدل بوجه من الوجوه على إباحة الغناء ، وإليك بيان ذلك :

أما حديث لعب الحبشة فليس فيه ذكر الغناء أصلا إنما فيه أنهم كانوا يلعبون بحرابهم ودرقهم ، وذلك جائز ، بل قد يكون مستحبا لما فيه من التدريب على استعمال آلات الحرب والتمرن على الجهاد .

قال النووي - رحمه الله - في شرح صحيح مسلم ( 6-184 ) فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ا هـ .

وقد ترجم عليه البخاري في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد )

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 2-304 ) واستدل به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب للتدريب على الحرب والتنشيط عليه ، واستنبط منه جواز المثاقفة ، لما فيها من تمرين الأيدي على آلات الحرب . ا هـ .

هذا ما فهمه هؤلاء الأئمة الأجلاء من حديث لعب الحبشة ، وهو الذي دل عليه الحديث لا ما فهمه الغزالي والمؤلف . والله أعلم

وأما حديث غناء الجاريتين فلا دلالة فيه أيضا على إباحة الغناء ؛ لأنه يدل على وقوع إنشاد شيء من الشعر العربي في وصف الحرب من جاريتين صغيرتين في يوم عيد . قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين ( 1-493 ) : وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب ، في وصف الشجاعة والحروب ، ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ؟ والعجب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ، ولا مفسدة في إنشادهما ، ولا استماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟ فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ؟ ا هـ .

وقال ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس صفحة ( 217 ) : والظاهر من هاتين الجاريتين صغر السن ؛ لأن عائشة كانت صغيرة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسرب إليها الجواري فيلعبن معها ، ثم ذكر بسنده عن أحمد بن حنبل أنه سئل أي شيء هذا الغناء قال غناء الركب : أتيناكم أتيناكم ، ثم قال ابن الجوزي في صفحة ( 229 ) من الكتاب المذكور : أما حديث عائشة رضي الله عنها ، فقد سبق الكلام عليهما ، وبينا أنهم كانوا ينشدون الشعر ، وسمي بذلك غناء لنوع يثبت في الإنشاد وترجيع ، ومثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال ، وكيف يحتج بذلك في الزمان السليم عند قلوب صافية على هذه الأصوات المطربة الواقعة في زمان كدر عند نفوس قد تملكها الهوى ، ما هذا إلا مغالطة للفهم ، أوليس قد صح في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لو رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن المساجد ، وإنما ينبغي للمفتي أن يزن الأحوال ، كما ينبغي للطبيب أن يزن الزمان والسن والبلد ، ثم يصف على مقدار ذلك ، وأين الغناء بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث من غناء أمرد مستحسن بآلات مستطابة ، وصناعة تجذب إليها النفس ، وغزليات يذكر فيها الغزال والغزالة والخال والخد والقد والاعتدال . فهل يثبت هناك طبع ؟ هيهات ، بل ينزعج شوقا إلى المستلذ ، ولا يدعي أنه لا يجد ذلك إلا كاذب أو خارج عن حد الآدمية ... إلى أن قال : وقد أجاب أبو الطيب الطبري عن هذا الحديث بجواب آخر ، فأخبرنا أبو القاسم الجريري عنه أنه قال : هذا الحديث حجتنا ؛ لأن أبا بكر سمى ذلك مزمور الشيطان ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي بكر قوله إنما منعه من التغليظ في الإنكار لحسن رفعته ، لا سيما في يوم العيد ، وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ، ولم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، وقد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه ، وقد أخذ العلم عنها . ا هـ .

وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 6-182 ) قال القاضي : إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة ، وهذا لا يهيج الجواري على شر ، ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه إنما هو رفع الصوت بالإنشاد ، ولهذا قالت وليستا بمغنيتين ، أي ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى ، والتعريض بالفواحش ، والتشبيب بأهل الجمال ، وما يحرك النفوس ، ويبعث الهوى والغزل ، كما قيل الغناء فيه الزنا ، وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ، ويبعث الكامن ، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا ، والعرب تسمي الإنشاد غناء . ا هـ .

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 2-442-443 ) : واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب ( يعني حديث غناء الجاريتين ) على إباحة الغناء وسماعه ، بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها : ( وليستا بمغنيتين ) فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما اللفظ ؛ لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه الأعراب النَّصْب بفتح النون وسكون المهملة ، وعلى الحداء ، ولا يسمى فاعله مغنيا ، وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق ، بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح ، قال القرطبي : قولها ( ليستا بمغنيتين ) أي ليستا ممن يعرف بالغناء ، كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك ، وهذا منها تحرز من الغناء المعتاد عند المشتهرين به ، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ... إلى أن قال : وأما التفافه - صلى الله عليه وسلم - بثوبه ففيه إعراض عن ذلك لكون مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إلى ذلك ، لكن عدم إنكاره دال على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره ، إذ لا يقر على باطل ، والأصل التنزه عن اللعب واللهو ، فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل . والله أعلم . ا هـ .

فاتضح من هذه النقول عن هؤلاء الأئمة في معنى هذا الحديث أنه لا يدل بوجه من الوجوه على ما ادعاه الغزالي والمؤلف القرضاوي من إباحة الغناء مطلقا . والله أعلم .

وقول المؤلف : وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم استمعوا الغناء ، ولم يروا بسماعه بأسا . هذا دعوى منه ونحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم [1] وأن هذا الغناء المنسوب إليهم استماعه هو من جنس ما يغني هؤلاء من إلهاب النفوس الباعث على الوجد والغرام ، والمشتمل على أوصاف المحاسن من النساء ، وأنى له ذلك ومجرد الدعوى لا يثبت به حكم .

والدعاوى إذا لم يقيموا بينات --- عليهــا أهلهـا أدعيــاء
----------
[1] ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء







اعتراض المؤلف على أدلة تحريم الغناء والجواب عنه


يلاحظ على المؤلف في هذا الموضوع قوله عن أدلة تحريم الغناء : ( وأما ما ورد فيه من أحاديث نبوية فكلها مثخنة بالجراح لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه ) .

ونجيب عن قوله هذا من عدة وجوه :

الوجه الأول : أن نقول إن أدلة تحريم الغناء ليست مقصورة على الأحاديث فقط ، بل هناك أدلة على تحريمه من القرآن الكريم منها قوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية ، وقد تقدم الكلام عليها . ومنها قوله تعالى : {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} الآية عن مجاهد قال : استزل منهم من استطعت . قال وصوته الغناء والباطل . قال ابن القيم في إغاثة اللهفان : وهذه الإضافة إضافة تخصيص ، كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك . فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان . وكل ساع في معصية الله على قدميه فهو من رجله ، وكل راكب في معصية الله ، فهو من خيالته ، كذلك قال السلف ، كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : ( قال رجله كل رجل مشت في معصية الله . ا هـ ) [من إغاثة اللهفان .]

ومنها قوله تعالى : {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} قال عكرمة عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حمير يقال اسمدي لنا أي غني ، وقال عكرمة كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير - رحمه الله - وقوله تعالى : {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء - هي يمانية - اسمد لنا : غن لنا وكذا قال عكرمة . ا هـ إلى غير ذلك من الآيات .

الوجه الثاني : أن نقول للمؤلف من هم فقهاء الحديث وعلماؤه الذين طعنوا في الأحاديث الواردة في تحريم الغناء سمهم لنا ، هل هم البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأمثالهم من أئمة الجرح والتعديل ، أم هم ناس غير هؤلاء ممن يبيح الغناء ؟ [1]

الوجه الثالث : أن نقول للمؤلف إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح ، كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله . ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي [2]

----------

[1]قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة : وعلماء الحديث أجل وأعظم تحريا للصدق من كل أحد علم ذلك من علمه ، فما اتفقوا على صحته فهو الحق . وما أجمعوا على تزييفه ، توهينه فهو ساقط ، وما اختلفوا فيه نظر فيه بعدل وإنصاف فهم العمدة . كمالك وشعبة والأوزاعي والليث والسفيانيين والحمادين وابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وابن علية والشافعي وعبد الرزاق والفريابي وأبي نعيم والقعنبي والحميدي والذهلي والبخاري وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وأبي داود ومسلم وموسى بن هارون وصالح جزرة والنسائي وابن خزيمة وأبي محمد بن عدي وابن حبان والدارقطني ، وأمثالهم من أهل العلم بالنقل والرجال والجرح والتعديل ا هـ

[2]من كلمة للشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله في الرد على أبي تراب الظاهري . نشرت في مجلة راية الإسلام التي كانت تصدر في الرياض







زعم المؤلف أن العلماء ما حرموا الغناء إلا لاقترانه بمحرمات والجواب عنه


ثم قال المؤلف : وقد اقترن الغناء والموسيقى بالترف ومجالس الخمر والسهر الحرام مما جعل كثيرا من العلماء يحرمونه أو يكرهونه . . إلخ ما قال .

وجوابنا عن ذلك أن نقول : ليس تحريم العلماء للغناء من أجل اقترانه بهذه الأشياء فقط ، بل إن تحريمهم له من أجل الأدلة على تحريمه في نفسه ، ولو لم يقترن بهذه الأشياء التي ذكرتها . فهذا الذي قاله المؤلف ادعاء منه على العلماء أنهم ما حرموه إلا من أجل ذلك ، وهو ادعاء مردود ، ثم قال : ( ومن المتفق عليه أن الغناء يحرم إذا اقترن بمحرمات أخرى كأن يكون في مجلس شراب أو تخالطه خلاعة أو فجور فهذا هو الذي أنذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله وسامعيه بالعذاب الشديد حين قال [1] (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم القردة والخنازير) .

والجواب عن هذه الجملة كالجواب عن الجملة التي قبلها : إن الغناء حرام ، ولو لم يقترن به محرم آخر . ، كما أن شرب الخمر المذكور في الحديث الذي ساقه المؤلف حرام ، ولو لم يكن معه غناء . قال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار ( 8-107 ) مجيبا على هذه الدعوى ما نصه : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث - يريد حديث - : (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) لا يحرم إلا عند شراب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع ، فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا ، كما سلف . ا هـ

[1] ألم يقل إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء كلها مثخنة بالجراح لم يسلم منه حديث من طعن فما باله هنا يستدل بواحد منها هل شفي هذه من الجراح ؟