عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-10, 06:24 PM   رقم المشاركة : 4
طبيبة المجاهدين
تم إيقاف العضوية بطلب من صاحبها






طبيبة المجاهدين غير متصل

طبيبة المجاهدين is on a distinguished road


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
موضوع في الصميم ومهم بارك الله لكاتبه الامير الجزائري ومن شارك فيه
موقف ابن تيمية رحمه الله من آل البيت واضح جلي لمن استعرض كتبه: فهو يعتقد اعتقاد أهل السنة والجماعة فيهم وهو محبتهم والثناء عليهم، وقد قرر وجوبها وفرضيتها في مواضع متعددة من كتبه، يقول رحمه الله: (محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه..)(203) ، وقال: (ولا ريب أن محبة أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم واجبة)(204) ، وكلما زادت محبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في قلب امريء مسلم فإنه تزيد محبته لأهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك فإن أكثر من عرف حق آل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم هو أبو بكر الصديق (ت - 13هـ) رضي الله عنه، وذلك لمحبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المحبة الكاملة، يقول ابن تيمية رحمه الله: (وكان رضي الله عنه من أعظم المسلمين رعاية لحق قرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأهل بيته، فإن كمال محبته للنبي صلّى الله عليه وسلّم أوجب سراية الحب لأهل بيته، إذ كان رعاية أهل بيته مما أمر الله ورسوله به)(205) ، وذكر قول الصديق: (ارقبوا محمداً في آل بيته)(206) ، وقال: (والله لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحب إلي أن أصل من قرابتي)(207) .
وقد توقف رحمه الله في كلام نفيس له حول أفضلية أهل البيت على غيرهم ممن هو دونهم؛ بأنه ليس للنسب فقط - وإن كان النسب له اعتبار - وإنما لاجتماع النسب مع الإيمان والتقوى، كما قال الله عزّ وجل عن آل الأنبياء بعد ذكره جملة منهم: { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 87] ، فحصول الفضيلة لهم كان بمجموع الأمرين: هدايتهم إلى الصراط المستقيم، واجتباؤهم وتفضيلهم على غيرهم في النسب، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»(208) ، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»(209) .
يقول رحمه الله: (لا ريب أن لآل محمد صلّى الله عليه وسلّم حقاً على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل.. وأما نفس ترتيب الثواب والعقاب على القرابة، ومدح الله عزّ وجل للشخص المعين، وكرامته عند الله تعالى فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح، وهو التقوى، كما قال تعالى: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .. وهذا لا ينافي ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض، فإن هذا التفضيل معناه كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» ، فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب، ومعدن فضة؛ كان معدن الذهب خيراً؛ لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه، فإن قُدِّر أنه تعطل ولم يُخرج ذهباً، كان ما يخرج الفضة أفضل منه)(210) .
وبين أن الأمر وسط فلا تلغى فضيلة النسب جملة، ولا تجعل هي المعيار الوحيد لقرب العبد من ربه أو بعده منه فقال: (هذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب دون من ألغى فضيلة الأنساب مطلقاً، دون من ظن أن الله تعالى يفضل الإنسان بنسبه على من هو مثله في الإيمان والتقوى، فضلاً عمّن هو أعظم إيماناً وتقوى، فكلا القولين خطأ وهما متقابلان، بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة، وفضيلة لأجل المظنة والسبب، والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية...)(211) .
وقد نبّه رحمه الله إلى منهج الوسطية عند أهل السنة والجماعة في محبة آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلا يجوز الغلو فيهم، وإعطاؤهم فوق منزلتهم؛ لأن هذا شرك بهم، كما أنه لا يجوز انتقاص قدرهم، وغمطهم حقهم، سواء كان ذلك تحقيراً لهم، وعدم اعتراف بحقهم، أو كان ذلك من باب مقابلة الغلو بالإجحاف والتقصير، يقول - قدس الله روحه -: (الغالية في الأنبياء وأهل البيت والمشايخ، تجدهم مشركين بهم، لا متبعين لهم في خبرهم وأمرهم، فخرجوا عن حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)(212) ، ويقول رحمه الله في ضرب الأمثلة لمن قابل البدعة ببدعة مثلها: (كما قد يصير بعض الجهال المتسننة في إعراضه عن بعض فضائل علي وأهل البيت؛ إذا رأى أهل البدعة يغلون فيها)(213) .
وأهل البيت عقيدتهم هي عقيدة الصحابة، أهل السنة والجماعة، ودينهم الصدق والتقوى، لا الكذب والتقية - كما تزعمه الرافضة -، وهذا ما يقرره شيخ الإسلام رحمه الله بقوله: (إن أئمة أهل البيت كعليّ وابن عباس ومن بعدهم، كلهم متفقون على ما اتفق عليه سائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان من إثبات الصفات والقدر)(214) .
ويقول: (وأئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وغيرهم متفقون على القول الوسط، المغاير لقول أهل التمثيل، وقول أهل التعطيل)(215) .
إن لأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حقوقاً على المسلمين، وإن عليهم حقوقاً - أيضاً - فمنها: استحقاقهم الفيء(216) ، وأن الصدقة لا تحل لهم(217) ، ومما يتميزون به أن إجماع العترة حجة(218) ، ومما يتميزون به - أيضاً - وجوب الصلاة عليهم، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد»(219) ، وفي حديث أبي حميد الساعدي(220) «وعلى أزواجه وذريته»(221) ، يقول رحمه الله: (الصلاة والسلام على آل محمد، وأهل بيته تقتضي أن يكونوا أفضل من سائر أهل البيوت، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون: بنو هاشم أفضل قريش، وقريش أفضل العرب، والعرب أفضل بني آدم)(222) .
وأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم من آل بيته - على الصحيح - كما يقول ابن تيمية رحمه الله: (هل أزواجه من أهل بيته؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد:
أحدهما : أنهن لسن من أهل البيت، ويروى هذا عن زيد بن أرقم(223) ، والثاني - وهو الصحيح - أن أزواجه من آله)(224) .
وقالودليل ذلك أن أزواجه هم ممن يصلى عليه كما ثبت ذلك في الصحيحين)(225).
ولذلك فإن محبتهن واجبة، وبغضهن وسبّهن محرم:
يقول رحمه الله: (ويتولون أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة(226) رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به، وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية.
والصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما التي قال فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»(227) )(228) .
وأما من قذف أمهات المؤمنين أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم: سواء كانت عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها أو غيرها، فهو كافر؛ لأن هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأذى له أعظم من أذاه بنكاحهن بعده(229) .
ولا يزال ابن تيمية رحمه الله يثني على آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيعتقد أن أفضل أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الرسول عليه الصلاة والسلام(230) .
وأما أفضل آل بيته من بعده فهو علي (ت - 40هـ) رضي الله عنه ثم حمزة(231) ، وجعفر(232) ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب(233) ؛ وهؤلاء هم السابقون للإسلام(234) .
وأما أعلم آل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو علي (ت - 40هـ) رضي الله عنه ثم ابن عباس (ت - 68هـ) رضي الله عنهما كما بين ذلك في منهاج السنة(235) .
وأما موقف ابن تيمية رحمه الله من فاطمة (ت - 11هـ) رضي الله عنها بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو مثل موقف أهل السنة، والجماعة تجاهها، حيث هي من أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن السابقين إلى الإسلام، ويعتقد أنها سيدة نساء العالمين(236).
وأن تزويجها لعلي (ت - 40هـ) رضي الله عنه فضل له، لا لها(237) ، وقد بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم محبته لها في أحاديث متعددة منها قوله: «إنما ابنتي بضعة مني يَريبني مارابها ويؤذيني ما آذاها »(238) ، وفي مقام بيانه صلّى الله عليه وسلّم عدم قبوله الشفاعة في حدود الله حتى في أقرب قريب وحبيب ضرب لذلك مثلاً بأقرب الناس إليه وهي فاطمة حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها »(239) ، وبين رحمه الله أن الرافضة يذمونها بما ظاهره المدح(240) .
وأما موقفه من الحسن(241) ، والحسين(242) رضي الله عنهما فهو: - كمن سبقهما -، واحتج بالحديث الصحيح في فضل الحسن (ت - 49هـ) رضي الله عنه وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم عنه: «اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه»(243) .
وقال عن الحسين (ت - 61هـ) رضي الله عنه: (والحسين رضي الله عنه ولعن قاتله قُتل مظلوماً شهيداً في خلافته(244) )(245) .
وقال عنهما في مقام الثناء عليهما، والاعتذار لهما: (الحسن تخلى عن الأمر وسلمه إلى معاوية، ومعه جيوش العراق، وما كان يختار قتال المسلمين قط، وهذا متواتر من سيرته... والحسين رضي الله عنه ما خرج يريد القتال، ولكن ظن أن الناس يطيعونه، فلما رأى انصرافهم عنه، طلب الرجوع إلى وطنه، أو الذهاب إلى الثغر..)(246) .
وقال: (والحسن والحسين من أعظم أهل بيته اختصاصاً به)(247) ، ثم ذكر الحديث الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أدار كساءه على علي، وفاطمة، والحسن والحسين ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»(248) .
وقال رحمه الله عن علي بن الحسين(249) : (من كبار التابعين، وساداتهم علماً وديناً) (250).
وقال: (وأما ثناء العلماء على علي بن الحسين ومناقبه فكثيرة...) (251).
وأما أبو جعفر الباقر (252)، فقد قال عنه ابن تيمية رحمه الله: (من خيار أهل العلم والدين، وقيل: إنما سمي الباقر، لأنه بقر العلم؛ لا لأجل بقر السجود جبهته) (253).
وقال رحمه الله عن جعفر الصادق (ت - 148هـ) : (من خيار أهل العلم والدين..) (254).
وقال عنه: (فإن جعفر بن محمد من أئمة الدين باتفاق أهل السنة) (255).
وقال عن أبي جعفر الباقر (ت - 114هـ) وجعفر الصادق (ت - 148هـ) - رحمهما الله -:
(ولا ريب أن هؤلاء من سادات المسلمين، وأئمة الدين، ولأقوالهم من الحرمة والقدر ما يستحقه أمثالهم) (256).
ونقل في توثيق موسى بن جعفر (257)، قول أبي حاتم الرازي (ت - 277هـ) رحمه الله عنه: (ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين) (258).
وأما من بعد هؤلاء من الأئمة الاثني عشر فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر به أخبارهم في كتب المشهورين بالعلم وتواريخهم (259).
وفي الجملة: فمحبة ابن تيمية رحمه الله لآل البيت ظاهرة، وثناؤه عليهم متواصل، سواء كان ذلك في فضائلهم العامة التي يشتركون فيها جميعاً، أو كان ذلك في فضائل بعضهم على بعض، أو على سائر الأمة، يقول رحمه الله مقرراً حقوقهم بكلام عام: (ولا ريب أن لآلِ محمد صلّى الله عليه وسلّم حقاً على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل، كما أن جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم.. ولا ريب أنه قد ثبت اختصاص قريش بحكم شرعي، وهو كون الإمامة فيهم دون غيرهم، وثبت اختصاص بني هاشم بتحريم الصدقة عليهم، وكذلك استحقاقهم من الفيء عند أكثر العلماء، وبنو المطلب معهم في ذلك.. فهم مخصوصون بأحكام لهم وعليهم، وهذه الأحكام تثبت للواحد منهم وإن لم يكن رجلاً صالحاً) (260).
وفي المقابل فإن الرافضة يلمزون أهل السنة والجماعة جميعهم بالوقيعة في أهل البيت، وبغضهم، كما فعلوا ذلك بابن كثير (ت - 774هـ) رحمه الله وغيره (261).