بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين اما بعد .
يتسائل أحد المضطربين عقلياً عن سبب حذف كلمة من مسند أبي يعلى الموصلي , بروايةٍ فيها " ، وقالت كلمة : كذبت يا عمر " فهذه أخرجها البيهقي في دلائل النبوة , ويستفسر عن سبب إيراد اللفظ في مسند أبي يعلى لموصلي ولكن لا يوجد فيه تكذيب أسماء بنت عميس للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهُ وأرضاهم .
يقول البيهقي في دلائل النبوة : ( أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، قال : أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال : أخبرنا أبو يعلى ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أسامة ، قال : حدثنا بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن .......... إلى أن يقول ........... فدخل عمر على حفصة ، وأسماء عندها ، فقال عمر حين رأى أسماء : من هذه ؟ فقالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ؟ البحرية هذه ؟ فقالت أسماء : نعم ، فقال عمر : سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم . فغضبت ، وقالت كلمة : كذبت يا عمر ، كلا والله ، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم .... الخ ) فإنظروا إلي سخافة الإشكال الذي طرحهُ ضعيف العقل والفهم , نسأل الله تعالى العافية الخبر في صحيح البخاري ومسلم .
بلغنا مخرج النبي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن ، فخرجنا إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم ، أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم ، إما قال : في بضع ، وإما قال : في ثلاثة وخمسين ، أو : اثنين وخمسين رجلا في قومي ، فركبنا سفينة ، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة ، فوافقنا جعفر بن أبي طالب ، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا ، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر ، وكان أناس من الناس يقولون لنا ، يعني لأهل السفينة : سبقناكم بالهجرة . ودخلت أسماء بنت عميس ، وهي ممن قدم معنا ، على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة ، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر ، فدخل عمر على حفصة ، وأسماء عندها ، فقال عمر حين رأى أسماء : من هذه ؟ قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : آلحبشية هذه ، آلبحرية هذه ؟ قالت أسماء : نعم ، قال : سبقانكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله منكم ، فغضبت وقالت : كلا والله ، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء بالحبشة ، وذلك في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا ، حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن كنا نؤذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله ، والله ولا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه . فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا ؟ قال : ( فما قلت له ) . قالت : قلت له كذا وكذا ، قال : ( ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان ) . قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا ، يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم . قال أبو بردة : قالت أسماء : رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني . الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4230
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .
فدخلت أسماء بنت عميس ، وهي ممن قدم معنا ، على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة . وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه . فدخل عمر على حفصة ، وأسماء عندها . فقال عمر حين رأى أسماء : من هذه ؟ قالت : أسماء بنت عميس . قال عمر : الحبشية هذه ؟ البحرية هذه ؟ فقالت أسماء : نعم . فقال عمر : سبقناكم بالهجرة . فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم . فغضبت . وقالت كلمة : كذبت . يا عمر ! كلا . والله ! كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم . وكنا في دار ، أو في أرض ، البعداء البغضاء في الحبشة . وذلك في الله وفي رسوله . وايم الله ! لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ونحن كنا نؤذى ونخاف . وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله . ووالله ! لا أكذب ولا أزيغ ولا أريد على ذلك . قال فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله ! إن عمر قال كذا وكذا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس بأحق بي منكم . وله ولأصحابه هجرة واحدة . ولكم أنتم ، أهل السفينة ، هجرتان " . قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا . يسألوني عن هذا الحديث . ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو بردة : فقالت أسماء : فلقد رأيت أبا موسى ، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني . الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2503
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
قد يشكل على الناظر لفظ " كذبت يا عمر " فهل هذا تكذيب صريح من أسماء بنت عميس للفاروق عمر بن الخطاب رضي الل هتعالى عنهُ , ففي البخاري جاء اللفظ بدون كذبت , وعند مسلم والبيهقي جاء لفظ " كذبت " وهذا يحمل على غير ما فهم حمقى الرافضة من الكلام , فالكذب يحمل عند أهل الحجاز على غير محمل مفهوم الكذب عندنا , ولكن ماذا نقول لمن سخط الله عليهم وجعلهم من أجهل اهل الأرض .... !!!!
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (21/ 27) :
فقالت : كذبت يا عمر ! أي : أخطأت في ظنك ، لا أنها نسبته إلى الكذب الذي يأثم قائله ، وكثيرًا ما يطلق الكذب بمعنى الخطأ ، كما قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : كذب أبو محمد ؛ لما زعم أن الوتر واجب . فهل عرف ما المراد من قول " كذبت " وجاء الحديث بألفاظ عدة عند البخاري وأبي يعلى الموصلي جاء الحديث بلفظ " فقالت كلمة " ولم يرد فيها " كذبت " أما عند مسلم جاء لفظ " كذبت " وهذا يسمى أن للرواية طرق أخرى , أي متن أخر وله عند مسلم والبخاري والبيهقي وابي يعلى الموصلي , لكن لماذا أخذ الجاهل الخبر فقط من عند البيهقي , ومن عند أبي يعلى وترك صحيح البخاري ومسلم .. ؟ فلا شبهة فيما طرح ولا أدري كيف يسمي هذه شبهة , نسأل الله تعالى العافية والسلامة مما إبتلوا فيه .
وفي شرح النووي : " قوله : ( فأسهم لنا ، أو قال أعطانا : منها ) هذا الإعطاء محمول على أنه برضا الغانمين ، وقد جاء في صحيح البخاري ما يؤيده ، وفي رواية البيهقي التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم المسلمين ، فشركوهم في سهمانهم . قولها لعمر رضي الله عنه : ( كذبت ) أي أخطأت ، وقد استعملوا كذب بمعنى أخطأ " إذا الحديث يحمل على عدة طرق لهُ , ولا يقول من حذف كلمة كذبت من مسند أبي على الموصولي , ولعلهُ حدث به كما نقله البيهقي بهذا اللفظ , ولكن حدث الإمام البخاري بلفظ مغاير , وعند أبي يعلى غيرهُ فإختلفت الألفاظ وعند صحيح مسلم وهو يحمل على الخطأ لا على التكذيب الصريح الذي يفهم من سياق الكلام والله المستعان , فقد روي الحديث بألفاظ مغايرة وبنفس المتن من غير مسلم والبيهقي , واللفظ صحيح ولكن لم تحذف بل رويت هكذا .
فالخلاصة أن الحديث جاء بألفاظ مختلفة , تبين أنه لا حذف كما كذب ملقي الشبهة .
كتبه /
تقي الدين السني