عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-08, 09:29 PM   رقم المشاركة : 1
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road


الاستدلال بآية ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك الآية على جواز الاستغاثة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعد وبعد

يستدل الصوفية بقوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } [النساء : 64] على جواز الاستغاثة بغير الله تعالى وهنا في نذكر رد العلماء المحدث محمد بشير السهسواني الهندي على هذه الاستدلال من كتابه صيانة الانسان عن وسوسة الشيخ دحلان [ ص 26 فما بعدها ] الذي يريد فيه على الشيخ أحمد زيني دحلان وهذا نص الرد :

وقوله: "أما الكتاب فقوله تعالى:  وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ . الخ.

أقول: في هذا الاستدلال فساد من وجوه:

(الأول) : إن قوله دلت الآية على حث الأمة على المجيء إليه صلى الله عليه وسلم، ماذا أراد به ؟ إن أراد حث جميع الأمة فغير مسلم، فإن الآية وردت في قوم معينين كما سيأتي، وليس هناك لفظ عام حتى يقال العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد، بل الألفاظ الدالة على الأمة الواقعة في هذه الآية كلها ضمائر، وقد ثبت في مقره أن الضمائر لا عموم لها ، ولذا لم يتشبث أحد من المستدلين بهذه الآية على القربة من التقي السبكي والقسطلاني وابن حجر المكي بعموم اللفظ، حتى إن صاحب الرسالة( 12) أيضاً لم يذكره. وأما ما قال صاحب الرسالة تبعاً للتقي السبكي والقسطلاني وابن حجر المكي من أن الآية تعم بعموم العلة ففيه أنه على هذا التقدير لا يكون الدليل كتاب الله بل القياس، وقد فرض أن الدليل كتاب الله، على أن المعتبر عند من يقول بحجة القياس قياس المجتهد الذي سلم اجتهاده الجامع للشروط المعتبرة فيه المذكورة في علم الأصول، وتحقق كلا الأمرين فيما نحن فيه ممنوع، كيف وصاحب الرسالة من المقلدين، والمقلد لا يكون من أهل الاجتهاد، مع أن الاجتهاد عند المقلدين قد انقطع بعد الأئمة الأربعة، بل المقلد لا يصلح لأن يستدل بواحد من الأدلة الشرعية، وما له وللدليل ؟ فإن منصبه قبول قول الغير بلا دليل، فذكرُ صاحب الرسالة الأدلة الشرعية هناك خلاف منصبه، وإن أراد حث بعض الامة فلا يتم التقريب.

و(الثاني) : أن صاحب الرسالة جعل المجيء إليه صلى الله عليه وسلم الوارد في الآية عاماً شاملاً للمجيء إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وللمجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم بعد مماته، ولم يدر أن اللفظ العام لا يتناول إلا ما كان من أفراده، والمجيء إلى قبر الرجل ليس من أفراد المجيء إلى عين الرجل، ولا يفهم منه أصلاً أمر زائد على هذا، فإن ادعى مدع فهم ذلك الأمر الزائد من هذا اللفظ فنقول له: هل يفهم منه كل أمر زائد، أو كل أمر زائد يصح إضافته إلى الرجل، أو الأمر الخاص أي القبر ؟

والشق الأول مما لا يقول به أحد من العقلاء.

فإن اختير الشق الثاني يقال: يلزم على قولك الفاسد أن يطلق المجيء إلى الرجل على المجيء إلى بيت الرجل وإلى أزواجه وإلى أولاده وإلى أصحابه وإلى عشيرته وإلى أقاربه وإلى قومه وإلى أتباعه وإلى أمته وإلى مولده وإلى مجالسه، وإلى آباره وإلى بساتينه، وإلى مسجده وإلى بلده وإلى سككه وإلى دياره، وإلى مهجره، وهذا لا يلتزمه إلا جاهل غبي، وإن التزمه أحد فيلزمه أن يلتزم أن الآية دالة على قربة المجيء إلى الأشياء المذكورة كلها، وهذا من أبطل الأباطيل.

وإن اختير الشق الثالث فيقال: ما الدليل على هذا الفهم ؟ ولن تجد عليه دليلاً من اللغة والعرف والشرع، أما ترى أن أحداً من الموافقين والمخالفين لا يقول في قبر غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أحد أنه جاء ذلك الرجل، ولا يفهم أحد من العقلاء من هذا القول أنه جاء قبر ذلك الرجل.

فتحصل من هذا أن المجيء إلى الرجل أمر، والمجيء إلى قبر الرجل أمر آخر، كما أن المجيء إلى الرجل أمر، والمجيء إلى الأمور المذكورة أمور أخر، ليس أحدها فرداً للآخر.

إذا تقرر هذا فالقول بشمول المجيء إلى الرسول: المجيء إلى الرسول والمجيء إلى قبر الرسول، كالقول بشمول الإنسان الإنسان والفرس، وهذا هو تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره، وهو باطل بإجماع العقلاء، وهكذا جعل الاستغفار عنده عاماً شاملاً للاستغفار عند القبر بعد مماته، مع أن الاستغفار عند قبره ليس من أفراد الاستغفار عنده.

فإن قلت: لا نقول إن المجيء إليه صلى الله عليه وسلم شامل للمجيء إليه في حياته وللمجيء إلى قبره بعد مماته حتى يرد ما أوردتم، بل نقول إن المجيء إليه شامل للمجيء إليه في حياته الدنيوية المعهودة والمجيء إليه في حياته البرزخية، ولما كان المجيء إليه في حياته البرزخية مستلزماً للمجيء إلى قبره ثبت من الآية المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم الذي هو المسمى بزيارة القبر.

قلنا: لا سبيل إلى إثبات الحياة البرزخية من لغة ولا عرف، فلا يفهم من هذا اللفظ – بحروف اللغة والعرف – إلا المجيء إليه في حياته الدنيوية المعهودة، فلا يكون المجيء إليه في حياته البرزخية فرداً للمجيء إليه بحسب اللغة والعرف، إنما تثبت الحياة البرزخية ببيان الشرع، لكن يبقى الكلام في أن كون المجيء إليه في حياته البرزخية فرداً من المجيء إليه هل يثبت من الشرع أم لا ؟ وعلى مدعي الثبوت البيان، وفي أن المجيء إلى قبره هو عين المجيء إليه في حياته البرزخية أو مستلزم له أم لا ؟ وعلى المدعي الدليل، لم لا يحوز أن لا يكون المجيء إلى قبره عين المجيء إليه في حياته البرزخية ولا مستلزماً له بل يتوقف المجيء إليه في حياته البرزخية على أن يموت الجائي وينتقل إلى عالم البرزخ، فلابد من نفي هذا الاحتمال بدليل من الشرع، ويؤدي هذا أنا إذا قلنا جئنا زيداً، إنما نريد به أنا جئنا إلى مكان يُرى منه زيد ويسمع كلامه بحسب العادة، والمجيء إلى القبر ليس مجيئاً إلى مكان يُرى منه المقبور ويسمع كلامه، ويسمع المقبور كلام الجائي، أما تعلم أن الحي لو دفن في القبر كما يدفن الميت لن يرى أصلاً ولن يسمع كلامه، ولا هو يسمع كلام الجائي، وأما سماع الموتى خفق نعالنا وغير ذلك مما ثبت في الأحاديث فليس بحسب العادة، إنما هو بإسماع الله تعالى، يخلق قوة فيه هي خارجة عن العادة، أو بطريق آخر لا علم لنا بتعيينه، إنما نجزم أنه بطرق غير عادي.

يرشدك إلى هذا أن الزوار لا يرون المقبور ولا يسمعون كلامه، والمقبور يرى الزائر ويسمع كلامه، وهذا أدل دليل وأوضح برهان على أن رؤية المقبور وسماعه ليس بطريق عادي بل بطريق غير عادي، وإلا لسمع الزائر أيضاً كلام المقبور ورآه، على أن المجيء إليه قد انقطع بعد موته كما انقطع سائر الأحكام التي سيأتي ذكرها في الوجه الثالث، والفرق بين المجيء إليه وسائر الأحكام لا يقبل بغير بيان فارق شرعي، وأنى لك ذلك ! وأما ما قال السبكي في تعليله وتبعه القسطلاني تعظيماً له فيرد عليه أنه على هذا يلزم أن لا تنقطع جميع الأحكام المذكورة أيضاً تعظيماً له، على أنه ما الدليل على أن التعظيم يوجب عدم انقطاع هذا الحكم بالموت من كتاب وسنة ؟!

و(الثالث) : أن قوله "وهذا لا ينقطع بموته" قول لا دليل عليه، فإن انقطاع هذا الحكم لا استبعاد فيه، كما أن سائر الأحكام – من الإمامة الصغرى والكبرى، والجهاد، والصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريض المؤمنين على القتال، والمشاورة،وتجهيز الجيوش، وحفظ الثغور – قد انقطعت بعد موته، فإن زعم زاعم أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره فما معنى انقطاعه بعد الموت ؟ إن الحياة البرزخية هل هي مساوية للحياة الدنيوية في كل الأحكام عندكم أم لا ؟ والأول بديهي البطلان لإطباق الأمة على انقطاع الأحكام المذكورة من الإمامة الصغرى وغيرها، وعلى الثاني فلا استبعاد في انقطاع حكم المجيء إليه بعد موته صلى الله عليه وسلم.

-------------
(12) أي رسالة دحلان المردود عليها.









التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» حديث من عمل بما علم ورثه الله تعالى علم ما لم يعمل
»» الشرب المحتضر والسر المنتظر من معين أهل القرن الثالث عشر
»» الاخ الكريم شمس النيل هل انت صوفي ؟
»» ابن عربي شيخ الصوفية الأكبر في حيرة من أمره فلا يعلكم من كلفه بالعبادة
»» رسم يبين التأمل الصوفي في الطريقة النقشبندية