(الملك تويتر) و (الرئيس فيسبوك) !
ولأن القلم أمانة , ولأنه لمن البيان لسحرا , يفوق بقوته الصخرا , ولأنه (ما ينطق من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) , فسأكسر قلمي وأمزق ورقي حتى لو كان جديد , وسأرمي كيبوردي خلف ظهري لو خططت يدي ووصفت وعمدت لكتابة ما لا تراه عيني ويراه غيري ويمليه علي ضميري ويؤلمني حتى وأنا أتقلب فوق سريري , فقارئي هو نديمي , وغريمي هو ضميري , الذي أنا مسئولٌ عنه أمام ربي , وبما أن زماننا لم يعد يحتمل دس الرؤوس في الحفر كالنعام , ولأن مليكنا وولاة أمرنا سددهم الله أتاحوا لأبنائهم حرية الرأي المنضبط , والنقد الهادف الذي بالسمو والعلو مرتبط , لا النقد الهدام المثبط والمحبط , الخالي من الدلائل والمؤدي للقلاقل , ولأن وقت القراء ثمين , وجلهم لا يكتفي بالعناوين , بل يقرأ ما بين ثنايا السطور حتى لو بلغ عددها المئين , فسأبري قلمي وأعيد تسنينه بعد ما تدبب رأسه من جـُهد الكتابة , وغاب بسباته في سنواتٍ مضت وغدت وانطوت , فالقلم صغير بحجمه كبير بفعله , فتارة يكون كالسيف العتيد وتاراتٍ كحقن الوريد , إما تكون داءً للجسد وإما دواء , حسب ما حوته هذه الحقن بجوفها , فبالقلم تشتعل ثورات , وتقوم حروب ونزاعات , وتتغير أنظمة وسياسات , وبالقلم تتوطد أواصر وعلاقات , وترتفع هامات وقامات , فلنعقم يا بشر إبر حقننا وأقلامنا من الشوائب والمذهبية والعنصرية , فلنكن يا بشر كالشجر دوماً حاملاً لأطايب الثمر , لنطهر نفوسنا يا بشر كطهارة المطر عندما ينهمر , فلنحاسب على كلماتنا في كل سطر وشطر , فهي كالندى وكالقطر الحامل للعطر أو المنتهي بالتسميم والعقر , لنسعى للإنسجام والإحترام والتناغم بيننا والدعوة إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن , بدلاً من التناحر الحاصل للأسف اليوم وبكثرة متزايدة بأروقة مواقع التواصل الإجتماعية , حتى اعتزلها كثير من المثقفين والبعض صام عنها لا سيما الخيرين , وهناك فئة لم تفكر بالغوص بلججها لإحساسها بما سيدور بجوفها , ولأن لهم باع في سنين مضت عن كيفية الحال في وقت كانت المنتديات والمدونات والقروبات هي المتسيدة , غير أن المهاترات والشقاق والخصام وخلق العداوات التي كانت فيها أخف بكثير من الحال المزري الذي أفضت إليه مواقع التواصل الإجتماعية اليوم , هناك من أطالوا الإنتظار قبل أخذ القرار , ووقفوا بإشارة مرورية نصبوها أمامهم لسنوات وقيدوا بها أنفسهم ولم تشر لهم بأخضر الضوء , فالوقاية خير من العلاج , فابتعـَدوا عن لجج وإفرازات هذه المواقع فلم (يتفيسكو) و لم (يرتوتو) ولم يجعلوها أبلغ منتهاهم وإليها يحتكموا , ولا للصولات والجولات خلالها يخوضوا , بمعارك ضد الحاكم والمحكوم , والعادم والمعدوم , وفلان وعلان , حتى نزعت الحلم والأناة من بعض القدوات , وأشعلت فتيل النار حتى بين الدعاة , ومنهم من باعدته عن ربه , ومنهم من حرفته عن دربه , فعافاهم ربهم من المضغ الشديد للحوم , وعن القذف بالمنجنيق للعموم , الآتِ بأي وقتٍ من القريب قبل البعيد , والذي وجد أخصب مرتع له هذه المواقع , التي رأى العالم نتاج حراكهما المتدافع , الخارج عن إنضباطية إطاره وصحية مساره , فلقد طغت سلبياته في أحيان عدة على إيجابياته , وأقل نتائجهما النزاعات , ونصب العداوات , وتأجيج الفتن , وإذكاء المحن , ومثل هؤلاء الذين ابتعدوا عنها لا يعتبرون أبداً منغلقون , بقدر ما هم واعون ناضجون , بسبب إساءة الإستخدام من الكثيرون , وبعضهم سيماهم الصلاح ولكنهم في الغي يعمهون , فالله المستعان على ما يصفون ..
عمر عبدالوهاب آل عيسى التميمي