مسائل الصلاة :
قالوا : يجوز استقبال غير القبلة في صلاة النافلة قائماً كان المصلي أو قاعداً (1)، وكذا في سجدة التلاوة(2)، وهذا ابتداع في الدين ، وأمر لم يأذن به الله ، ولا رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأما حالة الركوب في السفر فمخصوصة البتة من عموم وجوب استقبال القبلة ، بروايات الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم(3)، والأئمة كما بيّن في محله(4)، وإذا انتفى هذا العذر لا يصح استقبال غير القبلة قـال تعالـى : ] وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْـرَهُ [ [ البقرة : 150 ] ،ولقد أنصف هذه المسألة شيخهم المقداد في ( كنـز العرفان ) وحكم بمخالفة هذا الحكم لصريح القرآن (5)
وقالوا : إنَّ مَن صلى في مكان فيه نجاسة - كبراز الإنسان يابسة لا تلتصق ليبسها ببدنه وثوبه في السجود والقعود - جازت صلاته(6) مع أن وجوب طهارة مكان الصلاة ضروري الثبوت في جميع الشرائع .
ـــــــــــــــــ
([1]) وهذا ما قرره شيخهم ابن بابويه ، المقنع : ص 53 ؛ ابن إدريس ، السرائر : 1/105 .
([2]) قال العاملي في شروط سجدة التلاوة : (( ولا يشترط الطهارة ولا استقبال القبلة على الأصح )) . الدروس : ص 84 .
([3]) الأحاديث الواردة عن النبي e في هذا المعنى كثيرة ، منها حديث المسيء صلاته ، الذي قال له النبي e : (( إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك ثم استقبل القبلة ... )) . أخرجه الإمام أحمد ، المسند : 4/340 ؛ النسائي ، السنن ، كتاب الصلاة ، باب أقل ما يجزئ من أعمال الصلاة : 3/60 ، رقم 1314 ؛ ابن ماجة ، السنن ، كتاب إقامة الصلاة ، باب إتمام الصلاة : 1/336 ، رقم 1060.
([4]) واستقبال القبلة عند الإمامية من شروط الصلاة ، والروايات الواردة في كتبهم عن أئمة أهل البيت كثيرة ، منها ما رواه الطوسي عن بشر بن جعفر قال : (( سمعت جعفر بن محمد يقول : البيت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة للناس جميعاً )) . تهذيب الأحكام : 2/44 ؛ وأخرج رواية قريبة منها ابن بابويه ، من لا يحضره الفقيه : 2/195 .
([5]) واعترف بعض فقهاء الإمامية بذلك ، فردهم أصحابهم لخرقهم إجماع الفرقة ، قال ( العلامة ) الحلي : (( وأوجب ابن أبي عقيل الاستقبال في النافلة كالفريضة إلا في موضعين : حال الحرب والمسافر يصلي أينما توجهت به راحلته ... )) ثم روى آثاراً عن الأئمة تعضد ذلك ، ولم يرد عليه الحلي إلا بفلسفة لا تصمد كثيراً أمام أدلة ابن أبي عقيل حيث قال : (( والجواب أن الاشتراك في المقتضي يستلزم الاشتراك في الاقتضاء ، وقد بينا اشتراك العلة وهي الضرورة )) . مختلف الشيعة : 2/74 .
([6]) قال ( شيخ الطائفة ) الطوسي : (( إذا كان موضع سجوده طاهراً صحت صلاته ، وإن كان موضع قدميه وجميع مصلاه نجساً إذا كانت النجاسة يابسة )) . الخلاف : 1/176 .
وقالوا : إنَّ مَن غمس قدميه إلى الركبة ويديه إلى المرفقين في صهاريج بيت الخلاء الممتلئة بعذرة الإنسان وبوله ، ثم أزال عين ما التصق به بعد اليبس بالفرك والدلك ، من غير غسل وصـلى صحت صلاته .
وكذلك إن انغمس جميع بدنه في بالوعة مملوءة من البول والعذرة - وليس على بدنه جرم النجاسة - صحت صلاته أيضاً بلا غسل ، مع أن التطهير في هذه الحالات من غير غسل لا يتحقق ، كما هو معلوم لكل أحد من العقلاء [ 122/ ب ] .
وقالوا : لو وجد المصلي بعد الفراغ من الصلاة في ثوبه براز الإنسان ، أو الكلب أو الهرة اليابس ، أو المني أو الدم صحت صلاته ، ولا تجب عليه إعادتها ، كما ذكره الطوسي في ( التهذيب ) وغيره(1) ، مع أن طهارة الثوب من شرائط الصلاة ، والجهل والنسيان في الحكم الوضعي ليس بعذر .
وقالوا : إنَّ مَن صلى عارياً وقد ستر ذكره وانثييه بطين قليل - ولو من غير ضرورة - صحت صلاته(2)، مع أن ستر العورة واجبٌ على القادر شرعاً ، ولا سيما في حالة الصلاة ؛ ولهذا خالف جماعة من الإمامية جمهورهم في هذه المسألة مستدلين بالآثار المروية عن أهل البيت(3).
وقالوا : إنَّ مَن لطخ لحيته وشاربه وبدنه وثوبه بذرق الدجاج(4) ، أو أصاب لحيته وشاربه ووجهه وخده قطرات من بوله ، بعد ما استبرأ ثلاث مرّات تصح صلاته بلا غسل (5).
ــــــــــــــ
([1]) حيث روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : (( سألت أبا عبد الله u عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته ؟ قال : إن كان لم يعلم فلا يعيد )) . تهذيب الأحكام : 2/359 .
([2]) ابن إدريس ، السرائر : 1/252 .
([3]) والروايات في كتب الإمامية ترجح ذلك ، ففي روايـة وردت عن علي بن جعفر ، عن موسى الكاظم أنه قال : (( سألته عن رجل عريان ، وحضرت الصلاة ، فأصاب ثوباً نصفه دم أو كله أيصلي عرياناً ؟ فقال : إن وجد ماء غسله ، وإن لم يجد ماء صلى فيه ، ولم يصلِ عرياناً ؛ ولأن طهارة الثوب شرط وستر العورة شرط أيضاً فيتخير )) . ابن بابويه ، من لا يحضره الفقيه : 1/248 ؛ الطوسي ، تهذيب الأحكام : 2/224 . وينظر كلام الحلبي في مستند الشيعة : 1/489 .
([4]) تقدمت الرواية قبل قليل في هذا المعنى .
([5]) والطهارة للصلاة ليست بذات قيمة عند الإمامية ، ويروون ذلك عن أئمة أهل البيت الذين طهرهم الله ، فأخـرج ( شيخ الطائفة ) الطوسي عن زرارة قال : (( قلت لأبي عبد الله uإن قلنسوتي وقعت في البول فأخذتها فوضعتها على رأسي ثم صليت ؟ فقال : لا بأس )) . تهذيب الأحكام : 2/357 . ولذلك يقول ابن بابويه : (( ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه ، وذلك لأن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده )) . من لا يحضره الفقيه : 1/73 .