عرض مشاركة واحدة
قديم 22-01-12, 03:43 AM   رقم المشاركة : 4
الفاروق اليامي
عضو نشيط






الفاروق اليامي غير متصل

الفاروق اليامي is on a distinguished road




الحلقة الرابعة

عمر في بيت المقدس يقود الراحلة وغلامه راكب عليها



تلقى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضى الله عنه خطابا من أبي عبيدة عامر بن الجراح قائد الجيش قال فيها:
"يا أمير المؤمنين إن أهل بيت المقدس قد طلبوا الصلح مشترطين أن يتولى خليفة المسلمين ذلك بنفسه وإنا يا أمير المؤمنين حاصرناهم بجيشنا فأطل علينا من فوق أسوار المدينة المقدسة البطريرك صفروينوس وقال إنا نريد أن نسلم لكم المدينة لكن بشرط أن يكون التسليم لأميركم فتقدمت منه وقلت أنا أمير الجيش فقال إنما نريد أمير المؤمنين"..
، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة المنورة قاصداً بيت المقدس ورافق عمر غلامه وليس عنده إلا بعير واحد، ولم يخرج معه حرس جمهوري أو ملكي ، ولم يرافقه حاشيته وخدمه وعبيده، وإنما غلامه وراحلته ولما صار خارج المدينة المنورة قال عمر لغلامه:
"نحن إثنان وليس عندنا إلا راحلة واحدة فإن ركبتُ أنا ومشيتَ أنت ظلمتك وإن ركبتَ أنت ومشيتُ أنا ظلمتني وإن ركبنا نحن الإثنين قصمنا ظهر البعير، فلنقسم الطريق مثالثة (يعني ثلاث مراحل) أنا أركب مرحلة وأنزل وتركب أنت مرحلة و نمشي أنا وأنت ونترك البعير يستريح مرحلة"، فكان عمر يركب فيقرأ سورة ياسين ثم ينزل ثم يركب الغلام فيقرأ سورة ياسين وينزل ويمشي عمر والغلام فيقرآن ياسين والدابة مستريحة، وهكذا استمر يُقسم الطريق مثالثة من المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية حتى وصل جبلاً مشرفاً على القدس فكبر عمر وهو على ظهر الراحلة "وعند وصول عمر تخوم القدس قال عمر للغلام: تعال اركب الآن دورك" فقال الغلام: "يا أمير المؤمنين لا تنزل انظر إلى المدينة انظر إلى الخيول المسرجة وإلى العربات المذهبة فإذا دخلنا المدينة أنا أركب وأمير المؤمنين يمشي ويقود بي الراحلة سخروا منا وقد يتراجعوا عن استسلامهم وتسليم المدينة المقدسة" ... فقال أمير المؤمنين عمر:
" دورك يا غلام لو كان الدور دوري ما نزلت أما والدور لك لأنزلن ولتركبن"، ونزل و ركب الغلام وأخذ عمر بمقود البعير يجره ولما وصل عمر سور مدينة القدس وجد قساوسة نصارى المدينة في استقباله خارج باب سور المدينة ويسمى باب دمشق وعلى رأسهم البطريرك صفرو ينوس الذي خرج معه النصارى لاستقباله في أبهة عظيمة لتسليم مفاتيح بيت المقدس، وخرجت النساء على أسقف المنازل وعلى أسطحة البيوت، وخرج الأطفال في الطرق والسكك.

وأما جيوش المسلمين هناك وقوادها الأربعة فخرجوا في عرض عسكري رائع ما سمعت الدنيا بمثله.
فما هو موكبه الذي أتى به ليأخذ مفاتيح بيت المقدس فيه؟
لا موكب ولا حرس جمهوري، ولا حشم ولا حرس ثوري! ظن الناس أنه سوف يأتي في كبار الصحابة، وفي كبار الأنصار والمهاجرين من الصالحين والعلماء، ومن النجوم والنبلاء، لكنه أتى بجمل واحد ومعه خادمه، فمرة عمر يقود الجمل والخادم يركب، ومرة عمر يركب والخادم يقود!

وعندما أشرف على بيت المقدس قال الأمراء المسلمون: من هذا؟
لعله بشير يبشر بقدوم أمير المؤمنين.
فاقتربوا منه فإذا هو عمر بن الخطاب ! وقد أتت نوبته، وإذا هو يقود البعير وخادمه على البعير.
فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين الناس في انتظارك والدنيا خرجت لاستقبالك، والناس يسمعون بك وأتيت في هذا الزي؟

فقال عمر قولته الشهيرة التي حفظها الدهر ووعتها الدنيا وهو يلوح بدرته صوب عمرو بن العاص: [نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله].





يا من يرى عمراً تكسوه بردته = والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً = من خوفه وملوك الروم تخشاه




يتبع ..,